الْعَلَاقَاتُ النَّحْوِيَّةُ بَيْنَ المَنْطِقِيَّةِ (الِاتِّزَانِ) وَالِانْفِعَالِ (الِاضْطِرَابِ)

الْعَلَاقَاتُ النَّحْوِيَّةُ بَيْنَ المَنْطِقِيَّةِ (الِاتِّزَانِ) وَالِانْفِعَالِ (الِاضْطِرَابِ)
من طرائف الإعلان المعاصر عن بعض السلع الغذائية الضارّة، إعلان الحلوى الذي استفاد من أن الغضب يخرج الإنسان عن طبيعته؛ فادعى أنه لا يعيده إليها إلا قَضْمَة من هذه الحلوى!
أما أن الغضب يفعل ما اتُّهِم به فنَعَمْ، بل ربما أخرجه عن طبائع البشر جميعا. وأما أن القَضْمة تفعل ما ادُّعِيَ لها فلا أقضي حتى أذوق!
ومثلُ الغَضَب في ذلك الدَّهَشُ؛ يَتَفَلَّتُ مِنَ الدَّهِش والغَضِب كليهما ما لا يُحْكِمَانِه لا اختيارا ولا إبدالا، ولا تقديما ولا تأخيرا، ولا ذكرا ولا حذفا- ويتلقَّفُه الناس، ويَضْرِبون به الطَّبْل، كما فعلوا بخبر المُضِلِّ المنقطع الذي أيقن بالهلاك، ثم غَفَا تعبا وأفاق فإذا ضالته عنده، فقال حمدا وشكرا: اللَّهُمَّ، أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ- وبخبر المرأة التي دخلت لحاجةٍ على سيدنا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين -رضي الله عنه!- فلما رأته حاسرا، وكان أصلع مهيبا، قالت: أَبَا غَفْرٍ، حَفَصَ اللهُ لَكَ! قال: ما تقولين يا امرأة! قالت: صَلِعْتُ مِنْ فَرْقَتِكَ- وبخبر المحصِّل والفلاحة التاجرة التي أبت أن تدفع له عن بِضَاعَتِها في أحد القطارات المصرية، فتنازعا واشتجر بينهما الكلام، حتى قال لها وكأنما يتنزل عليه الوحي: الْعَدْلُ فِي الظُّلْمِ مُسَاوَاةٌ!
علم ذلك القدماء والمحدثون جميعا، ونبهوا عليه، ولكن لم ينقطع أحد بعد لوصف ما في العلاقات النحوية بين كلام المنطق الطبيعي المتَّزن وكلام الغَضَب والدَّهَش المُضْطَرِب، من جوامع وفوارق.

Related posts

Leave a Comment