خور البطح وصراع المتنفذين

خور البطح وصراع المتنفذين
لعلي بن حمد الفارسي
سأل الشيخ منصور بن ناصر المجعلي الشايب علي ود خميس مرة وهما يجلسان على شاطئ راسيا بجزيرة مصيرة والهبوب في وقتها شمال عاصف(ضربة الأحيمر)بحكم خبرته في الأرياح: “وين ذرى الأحيمر”ØŸ
رد عليه الشايب متعجبا ومستنكرا: “منصور ذرى الأحيمر في ديمان مسيد ود تباع ومصيرة ما تذري يا منصور”.
قاصدا بذلك الجهة الجنوبية من خور البطح.رحل الشايب علي ود خميس وقد خلف لأولاده ومن معهم من أهالي صور إرثا بحريا مجيدا وتاريخا زاهرا وذكريات راسخة عن خور البطح هذا المسطح المائي والتشكيل الجغرافي البديع الذي احتضن آلالف السفن الصغيرة والكبيرة في وقت الرياح والسكينة.

وقامت على ضفتيه أو سيفتيه صناعة رائدة في ذلك الزمن أو وشار تصنع أو توشر فيه سفن جابت أعالي البحار وأعظمها.
في هذا المكان الفريد في تكونه والمتفرد بمنظره نشأت ذاكرة مكانية وأخرى تاريخية زمانية.
فبنيت منازل من طين وخشب وأخرى من طوب وإسمنت وتبودلت على طرفيه التجارة والعلاقات الأخوية والأسرية.
هذا المكان الطبيعي أو خور البطح هو ذاكرة الولاية الأولى ورئة صور ومتنفسها وأي تشويه له يعد جريمة لا تغتفر في حق أمة لاتنسى ماضيها بسهولة.
وما يحدث الآن من صراع المتنفذين على أطراف الخور إنما هو تجن وجناية، لا يقبلها كثير من الناس في صور.
فلا يرضى الأعزة منهم أن يصبح الخور ساحة معركة أو مكان مزاعرة بين التجار المتنفذين لبناء مواقف سيارات هنا أو مجالس وجاهة هناك.
وليس لأحد كان من كان ومهما بلغت ثروته ووجاهته حق تشويه مكان ارتبط بذاكرة الناس وأصبح جزءا من وجدانهم المكاني والزماني.
فهذا الخور خور البطح مكان مصان اعتباريا وقانونيا وليس مقاطعة أو إقطاعية يملكها فلان أو يحكمها علان.
وتلك الممارسات على أطراف الخور من عمليات البناء أو الطمر إنما هي مخالفة صريحة لقوانين ومراسيم سامية أقرها السلطان وهو رجل يعرف قيمة الأخوار الطبيعية ويثبت حرمتها البيئية والتاريخية.
سأكتب هذا المقال وغيره وأنا أعلم أن هذه الصرخات والمقالات ستذهب أدراج الرياح والأزيب كما ذهبت مقالات قبلها. ولسان حالي يقول كما قال الشاعر في خور البطح:

“همس لي والحزن يطفو على سطحه
وعلى رملة شواطينا نكس راســـه

يخبرني عن همومه وكبر جرحــه
وبدأ يسأل عن الماضي ورماســـه

سألني عن وشار العز في بطحــه
يقول أنه فقد صوته وفقد ناســـــه”

فقد ناسه خور البطح فأصبح مزرعة للمتنفذين وأصبح حوضا  “ما يذري من ضربة الأحيمر”.

Related posts

Leave a Comment