الأستاذ الدكتور محمد عوني عبد الرءوف (سبتمبر 1929- مايو 2020م) ليس نعيا بل برا ووفاء، للدكتورة هالة القاضي

للمرة الثانية يموت أبي هذا العام، وبين موته وموته أربعة أشهر فقط!
صحيح أنه موت جسدي فقط؛ لأن كليهما سيظل حيًّا في نفوس أحبابه بشخصه، وسيظل باقيًا بأعماله ومنجزاته العلمية والإنسانية. لكن الأيام ستفقد قيمتها وتصبح بلا روح!
فقد كانت أيامي في حياة أستاذي الحبيب دكتور/ عوني، كلها روح وإنجاز وأمل وطموح، وبدأت تلك الأيام منذ أن سمح لي أن أكون تلميذةً مقربةً مما يقرب من عشر سنوات، وكان قد تجاوز الثمانين من عمره المديد، ووجودي بقربه كان له بالغ الأثر في نفسي وكثير من الطرق التي سلكتها.
تلك الأيام تطاردني أحداثها الكثيرة منذ نبأ وفاته، وتلاحقني حتى في المنام، وسأحرص على أن أدونها كاملةً يومًا ما.
وهذه لمحات منها:[بداية] كانت أول معرفتي الحقيقية به عندما درَّس لي في مرحلة الدراسات التمهيدية بالألسن لمدة عامين من 2009 إلى 2011ØŒ ومما بهرني به أستاذًا طريقة تدريسه المختلفة التي تعتمد على البحث العلمي، وأذكر أنه كان يجهِّز للمحاضرة عددًا من الكتب يوزعها على الطلاب؛ ليقرأ كل طالب كتابه ويعرضه في المحاضرة التالية مستعينًا ببعض المراجع الأخرى للموضوع نفسه، كما كان يطرح موضوعات مختلفة ليتركنا نبحث عنها بأنفسنا ونجيب في المحاضرات التالية. وأذكر له أيضًا عندما درَّس لنا مقرر (الترجمة) أنه كان يصر على ألَّا نعتمد على كتابه (تاريخ الترجمة العربية) وحده، وكان يعطينا كتبًا أخرى من مكتبته العامرة عن الترجمة لنقرأها، كما أنه أسند إلى كل طالب ترجمة كتاب من لغته الثانية إلى العربية، وأعطى لزميلتي كتابين (ألماني وإنجليزي) ولم يجد لديه كتابًا باللغة الإيطالية لي؛ فضحك قائلًا “لقد تعلمتُ لغاتٍ كثيرة لكن الإيطالية لم تمر عليّ”ØŒ وأرسلني إلى زميله بقسم اللغة الإيطالية لينصحني بكتاب. كان- رحمه الله- يؤمن بأن البحث والتطبيق العملي وسيلة مثلى للتعلُّم. ولا أنسى له أبدًا حنوه ورفقه بي مراعاة لظروفي الصحية والنفسية في السنة التمهيدية الثانية عندما فقدتُ أمي وصرت أمشي بعكاز لمدة عام.

[الماجستير] بدأت تلمذتي له تأخذ شكلًا أعمق عندما رحَّب بالإشراف عليّ بالماجستير أواخر عام 2011Ù…ØŒ ولا أنسى ذاك اللقاء الأول معه في قاعة مجلس الكلية حول رسالة الماجستير الذي كان برعاية من أستاذتي الدكتورة/ إيمان السعيد، فكان سعيدًا جدًّا بأنني أقترح التسجيل في (تحقيق النصوص)ØŒ وسألني: “قريتي إيه؟”ØŒ فأجبت إجابات شابها أخطاء لإدراكي الضعيف آنذاك بالموضوع، فأملى عليّ عددًا من الكتب له ولغيره لأقرأها أولًا، ونصحني أن أبحث أكثر قبل أن نحدد اسم الموضوع ومنهجه. ومن هنا بدأت رحلتي مع الاستشراق وتحقيق النصوص برعاية أستاذي الذي كان سعيدًا جدًّا بأول رسالة في كلية الألسن موضوعها الاستشراق والتحقيق بإشرافه ورعايته بعد أن كان منجزه عامرًا بأعمال المجالين، فهو الأستاذ الوحيد بكلية الألسن الذي سمعنا بمحاضراته عن كلا المجالَيْن، وهو الأستاذ الذي كانت أعماله في المجالين مستمرة حتى ذاك الوقت وبعده. ولا أنسى الملزمة الأولى التي أحضرتُها له من رسالة الماجستير التي قرأها بعناية شديدة وكانت تعليقاته عليها قاسية قليلًا لم أعتد عليها؛ لكنني تعلمتُ منها الكثير لضبط المنهج، ومن وقتها صارت تعليقاته إيجابية على أوراقي وأفكاري، وصار الأستاذ يطمئِن إلى تلميذته!

