تعدد المبتدآت

السلام عليكم:
قال عباس حسن في النحو الوافي: ((قد يتعدد المبتدأ، وأكثر ما يكون ذلك في صورتين: يحسَن عدم القياس عليهما في الأساليب الأدبية والعلمية التي تقتضي وضوحًا ودقة؛ لأنهما صورتان فيهما تكلف ظاهر، وثقل جليّ. وقيل إنهما موضوعتان فلا يصح القياس عليهما.
الأولى: صالح، محمود، هند، مكرمته من أجله، حيث تعددت المبتدءات متوالية، مع خلو كل منها من إضافته لضمير ما قبله. ثم جاءت الروابط كلها متوالية بعد خبر المبتدأ الأخير. ولإرجاع كل ضمير إلى المبتدأ الذي يناسبه نتبع ما يأتي:
1- أن يكون أول خبر لآخر مبتدأ، ويكون الضمير البارز في هذا الخبر راجعًا إلى أقرب مبتدأ قبل ذلك المبتدأ الذي أُخبر عنه بأول خبر.
2- ثم يكون الضمير البارز الثاني للمبتدأ الذي قبل ذلك. وهكذا … فترُتب الضمائر مع المبتدءات ترتيبًا عكسيًّا. ففي المثال السابق نعرب كلمة “مكرمته” خبرًا عن “هند”ØŒ والضمير الذي في آخر: “مكرمته” وهو الهاء يعود إلى: “محمود”ØŒ والضمير الذي في آخر: “مكرمته” وهو الهاء يعود إلى: “محمود”ØŒ والضمير الذي في آخر: “أجله”ØŒ وهو: الهاء أيضًا يعود إلى: “صالح”ØŒ ويكون المراد: محمود هند مكرمته من أجل صالح، أو: هند مكرمة محمود من أجل صالح. وذلك بوضع الاسم الظاهر مكان الضمير العائد إليه.
الثانية: في مثل محمد، عمه، خاله، أخوه قائم، حيث تعددت المبتدءات وكان الأول منها مجردًا من إضافته للضمير. أما كل مبتدأ آخر فمضاف إلى ضمير المبتدأ الذي قبله. فمعنى الجملة السابقة، أخو خال عم محمد – قائم – فنضع مكان كل ضمير الاسم الظاهر الذي يفسر ذلك الضمير العائد عليه.
وفي الأمثلة السابقة للصورتين ما ينهض دليلاً على أن استعمال هذه الأساليب معيب، والفرار منها مطلوب)).
أسئلتي:
أ- لماذا تعرَّض للمبتدأ الذي تعدد ثلاث مرات فأكثر ولم يتعرض للمبتدأ الذي يتعدد مرتين فقط، نحو: (زيد أبوه قائم) رغم أنَّ هذه الصورة (أي تعدد مبتدأين هي المشهورة)؟
ب- كما تلاحظون أنَّ عباس حسن يقول: (مع خلو كل منها من إضافته لضمير ما قبله) لكن ماذا نقول في نحو: زيد أَبوهُ غُلَامه منطلق، فـ(زيد) مُبْتَدأ أول، وَ(أَبوهُ) مُبْتَدأ ثَان، وَ(غُلَامه) مُبْتَدأ ثَالِث، و(منطلق) خبر الْمُبْتَدَأ الثَّالِث، والمبتدأ الثَّالِث وَخَبره خبر الْمُبْتَدَأ الثَّانِي. فكما ترون أنَّ المبتدأ الثاني والثالث لم يُجرد من ضمير ما قبله كما قال عباس حسن. أرجو توضيح ذلك.
ج- أيضًا تعدد ثلاث مبتدآت كما في مثالنا : (زيد أَبوهُ غُلَامه منطلق) موجودة بكثرة في كلام العرب، فكيف يقول: يحسَن عدم القياس عليهما في الأساليب الأدبية والعلمية؟
لا بدَّ أنَّ الأمر لم يتضح لي فأرجو منكم توضيحه.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
حيا الله السائل الكريم، وأحيانا به!
لم يتعرض الأستاذ عباس حسن لصورة التعدد بمبتدأين؛ لأن التعدد بمبتدأين شائع في الأساليب الأدبية والعلمية، وهو إنما أراد الحديث عما يستكره القياس عليه فذكر لذلك صورتين يراهما من التعدد الذي ينبغي تجنبهما في الأساليب الأدبية والعلمية وهما من التعدد بثلاثة مبتدآت، وهو مصيب في ذلك.
وأما تمييز المضاف إلى ضميرٍ من غير المضاف فلا شيء فيه؛ فقد مثَّل الأستاذ عباس حسن فكرته بهذين المثلين:
1= صالح، محمود، هند، مكرمته من أجله،
2= محمد، عمه، خاله، أخوه قائم،
خلت مبتدآت المثال الأول من الإضافة إلى الضمائر، دون مبتدآت المثال الثاني التي اقترنت بها دون مبتدئها الأول، ولم تكن له من حيلة إلا أن يُخلِيه؛ لأنه لا شيء قبله ليعود إليه.
ومثالك “زيد أَبوهُ غُلَامه منطلق”ØŒ مثل مثاله الثاني، وإن نقص منه مبتدأ!
فأما دعواك أن أمثلة تعديد المبتدآت على مثل ما مثَّل الأستاذ عباس حسن، كثيرة في كلام العرب، فمحتاجة إلى شواهد، ولا أرى ما ترى، بل هو من الإلباس القبيح بالعربي المبين.
والله أعلى وأعلم،
والسلام!

Related posts

Leave a Comment