الحضانات في عُمان .. والمتاجرة  الرخيصة بأبنائنا

الحضانات في عُمان .. والمتاجرة  الرخيصة بأبنائنا
لعلي بن حمد الفارسي

بعد بحث دقيق في المنطقة المجاورة من شقتنا الصغيرة على شارع أو جادة سانشيث، وجدنا أنا وصديقي العماني أبو محمد حضانة اسمها summa، حضانة جميلة راقية كحال الحضانات الأخرى في إسبانيا، قبل أن نسجل ابني حمد في هذه الحضانة الجديدة ألقينا نظرة فاحصة على المكان والوجوه وكل التفاصيل الصغيرة، ونحن ندقق النظر في المبنى إعجابا وارتياحا قال أبو محمد مقولةً مليئة بالحسرة والألم، والله يتاجرون بأبنائنا في عُمان.

فالمبنى مجهز تجهيزا آمنا والأرض مفروشة بمادة بلاستيكية تحمي من الانزلاق أو الارتطام بالأرض في حالة سقوط الأطفال في خطواتهم الأولى وهي كثيرة تلك الحالات، وكذلك الجدران محمية بهذه المادة لارتفاع متر أو أكثر، وكذلك الأبواب في الأجزاء الحادة منها توجد مادة مطاطية تحمي الأطفال من التعرض لمثل حالات قرط الأصابع، والألعاب كلها مهيأة لسنوات الأطفال وأعمارهم المختلفة فلكل فئة لها ألعاب صحية آمنة خاصة، وكذلك المبنى مجهز بأحدث أدوات السلامة والملصقات الممتعة والصور الفوتوغرافية الجميلة التي تبعث السرور في قلوب هؤلاء الصغار.

بالإضافة إلى ملاعب صغيرة مفتوحة على الهواء الطلق ولها نظام حماية خاص أيضا، أما غرف النوم والغداء فهي موضوعة على أحجام هؤلاء الأطفال ومازالت صورة تلك الكراسي الخشبية الجميلة عالقةً بذهني وودت لو أحمل منها واحدا على الأقل إلى عمان اضعه لابني    -وهو يأكل- ذكرى رائعة من الزمن الجميل!

هذا عن المكان والأشياء الصغيرة أما (المربيات) فنعم المربيات ونعم المعلمات فهن على مستوى عالٍ من التعليم والخبرة لدرجة أن إريكا وهي فتاة إسبانية جميلة حاصلة على الماجستير تعمل بشكل جزئي فقط عندما تتغيب إحدى المربيات، وقد قُدِّمت لها عروض مغرية من عمان ومن غيرها لكنها رفضت لأنها لم تقتنع بالراتب الشهري، وفضلت بيئة العمل في إسبانيا على عمان، فهذه الوظيفة كما تقول إريكا وظيفة راقية ومقدسة ويصعب الحصول عليها بسهولة في إسبانيا، لأن الطفل عندهم هو الذهب الأبيض وهو الثروة الحقيقية وليس النفط كما هو الحال هنا.

تخضع حضانة summa  لقوانين مشددة ورقابة دائمة، فهنالك قوانين إقليم الباسك وهنالك قوانين إسبانيا وهنالك قوانين الاتحاد الأوروبي وقل ما تشاء عن قوانين الاتحاد الأوروبي فهي قمة الرقي والتحضر الإنساني الآن بشهادة العالم.

من هذه القوانين ألا يتجاوز الطفل في الحضانة 7 أو 8 ساعات بالكثير وذلك لكي لا يفقد حميمية العائلة وأجواء الأسرة وحتى لا تكون الحضانة سببا في إهمال الأطفال ونسيانهم فيها عمدا  دون اهتمام، ومن القوانين –أيضًا- عدم إعطاء الطفل أي دواء بدون وجود الأهل، ومن القوانين أيضا أن لا يتجاوز عدد الأطفال عند المربية الواحدة 6 بالكثير قد يزيد أحيانا واحد أو اثنان، قوانين صارمة لا أستطيع أن أسردها كلها في هذه المقالة الصغيرة قوانين وضعت للمحافظة على هذه الجوهرة الصغيرة التي لا نقدرها حق قدرها في عمان.

فالحضانات عندنا –أغلبها- تجارة رخيصة غير مهيأة وبدون وجود مربيات مؤهلات فعلا وإنما مربيات(مشي حالك)، يحوم الذباب على وجوه هؤلاء الأطفال والأوساخ تعم المكان والأواني والصحون لا تغسل إلا نادرا صورة بائسة تستدعي الدموع عند كل رؤية لمثل هذه الحضانات التجارية الرخيصة!

ومؤسسات حكومية لا تؤدي دورها الحقيقي في هذا المجال وإنما ضجيج إعلامي ما عاد يستساغ أبدًا.

لذلك أجد العذر لصديقي العزيز أبي محمد الذي يفكر من الآن أين يترك أولاده فلذات كبده لما يعود إلى عمان بعد سنتين أو ثلاث؟؟!! أما أنا فلا أدري أين أجد الحضانة المناسبة لابني حمد !

Related posts

Leave a Comment