رسالة النص

ربما زعم بعض الأدباء (مبدعي الأدب) أنه لا يخطر له المتأدبون (طلاب الأدب) على بال، وأنه الذي قالت العرب فيه من وراء القرون: “لَابُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ” –والمصدور المريض الصدر- مهموم مأزوم مشغول عنهم بنفسه، ولم يدر أنه الذي أطلق نُفاثتَه، وكان قادرا أن يُقيّدها بكفَّيْه، ولولا المتأدبون ما كان الأدب، ولولا الأدب ما كان الأدباء! وإن كل ما ينتجه ذلك الأديب فيستعمله هؤلاء المتأدبون –وإن كان نصا قصيرا- لذو رسالة تثقيفية كاملة، وسواءٌ أَكتَفى بها إلى حينٍ هؤلاء المتأدبون أم أضافوا إليها ما استفزهم إلى إضافته. والتثقيف “إكساب الآخر…

Read More

عنونة محيرة

من آثار ظاهرة النص القصيرِ العَنْونةُ الُمحيِّرة، أي أن يجدَه متلقّوه قد اتخذ عنوانا مدهشا، لا علاقة ظاهرة له به، وإن خطر لبعضهم في تأويلها وَجهٌ، لم يمتنع أن يخطر لغيره وَجهٌ آخر…ØŒ وهلم جرا! هذه نصوص قصيرة ثلاثة، عناوينها على الترتيب: “عُصْفُورٌ”ØŒ Ùˆ”شَجَرَةٌ”ØŒ Ùˆ”دُخَانٌ”. يعبر أولها عن “حُلول موعد البَوح بالحقيقة”ØŒ وثانيها عن “أمانة البَيان”ØŒ وثالثها عن “تَربُّص المظلوم بالظالم”: 1 بِاللَّهِ يَا لَيْلُ عَجِّلِ الْفَرَحَا أَشْرَقَ فِيكَ الْهِلَالُ وَانْشَرَحَا ظَلَّ طَوَالَ النَّهَارِ مُحْتَجِبًا تَحْسَبُهُ الْكَائِنَاتُ مُنْتَزِحَا فَافْتَحْ لَهُ قَلْبَكَ الْعَتِيقَ يُحَدِّثْكَ حَدِيثَ الْهَوَى وَمَا جَرَحَا 2 لِلصَّمْتِ مِنْ…

Read More

مفارقة

من آثار ظاهرة النص القصيرِ المُفَارَقَة، أي أن يجدَه متلقّوه لَمحة قَصصيّة خاطفة، من وراء حكاية حال بشرية عجيبة، لا يفتؤون يمرون بها ولا يرونها، تشتجر فيها أعمال مختلفة متبادلة، لا ينقضي منها عجبهم: كيف لمثل ذلك أن يكون! أما لهؤلاء من عقل يعقل! أما لهذا من قلب يقلب! هذا نص قصير يعبر عن جناية اليائسين على الطَّموح، بأربع وعشرين كلمة، في تسع جمل، على ثلاثة أبيات: أُوتِيتُمُ الْأَبْصَارَ فَاسْتَعْمَيْتُمُ وَرَضِيتُ مِنْهَا مَا يَرَاهُ الْمُلْهَمُ وَسَعَيْتُ فَاسْتَغْشَيْتُمُ أَعْذَارَكُمْ وَتَبِعْتُمُونِي رَيْثَما أَتَقَدَّمُ مَا أَشْأَمَ الْمُتَجَبِّرِينَ عَلَى الرِّضَا ضَلَّتْ رُؤَايَ وَضَلَّ مَا…

