أم الكبائر

“أجيالنا القريبة السابقة كانت تؤمن أن الخمر أم الكبائر: إذا ذاع عن رجل أنه شربها سقطت كرامته ورُفضت شهادته وربما طُلقت منه امرأته؛ فلا عجب أن لم يجرؤ واحد من أهل البلد على فتح خمارة. ثم استشْرتْ الامتيازات الأجنبية وتبعها الاحتلال البريطاني، فتمشت الخمامير من العواصم إلى مدننا الصغيرة وقرانا الكبيرة، يملكها أجانب، وتجذب الناس أيضا بإعداد وجبات نظيفة وقهوة طيبة وأنس سفور زوجة أو ابنة. وانقلب صاحبها أغلب الأمر إلى مُرَابٍ يعرف أسرار العائلات، يُقرض بخراب البيوت الفلاحَ المعذور عند الدودة أو الجمع، والأعيانَ غير المعذورين ليمد لهم حبل الفساد وتخرج أملاكهم من أيديهم له أو لنفر من شيعته، وإن تستروا وراء بنك من البنوك. وتمشت الخمر أيضا تحت اللواءين السابقين من الخمامير إلى بيوت الأعيان”!


يحيى حقي (1413=1992).

Related posts

Leave a Comment