Â
… Ùإن تكن Øقَّرتْ إليَّ الأموال الكثيرة، وجَرَّأَتْني على بَذْلها -وهذه مَنْقَبَتÙها اليتيمة- لقد عوَّدتني على غيابها، Øتى ÙارقتÙها غيرَ مشتاق٠إليها، ولا متمسك٠بها، ولا نادم٠عليها!
Ùلا ردَّها اللهÙØŒ أيّةَ شيطانة٠كانتْ!
(1)
لا -والله- ما أردتها، ولا سعيت إليها، ولكنها سÙلّÙطَتْ عليَّ عشر سنوات وعلى بنيَّ، Ùصبرت٠عليها خطأً مثلما يصبر المريض على مرض عÙضال بَغيض الداء مَخو٠الدواء؛ Ùسَوَّأَتْ خلقي، ولَوَّØَتْ لَوْØÙÙŠØŒ وتجبَّرتْ Øتى أعانني عليها ØَيْنÙها الØائÙÙ†ÙØ› ÙاطَّرَØْتÙها عني مثلما أَطَّرÙØ Øذاء Ù…ÙتهرّÙئًا مؤذيًا، غيرَ مبال بما جره عليَّ بخسي ثمنها، من أهلي الذين جعلوني مجنونا، ومن أهلها الذين جعلوني سارقا، ولو اطلعوا على سيرتها لجعلوني Øكيما كريما!
لقد كنت المبتلى بمثلها ÙÙŠ جامعة القاهرة، لا أكاد أبدو بها Ù„Øراس الأبواب Øتى يعتدلوا ويسلموا تسليما، ولا الطلاب Øتى ينبّÙÙ‡ عليها بعضÙهم بعضا، ولا الموظÙين Øتى يأتوني إليها مذعنين، غير عجوز بعيدة العقل أقبلت تعبر Ø£Øد طرق الجامعة، Ùرأتها من بعيد تنهب الأرض تَسÙدّ٠الأÙÙ‚Ø› Ùأشارت بيÙسراها متكئةً على عصاها بيمناها، مثلما تذÙبّ٠ذبابا أو تØÙ‚Ùر٠شبابا، وكانت أبعد من أن ÙŠÙخشى عليها، Ùلما مررت٠بها قبل أن تتØرك صاØت: يا خنزير! ÙرَجَعْتÙها إليها، ÙˆÙتØت ناÙذتها غضبانَ: ألي تقولين هذا وأنا أستاذ بالجامعة! Ùقالت: ظÙزْ! تدوسني وتقول أستاذ بالجامعة! ÙعرÙت قيمتي وذهبت!- ولا زملائي Øتى ينÙÙضوا مني أيديهم، ولا أساتذتي Øتى يقيسوا إليها ويØتجَّ بها بعضÙهم على بعض!
وكنت المخدوع بها ÙÙŠ كل طريق Ù…ÙØªÙˆØ Ø³Ø±ÙŠØ¹ØŒ Ø£Øسبها جامدةً وهي تمرّ٠مَرَّ السØاب، لا يمنعها مانع، ولا يَبْخَعÙها باخÙع، غيرَ سَÙْرَة٠ساØلية كئيبة، اضطÙرَّ الشرط Ùيها إلى اعتراضها ذهابا وإيابا آسÙين؛ Ùأما ÙÙŠ الذهاب Ùأخذوا رخصتي، وأما ÙÙŠ الإياب Ùأخذوا رخصتها؛ Ùقال Ø£Øد من كلمني من أصهاري قبل وصولي، يطمئن عليَّ: إذا اعترضوها ثالثةً Ùأعطهم عَيّÙلًا من العÙيال!
(2)
Øكى لي Ø£Øد زملائي ولم نكن عندئذ جميعا من ذوي السيارات، أن ابن ثَريّ٠مصري تكبَّر بسيارته على الناس ÙÙŠ شوارع القاهرة وتجبَّر وطغى وبغى، Øتى Ø£Øدث Ùيهم وأÙسد؛ Ùأمسكوا به؛ Ùهات٠أباه؛ Ùأتاه من ÙَوْرÙه، ولم يكد يراه ÙÙŠ أيديهم Øتى صرخ Ùيه يسبه ويلعنه ويضربه؛ ÙرØمه الناس ÙˆØالوا دونه، ثم قال له: والله -يا ابن الكلب- لئن لم تعتدل لآخذنَّ منك الشبØØŒ ولأعطينَّك الÙÙيَات، ولأجعلنَّك مثل أولاد الشوارع!
قلت: يا خيبة أمل المصابين المساكين الذين رØموه، ثم يا لأمثالنا -عندئذ- الذين لم يدركوا القيام ÙÙŠ مقام ذوي الÙÙيَات من أولاد الشوارع!
