صل أصلال

من أجل اختبار القبول بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة أواخر خمسينيّات القرن الميلادي العشرين، وفد محمود محمد الطناحي الطالب الأزهري النجيب، على عبد العليم إبراهيم الأستاذ الدرعمي الأصيل كبير مفتشي اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم، فلم يكد يستقر في مقعده حتى قال له: اكتب حرف الصاد! فكتبه، فقال له: ألصق به حرف اللام! فألصقه، فقال له: اقرأ! فقال: صِلْ. فقال له: أمر بالوَصْل؛ فهل غيره؟ فقال: صُلْ. فقال له: أمر بالصَّوْل؛ فهل غيره؟ فقال: صَلِّ. فقال له: أمر بالصلاة؛ فهل غيره؟ فقال: وهل غيره! فقال له: نعم؛ صِلٌّ أي…

Read More

التباس العمانية والمصرية

صديقتان بحيٍّ من أرياف عمان: عمانية ومصرية، متآلفتان على عهد العمانيين والمصريين جميعا، لا تخرجان إلى السوق إلا معا، تذهبان وتؤوبان مشيا، غير كالّتين ولا مالّتين. هاهما كأنما خدعتهما عن الطريق حَكاياهُما الكثيرة الطويلة؛ فأبعدتا الغاية، واستثقلتا المشي، وإذا حافلةُ ركابٍ على مقربة، فتصيح العمانية بالمصرية: – اسْتَنِّي! فتطمئن المسكينة المهدودة؛ فتفوتهما الحافلة! Ùˆ”اسْتَنِّي” في العمانية “أَسْرِعي”ØŒ فصيحة عالية من “الاسْتِنان”ØŒ ومادتها “س، ن، Ù†”ØŒ غير أن المصرية على لهجتها فهمتها “تَمهَّلي”ØŒ محرفة عن “اسْتَأْنِي”ØŒ من “الاسْتِيناء”ØŒ ومادتها “و، ن، ÙŠ”! ومرة كلمت تلامذتي العمانيين في ظاهرة “بِلى الألفاظ (تآكلها)”ØŒ…

Read More

سياسة الواثقين

فرغ من رسالته للماجستير، ثم قال لأصحابه: ابحثوا لنا عمن يستطيع أن يناقشها! نعم؛ فقد كان غُولًا كما رآه فيما بعد أحد تلامذته، فأما أصدقاؤه فقد أدهشنا أحدهم بقوله لقد وجدناه بعدما رجع من بعثة الدكتوراة غير ما ذهب، كأنما خُصِيَ هناك! فتُرَى أَسْتَصْغَرَ نفسَه هناك إلى غيره، أم ضاق بثقته بها أستاذُه؟ ومما عاينّاه ضيقُ أستاذٍ بتلميذه الواثق بنفسه ضيقا شديدا، Ø­ÙŽÙ…ÙŽÙ„ÙŽÙ‡ على تَعويق مسيرته، حتى استشفع إليه بنا، فما شفَّعَنا فيه، بل حار ودار ليخدعنا بما لا جدوى منه، ولم يتحول عن ضيقه به حتى قدر الحق -سبحانه،…

Read More

محبة

في رحلته إلى عُمان عام ٢٠٠٤، أستاذا مشاركا بقسم اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس- احتاج أخي الجزائري الحبيب البروفيسور حواس مسعودي، إلى السفر عن طريق القاهرة، ثم اتسع له بها وقت استحسن أن يزور فيه حي الأزهر والحسين. قصد الحي بأسرته في سيارة أجرة يقودها شاب صَموت، سأله عن مقصده، ولولا حاجة في نفسه ما سأله عن بلده؛ فلما عرف أنه جزائري سأله عما يريد بزيارة الحي، وماذا يريد غيرها؛ فارتاب فيه أخي -وليس أسوأ من سُمعة سائقي سيارات الأجرة- واستكفاه بإيصاله إلى ساحة…

Read More

فراسة

أن تعرف الإنسان من وجهه أو من قَدِّه أمرٌ مفهوم، وأن تعرفه من قفاه من حيث هو ضد وجهه -وبضدها تتميز الأشياء- أمر ربما فُهم! أما أن تعرفه من إصبع إبهام قدمه فهذا أمر غير مفهوم! نعم؛ أنا أدعي أنني أعرف الإنسان من إصبع إبهام قدمه، ولي من أبي حفص عمر بن الخطاب أمير المؤمنين سلف صالح؛ إذ لم يثبت نسب الطفل الذي حار فيه الناس، إلا بقدمه! قاتل الله شيطاني، كلما ركعت في صلاة جماعة شغلني بإصبع إبهام قدم من عن يميني وشمالي: لا ريب في أن هذا إنسان…

Read More

خلاط

ما زلت ممن يكتبون لتلامذتهم أحيانا على السبورة! نعم؛ ومهما تأنقت فأعجبهم تأنقي حرصت على ألا أخدعهم: لقد كان الخط من مهارات أبي -عفا الله عنه في الصالحين!- ولكنني لم أرث عنه منه إلا محبته؛ فلست بخطاط، بل خلاط! نعم؛ أحب الخط، ولا أحسن إلا الخلط؛ أخلط النسخ بالرقعة والديواني والحديث الذي لا ملة له وغير ذلك، معا معا معا؛ فإذا هذا الشيء الذي أحسنه إذا كنت مرتاح البال فتستحسنونه، وأسيئه إذا كنت مكروبا فتستقبحونه! ولكنهم يبتسمون، ولا يصدقون!

Read More

لوم

لأمر ما تجافى الدكتوران عبد الواحد علام وأبو همام عبد اللطيف عبد الحليم -رحمهما الله، وطيب ثراهما!- فلما طال ذلك واستثقله أبو همام سبق إلى صاحبه يلومه: أترانا مخلدين، ألن نموت، أليست حياتنا أقصر من أن يستهلكها خصامنا! قال أبو همام متعجبا: فاضطرب لكلامي اضطرابا شديدا، وعاد إلى صحبتي أكرمَ ما كان قط وأَحبَّه!

Read More

تقتير

درجنا على أن نحرم الوسيم المتأنق من توطُّن مقام طلب العلم، توقعا أنه مشغول عنه حتما بوسامته وتأنقه، أو حسدا أن تجتمع له الحسنيان: “قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ Ûš وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا” -الإسراء: 100- صدق الله العظيم! وهذا المجرى جريتُ -وهل أنا إلا من غَزيَّة إن غوت غويتُ- بحكمي على سعيد حسن، زميلي بعامنا الدراسي الأول في كلية دار العلوم من جامعة القاهرة، الوسيم المتأنق الذي صار فيما بعد صديقي العزيز، حتى اتصل بيننا كلام، فسألني عن قول الأمير المحروم الذي غنته أم…

Read More