كتب اللغوي والشاعر السوري عبد الØميد الخلÙ:
درسنا مصادر التّراث العربيّ ÙÙŠ قسم اللّغة العربيّة بكليّة الآداب بجامعة Øلب، ÙÙŠ مادّة٠كنّا نسميها (المكتبة)ØŒ ولا أتذكّر الاسم الرّسميَّ للمادّة، أهو (المكتبة العربيّة) مثلاً أو (مصادر التّراث العربيّ) أو شيئاً من هذا القبيل. كانت مادّةً شيّقةً، بغضّ النّظر عن ثقل Ù…ØÙوظاتها وكثرتها، وقد عرÙنا Ùيها تراثنا، عبر العناوين معاجمَ وتراجمَ ومجموعات٠وموسوعات. وكان ÙÙŠ ذهني عَلَمٌ من أعلام المسلمين من المÙلَّة٠التّركيّة٠مرّت ذكرى ÙˆÙاته (30 يونيو) قبل أسبوعين، وكان خدم التّراث العربيّ خدمةً جليلة. وكنت أظنّني عرَÙْت٠ذلك العَلَمَ من خلال (مادّة المكتبة)ØŒ Ùلمّا عÙدْت٠إلى الكتاب الذي كان مقرّراً، وكان لواØد من أساطين البعثيّين ÙÙŠ الكلّيّة هو العميد عمر الدّقّاق، رØمه الله، لم أجد أثراً لذلك التّركيّ! Ùاستغربت، ÙˆØاولت أن أعر٠المصدرَ الذي أثْبَتَ ÙÙŠ ذهني اسم العلّامة التّركيّ، Ùلم Ø£ÙÙ„ØØŒ وذهب ظنّي إلى أنّي عرÙته من خلال Ùوضى المطالعة الذي كان أصابني. ودارتْ ÙÙŠ رأسي ذكرياتٌ بعيدة عن كتب التّاريخ ÙÙŠ مدارسنا، تØتّم ألّا نذكر عَلَماً تركيّاً ÙÙŠ ÙƒÙتÙبÙنا، ÙˆÙŽØ¥ÙÙ† كانَ خدم التّراثَ العربيّ. كانت كتبÙنا تدرّسÙنا Øتّى عام 1968 (الÙØªØ Ø§Ù„Ø¹Ùثماني للوطن العربيّ) ثم تØوّلتْ بعد ذلك إلى تدريسنا (الاستعمار العثماني للوطن العربي)! وكان المنطق ÙŠÙØتّم أن ندرّسَ (الاستعمار العربيّ) لإسبانيا – الأندلس أو الاستعمار العربيّ لما وراء النهر، لكنّ ذلك لم ÙŠØدث. ثمّ إنّي عرÙْت٠ÙÙŠ Ùوضى مطالعاتي أنّ بعضاً منّا كانوا ÙÙŠ (العهد الÙرنسيّ) يتØدّثون عن Ùرنسا التي Ø£Øببناها وأØبّتنا! وعرÙت أنّ شعراءَ كباراً دبّجوا قصائدَ ÙÙŠ Ù…Ø¯Ø ÙØ§ØªØ Ø³ÙˆØ±ÙŠØ© السّلطان الÙرنسيّ غورو!وإزاء هذه الذّكريات تأكّدت أن لا مكان لعَلَم٠تركيّ ÙÙŠ مناهÙجÙنا، وإن كان خدمَ التّراث العربيّ. إنّه Ùؤاد سÙزكين وهو باØØ« تركيّ ألمانيّ (1924-2018) كان المديرَ الÙخريَّ وأØدَ المؤسّسين لمعهد دراسات التّاريخ والعلوم الإسلاميّة والعربيّة ÙÙŠ جامعة غوتّه ÙÙŠ ÙرانكÙورت بألمانيا. تَنَبَّهَ أستاذÙه٠المÙستشرق الألمانيّ هلموت ريتر (1892-1971) إلى نباهتÙÙ‡ÙØŒ ÙدÙَعَه وهو ÙÙŠ مطلع شبابه ÙÙŠ Øدود العشرين، إلى تعلّم اللّغة٠العربيّة٠ودراسة٠التّاريخ٠الإسلاميّ. Øصل سÙزكين على شهادة الدّكتوراة سنة 1954Ù… بأطروØة٠عن «مصادر البÙخاري»، ونÙشرت رسالتÙÙ‡ تØت عنوان «دراسات Øول مصادر البÙخاريّ» سنة 1956ØŒ أشار Ùيها إلى نقص بعض الأسانيد ÙÙŠ عَمَل٠البÙخاريّ، وذÙكر أنّه تراجع Ùيما بعد عن بعض ما جاء