دستور القراءة والكتابة 8

(متى نقرأ ونكتب؟)

نظام الصلوات

زعم زاعم مسموع أن العقاد (الأستاذ الكاتب الأديب الفذ عباس محمود)، قرأ سبعين ألف كتاب، فأعجبني ما زعم؛ وذكرت نظام يومه القرائي الكتابي المحكم، وأنه كأنه سئل فيه؛ فرده إلى نشأته في أسرة عربية مسلمة منظمة الأعمال بالصلوات: تقوم لصلاة الفجر فتصلي وتفطر ثم تشتغل بأعمالها إلى صلاة الظهر، لتصلي وتتغدى وترتاح إلى صلاة العصر، لتصلي وتشتغل بأعمالها إلى صلاة المغرب، لتصلي وتتعشى إلى صلاة العشاء، لتصلي وتنام إلى صلاة الفجر، وهكذا دواليك! ولا ريب في أنها كانت -وقد اطلعت من عائلتي على مثلها- إذا حزبها عمل طارئ بذلت له مما قبل العصر ومما قبل العشاء ومما بعدها، من هذه الأوقات الثلاثة كلها أو بعضها.

  وعلى رغم ضلال أكثر العرب المسلمين الآن عن نظام صلواتهم، واستفادة غيرهم منه دونهم ما تقدموا به عليهم- يستطيعون مراجعته إذا صح عزمهم على تغيير ما بأنفسهم، حتى يغير الله ما بهم.

تفاوت الأوقات

لقد انقسمت أوقات العمل فيما سبق على قسمين كبيرين يجوز أن تنضاف إليهما ثلاثة الأقسام الصغيرة المنتزعة من أوقات الطعام والراحة. ولا ريب في أن أقوى هذه الأوقات كلها ما كان بعقب الراحة المتمكنة الكافية، ولا في أن أضعفها ما كان أبعد من الراحة، ولا في أن أوسطها ما كان بعقب راحة غير تلك المتمكنة الكافية؛ إذ في أثناء الراحة يستجم الذهن؛ فيقر ما تلقاه من قبل في مقاره، ويتجهز لتلقي غيره.

تفاوت الأعمال

وعلى رغم ما في طبيعة القراءة من صعوبة تخمين المراد ومن انكشافها لخواطر النفس، وما في طبيعة الكتابة من امتلاك المراد ومن اجتماع خواطر النفس فيها- تتفاوت لدى القارئ -وكذلك الكاتب- أقدار أعماله المرجوة -مهما كانت قوته وقدرته وفضله- تفاوت ملاءمتها له وإقباله عليها وخبرته بها؛ فيستسهل منها، ويستصعب، ويستوسط، وليس أعلم منه بذلك، إلا أن يكون ذاهلا غافلا -ولا قراءة ولا كتابة لغافل أو ذاهل- فلا يستكينن قارئ أو كاتب أبدا لأوهام أنفسهما، ولا لأهوال غيرهما.

تفاوت الأحوال

من ثم ينبغي لطالب القراءة والكتابة أن يلائم الأوقات بالأعمال، فيؤثر العمل الصعب بالوقت القوي، والعمل الوسط بالوقت الوسط، ليستقل الوقت الضعيف بالعمل الضعيف- وإلا اضطربت أحواله، وضاعت أوقاته وأعماله! ولقد جريت في ذلك على منهجين؛ فمرة أجعل للقراءة يوما وللكتابة يوما، ومن داخل كل منهما ألائم بأعماله المتفاوتة صعوبة وسهولة أوقات يومه المتفاوتة قوة وضعفا. ومرة أجمع كل يوم بينهما، بحيث يكون للقراءة الوقت القوي، وللكتابة الوقت الضعيف، على أن ينقسم بينهما الوقت الوسط.

 

Related posts

Leave a Comment