ذكريات صديقتي
مقال الطيب ØµØ§Ù„Ø -طيب الله ثراه- عن رمضان
لا أظن Ø£Øدا ينسى الأماكن التي صام Ùيها ØŒ وهل كان الÙصل صيÙا أم شتاء . وبماذا Ø£Ùطر ومع من Ø£Ùطر.
وهو قد ينسى بقية أيام العام باستثناء أيام قليلة تباغته Ùيها الØياة ØŒ كما تÙعل بإØدى Ù…Ùاجآتها السارة أو المØزنة .
الأيام العادية تمضي تباعاً طوال العام .لا يكاد الإنسان ÙŠØس بمرورها . كأن الزمن نهر سرمدي.
ولكن يوم الصائم – وهذه عندي من Øكم الصوم- يتÙلت قطرة قطرة الدقائق تمر كأنك تسمع وقع خطاها .
الصائم ÙŠØس بالزمن لأول مرة خلال العام أنه (كم) يمكن أن يوزن بميزان ويقاس بمقياس .
يختلط جوعه وظمؤه – خاصة إذا كان الوقت صيÙا Øارا – مع كل دقيقة تمر. يكونان عجينة من المكابدة والسعادة .
Ùإذا انقضى اليوم ØŒ ÙŠØس الصائم أنه قد قطع شوطاً مهماً ÙÙŠ رØلة Øياته . وإذا انقضى الشهر بطوله ØŒ يشعر Øقاً أنه يودع ضيÙا عزيزا طيب الصØبة، ولكنه عسير المراس .
إنني أذكر Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø±Ù…Ø¶Ø§Ù†Ø§Øª صمتها عند أهلي ÙÙŠ صباي الباكر ØŒ أول عهدي بالصيام .
كنا قبيلة Ø£Ùرادها كلهم Ø£Øياء : الجدود والآباء والأعمام والأخوال وأبناء العمومة والخؤولة.
لم يكن الدهر قد بدأ بعد يقضم من جسمها كما يقضم الÙأر من كسرة الخبز.
كـانت دورنا تقوم على هيئة مربع ØŒ ÙˆÙÙŠ الوسط باØØ© واسعة Ùيها رقعة رملية . كنا نجتمع للإÙطار ÙÙŠ تلك الرقعة .
نتولى Ù†ØÙ† الصبية أمر تنظيÙها ÙˆÙرش الØصر عليها ØŒ وقبيل المغيب نجيء بسÙر الطعام من البيوت، ونجلس مع كبارنا ننتظر تلك اللØظة الرائعة Øين يؤذن مؤذن البلدة – غير بعيد منا- ( الله أكبر) معلنا نهاية اليوم .
وكنت ÙÙŠ تلك الأيام قبل – أن يقسو القلب ويتبلد الشعور – Ø£Øس أن ذلك النداء موجه لي ÙˆØدي ØŒ كأنه يبلغني تØية من Ø¢Ùاق عليا ØŒ إنني انتصرت على Ù†Ùسي.
أذكر جيدا طعم التمر الرطب ØŒ وهو أول ما Ù†Ùطر به ØŒ Øين يواÙÙ‚ رمضان موسم طلوع الرطب . وكانت لنا نخلات نميزها ونعني بها ØŒ لها ثمر شديد الØلاوة ØŒ تخرجه باكرا .
كانوا لا يبيعون ثمارها. ولكنهم يدخرونه لمثل تلك المواسم . وقد زرعت أصلا من أجل ذلك .
وأذكر مذاق الماء الذي يصÙÙ‰ ويبرد ÙÙŠ الأزيار أو ÙÙŠ القرب ØŒ خاصة ماء القرب ØŒ الذي يخالطه شيء من طعم الجلد المدبوغ .
وشراب ( الابري) وهو يصنع من خبز يكون رقيقا جدا : أرق من الورق . تضا٠إليه توابل ØŒ وينقع ÙÙŠ الماء ويØلى بالسكر .
ومذاق ( الØلو مر ) وهو أيضا من عجين مخلوط بتوابل خاصة . ÙˆØين ينقع ÙÙŠ الماء يكون ذا لون Ø£Øمر داكن الØمرة .