ÙÙŠ Ø£ÙطروØتÙÙ‡. وعَمÙÙ„ÙŽ سÙزكين Ø£Ùستاذًا ÙÙŠ جامعة إسطنبول سنة 1954ØŒ Øتّى Øدَثَ انقلاب٠سنة 1960 الذي أعدم رئيس الوزراء المنشقّ عن Øزب أتاتورك عدنان مندريس، وطÙرÙدَ يومَها أكثر٠من مائة٠وأربعين أستاذاً جامعيّاً من جامعاتهم، كان سÙزكين من بينهم، Ùغادر إلى ألمانيا، ليواصل دراساته بجامعة ÙرانكÙورت. ÙˆÙÙŠ سنة 1965ØŒ قدّمَ سÙزكين أطروØØ©ÙŽ دكتوراه ثانيةً عن عالم الكيمياء العربيّ جابر بن Øيان، ÙˆØصل على لقب البروÙيسور بعد سنة. ثمّ تزوج من المÙستشرقة الألمانيّة (أورسولا) التي أسلمَتْ، وساعدتْه٠ÙÙŠ أبØاثه، ودÙعتْه٠إلى إعادة دراسة صØÙŠØ Ø§Ù„Ø¨Ùخاريّ. أهمّ آثارÙÙ‡: (تاريخ التّراث العربيّ الإسلاميّ) باللّغة الألمانيّة، وكان عزم أن يجعله Ù…Ùسْتَدْرَكاً على كتاب صاØبه المستشرق الألماني كارل بروكلمان (تاريخ الأدب العربيّ)ØŒ Ùبدأ يجمع موادّه سنة 1947ØŒ لكنّه وجدَ مصادرَ ومخطوطات٠Ùاقت تصوراتÙه، Ùانصر٠إلى الاشتغال ÙÙŠ مشروع علميّ مستقلّ، قيل إنّه كان يشتغل سبعَ عشرةَ ساعةً يوميّاً لإنجاز مشروعه. جمع سÙزكين المخطوطات٠العربيّةَ والإسلاميّةَ المتÙرقةَ ÙÙŠ المكتبات الخاصّة والعامّة ÙÙŠ الشّرق والغرب على مدى Øياته، Ùنسخَها وترجمَها إلى اللّغة الألمانيّة، واستخرج ما Ùيها من معلومات٠ثم نشرَها، مستعيناً ببØوث٠المستشرقين المختصّين ودراساتهم ÙÙŠ هذا الØقل المعرÙيّ. وصدرت أولى مجلّدات عَمَلÙÙ‡ سنة 1967ØŒ وكان قبل ÙˆÙاته عام 2018 Ù…Ùنكبّاً على كتابة المÙجلَّد الثّامنَ عَشَرَ منه. وكان أنشأَ سنة 2010 وقÙاً لأبØاث تاريخ العلوم الإسلاميّة، أراد به دعم أنشطة Ù…ÙتْØÙŽÙ٠العلوم والتّكنولوجيا الإسلاميّة بإسطنبول. Øصل سÙزكين على جوائزَ وأوسمة٠دوليّة٠عديدة٠من بينها جائزة الملك Ùيصل السّعوديّة ÙÙŠ الدّراسات الإسلاميّة، كما Øصل على درع غوتّه التّكريميّ ونيشان استØقاق جمهوريّة ألمانيا الاتّØاديّة. كما Øصل على جوائز من مجامع اللّغة العربيّة ÙÙŠ القاهرة ودمشق وبغداد. وأتْقَنَ سÙزكين عددًا من اللّغات إلى جانب لغتÙÙ‡ الأمّ التركيّة، من بينها العربيّة والسّريانيّة والعبريّة واللاتّينيّة والألمانيّة. صÙÙ†ÙŽÙ‘Ùتْ مكتبة٠سزكين الضّخمة٠ÙÙŠ ألمانيا ضمن التّراث القوميّ الألمانيّ، Ùوَضَعَت٠الØكومة٠الألمانيَّة٠يدَها عليها، بعد أن كرّمَتْه، وأَعطته ما يريد ثمناً لها. والمكتبة٠تØوي عدداً هائÙلاً من الوثائق والمخطوطات بكثير٠من اللّÙغات. وعند ÙˆÙاتÙÙ‡ شاركَ ÙÙŠ Øمْل٠نعشÙÙ‡ الرّئيس٠التّركيّ رجب طيب أردوغان ورئيس٠الØكومة بن علي يلدريم ورئيس٠الØكومة الأسبق Ø£Øمد داود أوغلو، إلى جانب قيادات٠Øكوميّة٠وسياسيّة٠تركيّة٠بارزة.