الغريب، لمريد البرغوثي

“هو الشخص الذي يجدد تصريح إقامته. هو الذي يملأ النماذج ويشتري الدمغات والطوابع. هو الذي عليه أن يقدم البراهين والإثباتات. هو الذي يسألونه دائما: من وين الأخ؟ أو يسألونه: وهل الصيف حار عندكم؟ لا تعنيه التفاصيل الصغيرة في شؤون القوم أو سياساتهم “الداخلية”ØŒ لكنه أول من تقع عليه عواقبها! قد لا يفرحه ما يفرحهم، لكنه دائما يخاف عندما يخافون! هو دائما “العنصر المندس” في المظاهرة إذا تظاهروا، حتى لو لم  يغادر بيته في ذلك اليوم! هو الذي تنعطب علاقته بالأمكنة: يتعلق بها، وينفر منها في الوقت نفسه! هو الذي لا يستطيع أن يروي روايته بشكل متصل، ويعيش في اللحظة الواحدة أضغاثا من اللحظات، لكل لحظة عنده خلودها المؤقت، خلودها العابر! ذاكرته تستعصي على التنسيق! يعيش أساسا في تلك البقعة الخفية الصامتة فيه! يحرص على أن يصون غموضه، ولا يحب من ينتهك هذا الغموض! له تفاصيل حياة ثانية لا تهم المحيطين به، وكلامه يحجبها بدلا من أن يعلنها! يعشق رنين الهاتف، لكنه يخشاه ويفزع منه! الغريب هو الذي يقول له اللطفاء من القوم: أنت هنا في وطنك الثاني وبين أهلك. هو الذي يحتقرونه لأنه غريب، أو يتعاطفون معه لأنه غريب، والثانية أقسى من الأولى”!

Related posts

Leave a Comment