مكية الكمزارية

لم أكد أحلّ عُمان أوائل زيارتي الرابعة عام 2012ØŒ حتى دعتني نائلة البلوشية تلميذتي العُمانية النجيبة، إلى برنامجها الإذاعي “حديث الروح”ØŒ فأجبتها حَفِيًّا ساعتين كاملتين، بأن أقص من أمري على المستمعين، ما يوقنهم بسهولة تحصيل ما حصَّلتُ، على كل محب مقبل مجتهد. ثم لم تكد تفتح باب المشاركة حتى جاءني من وراء بضعة عشر عاما، صوتٌ يذكرني -وإن لم أنس قط- فتاة حكيمة ودودًا لبيقةً مُتَمَلِّئة بتراث أهلها الثري الفريد، كانت في مساكن الطالبات تقضي بين المشرفات، وفي مكاتب الأستاذة تتأنق بعربية فصحى في لهجة خاصة! ولقد أسرَّ إليَّ قريبا…

Read More

تحية الروضة الشريفة

بعد صلاة فجر أحد أيام عام 1430 في الروضة الشريفة من الحرم النبوي، رأيت شابا مصريا شديد الابتهاج بوصوله إلينا فيها، ظاهر الرغبة في تحيتها وأحد القاعدين المتملئين بذخيرتهم من الطاعات ينهاه بكراهة الصلاة بعد الفجر؛ فنهيتُه عن الانتهاء بنهيه، واستحسنتُ له التحية؛ فتساخر ناهيه بابتداعي في الدين “صلاة تحية الروضة الشريفة”ØŒ ولم يدر أن الصلاة المكروهة إنما هي التي لا سبب لها، والتحية سبب ظاهر؛ فكيف إذا كانت تحية الروضة الشريفة! وكأنه ارتفع منا صوتٌ نُهينا به، فسكتنا؛ إذ “يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي…

Read More

خالد العبري وسعود الظفري

بعد “ترجمة رملية لأعراس الغبار لعبد الله البردوني: قراءة خاصة”ØŒ محاضرتي العامة التي حاضرت بها طلاب جامعة السلطان قابوس مساء أحد أيام عام ١٩٩٩ الجامعي، خرجت أطلب سيارة تحملني إلى بيتي بحي الخوض من مدينة مسقط العمانية، فاعترض طريقي بعض الطلاب وفيهم اثنان من أنجب تلامذتي، يأبون إلا أن يوصلوني. كانت عادة طلاب هذه الجامعة الكريمة -طيب الله ذكراها وذكراهم!- أن يتشاركوا جماعةً جماعةً بأقساط من مرتباتهم الجامعية في شراء سيارة خاصة، ثم بعدما ينتهون من دراستهم كلها يبيعونها غيرهم، أو يأخذها أحدهم ويوفّي شركاءه أنصبتهم! وفي السيارة على أثر…

Read More

خدمة النظرية

“مَا Ø­ÙŽÙƒÙŽÙ‘ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكْ فَتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيعَ أَمْرِكْ”Ø› صدق سيدنا الشافعي، رضي الله عنه! وقد تيسرت لي المشاركة عام 2019ØŒ في “المصطلح في العربية: القضايا والآفاق”ØŒ مؤتمر قسم اللغة العربية وآدابها الدولي الرابع، بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية من جامعة السلطان قابوس، فجعلتها بمقالي “مصطلحات النصية العروضية بين القدامة والحداثة”! نعم؛ وفيه ذكرت حركة البحث العلمي العروضي من مرحلة الجزئية إلى مرحلة الكلية، وأنه لم يخل في هذه من آثار تلك، لا تحليلا، ولا تركيبا، ولا تقويما! ولقد نبهت في أوائله على أن إطار البحث إما أن يضيق فيقيد الباحث…