Read More

موازنة المضطرب

من آثار ظاهرة النص القصيرِ مُوازَنةُ المضطربِ، أي أن يجده متلقوه قد ترددت فيه الكلمات المتَشابهات والعبارات المشْتبِهات، كأنما تتفلَّتُ من مهموم مأزوم، كرَبته الأزمة حتى أَقدَمته على ما لم يكن يقدم عليه مرتاحًا، وحَزَبه الهم حتى أَقدَمه على ما لم يكن يقدم عليه مطمئنًا؛ فأما غَفَلَةُ متلقيه فينكرونه ويكذبونه، وأما وُعَاتُهم فيعرفونه ويصدقونه! هذا نص قصير يعبر عن تَفادِي المختلفين، بثلاثين كلمة، في أربع عشرة جملة، على ثلاثة أبيات: نَعَمْ لَا نَعَمْ لَا نَعَمْ لَا نَعَمْ دَمٌ دَامَ دَامَ دَمٌ دَامَ دَمْ خُذُونَا جَمِيعًا فَمَا لِمَمَاتِيَ جَنْبَ خَصِيمِي اللَّدُودِ…

Read More

تفجير مباغت

من آثار ظاهرة النص القصيرِ التَّفْجيرُ المُباغِتُ، أي أن يجده متلقوه كأنه لبنةُ جدارٍ انقضَّ، فاستقلَّتْ بنفسها وفيها ما يكفيها، ولكنها لا تفتأ تطلب الجدار وموضعها منه؛ لعلها تزداد فيه بأخواتها كما كانت فتزدان، أو لعله يشتد بالتمام كما كان فيزدهي بالبيان- فيفهموا منها وَجْهًا من الفهم، ولكنهم يتشوَّفون إلى ما علَّقتهم به، ويذهبون في تقديره كل مذهب! هذا نص قصير يعبر عن خيانة الفاسدين والطامعين، بسبع وعشرين كلمة، في تسع جمل، على ثلاثة أبيات: وَابنُ الْمَرَاغَةِ مِنْ قَدِيمٍ يدَّعِي نَسَبَ الْجَمَاعَةِ بِئْسَ الِاسْمُ المُدَّعِي قَبِلَتْهُ وَاطَّرَحَتْهُ مِنْ تَعْدَادِهَا يَا…

Read More

إلغاز

من آثار ظاهرة النص القصيرِ الإِلْغازُ، أي أن يجدَه متلقّوه قد استغلق عليهم استغلاق الأحاجيِّ التي يُعايِي بها بعضُهم بعضا، يتخادعون ببعض ما يعرفون، ثم يتفاجعون ببعض ما لا يعرفون، فيطمئنون لمعرفة ما اجتمع لهم، ثم يقلقون لإنكار ما افترق عنهم، “كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا”ØŒ فلا يستطيعون أن يُثبتوا على صاحبه قصدا يؤاخذونه به، ولا أن يَنفوه عنه فيرتاحوا منه!

Read More

مساءلة

من آثار ظاهرة النص القصيرِ المُساءلةُ، أي أن يجدَه متلقّوه قد حار صاحبه في أمره حيرة شديدة، أهو هو أم غيره، أوَالناس هم هم أم غيرهم، أوَالأرض هي هي أم غيرها، مما يرى من اضطراب ما كان ينبغي أن يستقر، واختلاف من كان ينبغي أن يأتلفوا، وجفاء ما كان ينبغي أن يلطُف- حتى لَيستيقنون أنها دُوّامةٌ لا صمود لها إلا بالهرب منها، ثم لا يهربون منها إلا إليها! هذا نص قصير يعبر عن كَمَد الوطني على وطنه، بسبع وعشرين كلمة، في ثماني جمل، على ثلاثة أبيات: إِفْرِيقِيَا يَا وَجَعِي الْمُزْمِنَا…

Read More

سخرية حادة

من آثار ظاهرة النص القصيرِ السخريةُ الحادَّةُ، أي أن يجدَه متلقّوه قد نَبَّهَهُمْ على خَصْلة حقيرة تستحق الاستهزاء بها، لا يتحرَّج في ذلك من الإقذاع الواصم بها وَصْمًا لا يمَّحي، ولا إذا ما افتقدها فيمن حوله أن يدَّعيها بنفسه؛ فلا يكون أبلغ أثرا فيهم عندئذ منه، حتى إنهم لَيفتِّشون في أنفسهم عن مثلها خشيةَ أن يكون إنما عَرَّضَ بهم، ولا يعدمون إذا دقَّقوا أن يعثروا!

Read More