دستور القراءة والكتابة 5

(لماذا نقرأ ونكتب؟)

القوة
ومن دواعي القراءة والكتابة القوة (امتلاء المتخصص في نفسه بمفردات تخصصه، امتلاء يشغل فوارغ جسمه وروحه)، التي تمكن كلا القارئ والكاتب في مكانه، وترجحه في ميزانه؛ فيقتنع هو بنفسه من قبل أن يقتنع به غيره -وإلا شالت نعامته، وخفت قيمته؛ فلا يقوم في معمله إلا كما يقوم المقحم، ولا يكلف بشيء إلا سقط في يده وحبسه مثل حابس الفيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله!- فيهون عليه أن يقرأ أصول تخصصه وفروعه وعلاماته ويكتب فيها غير كال ولا مال، حتى إن من يطلع عليه بعدئذ في معمله يميزه من زملائه الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، بما يتوقد وينطفئون، ويعز ويذلون.


القدرة
ومن دواعي القراءة والكتابة القدرة (فيض المتخصص على غيره بالعمل المستفاد من تخصصه، فيضا يخصب به الجدب، ويعم النفع)، التي تمكن القارئ والكاتب كليهما من إنجاز كل ما اشتمل عليه تخصصه، من بعد أن كان حبيس قوته، وكأنما قدرته عليه هي تصديق العمل الذي يدرك ما وقر في القلب؛ فيكتمل بهما معا عندئذ الإيمان الذي نبه عليه الحديث النبوي الشريف المعروف؛ فيهون عليه أن يأتم في القراءة والكتابة بأصول تخصصه وفروعه وعلاماته، ائتمام من يقيس الحاضر على الماضي.


الفضل
ومن دواعي القراءة والكتابة الفضل (تدفق المتخصص بما يجاوز العمل المستفاد من تخصصه، تدفقا يرتفع به تياره إلى القمم العالية)، الذي يمكن كلا القارئ والكاتب من إبداع ما لم يشتمل عليه تخصصه؛ فيرود لغيره مجاله الذي أضله ولم يهتد إليه، وينمي لتخصصه تراثه الذي إن لم ينم جف وذوى وهوى؛ فيهون عليه أن يتحدى في القراءة والكتابة أصول تخصصه وفروعه وعلاماته، تحدي من يعدو بالحاضر المبني على الماضي إلى المستقبل.

Related posts

Leave a Comment