طرقات لهفان من وراء حفيف الصمت لطارق سليمان النعناعي

“اتَّقُوا دَعْوَةَ اللَّهْفَانِ”Ø›
صدق رسول الله،
صلى الله عليه، وسلم!

في هذا الكتاب غضب قديم عارم، وفيه أرق، وفيه قلق. مشاعر حولت حال صاحبها، وبلبلت باله؛ فذهب وجاء، وثار وهدأ، وصخب وصمت!
مشاعر عاشها وعاش بها وعاش لها؛ فاشتغل عن أن ينظر فيها، حتى ارتاح إلى حال حسنة جديدة طرأت عليه وتفيأ ظلالها الوارفة؛ فاستنفرها من مكامنها هناك بمسارب روحه، واستعاد عنفوانها؛ فكأنما عرفت له أخيرا ما عرفه لها أولا، فكافأته إخلاصا بإخلاص وصدقا بصدق؛ فنفرت ونشطت وقامت تنصره على خصوم ذكرياته.
وأكثر تلك المشاعر أزواج متضادة بينه وبين غيره حقيقة أو حُكما؛ إذ يستولي عليه أحيانا شعور لا يجد متنفسا، أو يعترضه أحيانا شعور لا يجد منفذا.
نعم؛ فمن الصنف الأول مطامح مثالية نفسية واجتماعية، يرجوها لنفسه وأهله وأمته، ولا يساعده عليها أحد. ومن الصنف الثاني دعوات خبيثة دنيئة، يُغرَى بها، ولا تجد منه قبولا ولا ارتياحا.
وبين هذه المشاعر وتلك نشأت معاناة صاحب هذا الكتاب، ونمت، وترددت، واستمرت؛ حتى تعقدت منها في وعيه الباطن عقد ثخينة، مثلما تَتجلَّط في مجرى دم المكروب جُلُطاته؛ فأقبل يحل كلا منها بقصيدة، مثلما يذيب الطبيب جُلُطات دم المكروب؛ فتحولت عنه إلى كتابه، حتى صار كحبل متسلق الجبل المرتب العُقد، كل قصيدة من ذاك ككل عقدة من هذا.
وكما يعتمد متسلق الجبل على عُقد حبله صعودا إلى القمة البعيدة، اعتمد صاحب هذا الكتاب على قصائده صعودا إلى الغاية السنية!
نعم؛ وهل أسنى من أن يعرف الإنسان نفسه فيعرف كل شيء!

مسقط
8/3/1438=8/12/2016

Related posts

Leave a Comment