مكتبي

في “عَيْلَم” مكتبي العامر من جزيرة الروضة بمصر العتيقة، زارني أخي، وأنكر عليَّ ما يراه من اضطراب ترتيب كتبي؛ فأنبت عني في جوابه ابنَه الذي لقّنتُه إياه من قبل، فقال له: هذا التصفيف غير المرتب مقصود؛ فلو كان مرتبا لذهب طالب كل كتاب إلى كتابه، واشتغل به عن غيره، فأما إذا لم يكن كذلك فسيفتش عن الكتاب الكتب كلها، وتظل منه دائما على بال؛ لعله يقرأ ما لم يكن يريد، أو يريد ما لم يكن يقرأ!

Read More

خطيب

في العشرين من عمري حضرت صلاة جمعة، وغاب الإمام؛ فدُعيت إلى الخُطبة، فخطبت بفكرةٍ ما زلت أذكرها وأحبها، هي أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه، وسلم، ورضي عنهم، وأرضاهم!- ذوو خصال مختلفة: فمنهم المتمسك بالأحوط، ومنهم المتمسك بالأيسر، ومنهم المتبلغ بالأخشن، ومنهم المتبلغ بالألين، ومنهم المشغول بالناس، ومنهم المشغول بالقرآن، ومنهم المشغول بالصلاة، ومنهم المشغول بالصيام، …- وأن لمن شاء منا أن يتشبه بمن شاء منهم؛ فكلهم من رسول الله ملتمس. ثم أشرت إلى المؤذن أن يقيم الصلاة، فنبهني على القعود والخطبة الثانية، فأبيت عليه ارتباكا، ثم صليت بالناس!…

Read More

أصل الإشكال

من أهم ما سمعته في لقاء الطبيبة نوال السعداوي بالفيلسوف محمد عمارة الذي أدارته المذيعة منى الشاذلي، استنكار محامي الطبيبة على الفيلسوف تكراره مطالبة الطبيبة بسؤال أهل الذكر، قائلا: لماذا تستأثرون بالفهم وكأنكم دوننا الذين تقرؤون وتفهمون! وما كان أسهل إزالة هذا الاستنكار على الفيلسوف، بأنه لا يتهم فهم أحد ولا ذكاءه، ولكنه يعيب أخذ المقروء من سياقٍ يعرفه المشغول به، ووضعه في سياقٍ غيره يعرفه آخِذُه -ولن يترك أحد مشاغله التي تملأ عليه وقته كله، لمشاغل غيره- فعندئذ يفهم كل قارئ ما شاء على ما شاء، وهو أصل الإشكال…

Read More

سيرة

قيل للشيخ عبد الحميد كشك: إن السادات (حاكم مصر عندئذ)، يرجو أن يسير سيرة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه! فقال: كيف وعمر إمام عادل، والسادات عادل إمام!

Read More

رؤبة بن العجاج

أمس (4/8/1442= 17/3/2021)ØŒ نبهت تلامذتي على أنه لا يجوز في العربية إلا شذوذًا حذفُ حرف الجر وإبقاء جره، مشيرا إلى رؤبة بن العجاج (كبير الرُّجّاز الذي علمهم السحر)ØŒ الذي كان إذا قيل له: كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ، عافاك الله! أي بخير- مستطردا لتلامذتي إلى أنه كان يحفظ الغريب ويحشره في رجزه ليدهش طلابه، وأننا في “معجم الدوحة التاريخي”ØŒ كنا إذا اعترضَنا رَجَزُه قلنا جميعا معًا: حسبنا الله، ونعم الوكيل!

Read More

سيبويه

كان سيبويه في صغره يتكلم الفارسية، ثم استعرب، فلم يكن أولى عنده من طلب حديث أفصح العرب -صلى الله عليه، وسلم!- فجلس فيه إلى حماد بن سلمة، فأقرأه، فهفا هفوات، فأحرجه بها بين زملائه -وربما سخروا عندئذ منه- فأعرض عنه وعن المحدّثين جميعا، وجلس إلى الخليل بن أحمد، يطلب علم العربية الذي يسلم به من مثل تلك الأخطاء، ولزم بابه، فكان كلما خرج رآه فقال له: أهلا بزائرٍ لا يُمل! فأخلص الأخذ عنه في حياته والإسناد إليه بعد مماته، وأهمل الحديث، حتى أخلى منه كتابه الذي صار به إمام النحويين،…

Read More

لوازم

في لزوم دقائق أداء العبادات فوائد لا ينكرها إلا معاند. ومن ألطف ما أستلطف الآن ذكره، الإشارة بالإصبع السبابة في تشهد الصلاة؛ فإن المصلي ربما غفل عن نص التشهد في موضعه فقرأ سورة الفاتحة، وربما غفل عن سورة الفاتحة في موضعها فقرأ نص التشهد، فلا ينبهه في هذه الغفلة إلا إشارته، ولا في تلك إلا عدم إشارته!

Read More

حلقة المارنز

مساء أحد الأيام من أوائل تسعينيات القرن الميلادي العشرين وقفت أهذب لحيتي استعدادا لمحاضرة تلامذتي صباحا بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة، فأقبل عليّ أخي الصغير الحبيب، فتركت له ما كنت فيه، وأحطته بذراعيَّ إحاطة رِباط الصندوق، ثم رفعته بالعكس لتكون كتفه على كتفي، فسمعت صوت ظهري، فأنزلته عجِلًا وجَلًا، ثم عدت إلى ما كنت فيه، لأصعد من لحيتي عفوا إلى شعري، فسُقط في يدي، ولم تنفعني مساعدة أهلي على إخفاء آثار جريمتي حتى جئتُ الحلّاق، فدار بأسفل رأسي حتى استوى شعري كله، ثم غدوت إلى تلامذتي، لأكون أول من…

Read More