لولا الغناء لم يكن الشعر ولولا المغني لم يكن الشاعر

لقد نشأت الموسيقى وعَرُوض الشعر نشأة واحدة؛

فكان المغني الأول إذا شغله أمر من الحزن أو الفرح دَنْدَنَ أصواتًا غُفْلًا من المعنى، يُلَحِّنُها من سِرِّ نفسه تلحينا يُمَثِّل مشاعره ويُهَدْهِدُها. ثم صار يُدَنْدِنُ الأصوات مُركبةً في كلمةٍ ذاتِ معنى، فهو يكررها باللحن نفسه. ثم صار يدندن كلماتٍ مختلفةً مؤتلفةً في جملة واحدة -وعندئذ كان البيت من الشعر- فهو يكررها باللحن نفسه. ثم صار يدندن جُمَلا مختلفةً مؤتلفةً -وعندئذ كانت القصيدة- فهو ينتقل من بيتِ الجملةِ منها إلى بيتِ الجملةِ باللحن نفسه؛ فإذا الأغنيةُ (القصيدةُ) دوراتٌ متشابهاتٌ لا تكاد تبدأ حتى تنتهي، تَضْبِطُها قَرَارَاتُها (قَوَافِيها).
ثم نشأت الآلات، فاسْتَقَلَّتْ بالموسيقى عن عروض الشعر، ومضى كُلٌّ في سبيله حتى تباعد ما بينهما، ولكن بَقِيَتْ صِلَةُ الغناء الواصلةُ، تَحْمِلُ الموسيقيين والشعراء جميعا معا، على أن يجتمعوا على لُغَةٍ سَواءٍ، وعندئذ يُراجعون ذلك الأصل البعيد؛ فتَلْتَبِسُ أنغامُ الموسيقيِّ بتفعيلاتِ الشاعر، والبَحرُ العروضيُّ بالمَقامِ الموسيقيّ، وتتفجر اللغةُ السَّوَاءُ، ويتجلَّى خِصْبُ تَوْظيف العَروض تَوْظيفا موسيقيًّا!
ولقد ينبغي أن يعرف متلقو الشعر، أن الشاعر يغني شعره في أثناء تكوينه، وإن باعدته الموسيقى بآلاتها، ولا يمر عمله على ورقته حتى يمره على أذنه!

💥💥💥💥💥
وفي ذلك كانت هذه التثاقفة:
👇👇👇👇👇

العلاقة الأزلية بين الشعر والغناء

الموضوع: Ø§Ù„علاقة الأزلية بين الشعر والغناء

سليمان أبو ستة said:17-10-2012 02:11 PM

العلاقة الأزلية بين الشعر والغناء

وصلني هذا الإيميل من الدكتور محمد جمال صقر بالأمس، فأحببت أن أشرك فيه أهل العروض والقوافي في منتداهم العامر:

لولا الغناء لم يكن الشعر
ولولا المغني لم يكن الشاعر
للدكتور محمد جمال صقر

لقد نشأت الموسيقى وعَرُوض الشعر نشأة واحدة؛ فكان المغني الأول إذا شغله أمر من الحزن أو الفرح دَنْدَنَ أصواتًا غُفْلًا من المعنى، يُلَحِّنُها من سِرِّ نفسه تلحينا يُمَثِّل مشاعره ويُهَدْهِدُها. ثم صار يدندن الأصوات مركبة في كلمة ذات معنى، فهو يكررها باللحن نفسه. ثم صار يدندن كلمات مختلفة مؤتلفة في جملة واحدة -وعندئذ كان البيت من الشعر- فهو يكررها باللحن نفسه. ثم صار يدندن جملا مختلفة مؤتلفة -وعندئذ كانت القصيدة- فهو ينتقل من بيت الجملة منها إلى بيت الجملة باللحن نفسه؛ فإذا الأغنية (القصيدة) دورات متشابهات لا تكاد تبدأ حتى تنتهي، تَضْبِطُها قَرَارَاتُها (قَوَافِيهَا).
ثم نشأت الآلات، فاسْتَقَلَّتْ بالموسيقى عن عروض الشعر، ومضى كُلٌّ في سبيله حتى تباعد ما بينهما، ولكن بَقِيَتْ وَشِيجَةُ الغناء الوَاشِجَةُ، تحمل الموسيقيين والشعراء جميعا معا، على أن يجتمعوا على لُغَةٍ سَواءٍ، وعندئذ يراجعون ذلك الأصل البعيد؛ فتلتبس أنغام الموسيقيِّ بتفعيلات الشاعر، والبحر العروضيّ بالمقام الموسيقيّ، وتتفجر اللغة السواء! ويتجلى خصب توظيف العروض توظيفا موسيقيا.
ولقد ينبغي أن يعرف متلقو الشعر، أن الشاعر يغني شعره في أثناء تكوينه، وإن باعدته الموسيقى بآلاتها، ولا يمر عمله على ورقته حتى يمره على أذنه!

