خميس قلم

إن جاز أن يكون تلميذٌ ركنا يأوي إليه أستاذه كان هو إياه، ولكنه مثلما كان الركن الشديد حينا كان الركن الخفيف: فأما خفته فلطافة مشاعره الطيبة التي استطاع وهو التلميذ أن يؤنس بها أستاذه، وأما شدته فطلاقة إنصافه الأصيل الذي استطاع به دائما أن يأخذ من أستاذه وأن يأخذ له! نعم؛ فمثلما كان يغضب أن يُسامى مقامُه حتى يوشك لولا نضاله أن يُقتحم، كان يغضب أن يُسام ميزانُه حتى يوشك لولا عِيانه أن يجور! طامح جريء، وعاشق بريء، وشاعر وضيء، ثلاث خصال كريمة، تحفزه، وتحفظه؛ فهو مشغول أبدا بأحبابه، معتذر…

Read More

جوخة الحارثية

خريف 1997ØŒ سألتها هي وزملاءها، أن يصوغوا لي من أحد الجذور اللغوية المُشكِلة، بعضَ الأبنية في بعض العبارات، على أن يضبطوها حرفا حرفا، فمالت برأسها عن الأسئلة إلى يسارها؛ فنفضتُ من توفيقها يدي، ثم جمعت أوراق الطلاب، لآتيهم بها من المحاضرة التالية، وأعرضها عليهم منوها بتوفيقها الكبير دونهم ودرجتها الكاملة! لقد كان ميلها ذاك إلى يسارها، إمعانا في الإتقان والإبداع، درجت عليه برغم نشأتها الرغيدة في عائلتها المجيدة، هي وذروةُ تفوقٍ لم تفارقها حتى حصلت على الدكتوراة الإنجليزية، ثم نالت قبل غيرها من العرب جائزة مان بوكر العالمية (جائزة أفضل…

Read More

زاهر الداودي

أحسب أن الحق -سبحانه، وتعالى!- لم يخلق أهدأ منه بالا، ولا أخفى صوتا! ولولا تحريكه شفتيه ما عرفت أحيانا أنه يتكلم، وإن كان قريبا! ولعله أعانه على ذلك زواجه صغيرا ثم انفراده في دفعته الجامعية بين الطالبات كبيرا! وإذا اجتمع للإنسان هدوء البال وخفاء الصوت لم يتركاه حتى يستنزلا له من سماء الربانية أسمى الأخلاق؛ فأنت معه في روضة من رياض الجنة، تلميذي النجيب الدكتور زاهر الداودي.

Read More

خالد الكندي

لم أستغرب همته النَّحوية العالية، في جمع الحديث إلى القديم، من مناهج البحث ومذاهب الرأي ونظريات الضبط وآليات التطبيق، ولكنني استطرفت كثيرا موهبته الفنية الروائية ونشاطه المجتمعي التعليمي؛ إذ أسفرت تلك الموهبة عن إبداع عماني أصيل، وهذا النشاط عن نقد توجيهي بناء. قلت له مرة أثني على ما حصَّله في مدة قصيرة من إنجاز كبير: صدق من قال: “العلمُ كِندي”ØŒ فقال مُتملِّحًا مُتحرِّجًا من ثنائي التحرجَ العمانيَّ المعروف: هو اليوم هندي، أخي الحبيب الدكتور خالد الكندي.

Read More

ابتسام الحجرية

لم أكن عام 1997ØŒ أعرف أنها في طلاب قسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس، بمنزلة أمهم؛ تقعد من خلفهم تكاد لا تتكلم، وإن تكلمت أوجزت وكان لصوتها جَرس حكيم- وإلا لصدَّرتُها منذ المحاضرة الأولى لتكفيني ما استبدَّ ببعض تلميذاتي من معالم النفور العارض! ولكنني وكنت أتخذ للتوقيع العروضي وغيرِه عصًا مثل عصيّ قادة الفرق الموسيقية أسميها “ليلى”ØŒ ولا أدع عند تسميتها للطلاب إنشادهم: “كلٌّ يُغني على ليلاه متخذًا ليلى من الناس أو ليلى من الخشبِ”- بلغني أنها بعدما تخرجَت وعملَت معلمة، اتخذت عصًا مثل عصاي، وسمَّتها قيسا! ثم ضرب الدهرُ…

Read More

محمود الريامي

أحد حملة الفن والعلم النحارير الخبراء الذين لم يلقوا بالا لتقاليد الترقي الجامعية، لم ينشأ موقف إلا حضره في التعليق عليه شعر، ولا مشكل إلا كان له في إزالته رأي، ولا مسألة إلا كان عنده في جوابها بيان، يرتجل ذلك ارتجالا بليغا يتسابق فيه قلبه وعقله! ولقد تذاكر العمانيون مرة مثقفيهم وأنا منصت، فذكرتُه هو وأحد من لهم نشاط إذاعي ظاهر وكأنهما من طبقة واحدة، فأجلُّوه عن ذلك، وإذا الشهرة آخر ما ينخدع به العمانيون، وإذا له عندهم -ولاسيما في أعماق بلادهم- منزلة كبيرة، أخي الحبيب الدكتور محمود الريامي.

Read More

سعاد العجمية

في بيان أسلوب الاختصاص ذكرت لتلامذتي خريف عام 1997ØŒ قول رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!-: “نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث”ØŒ وكلفتهم تفتيش الكلام العربي عنه هو وغيره من الأساليب النحوية المقررة، فجعلَت بحثها في شعر الكميت بن زيد الأسدي، بين يدي مقدمة جيدة من إحصاء العناصر الدالة؛ فأعجبني ما فعلت، وأثنيت به عليها، فكأنما جرأتها؛ فتجرأت أن لامتني على ذكر ذلك الحديث الذي لا تصبر على سماعه -فكفكفت من شططها- وعلى قصري أسئلة الاختبار على الأسئلة الإبداعية -فأجبتها إلى تنويعها- ثم تجرأت أن دعتني إلى الإمامية بإطلاعي على إصدارات…

Read More

إحسان اللواتي

ما زلت منذ استمعت إليه أوائل هذا القرن الميلادي يعرض عقله ورأيه بين يدي رغبته في عضوية قسم اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، إلى أن رأَسَه منذ عامين -وبين طرفي هذه المدة مقاماتٌ كثيرة مرئيّة ومرويّة- أشهد له بالمهارة والروعة. ولقد كنت أظن أنه مشغول عن تحصيل الخبرة الإدارية، بهمومه العلمية والثقافية الكبيرة الكثيرة المؤثرة، فلما رأس القسم دلتني الهموم الإدارية نفسها على أنها كانت دائما في طي همومه تلك العلمية والثقافية، وإذا سر الأمر وملاكه الإتقان الذي إذا استولى على الإنسان ملك عليه…

Read More