قال نزار قباني (1923-1998):
“رÙسَالَةٌ ٌمÙنْ سَيّÙدَة٠ØَاقÙدَةÙ
لَا تَدْخÙÙ„ÙÙŠ وَسَدَدْتَ ÙÙÙŠ وَجْهÙÙŠ الطَّرÙيقَ بÙÙ…ÙرْÙَقَيْكْ وَزَعَمْتَ Ù„ÙÙŠ أَنَّ الرّÙÙَاقَ أَتَوْا Ø¥Ùلَيْكْ Ø£ÙŽÙ‡Ùم٠الرّÙÙَاق٠أَتَوْا Ø¥Ùلَيْكْ أَمْ أَنَّ سَيّÙدَةً لَدَيْكْ تَØْتَلّ٠بَعْدÙÙŠÙŽ سَاعÙدَيْكْ وَصَرَخْتَ Ù…ÙØْتَدÙمًا Ù‚ÙÙÙÙŠ وَالرّÙÙŠØ٠تَمْضَغ٠مÙعْطَÙÙÙŠ وَالذّÙلّ٠يَكْسÙÙˆ مَوْقÙÙÙÙŠ لَا تَعْتَذÙرْ يَا نَذْل٠لَا تَتَأَسَّÙ٠أَنَا لَسْت٠آسÙÙَةً عَلَيْكْ Ù„ÙŽÙƒÙنْ عَلَى قَلْبÙÙŠ الْوَÙÙÙŠ قَلْبÙÙŠ الَّذÙÙŠ لَمْ تَعْرÙÙ٠مَاذَا Ù„ÙŽÙˆÙŽ انَّكَ يَا دَنÙÙŠ أَخْبَرْتَنÙÙŠ أَنّÙÙŠ انْتَهَى أَمْرÙÙŠ لَدَيْكْ ÙَجَمÙيع٠مَا وَشْوَشْتَنÙÙŠ أَيَّامَ ÙƒÙنْتَ تÙØÙبّÙÙ†ÙÙŠ Ù…Ùنْ أَنَّنÙÙŠ بَيْت٠الْÙَرَاشَة٠مَسْكَنÙÙŠ وَغَدÙÙŠ انْÙÙرَاط٠السَّوْسَن٠أَنْكَرْتَه٠أَصْلًا كَمَا أَنْكَرْتَنÙÙŠ لَا تَعْتَذÙر ÙَالْإÙثْم٠يَØْصÙد٠ØَاجÙبَيْكْ ÙˆÙŽØ®ÙØ·Ùوط٠أَØْمَرÙهَا تَصÙÙŠØ٠بÙوَجْنَتَيْكْ وَرÙبَاطÙÙƒÙŽ الْمَشْدÙوه٠يَÙْضَØ٠مَا لَدَيْكَ وَمَنْ لَدَيْكْ يَا مَنْ ÙˆÙŽÙ‚ÙŽÙْت٠دَمÙÙŠ عَلَيْكْ وَذَلَلْتَنÙÙŠ ÙˆÙŽÙ†ÙŽÙَضْتَنÙÙŠ ÙƒÙŽØ°Ùبَابَة٠عَنْ عَارÙضَيْكْ وَدَعَوْتَ سَيّÙدَةً Ø¥Ùلَيْكْ وَأَهَنْتَنÙÙŠ Ù…Ùنْ بَعْد٠أَنْ ÙƒÙنْت٠الضّÙيَاءَ بÙنَاظÙرَيْكْ Ø¥ÙنّÙÙŠ أَرَاهَا ÙÙÙŠ جÙوَار٠الْمَوْقÙد٠أَخَذَتْ Ù‡ÙنَالÙÙƒÙŽ مَقْعَدÙÙŠ ÙÙÙŠ الرّÙكْن٠ذَاتَ الْمَقْعَد٠وَأَرَاكَ تَمْنَØÙهَا يَدًا مَثْلÙوجَةً ذَاتَ الْيَد٠سَتÙرَدّÙد٠الْقÙصَصَ الَّتÙÙŠ أَسْمَعْتَنÙÙŠ وَلَسَوْÙÙŽ تÙخْبÙرÙهَا بÙمَا أَخْبَرْتَنÙÙŠ وَسَتَرْÙَع٠الْكَأْسَ الَّتÙÙŠ جَرَّعْتَنÙÙŠ كَأْسًا بÙهَا سَمَّمْتَنÙÙŠ Øَتَّى Ø¥Ùذَا عَادَتْ Ø¥Ùلَيْكْ Ù„ÙتَرÙودَ مَوْعÙدَهَا الْهَنÙÙŠ أَخْبَرْتَهَا أَنَّ الرّÙÙَاقَ أَتَوْا Ø¥Ùلَيْكْ وَأَضَعْتَ رَوْنَقَهَا كَمَا ضَيَّعْتَنÙÙŠ”.
