في بيت نزار قباني – محمود درويش

بيت من الشعر بيت الدمشقي
من جرس الباب حتى غطاء السرير
كأن القصيدة سكنى وهندسة للغمام
بلا مكتب كان يكتب
يكتب فوق الوسادة ليلا
وتكمل أحلامه ذكريات اليمام
ويصحو على نفس امرأة من نخيل العراق
تعد له الفل في المزهرية
كان أنيقا كريش الطواويس
لكنه لم يكن دون جوان
تحط النساء على قلبه خدما للمعاني
ويذهبن في كلمات الأغاني
ويمشي وحيدا
إذا انتصف الليل قاطعه الحلم
في داخلي غرف لا يمر بها أحد للتحية
منذ تركت دمشق تدفق في لغتي بردى
واتسعت
أنا شاعر الضوء والفل
لا ظل
لا ظل في لغتي
كل شيء يدل على ما هو الياسمين
أنا العفوي البهي
أرقص خيل الحماسة فوق سطوح الغناء
وتكسرني غيمة
صورتي كتبت سيرتي
ونفتني إلى الغرف الساحلية
بيت الدمشقي بيت من الشعر
أرض العبارة زرقاء شفافة
ليله أزرق مثل عينيه
آنية الزهر زرقاء
والستائر زرقاء
سجاد غرفته أزرق
دمعه حين يبكي
رحيل ابنه في الممرات أزرق
آثار زوجته في الخزانة زرقاء
لم تعد الأرض في حاجة لسماء
فإن قليلا من البحر في الشعر
يكفي لينتشر الأزرق الأبدي على الأبجدية
قلت له حين متنا معا وعلى حدة
أنت في حاحة لهواء دمشق
فقال سأقفز بعد قليل
لأرقد في حفرة في سماء دمشق
فقلت انتظر ريثما أتعافى
لأحمل عنك الكلام الأخير
انتظرني ولا تذهب الآن
لا تمتحني ولا تشكل الآس وحدك
قال انتظر أنت
عش أنت بعدي
فلابد من شاعر ينتظر
فانتظرت
وأرجأت موتي

Related posts

Leave a Comment