[المكتبة] بعد رحلة الماجستير بدأت رحلة مع الأستاذ من نوع آخر، ففي عام 2014م إثر مناقشة الماجستير وقبل التسجيل للدكتوراه بإشرافه أيضًا- صرتُ أذهب إلى الأستاذ في مكتبه؛ لأرى مكتبته العامرة وما يمكنني أن أساعد فيه هذا العالم الذي ما زال عاكفًا على التأليف وإنجاز الكتب. وبرغبة منه تطوعتُ لفهرسة مكتبته الضخمة التي كانت تعاني من عدم التنظيم، وصرتُ أذهب إلى أستاذي أسبوعيًّا (يوم الثلاثاء) للعمل في المكتبة من التاسعة صباحًا حتى الواحدة، ولمدة عام كامل استطعتُ أن أفهرس المكتبة العربية من جديد؛ أمسكتُ كلَّ كتاب فيها بيدي، وكتبتُ اسم كل كتاب بخط يدي، وصاحبتُ كل رفٍّ ودولاب صحبة طويلة، وتنفستُ من رائحة الكتب العتيقة؛ حتى بتُّ أعرف هذه المكتبة جيدًا؛ فهذا دولاب الأصدقاء، وذلك دولاب اللغة، وذاك دولاب الاستشراق… إلخ! كنتُ أقف على أعلى درجات السلم لأصل إلى أعلى رفٍّ فيها، وأفترش الأرض لأصف الكتب في أعماق أسفل دولاب.
ومما لا أنساه ذلك المشهد البعيد؛ عندما كنت أقف على أعلى درجات السلم أكتب أسماء الكتب وأصفها، وأستاذي يجلس على كرسيه المفضل يكتب ويقرأ، وإذا به يقول لي: “أنت هتتعلمي كويس يا هالة”ØŒ فقلتُ له: “لماذا؟”ØŒ فقال: “لأن أنا اتعلمت كدة في أول حياتي كنت أذهب إلى المكتبة عندما كنت في ألمانيا وأتصفح الكتب واحدًا واحدًا من أعلى المكتبة إلى أسفلها”ØŒ فقلتُ لنفسي: “يا رتني بس أكون واحد على ألف من هذا العالم”.
وهذا مشهد آخر كنتُ أفترش فيه الأرض لأفهرس دولاب الأصدقاء، وكان قريبًا من مجلس أستاذي، فعندما رآني تذكر صديقًا منهم وحكى لي عنه بعض القصص، وأمسك بهاتفه ليتصل به ويطمئن عليه. وقد سمعتُ منه عشرات القصص والأحداث كانت تحضره حين أسأله عن تصنيف بعض الكتب ومحتوايتها.
وفي الوقت الذي كنتُ فيه بين الكتب والأرفف كان أستاذي يجلس بكل عزيمة ودأب للقراءة أو الكتابة، كان يجلس لمدة ثلاث أو أربع ساعات دون كلل أو ملل، وكنتُ أتعجب من عزيمته وهمته وإصراره على الإنجاز بهذا العمر، فكان العمل بالنسبة إليه هو الماء والهواء، وظل هكذا ولله الحمد إلى قبل وفاته بيوم واحد رحمه الله.
وأثناء هذا اليوم الطويل من العمل كانت هناك أمور بسيطة محفورة بنفسي؛ منها هذا الفطور الذي كنا نأكله معًا أمام التلفاز وسط المكتبة، وكوب النسكافيه الذي كنتُ أصنعه لأستاذي بنفسي بعد الفطور ليشربه أثناء العمل، وآخر لي أشربه بين أرفف المكتبة، وصوت ذلك المسلسل القديم في الخلفية الذي كنا لا نتابع منه شيئًا! وغيرها من التفاصيل التي قربتني من أستاذي وجعلت هذا المكتب بمكتبته العامرة جزءًا مني، فقد أحببتُ هذه المكتبة جدًّا حبًّا لأستاذي وبرًّا به، وكنتُ أسمي اليوم الذي أذهب فيه إليه بـ (الثلاثاء العظيم).

