مُطعم الحمام

من حيث نظرت إلى هذه الحمامة وجدتها حزينة؛ مات هذا الصباح جارنا من فوقُ بجزيرة الروضة الحاج أحمد الذي سميته في هاتفي اختصارا مُطعِم الحمام، وهو كان مطعم الأحياء جميعا، من يعرف ومن لا يعرف: أما الحمام فكنا نصحو كل صباح بمظاهرة حمَاميّة على بَسْطة شبابيكنا، يتنازع فيها الحمامُ الحَبَّ أسرابا أسرابا لا ندري من أين تأتي! وأما الناس فكان هو يغتنم مناسباتهم فيهديهم فيها ما لم يعد أحد يهديه أحدا! ولو رأيته ما ألقيت له بالا! وهكذا أهل الله من قديم، ولو أقسموا على الله لأبرَّ أقسامهم! رحم الله…

Read More

مذياع

أوائل سبعينيات القرن الميلادي العشرين -ولأَكُنْ في السابعة مثلا- مررت في قريتنا بشباك مفتوح وفيه مذياع -وكان جدار الشباك من العرض بحيث يتسع له- فدفعت المذياع، فأسقطته عبثا كان يَلذّ لي آنئذ كثيرا؛ فخرج لي صاحب المذياع -ولعلني قطعت عليه شريط الأخبار!- يركض فأركض، وأركض فيركض، حتى استسلم لعجزه! بلغت دار جدي -وكنا في زيارته الصيفية- متقطع الأنفاس ألهث، ففزع لي أبي، ولم يكد حتى دخل علينا المذياع بصاحبه يصخب ويعتب؛ فجذبه منه أبي، وأمسك بيد هاون يريد أن يدقه له بها مثلما يدق الفول للعجول، فمنعه بعض الحاضرين، ولكنه…

Read More

الكلمة

أول ما جالست محمود محمد شاكر أستاذنا أستاذ الدنيا -رحمه الله، وطيب ثراه!- كنت أرتبك ارتباكا شديدا، ولاسيما في حضرة ضيفانه الكبار الطارئين، وأعيا بأمري كله! تغدينا مرة غداء من لا يخشى الجوع، ثم جاءنا الشاي، فتحرجت أن يديره على مثلهم غيري، فأسرعتُ إلى إبريقه أفرغه في أكوابه، وأسكِّرها، غافلا عن أن ملعقة التسكير غير ملعقة التذويب -ولم يكن في قومي مثل هذا الأدب- وبادرني عَرَقي؛ فجذبت من مناديل العلبة المهيأة، فخرج لي أكثر مما أريد، فجعلت أدخل ما زاد ولا يَدخل، فأغريتُ ابن أخيه الخطيب الأديب الأريب الأستاذ عبد…

Read More

كلمة للدكتور إبراهيم عوض في الدكتور نجيب البهبيتي

أستاذي الدكتور إبراهيم عوض، سلام الله عليك ورحمته وبركاته! كيف حالك؟ أسعد الله بالخير مساءك وبالنور سماءك! هل أدركت الدكتور نجيب البهبيتي؟ ذكَّرتَنِيه! رحمه الله، وطيب ثراه، وأطال في النعمة بقاءك، ونفع بك البلاد والعباد! قرأت له كتبه كلها تقريبا؛ فهى قليلة، لكنها مهمة وممتعة -وفى المقدمة المغربية لأحد كتبه القديمة تكلم عن طه حسين وقسوته- لكنى لم أقابله، ولا أذكر أنى رأيت صورته!

Read More

خرج والمفروض “يعد”

هكذا سمَّت معرضَها الخاص جدا، فَرَح حلّابة وأصدقاؤها، واحتشد لهم فيه كل ما يصف كُربة الغربة وكَرْب المتغربين في الخليج العربي، مشهودا ومرئيا ومقروءا ومسموعا، من التعبيرات والتشكيلات والتكوينات والتوثيقات الفنية والعُرفية. لقد فتحوا لنا صناديق ذكرياتهم الخاصة جدا، فشهدنا ورأينا وقرأنا وسمعنا ما لم يخطر لأحد ببالٍ أن يفتح إلا لأهله، ولسان حالهم يقول قول أستاذنا الحبيب الدكتور حسن الشافعي -أطال الله في النعمة بقاءه!-:“هَذَا هُوَ السِّرُّ يَا مَنْ لِلسِّرِّ يَطْلُبُ حَمْلَاقَدْ كُنْتَ خِلْوًا خَفِيفًا وَالْآنَ تَحْمِلُ ثِقْلَافَضَحْتُ نَفْسِي وَلَكِنْ بَعْضُ الْفَضِيحَةِ أَحْلَىمِنْ كَتْمِ سِرٍّ عَزِيزٍ وَالْبَوْحُ حَانَ وَحَلَّا”!ولقد…

Read More

علي الفارسي

كان شديد الفخر بِصُور (محط أنظار المتطلعين إلى محافظة الشرقية العمانية)Ø› فهي العَفيّة -صفة صاغها أهلها من العافية عامّيةً مطلقةً- أول مشارق الشمس العربية، المتخلقة بأخلاق البحر طيبا وذكاء. لم يبخل بدرجته الثانوية العالية على قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية من جامعة السلطان قابوس- ولا بإخلاصه المستمر، حتى إذا ما تخرج فيه ولم يوظف به استعاض بمحاولة الماجستير فيه، وكيف وهو المبتلى بمحبة أحد تلامذة محمود محمد شاكر -رحمه الله، وطيب ثراه!- الذي حُرم محبتَه هو وتلميذه من كان يخوض فيهما بمحاضراته؛ فأفسد محاولته؛ فلجأ إلى قسم…

Read More

معاوية الرواحي

إذا جاز أن أوصف بالمصري العماني، فإنني أصفه بالعماني المصري! نعم؛ فقد نشأ في مصر على عين أبيه الدبلوماسي، يدرس مع المصريين في مدارسهم، ويتقدّمُهم، ثم يؤوب إلى عمان أوائل القرن الميلادي الحادي والعشرين، شاعرا شابا جسيما قسيما وسيما، متحدر الشَّعر على الجبين، مفتون الشِّعر بنزار قباني وأمل دنقل ومحمود درويش وأدونيس- فيغريه بكلية الطب تقدّمُه، ويحمله إليَّ بقسم اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، شِعرُه! لم نكد نرتاح إلى لقاءات دورية حتى رحلتُ عن عمان فجأة -وإن لم تنقطع صلتي بها ولا به- لأُدعى بعدئذ إلى جامعة…

Read More

حميد الحجري

بعد زمان من تخرجه في جامعة السلطان قابوس لقيته بإحدى أسواق مدينة مسقط، فهش لي كثيرا وبش متذكرا “أيامنا الحلوة”! وكان أحد نجباء من تحملوا عام 1997ØŒ تجاربي التدريسية الأولى الغريبة العجيبة، صابرين محتسبين وراضين محتفين -جزاهم الله عني خيرا!- حتى لقد اتفقنا بعد زيارته الأولى لي في مكتبي من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، قادما من قسم اللغة العربية بكلية التربية، على لقاء دوري نناقش فيه دون حرجٍ ما نستشكل من مسائل اللغة العربية والمذاهب الإسلامية! يزورني منطويا على مزاجين معتلجين من القدامة والحداثة، متطلعا إلى…

Read More