سر رفع اسم الجلالة في عبارة التوحيد

مسألة مهمة وعزيزة:
لم يرد في القرآن الكريم لفظ الجلالة (الله) في جملة (لا إله إلا الله) بالنصب – مع أن هذا الأسلوب هو من الاستثناء التامّ المنفي الذي يجوز في النصب على الاستثناء ويجوز في الإتباع والبدلية وهو الراجح – حيث وردت كلمة التوحيد صريحة في موضعين هما:
{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون}[الصافات: 35]
وقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ..}[محمد: 19]
ووردت في بقية المواقع بضمير الرفع (هو) أي: (لا إله إلا هو) ، لا بضمير النصب (إيّاه).
فهل في ذلك نكتة أو فائدة.. بارك الله فيكم.

نعم -بارك الله فيك!- يجوز في اسم الجلالة هنا النصب على الاستثناء والرفع على البدلية. ولا يمتنع أن يكون في القراء على كثرتهم من يقرؤه منصوبا على هذا الاستثناء، لولا أن الرفع على البدلية استولى على غاية البلاغة، من حيث انفرد بمعنى القصر المراد بهذا الأصل الإيماني.
نعم، عند الرفع يعرب بدلا من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، ولكن البدل في العربية هو المراد بالتعبير، وما المبدل منه غير تمهيد له، ثم المبدل منه محذوف مقدر؛ فلم يبق في التعبير غير اسم الجلالة المرفوع، ليستقيم فهم القصر، على حين يستقل النصب بمعنى الاستثناء.
والحمد لله رب العالمين!

سألت شيخنا أحمد حسين علم الدين عن القراءات التي فيها نصب لفظ الجلالة في جملة التوحيد، وهذا جوابه: “لم يقرأ بها أحد من العشر”!

أحسن إليك وإلى شيخك! هاك بعض ما يُستأنس به لما زعمتُ: “قَالَ تَعَالَى لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ: مِنْ زَائِدَةٌ، ÙˆÙŽ إِلَهٌ مُبْتَدَأٌ، وَلَكُمْ الْخَبَرُ. وَقِيلَ: الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ فِي الْوُجُودِ، وَلَكُمْ تَخْصِيصٌ وَتَبْيِينٌ. وَغَيْرُهُ بِالرَّفْعِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ صِفَةٌ لِإِلَهٍ عَلَى الْمَوْضِعِ، وَالثَّانِي هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْمَوْضِعِ، مِثْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَبِالْجَرِّ صِفَةً عَلَى اللَّفْظِ”ØŒ العكبري في التبيان: 1/577.

Related posts

Leave a Comment