أصالة

حدثني أستاذي الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف -رحمه الله، وطيب ثراه!- عن أستاذنا جميعا الدكتور محمود الربيعي -أطال الله في النعمة بقاءه!- أنه بعدما آب من رحلته في طلب الدكتوراة الإنجليزية، كان شديد السخط على أهل كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، لا يفتأ ينعى عليهم تخلفهم المتردي برداء الدين، حتى إنه دخل عليه مرةً غرفته، فهاله أن رآه يصلي على مكتبه، فأنَّبه وسخر من اعتذاره عن ذلك بتحريه طهارة المكان! وقد اشتد ذلك على الدكتور حماسة اشتداد محبته للدكتور الربيعي، ثم ضرب الدهر ضرَبانه، وارتاح إلى حضن دار العلوم ابنُها…

Read More

شهوة

أوائل التسعينيات الميلادية دعتنا جماعة الشعر بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة إلى أصبوحة بمدرج علي مبارك باشا يشارك فيها الدكتور حسن طلب أخو مجلة “إبداع”ØŒ والأستاذ حلمي سالم أخو مجلة “أدب ونقد”ØŒ وبعض أصحابهما. وقد دُعي الضيوف قبلئذ إلى مكتب وكيل الكلية، ورغب بعض مضيّفيهم أن يؤنسهم بقول الحق -سبحانه، وتعالى!- في مثل الكلمة الطيبة: “أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء”Ø› فتساخر به أحد أصحابهما أولئك قائلا: في السقف يعني! ثم انتقلنا إلى المدرج واعتلى منصته الضَّيْفان، وجلسنا إليهما أنا وبعض أساتذة الكلية وطلابها، فألقى كل منهما ما شاء، ثم…

Read More

حرج

أوائل تسعينيات القرن الميلادي العشرين دعوت إلى المحاضرة بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة في “أثر الحفظ في براعة المتكلم”ØŒ أستاذيَّ وصديقيَّ الجليلين الدكتور محمود محمد الطناحي عالم المخطوطات المحقق المعروف -رحمه الله، وطيب ثراه!- والدكتور فتحي جمعة اللغوي المخلص القدير، صاحب كتاب “اللغة الباسلة”ØŒ الأستاذ بالكلية -أطال الله في النعمة بقاءه!- فلبَّيا حفيَّين؛ فإذا وكيل الكلية قد حوَّل ندوتنا عن مكانها إلى غيره؛ فلم يحضر غير عدد قليل أبى معه الدكتور الطناحي أن يحاضر، بأن نفسه “لا تتطلَّق في هذا العدد”Ø› فألغيتُ الندوة حيرانَ أسِيفًا، لا أعرف ما أصنع.…

Read More

عكاكيز

ضَرَائِرُ الشِّعْرِ الْقَبِيحَةُ مِثْلُ عَكَاكِيزِ الْعَجَائِزِ! شُغِفْتُ قديما عند تعليم العربية باصطناع أمثلة مدهشة مشتملة على المسائل التعليمية المقررة، تتيح لي أن أخوض فيما يستهويني من شؤون الفن والعلم المطلقة. ولقد كنت أعاني من أمرها مثل معاناة الشعراء من أمر شعرهم، وكأنما أخوض مخاضا أخشى أن يتمخض عن الفأر المعروف المخوف! وما عنوان هذه الكلمة (ضَرَائِرُ الشِّعْرِ الْقَبِيحَةُ مِثْلُ عَكَاكِيزِ الْعَجَائِزِ)ØŒ إلا أحد تلك الأمثلة التي أقبلت أُعَلِّمُ بها بعضَ مسائل الإعلال تلامذةً عمانيين نجباء منهم خميس قلم وعلي الرواحي الشاعران الموهوبان وعثمان السعدي طالب العلم المجتهد ورفيعة الطالعية الكاتبة…

Read More

مجمعية

بمكتبي من قسم العربية بآداب جامعة السلطان قابوس كلمني في شهر أكتوبر من عام ٢٠١٢، الدكتور عبد العزيز الحربي أستاذ البلاغة القرآنية بكلية اللغة العربية من جامعة أم القرى، يدعوني إلى مشاركته في إقامة موقع “مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية”: مجمع اللغة العربية » مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية (m-a-arabia.com) وإلى النيابة عنه في رئاسته، ذاكرا أنه طلب من يسدُّ هذا المسدَّ، فدُلَّ عليّ. قبلتُ الأولى دون الثانية اعتذارا بأعمال تفنى دونها الأعمار. ثم هجمت بمقالاتي ونصوصي حتى ذكر لي الدكتور الحربي نفسه أنهم صاروا يسمونه مجمع الدكتور…

Read More

قرب

كان الدكتور محمود محمد الطناحي أستاذنا وصديقنا عالم المخطوطات المحقق الجليل، في مجلسه من دار الكتب مشغولا بأحد المخطوطات، فإذا سرب فتيات قد أقبلن عليه: من فضلك والله ما تعرفش فين نهاية الإِرَب للنويري؟ وهي “الأَرَب” أي الحاجة المهمة، فقال وهو الدرعمي الأصيل: نهاية الإِرَب! تبقوا جايين من عند السقا! والسقا هذا هو الأستاذ المحقق الآدابيّ المعروف مصطفى السقا -وتنافس الدراعمة والآدابيين قديم مشهور- وقد استعمل الطناحي ما بين جناس التحريف اللهجي المصري للقِرب (أوعية المياه) إلى الإِرَب، وعمل السقاء الذي في اسم الأستاذ الآدابي، رحمهما الله جميعا، وطيب ثراهما!

Read More

سلام

تلميذة ما شئت من دين وأدب ودأب، ظلت طوال هذا الفصل الدراسي (ربيع ٢٠١٨)ØŒ تستعد لمنافسة زملائها في أداء إحدى مشكلات قصائد “علمني عروض الشعر”ØŒ بشرط المنافسة: أن تفلح فتحصل على خمس درجات، أو تخفق -ولو في نأمة صوت- فتخسر إما خمس درجات أو حضور المحاضرة. ثم آن أوان القصيدة فانتدبت تؤديها وكأني بالشاعر قد انبعث من موته، ثم هفت منها هفوة، فكان زملاؤها أحزن منها عليها، ولكنها غادرت المكان محفوفة بمشاعري أنا وزملائها المتنازعة. ثم كانت محاضرةُ اليوم الأربعاء (18/4/2018)ØŒ فأغريتهم بمنافسة جديدة، فغريت هي وطائفة من زملائها، فأتحتها…

Read More

مكروب

كنت طفلا متمردا مكروبا، لا يمر بي سالمًا مُعافًى صيفٌ؛ فمرةً تفاجئني على دراجتي سيارة فتطعنني بطرف مقودها الأيسر ليتمزق لحم فخذي اليمنى، ومرةً أقفز من على باب نادينا المغلق فتعلق بشبكته رجلي فأسقط على يسراي لتنكسر نصفين، ومرة أُغري بعصاي كلاب الشارع الضالة حتى يثور بي أحدها فينهشني لتدور عليّ دوائر الحقن الإحدى والعشرين… نعم؛ حتى تواتر مني ذلك، وكانت أمي -عفا الله عنها في الصالحين!- تنتحب له انتحابا؛ فكانت صواحبها يُصبِّرنها وأنا أسمعهن: هوِّني عليهك؛ فمثل هذا الطفل المتمرد المكروب إذا كبر صار إلى ضد ما كان؛ فكنت…

Read More