سياسة الواثقين

فرغ من رسالته للماجستير، ثم قال لأصحابه: ابحثوا لنا عمن يستطيع أن يناقشها! نعم؛ فقد كان غُولًا كما رآه فيما بعد أحد تلامذته، فأما أصدقاؤه فقد أدهشنا أحدهم بقوله لقد وجدناه بعدما رجع من بعثة الدكتوراة غير ما ذهب، كأنما خُصِيَ هناك! فتُرَى أَسْتَصْغَرَ نفسَه هناك إلى غيره، أم ضاق بثقته بها أستاذُه؟
ومما عاينّاه ضيقُ أستاذٍ بتلميذه الواثق بنفسه ضيقا شديدا، حَمَلَه على تَعويق مسيرته، حتى استشفع إليه بنا، فما شفَّعَنا فيه، بل حار ودار ليخدعنا بما لا جدوى منه، ولم يتحول عن ضيقه به حتى قدر الحق -سبحانه، وتعالى!- أن يسافر عنه؛ فانضافت إلى فوائد سفر الأستاذ انفراجة أزمة التلميذ!
وإن لنا لتلامذة يرون أنفسهم فوق أساتذتهم أو مثلهم، لا نعوقهم ولا نكبتهم، إلا أن نكلهم إلى أنفسهم، وهذا أعظم التأديب؛ فإنهم إذا تمسكوا بذلك الوهم ظلموا أنفسهم، وكلفوها ما لا تطيق من التصديق؛ فلم يتحولوا عن أزمة إلا إلى أزمة!
وهذا صنيعنا بهؤلاء؛ فكيف بمن لم يشتطّوا شططَهم، غير أن بهم على إخوانهم فضلَ ثقة؛ أفنعوقهم ونكبتهم لأننا نسينا معنى الثقة، في غمرة بلوى الريبة العامة!

Related posts

Leave a Comment