[الكتب] أثناء عملي بالمكتبة 2014م بدأتُ أعمل مع أستاذي في مراجعة كتبه وتجهيزها للطباعة، فتفضل عليّ أستاذي مشكورًا بإسناد هذه الأعمال لي؛ فإذا بي أكتسب مهارات جديدة في صف الكتب والتجهيز الفني بالإضافة إلى طريقة المراجعة العلمية والتدقيق والإفادة من موضوعات الاستشراق والترجمة والتحقيق، بدأتُ بمراجعة الطبعة الثانية من (تأريخ الحكماء للقفطي) 2014م، ثم الجزء الثالث من كتاب (جهود المستشرقين في التراث العربي) 2015م، ثم (يوميات جولدتسيهر الشرقية) 2015م، ثم (يوميات جولدتسيهر الكاملة) 2016م، ثم مقدمة الطبعة الثانية من (الفهرست لابن النديم) 2017م، ثم (الملل والنحل للشهرستاني) 2018م. ثم الطبعة الثانية من (الله ليس كمثله شيء لزيجريد هونكه) 2019م، وأخيرًا الجزء الرابع من (جهود المستشرقين في التراث العربي) الذي منحني أستاذي وأستاذتي الدكتورة/ إيمان شرف المشاركة فيه تأليفًا وتقديمًا، وقد اكتمل هذا الكتاب وشاهده أستاذي كاملًا بين يديه وكنا بصدد طبعه في الشهور القادمة لتوقف حركة الطباعة في هذه الآونة، وهو بعض الأمانة التي أحملها في عنقي له وسأعمل على خروجه إلى النور إن شاء الله قريبًا لتفرح روحه كما كان يفرح في حياته بكل منجز جديد. فقد كان حرص أستاذي دكتور/ عوني على إنجاز الكتب والأبحاث العلمية هدفًا أساسيًّا وبغية مستمرة، وكنت أحرص مع أستاذتي الدكتورة/ إيمان على سرعة إنجاز هذه الأعمال كي يدخل السرور على قلبه وتظل عزيمته قوية، وأشهد أن أستاذي كان أكثر عزيمة مني، وكنتُ أشعر بالخجل أمام إنجازه الذي كنتُ لا أستطيع لحاقه لصفه ومراجعته وتجهيزه.

[الدكتوراه] كان إشرافه عليّ في الدكتوراه نقطة تميز لم يحظ بها كثيرون في ذلك الوقت من عمر أستاذي الفاضل، فسجلتُ درجة الدكتوراه في أواخر 2014م، وحضر بنفسه سمينار التسجيل رغم أن مكانه صار بعيدًا عن مكتبه والذهاب شاق عليه، لكنني أصررتُ على حضوره؛ لأن وجوده أهم من التسجيل نفسه! وبدعمه وإلهامه سُجِّلت أول رسالة علمية في الألسن في تحقيق نص ودراسته، وأفخر أنني تلميذته الوحيدة التي حققت له هذا الحلم بين تلاميذه الذين ينتمون لأجيال مختلفة.
وكانت المناقشة في مارس 2019Ù… ذلك اليوم الذي ما كان ليكتمل إلا بوجوده، فقد كان وقتها يخرج من المنزل في حدود ضيقة، ويذهب إلى الكلية في أوقات متباعدة، ولم يعد يحضر مناقاشات لبُعد قاعة المناقشات عن المصعد وعلوها، لكن وجوده حياة ولا معنى لأي شيء من دونه! قلتُ له صادقةً: “مش هناقش لو حضرتك مش موجود”ØŒ وفكرنا في تغيير مكان قاعة المناقشة لتكون قريبة من المصعد، وتمت المناقشة بالفعل- بعد موافقات ومحادثات ومناقشات- في قاعة مجاورة لمكتبه لم يعنني أنها كانت غير مناسبة تمامًا، وحضر أستاذي الجليل المناقشة، وكان وجوده حدثًا جللًا أسعدني وأسعد كل أساتذتي وأصدقائي وزملائي الذين لم يروه مشرقًا منذ سنوات رئيسًا لجلسات المناقشات ومتحدثًا عن العلم وأهله. أظنه كان ذهابه الأخير إلى كلية الألسن!