لقد اØتشدت لنزار بهذا النص الجيد، مواهبه الÙنية المختلÙØ© (الرسم والموسيقى والشعر)ØŒ جميعا معا، ÙˆØاطتها خبرته السياسية، وكان أعلم بذلك من غيره؛ Ùضمنه كتابه “Ø£Øلى قصائدي”ØŒ وغنته له Ùايزة Ø£Øمد بلديته السورية المصرية، بتلØين Ù…Øمد سلطان زوجها المصري، وإن كان أقل كثيرا مما يتØمله النص ويستØقه، Ùضلا عن تغيير بعض ما لا غنى عنه من الكلمات!
لقد ادعى نزار ÙÙŠ عنوان نصه أنه رسالة من سيدة Øاقدة، ليوØÙŠ بأن صاØبته قد تركته مكتوبا لصاØبها وذهبت عنه، من Øيث لم تستطع أن تواجهه بما Øدث بعدما كان وهي السيدة الآن لا الÙتاة، وأنها ربما اØتقرت Ù†Ùسها، واستهانت بØياتها. وقد جعلها Øاقدة Ùألبنا عليها من Øيث الØقد إمساك العداوة ÙÙŠ القلب والتربص Ù„Ùرصة الانتقام، وما زال كريها إلينا منذ قال المقنع الكندي المتوÙÙ‰ سنة 70 الهجرية -وأØسن-:
ولا Ø£Øمل الØقد القديم عليهم وليس كريم القوم من ÙŠØمل الØقدا
Øتى إذا ما مضينا ÙÙŠ النص تألبنا على الشاعر Ù†Ùسه لا السيدة؛ وهذا أسلوب السياسي الماهر الذي تعنيه النتائج أكثر من المقدمات!
إن النص قصيدة Øرة العروض (كاملية الأوزان متعددة القواÙÙŠ)ØŒ ذات اثنين وأربعين جزءا بيتيا متÙاوتة الأطوال، ÙÙŠ أربعة Ùصول مختلÙØ© الألوان متداخلة الØدود:
الÙصل الأول أصÙر (16 جزءا بيتيا): 1-5ØŒ 10ØŒ 15ØŒ 22-25ØŒ 27-28ØŒ 30ØŒ 39ØŒ 41.
والÙصل الثاني أزرق (6 أجزاء بيتية): 6-9ØŒ 11-12.
والÙصل الثالث Ø£Øمر (16 جزءا بيتيا): 13-14ØŒ 16-21ØŒ 26ØŒ 29ØŒ 35-38ØŒ 40ØŒ 42.
والÙصل الرابع أغبر (4 أجزاء بيتية): 31-34.
لقد اصÙر ÙÙŠ عيني Øديث الÙصل الأول عن الØبيب الخبيث الخائن المعتذر بالكذب المÙضوØØŒ على رغم اختصاصه بقاÙية العويل الكاÙية الساكنة المردÙØ© بياء اللين؛ إذ التبس Ùيها بكاء الØبيبة عليه، بما ينبغي له ÙÙŠ رأيها من بكائه على Ù†Ùسه!
وازرق ÙÙŠ عيني Øديث الÙصل الثاني عن الØبيبة المØترقة بهوانها على Øبيبها ÙÙŠ موق٠الاÙتقار إليه، على رغم اختصاصه بقاÙية الرÙي٠الÙائية المكسورة المجردة الموصولة بالياء؛ إذ التبس Ùيها انكسار القلب باØتقار الوÙاء!
