حلقة المارنز

مساء أحد الأيام من أوائل تسعينيات القرن الميلادي العشرين وقفت أهذب لحيتي استعدادا لمحاضرة تلامذتي صباحا بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة، فأقبل عليّ أخي الصغير الحبيب، فتركت له ما كنت فيه، وأحطته بذراعيَّ إحاطة رِباط الصندوق، ثم رفعته بالعكس لتكون كتفه على كتفي، فسمعت صوت ظهري، فأنزلته عجِلًا وجَلًا، ثم عدت إلى ما كنت فيه، لأصعد من لحيتي عفوا إلى شعري، فسُقط في يدي، ولم تنفعني مساعدة أهلي على إخفاء آثار جريمتي حتى جئتُ الحلّاق، فدار بأسفل رأسي حتى استوى شعري كله، ثم غدوت إلى تلامذتي، لأكون أول من…

Read More

دعوى

بالإنجليزية المُصمتة دُعيت هذا الأسبوع إلى تحكيم ملف ترقية أحد أساتذة اللغة العربية بإحدى الجامعات العربية -وفيه مقالات واضحة الحرص على توجيه السياسة اللغوية العربية بما يَردُّ على لغتنا بعضَ ما سُلِبَته- فأجبت الدعوة إجابة عربية صريحة، فأُسند إليّ التحكيمُ بخطاب إنجليزي رسمي، قطع عليّ سبيل القلق، وطمأنني على مسيرة الإصلاح!

Read More

أسرة

زوجان يتكلم كل منهما بضع لغات، يشتركان في اثنتين منها فقط! فإذا أراد أحدهما إشراك الآخر جعل كلامه بإحدى اللغتين المشتركتين، وإذا أراد إبعاده جعل كلامه بما سواهما! وتكاد هذه الحال تنحصر في محادثة الأهل! وعندئذ يضطر الآخر إلى أن يُنزّل كلامه منزلة الموسيقى الجانبية التي ينصرف معها إلى أحد مشاغله!

Read More

غرامة

كان يا ما كان في حاضر الزمان إنسان وافر الغفلة والنسيان، فَرضَت على حقيبة سفره صاحبةُ الطائرة غرامةَ وزنٍ زائد، فأبى عليها بأنه من حقه في أصل الحجز، فأنكرت، فأبى، ثم أنكرت، فأبى، ثمّت أنكرت، فأبى! نعم؛ فهو من النباهة بحيث لا يمكن لمثلها أن تخدعه! تأملت نتيجة تحليله الفيروسي الكوروني، فوجدتها أقدم قليلا من الحد المحدود؛ فأثارت عليه من رَدَّه من حيث جاء، ليتكلف من تحديث التذكرة وإعادة التحليل وخسارة الوقت ما لا ذكر معه لغرامة وزن، ثم لم يسمح له بالزيادة عليه!

Read More

آجال

منذ أسبوع هجم كورونا على أسرة أحد أحبابنا؛ فلم يكونوا أشد فزعا وحَدَبا على أحد منهم على أمهم القديمة المرض، فماتوا جميعا، وعاشت هي، حفظها الله، ورحمهم، وطيب ثراهم! فذكرتُ أسرة من قرية أصهاري، فرَض كبيرُها الحج على شيخوخته وأمراضه، فأبت أختاه إلا أن تصحباه -ولم يكن أحبَّ إليه من أن يموت ويدفن في البقعة المباركة مع الرعيل الأول من حملة الخير، رضي الله عنهم!- فماتتا هما كلتاهما -رحمهما الله، وطيب ثراهما!- ورجع هو دونهما!

Read More

بلوى

لما كان اشتمال العامية على الفصحى أرفع منزلة عند الناس من اشتمال الفصحى على العامية -ولكل منهما مكانتها في مكانها- هابوا إذا تكلموا الفصحى أن تتسرب إليها العامية! ولكنهم ربما حاروا فلم يُزل حيرتَهم غيرُ تغيير الوجه العامي، يفتحون سين “سهولة” وهو خطأ، والضم العامي هو الصواب، ويكسرون زاء “مخزن” وهو خطأ، والفتح العامي هو الصواب! بلوى ثقافية عامة، لا ينجو منها صغير ولا كبير ولا جهول ولا عليم، لولا تَوقِّيها لأفضَت إلى العزة بالإثم!

Read More

الطناحيون

كانت للدكتور محمود محمد الطناحي أستاذنا الحبيب وصديقنا الجليل -رحمه الله، وطيب ثراه!- سيارتان: قديمة وحديثة، وكان يركب الحديثة حتى إذا حبَسها حابسُ السيارات ركب القديمة؛ فكان يسمي القديمة “المنصوب بنزع الخافض”ØŒ من اصطلاح النحويين على مثل “قوم” في “واختار موسى قومَه سبعين رجلا”ØŒ تعبيرا عن أن سيارته القديمة لا تشم رائحة الطريق حتى تُزال عنها سيارته الحديثة التي تكتم أنفاسها مثلما يكتم حرف الجر نفس الاسم المجرور! ربما قلت: كلُّ نحويّ ومصطلحاته، فقلت لك: ما أكثر النحويّين، وما أندر الطناحيّين!

Read More