نذالة

سُجن صاحبُك أسنَّ منك ببضع عشرة سنة، وخوَّفك ساجنُه أن تذكره؛ فأسلمته للوحشة منك عشرين سنة، ولم يخطر لك ببال، وكنتما أخوي الغدوات والروحات؛ فقضى ربك أن يُميتك ويحييه بعدك طليقا كأن لم يُسجن، طموحا كأن لم يُنكب؛ فيا لَلشاهد لِلغائب!

Read More

حداثة

ربما قلت لي: هذا كلام قديم لجيل قديم! فقلت لك: وما الكلام الحديث للجيل الحديث، الذي يظل حديثا! فقلت لي: لا يلزمني كلام بعينه، بل أتنقل بين الكلام حتى أقف على ما ترضيني حداثته. فقلت لك: وهل وجدت كلاما حديثا غير مأخوذ من كلام قديم؟ فقلت لي: بل كل كلام حديث فهو مولَّد من كل كلام قديم، ولكن بفضل تأمل وتدبر وتفجير وتطوير. فقلت لك: ومن ذا منعك أن تتناول ذلك الكلام القديم بما لا يتناهى من التأمل والتدبر والتفجير والتطوير، حتى تستقر منه على حداثة ترضيك، وهو لا غيره…

Read More

سياسة الواثقين

فرغ من رسالته للماجستير، ثم قال لأصحابه: ابحثوا لنا عمن يستطيع أن يناقشها! نعم؛ فقد كان غُولًا كما رآه فيما بعد أحد تلامذته، فأما أصدقاؤه فقد أدهشنا أحدهم بقوله لقد وجدناه بعدما رجع من بعثة الدكتوراة غير ما ذهب، كأنما خُصِيَ هناك! فتُرَى أَسْتَصْغَرَ نفسَه هناك إلى غيره، أم ضاق بثقته بها أستاذُه؟ ومما عاينّاه ضيقُ أستاذٍ بتلميذه الواثق بنفسه ضيقا شديدا، Ø­ÙŽÙ…ÙŽÙ„ÙŽÙ‡ على تَعويق مسيرته، حتى استشفع إليه بنا، فما شفَّعَنا فيه، بل حار ودار ليخدعنا بما لا جدوى منه، ولم يتحول عن ضيقه به حتى قدر الحق -سبحانه،…

Read More

رمضان

أما الذين عَرَفوا رمضانَ فأقبلوا عليه إقبالَ الأحفاد على جدهم الحبيب الذي عودهم أحسن العادات، فهؤلاء يتعلَّقون بذيله أن يَفوتَهم؛ فإن أَبى إلا الرحيل فعلى الموعد، ثم يبتهجون في العيد بالوفاء! وأما الذين أَنْكَروا رمضانَ فنَفَروا منه نُفور السُّفهاء من الوافد الغريب، فهؤلاء يَتَوارَوْنَ منه بالأبواب خوفًا أن يَراهم عند ذهابه عنهم فيرجع إليهم، ثم يَغترُّون في العيد بالجفاء!

Read More

قصصية البحث العلمي

حيلة من لا حيلة له الصبر؛ وما أكثر ما صبرت على الأبحاث العلمية الأفقية، التي تتجاور الفصول فيها ولا تتراكب؛ فلا يكون أعظم لديها من أن يستقل كل فصل من فصولها بقصد من قصودها، ثم لا شيء غير ذلك! ألم يأن لهؤلاء الباحثين أن يعلموا أن قصودهم هذه الكثيرة التي يفرحون ببلوغها، يكاد بعضها يلغي بعضها، حتى إذا فرغ من قراءة أبحاثهم متلقوها، ونظروا في أيديهم لم يجدوا غير القصد الأخير من الفصل الأخير! ألا فليعلم هؤلاء الباحثون أنهم مبتلون بجزئية منهجٍ لا علاج لها إلا توريد الأوراد اليومية من…

Read More

أدب

تلبَّثْتُ اليوم في البيت بعقب الإفطار قليلا، لأجمع أسرتي على مادة تثقيفية نافعة، فأقعدت على الأريكة أم براء وعن يمينها سُرى وعن يسارها رِهام، ثم أقعدت على الأرض بَراءً من تحت رجلَيْ أمه، وفُراتًا من تحت رجلَيْ أخته رِهام، ونَفْسي من تحت رجلَيِ ابنتي سُرى، ثم قلت: لتهنئك الجنة يا براء فاشبع منها ما لم أشبع من أمي، فأما أنا وأنت يا فرات فلْنَتَفَيَّأْ ما ينبغي لكل عربي مسلم قائم على حماية عِرْضه!

Read More

حزم

نأكل معا ونشرب ونركض ونلعب، لا يدري أي منا حين يفعل ذلك أنه يفعله، حتى يجن أحدنا فيرى نفسه غير نفسه؛ فلا يفتأ ينازعنا الأكل والشرب والركض واللعب، لا يرتاح ولا يريح، فإن لم نتجمع عليه لنرمحه رمحة حمار واحد فنقضي عليه، لم نزل منه في كرب عظيم!

Read More

فراسة

أن تعرف الإنسان من وجهه أو من قَدِّه أمرٌ مفهوم، وأن تعرفه من قفاه من حيث هو ضد وجهه -وبضدها تتميز الأشياء- أمر ربما فُهم! أما أن تعرفه من إصبع إبهام قدمه فهذا أمر غير مفهوم! نعم؛ أنا أدعي أنني أعرف الإنسان من إصبع إبهام قدمه، ولي من أبي حفص عمر بن الخطاب أمير المؤمنين سلف صالح؛ إذ لم يثبت نسب الطفل الذي حار فيه الناس، إلا بقدمه! قاتل الله شيطاني، كلما ركعت في صلاة جماعة شغلني بإصبع إبهام قدم من عن يميني وشمالي: لا ريب في أن هذا إنسان…

Read More