ثم ضرب الدهر ضَرَبانَه، وساÙرت٠عن Ø§Ù„Ø´Ø¨Ø -بعدئذ- معتقلةً بمأواها؛ Ùتوصل إليها بَراءٌ وكان المقدَّم على أقرانه ÙÙŠ تخصصه الجامعي، وسوَّلت له Ù†Ùسه أنَّ ركوبها إلى كليته أسهل من أن يبØØ« عمن ÙŠÙقلّÙÙ‡ ÙÙŠÙوته الوقت؛ Ùلما أشر٠بها على Øراس باب الجامعة الأكبر استصغروا Øجمه وسنه وزÙيَّه -وإن أربكتهم البطاقة على يمين زجاجها- وتوقÙوا ÙÙŠ شأنه Øتى يستأذنوا قائدهم، Ùطلبه، Ùجاءه، Ùعاتبه، ÙØ£ÙŽØْسَنَ Ø¥ÙعْتَابَهÙØŒ ÙنصØه، Ùذكر له أنه رأي أبيه أيضا، Ùأثنى له على أبيه ليقنعه بمراده، ثم اضطÙرَّ بما وجد من Øضور جوابه أن ÙŠØ³Ù…Ø Ù„Ù‡ØŒ على أَلَّا يعود! ولم يكن ÙŠÙريد أن يعود Ùقد رآه بها من أراد أن يراه، ثم ØÙŽÙ…ÙŽÙ„ÙŽ عليها ÙÙŠ إيابه من أراد أن ÙŠØمل، وقضي الأمر، واستوتْ بمأواها، ولكن بعد أن هبطتْ بمرتبته ÙÙŠ تخصّÙصه عما كانت قبلئذ، ولاتَ ساعةَ مَنْدَمÙ!
يا لَلْمÙسْكين!
أَغرَّه منها أنْ لم ÙŠØتَجْ ÙÙŠ اختبار القيادة إلا إليها؛ إذ اقتØÙ… بها Ù…Ùضمارَ الاختبار الضيق؛ Ùلم ÙŠÙكلّÙÙْه٠الشرطيّ٠غير أن يدور Ùيه قليلا، ثم جاءه يتودَّد إليه بالنجاØØŒ وقد أبى أبوه إلا أن يتعلمها ÙÙŠ مدرسة الوزارة على كثرة طلابها؛ Ùرزقه الله الأستاذ صÙوت المعلم المخلص الكريم العطوÙØŒ الذي كان يعلمه ثم يوصله إلى قريب من بيته!
ويغضب المصريون Øين تÙردّ٠عليهم خارج مصر رÙخَص٠قيادتهم، بما ÙØ§Ø Ù…Ù† عطن Ùسادها الآسن. ويقول قائلهم: يرÙضون تبديل رخصتي، وقد ذهبت٠Ùيها إلى الشرطي بمكتبه، Ùأجلسني، وأضاÙني، Ùلم أكد Ø£Ùكمل قهوتي Øتى جَهَّزَها لي معاونوه! يرÙضون تبديل رخصتي أنا!
ألا عَجَبًا أَيَّ عَجَبÙ!
(3)
ومن خصائصها المقيتة أنها كانت لا تصبر على شيء يصيبها، مهما كان هَيّÙنًا؛ Ùلابد أن تظل بريئة من كل سوء -وهي السوء٠نÙسه- Ùإذا صبرتْ سائر٠السيارات على الكÙسÙور والشّÙÙ‚Ùور والبÙÙ‚Ùور، وتَبَلَّغَتْ برÙقَع الألوان Øتى يتيسَّر طلاؤها- لم تصبر هي ولا على البÙØ«Ùور Øتى تÙعالج منها ÙÙŠ وقتها، وتÙطلى Ø·Ùلاءً Ù„Ùتَبْهَى بَهاءً، وهو خَطْبٌ Ù…ÙÙ‡Ùمٌّ Ù…ÙدْلَهÙمٌّ، لأن أكثر الطرق التي كانت تمر بها لا يتسع لها ولا يعبأ بها.
مرَّت بي ÙÙŠ شارع التØرير من ØÙŠ الدقي بالقاهرة وكانت Øديثة التجهيز، Ùإذا سيارة رÙيجاتا مسنونة الجانب تق٠Ùجأة من غير تنبيه، وتطعن كشاÙها بسن جانبها، ويخرج سائقها، Ùينادي سائق تاكسي أمامه: تَعالَ؛ أين تذهب! يريد أن يقنعني بأنه بريء مما Ùعلته بها سيارته، وأنه ذنب سائق التاكسي الذي ركن إلى اليمين لينزل ركابا ويØمل غيرهم، ثم انعط٠Ùجأة إلى اليسار. وهو صادق، ولكنه مقصر بإهمال Ø¥ØµÙ„Ø§Ø ÙƒØ´Ø§Ùات سيارته الخلÙية.
