في معهد البحوث والدراسات العربية (معهد المخطوطات)

(إحدى حلقات “في الطريق إلى الأستاذية” المفتقدة)

Read More

يا فضيحتي

على رغم حسنات الإنترنت تشغب علينا منها سيئات تتبع تلك الحسنات تكاد تمحوها، مثل أن تمسك بذيل مادة حسنة أحيانا مادة سيئة؛ فأما إذا كنت خاليا فلن تعبأ بها والشهيد الرقيب الحسيب الحق –سبحانه، وتعالى!- وأما إذا كنت في ملأ فلن تستطيع ألا تعبأ؛ فإن السيئة عندئذ تتجاوزك، ولا تدري ما يفعل بها من تَلَقَّاها! ومنذ أسبوع نفذت إليَّ في أثناء عملي الإنترنتيّ نافذةُ إعلاناتٍ متعددةٍ مختلفةٍ: إعلانات سيارات، فإعلانات عطور، فإعلانات حُليّ، ثم فجأة ظهرت إعلانات صَواحب الحُليّ والعطور والسيارات! نحيتها، ومضيت إلى عملي، ولكنني خطر لي أنْ ربما…

Read More

من بركات اللغة العربية

بمركز الفيزياء النظرية الدولي في إيطالية، اجتمع الدكتور ميراب الجيورجي والدكتور هشام صديقي السوداني الكريم الفاضل، وائتلفا، وتصادقا، حتى صارا يتزاوران. ومرة دعا الدكتور ميراب صديقه إلى الطعام ببيته، فذهب، وهناك كانت زوجه وابنه ذو خمسة الأعوام. استأذنه داعيه ليعين زوجه على إعداد الطعام، وبقي معه ابنه. بالإنجليزية كان الصديقان يتفاهمان، ولا يعرف هذه الطفل غير الجيورجية، وكان متوقِّدا متحمِّسا؛ فبقي يتكلم مبتهجا بصديق أبيه، وكأنه هدية الإنسانية الخفية، التي أرادت بها التكفير عن كبيرة قَطْعِهِ من أهله وبلده، والدكتور هشام لا يعرف من الجيورجية إلا مثلما يعرف هذا الطفل…

Read More

الشيخ مبروك الطالب الدرعمي الكفيف

أواخر خمسينيات القرن الميلادي العشرين وأوائل ستينياته، سكنَتْ أحدَ أحياء القاهرة القديمة طائفةٌ فذةٌ من نبهاء طلاب كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، مضطرةً بقلة المال والوحشة من الأهل، فأما هذه فلأنها من الريف قدمت، وأما تلك فلأنها على الريف اعتمدت؛ فلم تكن في القاهرة أحسن حالا منها في الريف، ولم تكن لترضى أن تكون! طائفة من طوائف، كل طائفة في غرفة واحدة أو شقة كغرفة، فمن ضافها جهز نفسه لغرف الطوائف، ومن أضافه جهز نفسه لطوائف الغرف، ومضطرا أضاف أحد تلك الطائفة الفذة أحد بلديّيه القادمين؛ فلم يكن أَحْيَرَ منه…

Read More

استقرار المكانة

أواخر خمسينيات القرن الميلادي العشرين استقر بالدكتور كمال بشر مجلسه من أحد مدرجات كلية دار العلوم بمبناها القديم الكريم، وأقبل يهدر بما تلقاه عن فيرث أستاذه الإنجليزي الكبير، من دقائق نظريته في اعتبار المعنى اللغوي ودلالة السياق، فإذا طالبٌ نائم يقطع عليه بغطيطه هديرَه وكأنْ لا أثر لأيٍّ من هذه التهاويل الحديثة؛ فصاح فيه: تنبه؛ فتنبه! ثم كان من الطالب في المحاضرة اللاحقة ومنه، مثلُ ما كان في السابقة، ثمتَ كان في الثالثة مثل ما كان في الأوليين -قال الدكتور محمود محمد الطناحي- فطلب منه أن يأتيه في مكتبه. هرول…

Read More

اتجاه

قالت: وأنت ما اتجاهك؟ قلت: عروبي إسلامي. قالت: عروبي إسلامي! كيف! إما عروبي وإما إسلامي. قلت: بل عروبي إسلامي، من دون واو بينهما؛ فلا قيمة للأولى إلا بالثانية، ولا كمال للثانية إلا بالأولى، تتكاملان ولا تتنافيان. قالت: لا أستغرب جمعك بين المتناقضات!

Read More

أستاذ

عام ١٩٦٢ تخرج في كلية دار العلوم من جامعة القاهرة، الدكتور محمود محمد الطناحي -رحمه الله، وطيب ثراه!- فعمل بإحدى مدارس حي الدرب الأحمر القاهري، المعروف بشراسة أهله وجبروتهم! قال: فدخلت فصلي أول ما دخلت، وكنت عندئذ شابا لطيفا وسيما، فكأنما استصغرني الطلاب؛ فقد سألت أحدهم عن اسمه، فقال: بُرَعِي، وغيره، فقال: بُرَعِي، وغيرهما، فقال: بُرَعِي؛ وإذا كلهم بُرَعِي، قد استخفُّوا بي، وأضمروا الكيد لي! قال: فتوسَّطتُ الفصل، وتفرَّستُ فيهم مَليًّا، ثم قلت لهم: ما هكذا يتعامل الرجال! ما رأيكم في أن نتعاهد على معاملة الرجال، ولكم عندي كل حِصَّة…

Read More

مع الدكتور فتحي جمعة، رحمه الله، وطيب ثراه!

مارس عام ١٩٨٦، بمدرج ثمانية (مدرج قسم علم اللغة والدراسات السامية والشرقية)ØŒ من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أواخر احتفال القسم بمنح بعض الطلاب جائزته، كانت هذه الصورة -وفيها من يمين إلى يسار، الدكتور فتحي جمعة، فالدكتور عبد الصبور شاهين، فالدكتور كمال بشر، وخلفهم أحد الضيوف، رحمهم الله وطيب ثراهم!- وقد اشتغل فيها عن الدنيا الدكتور فتحي جمعة، بالطالب القاعد أمامه إلى يمين، الذي ألقى كلمة المكرمين فاهتزَّ له، ثم بعقب الاحتفال أقبل عليه، وجذبه من يده مرتعشَ اليد، إلى حيث أهداه كتابه “من قضايا اللغة العربية”ØŒ الذي سيصير بعد…

Read More