جميع الحقوق محفوظة لشبكة الفصيح

خشان خشان said:17-10-2012 03:53 PM

فكان المغني الأول إذا شغله أمر من الحزن أو الفرح دَنْدَنَ أصواتًا غُفْلًا من المعنى، يُلَحِّنُها من سِرِّ نفسه تلحينا يُمَثِّل مشاعره ويُهَدْهِدُها

أخي وأستاذي الكريم

ما أجمل وأعمق هذا الكلام وأبعد اثره لدى المتأمل في الشعر والعروض.

دندنة بلا معنى تمثل المشاعر تعني علاقة بين الوزن المجرد والمشاعر، تعني شيئا كتردد الموجات الصوتية المتأثرة بالمشاعر.

موجات وتردد ألا نجد أنفسنا هنا في مجال العروض الرقمي – الشكلي على الأقل.

يرعاك الله.

” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ” صدق الله العظيم.

السامري said:17-10-2012 03:56 PM

لعل الغناء هو مخ الشعر ولولا الغناء ما كان الشعر وما الشعر إلا نوتات موسيقية تتحرك وفق ضوابط صوتية منظمة.
وما كان الخليل اعتماده على الشعر الجاهلي فقط ..ولكنه طوره من أجل المصالح الغنائية وخفة اللسان.
والشعر الذي لا يلحن وتستثقله الآذان الغنائية والحناجر الفنية ليس بشعر وإنما هو عبارة عن كلمات مرصوصة ببعضها البعض .
شكرا أخي خشان على الرد..
وشكرا أستاذنا سليمان على هذه اللمحة الفنية ،و لولاك لما كان الفصيح فصيحا .

مصطفى أحمد محمد علي said:17-10-2012 11:51 PM

الغريب في أمر بحور الشعر تنوعها وتعددها وهنا لا بد من الوقوف وقفة تأمل وقد قال بعض الأدباء أن اختيار البحر للقصيدة لا يات من فراغ إنما هو مبني على أسس عاشها الشعراء العرب القدامى ومنذ نشأة الشعر فهنالك أبحر الفرح وهناك أبحر الحزن وهناك الرثاء و قد لا ينفع إلا بحر بعينه للرثاء أو الحزن أو الغزل فقد كانت المشاعر المتنوعة هي الأساس في اختيار البحر المناسب ففقد العزيز كان له بحره المؤثر وأحوال الشدة والحروب كان لها بحورها وهكذا وأصل الشعر هو الغناء أي أن الغناء هو أصل الشعر وهو الذي أوجده ليعبر عنه والشعر يعبر عن المشاعر كما أن الغناء يعبر عنها وقد يجد المرء نفسه مستأنسا إذا أصابه هم في أن يدندن بعض المقاطع المتوارثة فيجد فيها راحة لأنها ترجمت مشاعره في قالب غنائي . وينام الطفل مستأنسا بأغاني أمه نوما عميقا وقد تكون أغاني الأم بعض أبيات من الشعر الملحن والممزوج بحنان الأم هذا الرتم وهذا الوزن الذي يتميز بة الشعر هو الذي يهدهد المشاعر وقد لا يفهم الطفل معنى العبارات التي ترددها أمه ولكن مشاعره البريئة تستجيب للحن والرتم والوزن بل والصوت فلا شك أن الشعر هو لغة التفاهم مع المشاعر فالغناء بما فيه من موسيقى قد يفرح وقد يبكي وقد يؤلم وقد يملأ الحنايا شوقا وتحنانا وقد يزيل الهم وقد يستفز العدو وقد يستنفر الجيوش للدفاع عن الأوطان وقد يستثير الهمم ويعتصر المشاعر وللحديث بقية .

السامري said:18-10-2012 03:56 PM

صدقت أخي محمد ..
سر تنوع الأبحر الشعرية مدلولها الحزن والبهجة..
فإن كان في البهجة رأينا المدح والفخر أو الغزل الموسوم بطابع الفرح .
وإن كان في الحزن رأينا الرثاء أو الغزل الموسوم بطابع الحزن وما شابهها من أحزان.
الشعر هو ذاك الذي يحقق فلسفة الجمال ويرسم لوحات الكمال فترى لوحة الرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي الموناليزا تراها ساعة بطابع الفرح وساعة بطابع الحزن وما السر الذي يكمن فيها هل هي تلك النظرة العجيبة أم العمق أم هي تداخل الألوان ببعضها بعضا لتعطينا المجسم الكامل لهذه اللوحة الفنية؟؟ .
وهذا ما جعل الرسام العظيم رافئيل يقلده لذهوله وإعجابه العظيم بهذه اللوحة الفنية الرائعة.

التعديل الأخير من قِبَل السامري ; 18-10-2012 في 04:00 PM

تسجيل الدخول Ø§Ù„تسجيل Ø§Ù„عرض الكامل Ø§Ù„أعلى

Powered by vBulletin® Version 4.2.2
Copyright ©2000 – 2018, Jelsoft Enterprises Ltd.
تعريب شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ

الحقوق محفوظة لشبكة الفصيح – alfaseeh@alfaseeh.com

Related posts

Leave a Comment