واØمر ÙÙŠ عيني Øديث الÙصل الثالث عن الØبيبة المقهورة بانتكاس Ø£Øلامها وانكشا٠أوهامها وابتذال أيامها، على رغم اختصاصه بقاÙية الامتنان النونية المكسورة المجردة الموصولة بالياء؛ إذ التبس Ùيها انعطا٠الØني (الثني) الواهن، بانقلاب الØين (الهلاك) الØائن!
واغبر ÙÙŠ عيني Øديث الÙصل الرابع عن البديلة الجديدة باستسلامها المنتظر لألاعيب الØبيب الخبيث الخائن وأكاذيبه Ù†Ùسها، على رغم اختصاصه بقاÙية الانÙجار الدالية المكسورة المجردة الموصولة بالياء؛ إذ التبس Ùيها إيقاع التدهور بإيقاع الاندÙاع!
وألط٠ما ÙÙŠ تÙصيل هذه الÙصول بعد تداخلها الدال على مبلغ تعقد الأزمة، استواء عددي أبيات الÙصلين الأول الأصÙر والثالث الأØمر، دلالة Ø®Ùية على ألا Øقد بالسيدة المظلومة، بل رغبة كامنة ÙÙŠ أن يعيدها Øبيبها إلى جنته، Ùيراجعا نعيمها الزائل!
ولا ريب لدي ÙÙŠ أن هذه القصيدة من زمان ما قبل اعتقاد الركاكة -ولا تتناقض عندي السهولة والجزالة كما استÙاض مقال سابق- Ùقد ازدهت بإØكام أصواتها ومقاطعها وكلمها وتعابيرها وجملها ÙˆÙقرها ÙˆÙصولها، مباني ومعاني، إلا أربعة مواضع:
أما أولها Ùقوله ÙÙŠ الجزء البيتي 4 من الÙصل الأول الأصÙر: “أَمْ أَنَّ سَيّÙدَةً لَدَيْكْ”Ø› Ùإن المعطو٠أو المستأن٠ب”أم” هذه المنقطعة، لا يكون بعض جملة، ولو كان قال: “أَمْ إنَّ سَيّÙدَةً لَدَيْكْ”ØŒ لاستقام؛ Ùإن المصدر المؤول من “أَنَّ سَيّÙدَةً لَدَيْكْ”ØŒ بمنزلة بعض جملة لا يتØمل Ùائدة الجملة الكاملة إلا بتكل٠مقيت.
وأما الموضع الثاني Ùقوله ÙÙŠ الجزء البيتي 26 من الÙصل الثالث الأØمر: “وَذَلَلْتَنÙÙŠ”Ø› ٔذل” Ùعل لازم لا يتعدى، ولو كان قال: “أَذلَلْتَنÙÙŠ”ØŒ لاستقام، ولكنه آثر وجهه العامي تشوÙا كامنا إلى الركاكة التي سينتهجها ÙÙŠ شعره بعد، ÙˆØرص على مثل إيقاع “وَأَهَنْتَنÙÙŠ”ØŒ الجزء البيتي 29 من هذا الÙصل الثالث الأØمر Ù†Ùسه، وكلاهما على “دددن ددن=متÙاعلن=سالمة”ØŒ على Øين “أَذلَلْتَنÙÙŠ”ØŒ إنما هي على “دن دن ددن=متÙاعلن=مضمرة”.
وأما الموضعان الثالث والرابع Ùقوله ÙÙŠ الجزأين البيتيين 33 Ùˆ34 من الÙصل الرابع الأغبر: “ذَاتَ الْمَقْعَدٔ، Ùˆ”ذَاتَ الْيَدٔ؛ ٔذات” بمعنى “صاØبة” لا تكون بمعنى “Ù†Ùس” عند المجزلين من الشعراء، ولو كان قال: “Ù†ÙŽÙسَ الْمَقْعَدٔ، Ùˆ”Ù†ÙŽÙسَ الْيَدٔ، لاستقاما، ولكنه آثر الوجه المبتذل تضجرا كامنا بالجزالة التي سيطرØها عن شعره بعد، وكل شيء بمقدار!