العرب المتعاربة

لعل الحق -سبحانه، وتعالى!- يستبدل بهم مِن غيرهم من يعرفون للبيان العربي حقه، فتنشأ بهم في أمريكة أو أوربة أو آسية أو أسترالية، أمةٌ ثالثة تَتعارب حتى تُعرِب وتتسمى المتعاربة،

بلسان عربي مبين كان القرآن الكريم مثلما كان شعر العرب النفيس ونثرهم الشريف، وهم الذين قدّر لهم الحق -سبحانه، وتعالى!- أن يتدرجوا في مدارج التذوق اللغوي إلى أن يتدينوا به ويحتكموا إليه فيما يَشجُر بينهم، حتى إذا ما استمعوا إلى القرآن الكريم وأنصتوا، تحولوا إليه عما كانوا فيه.
ولقد بعدت بالعرب الآن الشُّقة حتى احتبس عنهم ذلك البيان الذي ذلّلهم من قبل للقرآن الكريم وعبّدهم لقائله -سبحانه، وتعالى!- بأنه كلام من ينبغي ألا يُعبد سواه- فأفضوا إلى يَهماء تكذب فيها العينُ والأذنُ:
تَحبو الرَّواسمُ من بعد الرَّسيم بها وتَسألُ الأرضَ عن أخفافها الثَّفِنُ
ومن لهم بتمييز لغة القرآن الكريم من لغة الشعر النفيس والنثر الشريف، ولم يعودوا يميزونهما من غيرهما، ولا بعضهما من بعض، وجثمت على ملَكتهم جواثمُ الجهل والمرض والفقر؛ فزهّدتهم في أنفسهم إلى غيرهم، حتى فرّطوا في أصول وجودهم واحدا واحدا، ولم يبالوا على أي جنب كان في عدوّهم مصرعُهم!
ولن يكونوا أعز على الزوال من العرب العاربة؛ لعل الحق -سبحانه، وتعالى!- يستبدل بهم مِن غيرهم من يعرفون للبيان العربي حقه، فتنشأ بهم في أمريكة أو أوربة أو آسية أو أسترالية، أمةٌ ثالثة تَتعارب حتى تُعرِب وتتسمى المتعاربة، تُوَكَّل من تلك المستعربة بمن ظُلم، فتُرسل من يحمله إليها، وتجعله منها بمنزلة النجم من الساري، تهتدي به، وتهدي غيرها؛ “إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ Ûš وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا” -النساء : 133- صدق الله العظيم!

Related posts

Leave a Comment