نزلت٠-وما كان Ø£Øراني ألا أنزل- Ùقد سَدَّت الطريق، وعَطَّلت الناس، ولم نجد من الشرطة من ÙŠÙصل ÙÙŠ الأمر، إلا Ø£Øد المتطوعين من المارة بكلمة من الØكمة العملية العالية: أنا رجل ÙƒÙÙْتَجÙيّ (متواضع المستوى)ØŒ أرى أن تستعيض ربنا وتتوكل عليه، لأنك على Øسب الظاهر صادم لا مصدوم! وتطوّع آخر بعدما اجتمع علينا شَعْب٠المكان: أنت -ما شاء الله!- رجل أعمال، لن يؤثر Ùيك ثمن كشاÙ! وتطوّع Ø£Øد ركاب التاكسي Ù†Ùسه بعدما ضَجÙرَ لتأخره عن عمله: لقد كنتَ مسرعا، والسرعة هنا عشرة كيلوات ÙÙŠ الساعة! Ùاضطررت أن Ø£Ø³Ø§Ù…Ø Ø³Ø§Ø¦Ù‚ التاكسي الذي لم يصدق Øتى أَكَّدْت٠له، ومضيت!
ومرّت بي ÙÙŠ طريق القاهرة الØر إلى الإسكندرية تنهب الأرض، Ùانتهت ولم تشبع، Ùإذا طريقٌ مَكروبٌ بشاØنة ضخمة من عن يسار، وبسكة القطار من عن يمين، وبØواجز إسمنتية ضخمة Ù…Ùاجئة من أمام، ضيَّقت بها الشرطة الطريق لتضطر السيارات إلى الإبطاء أمام كَمينها غير الكَمين -وكانت معي أسرتي كلها- Ùاجتهدت عَبَثًا أن أخÙ٠من سرعتها؛ Ùقد كان الطريق متربا ÙŠÙزَØْلÙقها مهما تمسكت به. ÙˆÙكّرت٠ÙÙŠ الإÙلات يمينا؛ ÙØ®Ùت الانقلاب عن مرتÙع سكة القطار- ثم ÙÙŠ الإÙلات يسارا أَسْبَقَ من الشاØنة؛ ÙØ®Ùت أن تدركني قبل Øواجز الشرطة Ùأضيع بينهما! ولم أجد خيرا من أن أصدم الØواجز! نعم؛ Ùأقبلت عليها مثلما يقبل الاستشهاديّون دون أن يعر٠شيئًا Ø£Øدٌ من أسرتي المشغولة داخلها بنÙسها! قالت أم براء لنÙسها: لماذا توقَّÙَتْ؟ ولم تدر أنها أطاØت بأØد Øواجز الشرطة مثلما تنقله شواØÙ† Øمله الضخمة من مكان إلى مكان، ÙˆÙتØت لنÙسها منÙذا، ثم توقÙت!
قيل: أصدمت الØاجز Øقا! وقيل: لو كانت غيرها لوجدت الØاجز على مقعدها الخلÙÙŠ! وقيل: اØمد الله على نجاتك أنت وأسرتك! وقيل: لهذا يصر بعض رجال الأعمال الجوالين على ألا يركب غيرها! وقيل، وقيل، وقيل،…ØŒ ولكنها لم تستمع لما قيل، وأطالت مكوثها عند معالجيها! Ùإن تكن Øقَّرتْ إليَّ الأموال الكثيرة، وجَرَّأَتْني على بَذْلها -وهذه مَنْقَبَتÙها اليتيمة- لقد عوَّدتني على غيابها، Øتى ÙارقتÙها غيرَ مشتاق٠إليها، ولا متمسك٠بها، ولا نادم٠عليها!
Ùلا ردَّها اللهÙØŒ أيّةَ شيطانة٠كانتْ!
-
Ù…Ùطعم الØمام
من Øيث نظرت إلى هذه الØمامة وجدتها Øزينة؛ مات هذا Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø Ø¬Ø§Ø±Ù†Ø§ من Ùوق٠بجزيرة الروضة...
-
مذياع
أوائل سبعينيات القرن الميلادي العشرين -ولأَكÙنْ ÙÙŠ السابعة مثلا- مررت ÙÙŠ قريتنا بشباك Ù…ÙØªÙˆØ ÙˆÙيه مذياع...
-
الكلمة
أول ما جالست Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر أستاذنا أستاذ الدنيا -رØمه الله، وطيب ثراه!- كنت أرتبك ارتباكا...
تعليق الدكتور سالم العريمي،
مدير مكتبة صور من Ù…ØاÙظة الشرقية العمانية:
“مقالة جميلة أصيلة أسيلة كصاØبتها الشبØ
Ùلئن تركتها غير نادم Ùلعل الله يبدلك واقعا خيرا منها ÙˆØقيقة أجمل منها بكثير.
ÙˆØ§Ù„Ø´Ø¨Ø Ø¨Ù‡Ø§ من الصÙات الكثير: قوة من غير ضع٠وشجاعة من غير خو٠ومكانة لا تخشى عليها الضيم والØÙŠÙ.
Ùليتك صابرتها وكنت لها كما قال Ùاروق جويدة لمØبوبته:
وأنا الوØيد٠أسير٠وØدي Ùوقَ خاطرة٠الرصيÙÙ’
والعيد٠والأشوات٠والظلّ٠الكثيÙÙ’
أنا دونك٠الشبØ٠المخيÙÙ’.
عوضك الله خير أستاذي ورزقك خيرا منها ووهبك مما جادت به صنائع بني الأصÙر من بدائع المركبات والسيارات”.