Read More

تمام البنيان

صباح الأربعاء 14/11/2012ØŒ بقاعة الاجتماعات من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، حاضرت جمهور المشتغلين بعلوم العربية وآدابها، في “نظرية النصية العروضية”ØŒ واستحسنتُ لزميلي الذي سألني ما يقدِّمني به، أن يُصَنِّفَني في المشتغلين بتحليل التفكير النصي العروضي! أشرتُ إلى تَأَخُّر التَّنْظِيرِ عَنِ التَّطْبِيقِ، فذكرتُ أنني لما رأيت في كتاب تنظيريٍّ لأحد أئمتنا، أنه متأخر الزمان عن كتبه التطبيقية، على ما صرت أومن به من Ø£ÙŽÙ†ÙŽÙ‘ التَّنْظِيرَ تَفْكِيرٌ كُلِّيٌّ لَاحِقٌ، وَالتَّطْبِيقَ تَفْكِيرٌ جُزْئِيٌّ سَابِقٌ- خالفني ابنُه على الملأ إلى ضِدِّ ما رأيتُ، فكَفْكَفْتُ من عِزَّة الرأي، وراعيتُ مُسْتَوْدَعَ الأسرار -وإن…

Read More

هامات رفيعة

لم يحتج أحمد شوقي أمير الشعراء بعد أمسية تذاكر فيها هو وأصحابُه أهوالَ الحرب العالمية الأولى (1914=1918)ØŒ إلا أن يجلس ليلتئذ فقط إلى أوراقه ينظم قصيدته “مِنْ أَيِّ عَهْدٍ فِي الْقُرَى تَتَدَفَّقُ”ØŒ ذات الثلاثة والخمسين ومئة البيت، الكامليّة الوزن التام الصحيح العروض والضرب، القافيّة القافية المضمومة المجردة الموصولة بالواو، التي أَدَلَّ فيها على الحضارة الأوروبية، “بالعجب من غزارة النيل وعذوبته وخيراته الدائمة وتحدث عن عبادة المصريين القدماء له من 1 إلى 21ØŒ ثم تحدث عن ملوك مصر ومجد مصر من 22 إلى 35ØŒ ثم عن الآثار من 36 إلى 43ØŒ…

Read More

ورثة الشعر 

ما الذي حمل أبا العلاء المعري على تسمية كتابه في شعر أبي تمام “ذكرى حبيب”ØŒ وكتابه في شعر المتنبي “معجز أحمد”- وهو الذي سمى كتابه في شعر البحتري “عبث الوليد”- إلا أن يكون التورية عن منازلهم عنده، وهو وريث المتنبي، والمتنبي وريث أبي تمام، ولن يكون البحتري إلا صبيًّا حضر القِسمة! لا ريب في أنني إذا احتكمت إلى أعمال ناظم الكلام النصية الثلاثة [التحديد (الاختيار، والإبدال)ØŒ والترتيب (التقديم والتأخير)ØŒ والتهذيب (الحذف والإضافة)]ØŒ التي لم أفتأ أحتكم إليها في تقدير النصوص- أفضيت إلى مواطن الإرث، وقد فعلتُ! ذهبت أفتش شعر أبي…

Read More

الغائب الحاضر

تضمين أبيات القصيدة (تعليق بعض أبياتها ببعض تعليقا نحويا)ØŒ أحد مظاهر تلاحمها تلاحم أعضاء الجسم الواحد، الذي تواصى به الشعراء والعلماء؛ فأما الرواة فكانوا منه على حذر؛ إذ تستعصي عليهم رواية البيت الواحد -وهو الأغلب عليها في مقامات الاستشهاد والاحتجاج- إذا كان مضمَّنا. ولما لم يكن بالعلماء عن حَمَلة الشعر غنى، عابوا من أجلهم التضمين، ولكنهم أورثونا أقوالا مختلفة جديرة بالتأمل، تجمع في تقدير التضمين بين التحسين والتقبيح، وكأنهم راعوا في تقديره مصلحة الرواة ومصلحة الشعراء جميعا معا!  لقد تواتر العلماء في عيب التضمين على انتزاع بيتين للنابغة الذبياني، من…

Read More