هذان الشرابان لا يوجدان إلا ÙÙŠ السـودان ØŒ وهما مرتبطان برمضان . ولهما رائØØ© عبقة ÙواØØ©.
تلك ÙˆØ±ÙˆØ§Ø¦Ø Ø£Ø®Ø±Ù‰ ØŒ كان خيالي الصبي يصورها ÙÙŠ ذلك الزمان ØŒ كأنها تأتي من المصدر الغامض Ù†Ùسه الذي يأتي منه شهر رمضان .
كان طعم الزمان ÙÙŠ تلك الأيام Øلوا مخلوطا بمرارة لها مذاق العسل .
لم نكن نأكل كثيرا ÙÙŠ Ø¥Ùطارنا . لا توجد Ù„Øوم أو أشياء مطبوخة ØŒ كل واØد يتعشى بعد ذلك ÙÙŠ داره على هواه ØŒ وغالبا ما ينتظر السØور من دون عشاء .
نصلي ونÙطر على مهل ،ونقوم Ù†ØÙ† الصبية ÙÙ†Øضر الشاي والقهوة ( الجبنة)
وكان ÙŠØ³Ù…Ø Ù„Ù†Ø§ بشرب القهوة Ùقط ÙÙŠ شهر رمضان ØŒ Ùالقهوة عدا ذلك للكبار ÙˆØدهم .
ولم يكن ذلك نوعا من الØظر ØŒ ولكن من قبيل الاقتصاد ÙÙŠ النÙقة ØŒ Ùقد كان البن أغلى من الشاي.
يساوونا بأنÙسهم لأننا نصوم مثلهم.ثم يأخذون ÙÙŠ الØديث ونØÙ† نسمع ولا نتكلم، ويا له من Øديث ØŒ كان رمضان يخرج منهم كنوزا دÙينة . كنت أستمع إليهم وكأني أشرب ماء القرب البارد وآكل التمر الرطب.
لا أعلم كم كان (معدل الدخل) عندنا تلك الأيام . ولم أكن أعلم شيئا عن الØالة الاقتصادية ÙÙŠ القطر .
ولم يكن يهمني من الذي ÙŠØكم البلد . كنت أعلم أن الإنجليز موجودون ÙÙŠ الخرطوم ØŒ وأØيانا يمر بنا واØد منهم ØŒ كما يمر طائر غريب ÙÙŠ السماء.
لكننا كنا بمعزل عن كل ذلك ،نØس بالعزة والمنعة والطمأنينة والثراء.
كنـت أعلم أن ذلك الإØساس ØÙ‚ ØŒ من الطريقة التي يمشي بها آبائي وأجدادي.
لا يمشون مختالين ØŒ ولكنهم يمشون على وجه الأرض ثابتي الخطى مرÙوعي الرؤوس ØŒ لا يخامرهم شك أن الأرض أرضهم والزمان زمانهم.
ولعـل الإنجليز خرجوا آخر الأمر لأنهم ضاقـوا بإØساس الØرية ذاك لدى السودانيين ØŒ كأنهم لم ÙŠÙهموا ØŒ أو رÙضوا أن ÙŠÙهموا أنهم أمة مهزومة مستعمرة.
الإØساس بالمذلة والهوان Øدث لهم بعد ذلك، على أيدي بعض أبنائهم الذين انتزعوا الØكم من الذين ورثوه عن الإنجليز ØŒ ومنهم من كان صبيا مثلي ÙÙŠ ذلك الزمان الأغـر ØŒ وجلس على بقعة رمل كما جلست ØŒ مع آبائه وأجداده ÙÙŠ Ø¥Ùطار شهر رمضان.
كنا Øقا سواسية كأسـنان المشط . ولا بد أنه ذاق المذاقات Ù†Ùسها وشم Ø§Ù„Ø±ÙˆØ§Ø¦Ø Ù†Ùسها ØŒ واستمع مثلي إلى Ø£Øاديث آبائه وأجداده ØŒ Øديثا مليئا بالمØبة والØكمة والطمأنينة .
Ùماذا أصابنا بعد ذلك ØŒ أم ماذا أصاب الزمان؟