[الصحبة] نشأت صحبة هادئة بيني وبين أستاذي، فهو العالم الهادئ البسيط الراقي المحترم جدًّا، فاقتربت منه كثيرًا منذ 2014Ù…ØŒ وأصبح بالنسبة إليّ أبًا ثانيًا، وبات الذهاب إليه جزءًا من حياتي، وظل ذهابي إليه لا ينقطع حتى بعد إنهاء فهرسة المكتبة العربية، ولا يمر شهر دون الذهاب إليه، ولم يمنعني عنه إلا أمر شديد كمرض والدي، أو العمل المعطل في رسالة الدكتوراه مثلًا الذي كان يشجعني عليه ويقول: “أشوفك لما تخلصي الجزء ده”.
وفي 2016Ù… كان لي شرف المشاركة في تكريمه بالمجلس الأعلى للثقافة، وقال لي أستاذي وقتها: “اتكلمي أنت عن التحقيق لأنك شغالة فيه”ØŒ فأنجزتُ بحثًا خاصًّا عن منجز أستاذي في تحقيق النصوص ونقدها لا سيما نقد أعمال المستشرقين، وكنتُ أسعد المشاركين؛ لأنني كنتُ حزينة لأنني لم أشارك في الكتاب التذكاري لأستاذي الذي صدر في عام 2008Ù…ØŒ فها هي الفرصة كي أعبر فيها عن جزء من حق أستاذي عليّ! ولا أنسى سعادته بهذا البحث حين قرأه وكأنه يمسك مولودًا بين يديه، ولا أستطيع أن أصف سعادتي لساعدته وإحساسي به أبًا وأستاذًا!
وبعد هذا التكريم مباشرة الذي تحيطه حكايات كثيرة- لا يتسع المقام لها- مرض أستاذي مرضًا شديدًا ألزمه المنزل مدة طويلة قرابة العامين، وخلال هذه الفترة ظللتُ أذهب إليه أسبوعيًّا لأقرأ له ما يريد من كتب حتى لا ينقطع عن العمل العلمي، وأذكر أننا قرأنا كتاب (دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي) كاملًا وتناقشنا فيه، وكان يُعلِّق عليه تعليقات كثيرة لم أكتبها ولكنها عالقة في ذهني، كما قرأتُ له أجزاء من بعض الكتب التي كانت تصدر حديثًا وأحضرها له أو تأتي إليه من تلاميذه وأصدقائه، كما قرأتُ له فصولًا من كتاب الخصائص لابن جني وغيره من المصنفات المشابهة؛ لأنه كان يجهز وقتها بحثه عن الخليل بن أحمد ودراساته عن كتاب الملل والنحل. ثم بدأ يتعافى شيئًا فشيئًا حتى أصبح يجلس للكتابة، وأعد لذلك منضدة جديدة مناسبة للعمل وهيئته في الجلوس، وبدأ يكتب من جديد، وأنجز بحث الخليل بن أحمد، وأكمل دراسته لكتاب الملل والنحل، ثم بدأ يعود مرة أخرى إلى مكتبه، واستمررنا في العمل وإصدار الكتب.

[أبوة] كنتُ على اتصال دائم بأستاذي، فلم أنقطع عنه ولم ينقطع عني، فإذا غبتُ عنه لفترة ولم أظهر، يتصل بي ويسأل عن أحوالي دون أن يطلب شيئًا، كان الأهم عنده أن أكون بخير وأهلي بخير وعملي بخير، وكان حريصًا على السؤال على ابنتي ورؤيتها، وكانت تصحبني لرؤيته عندما يطلب أن يراها، وكان يجهز لها هدايا مميزة، وكانت هي ترسم له رسومات تهديه إياها (هناك رسمة لها يحتفظ بها بين أوراقه القريبة). كما كنتُ أشعر بحزنه لأجلي عندما كنتُ أتعثر في إيجاد عمل مناسب، كان يريد أن يساعدني بأي شكل ويفعل ما بوسعه، وكان يقول لي عندما ينغلق الأمر: “معلش أنا أصلي دلوقتلي مبقتش أعرف حد زي زمان ناس كتير رحلت”ØŒ وكان يقص عليّ ما كان يفعله قديمًا لمساعدة تلاميذه عندما كان على رأس العمل الإداري في أماكن عدة، وكنت أقول له: “زي ما حضرتك ساعدت الناس ربنا هيكرمك في تلاميذك ويسخر لهم حد يساعدهم”ØŒ وقد كان! فبعد معاناة لسنوات أكرمني الله بالتعيين في الجامعة، وكان أشد الناس فرحًا لي، وكان ذلك بعد وفاة والدي بأيام، فعوضتني فرحته عن فرحة والدي كثيرًا.
رأيته آخر مرة في شهر فبراير الماضي بعد وفاة والدي بشهر تقريبًا، وقال لي: “كلنا هنمشي”ØŒ فقلت: “ربنا يبارك في عمر حضرتك مليش غيرك”ØŒ وبعد هذه الزيارة مرضتُ مرضًا شديدًا (بكتريا الدم) لم يكن بوسعي الذهاب إلا للعمل، وعندما شفيت بدأت جائحة كورونا، وكنت أخشى الذهاب إلى أستاذي حتى لا يصيبه مكروه، وكانت الزيارة الأخيرة مفعمة بالعمل والمناقشات، وبعض الأكل والشراب الطيب. لو كنتُ أعلم أنها آخر زيارة ما كنتُ رحلت!

[أمانة] كان أستاذي يعمل كثيرًا في الشهور الأخيرة، ويخبرني بما كتبه وما يريد أن يكتبه، وآخر ما كتبه ولم يكتمل: مقدمة لطبعة جديدة لكتاب المستشرقين الألمان لصلاح الدين المنجد (في طور المراجعة والتجهيز)، وكتاب عن الإمام محمد عبده عكف عليه منذ عام تقريبًا، وأنجز فيه قدرًا كبيرًا، وآخر ما كتبه كان ليلة وفاته! بالإضافة إلى الجزء الرابع من سلسلة (جهود المستشرقين في التراث العربي بين التحقيق والترجمة) الذي أنجزناه وكنا نستعد لطباعته.
وإنجاز هذه الأعمال المعلقة واكتمالها أمانة لدي ولدى أستاذتي الدكتورة/ إيمان السعيد التي كانت أقرب التلاميذ إلى أستاذنا وأحبهم إليه وأكثرهم إخلاصًا ووفاءً إليه، وهي صاحبة الفضل في هذه العلاقة الطيبة التي ربطتني بأستاذي الجليل، وقد كانت حاضرة في كل المشاهد التي رويتها بيني وبين أستاذي دائمًا، وما رأيتُه منها من وفاء تجاه أستاذها كان مُلْهِمًا ومُعَلِّمًا لي ولكل تلميذ يريد أن يتعلم الإخلاص والوفاء.
هذه لمحات بسيطة من عشر سنوات مَنَّ الله بها عليَّ أن أكون فيها تلميذة لهذا الأستاذ الفريد والعالم الجليل الهادئ البسيط الخلوق الكريم قوي العزيمة عفيف اللسان ذي الهيبة، وصاحبته عن قرب في آخر سنوات حياته التي كانت بالنسبة إليَّ عمرًا كاملًا، فالعمر ليس بعدد السنين وإنما بما نعيشه ويعيشنا ويضيف إلينا ولمن حولنا.
أستاذي وأبي اطمئن! كل الأمور ستسير كما كنت تحب وترضى بإذن الله، الكتب ستكتمل وتطبع، الإنجاز سيظل مستمرًا، اسمك سيظل مضيئًا في سماء العلم، ستكون حاضرًا معي في كل المشاهد وكل المحافل، سأظل فخورةً بأنني تلميذة الأستاذ الدكتور/ محمد عوني عبد الرءوف!
اللهم ارحم أستاذي واعف عنه واغفر له وثقل موازينه والحقنا به على خير!
إنا لله وإنا إليه راجعون!

الصورة من تكريم أستاذي بالمجلس الأعلى للثقافة يناير 2016م.

Related posts

2 Thoughts to “الأستاذ الدكتور محمد عوني عبد الرءوف (سبتمبر 1929- مايو 2020Ù…) ليس نعيا بل برا ووفاء، للدكتورة هالة القاضي”

  1. loaay

    رحم الله العالم الجليل، والمربي العظيم!
    ما أجمل أن تتخلل العلاقة بين الأستاذ والتلميذ كل مناحي الحياة!
    فيؤثر فيه ويوقد فيه جذوة العلم ، وينصحه ويقومه، ويوقفه على قدمه إن تخطفته الهموم المشغلة، ولم لا؟ وهي علاقة لا تقل عن أواصر الدم والرحم.
    أطال الله عمركم ونفع بكم وأحسن إليكم ورزقكم اليقين والإخلاص والثبات على الحق ولا حرمنا نصحكم وإرشادكم ، فو الله نعم الوالد والناصح أنت يا أستاذنا.

  2. تعليق الدكتورة هالة القاضي:
    “وعليكم السلام والرحمة والبركة أستاذنا العالم الدكتور محمد جمال صقر..
    هذا شرف كبير أن أحظى بنشركم لمقالي بموقعكم المميز..
    شرفت بأن أكون تلميذتكم بإحدى محاضرات دورات معهد المخطوطات عام ٢٠١٢.. وأتابع سيادتكم دائما عبر صفحتكم وموقعكم..
    زادكم الله علما ونفع بكم.. خالص تحياتي وتقديري..”.

Leave a Comment