بسم الله الرØمن الرØيم
“والضØÙ‰ والليل إذا سجى ما ودّعك ربك وما قلى”ØŒ
الØمد لله رب العالمين!
لمØØ© عن تاريخ الÙكرة الإسلامية
ÙÙŠ البدء صنع الله آدم ÙÙŠ الملأ الأعلى من تراب وماء، ثم أمر الملائكة بالسجود له، وكان من بين الملائكة أو على رأسهم إبليس الذي رÙض بإصرار عجيب تنÙيذ الأمر الإلهي ولم يسجد لآدم واØتقره! لقد كان اعتراض إبليس على تنÙيذ الأمر بالسجود يتلخص ÙÙŠ كونه من الجن وأنّ الجن كائنات مخلوقة من النار وآدم المأمور له بالسجود مخلوق من طين، وهو يرى أن النار Ø£Ùضل من الطين؛ لذا كان يرى أنّ سجوده وهو من النار لآدم الذي من الطّين إهانة كبيرة له وترخّص غير مقبول! ويمكننا القول إن خطيئة إبليس تتلخص ÙÙŠ كونه قاس وجوده بوجود آدم ÙÙŠ Øضرة الوجود الأعظم، لأنه ÙÙŠ الØضرة العليّة، ÙÙŠ وجود الله تتلاشى كل الموجودات، وتنعدم كل الذوات إلا وجود الله وذاته العليّة، سبØانه، وتعالى! إن السجود لآدم كان يعني لإبليس Ùقدانه تلك الØظوة والمكانة التي كان ينعم بها ÙÙŠ الملأ الأعلى أو على أقل تقدير الانتقاص منها، لكن Øقيقة الأمر أن السجود لآدم لم يكن لذات آدم ولم يكن لتعظيمه، بل كان تعظيما وإجلالا وتوقيرا ومهابة Ù„Øالة انتقال Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ù…Ù† الذات العليّة إلى الذات الدنيّة، أو إنّه سجود شهادة تقدير وتعظيم وإجلال لقدرة الله المطلقة وبراعته التي تظهر واضØØ© جليّة ÙÙŠ خلق آدم. لم تستطع Ù†Ùس إبليس التراجع بعدما أدرك أن ما Øدث كان اختبارًا من الله ليكش٠به Øقيقة Ù†Ùسه المتعالية، واختار قدر Ù†Ùسه بنÙسه!
إن الØرب بين الله وأهل الكبر والاستعلاء قديمة منذ أن خلق الله المخلوقين المختارين Øتى يوم القيامة، وهي بالأساس Øرب سياسيّة عسكريّة اقتصاديّة أكثر منها Ùكريّة أو ثقاÙيّه أو اجتماعيّة. أرسل الله الأنبياء إلى الناس ليصØØ Ù„Ù‡Ù… Ùهمهم عن أنÙسهم وعن الوجود الذي من Øولهم ولتكون Øياتهم Ø£Ùضل، كما أرسل الله النبي Ù…Øمدًا -صلى الله عليه، وسلم!- وأمره بتبليغ رسالته إلى أهله ثم الأقرب Ùالأقرب من الناس. أدرك سادة قريش معنى ومضمون ومÙهوم ومقتضى الإيمان بالرسالة المØمديّة؛ ÙØاربوها من Ùورهم.
الإسلام الدين والدولة
إن التÙا٠كÙار مكة Øول أصنامهم كان للتمسك بمقومات المجتمع المكّي السياسية والاقتصادية والعسكرية والÙكريّة والثقاÙيّة والاجتماعيّة السائدة ومكانتهم المتميزة Ùيها وللمØاÙظة على ما هم عليه من مكتسبات. إنهم لا يريدون أن يتØولوا مع Ù…Øمد ودينه الجديد إلى مواطنين عاديّين أو تلاميذ ÙÙŠ مدرسته، ولا يرغبون ÙÙŠ ÙƒÙØ§Ø Ø¬Ø¯ÙŠØ¯ لاختيار نخب جديدة بمقومات ثقاÙيّة ÙˆÙكريّة جديدة؛ Ùليست المشكلة أن الدين الجديد سيجعل من Ù…Øمد سيدا لقريش Ùقط، بل أنه سيجعل أصØابه وأتباعه والمقربّين منه هم السادة الجدد أيضا، Ùتطرد به النخب القديمة، أو تنزع عنهم إرادتهم المطلقة ÙÙŠ Ùعل أي شيء يمكنهم Ùعله؛ لذا سعى سادة قريش ÙÙŠ بداية الدعوة الإسلاميّة إلى رشوة النبي Ù…Øمد لصرÙÙ‡ عن دعوته الجديدة، Ùعرضوا عليه أن يكون أكثرهم مالا وشرÙا ورئاسة، وأنه إن شاء جعلوه ملكا على قريش ومكة، على أن ينتهي عن سعيه إلى تغيير النظام المكّي السياسي والاقتصادي ثم الثقاÙÙŠ والاجتماعي والديني الذي اتخذ من الأصنام واجهة تعبر عنه وستارًا يختÙÙŠ وراءه؛ إذ رأوا التراجع خطوة Ùˆ اØدة Ø£Ùضل من أن تنتهي مكتسباتهم كلها إلى الأبد Øال Ù†Ø¬Ø§Ø Ù…Øمد ÙÙŠ نشر دعوته الجديدة. وعندما Ùشلت الإغراءات جاء دور التهديد والعقاب؛ Ùكان Øصار الشÙّعْب، ثم Øصار البيت، وكانت مطاردتهم له ليمنعوه من الوصول إلى المدينة المنوّرة (يثرب).
إن الدين ÙŠØتاج إلى دولة تØميه وترعاه، وإن الدولة تØتاج إلى الدين الذي يشكل ÙÙŠ وجدانها القيم العليا الضابطة لسلوكها. إنّ الدين والدولة كلاهما ÙŠØتاج إلى الآخر ليبقى، ولكي ينتشر الدين كان لزاما على النبي Ù…Øمد أنّ ينشئ الدولة؛ Ùكانت دولة الإسلام بالمدينة المنوّرة (يثرب). ومن ناÙلة القول أن القرية هي ذلك المكان والتجمع الإنساني الذي يجد Ùيه الإنسان كل اØتياجاته من ماء وطعام Ùيستقر Ùيها ولا ÙŠØتاج إلى الانتقال إلى غيرها. وكانت يثرب قرية من أهم قرى الجزيرة العربيّة. وبرغم أنّ مكّة ليست ÙÙŠ الØقيقة قرية منتجة تØتاج إلى ما Øولها لتبقى وتستمر، سماها الله سمّاها قرية بل “أمّ القرى”ØŒ لأنّه Ùيها يتØقق الاستقرار الروØÙŠ لكل زوّارها وسكّانها. والمدينة هي ذلك المكان والتجمع الانساني الذي يجلب إليه كل اØتياجاته من خارجه؛ Ùهو من Ø«ÙŽÙ…ÙŽÙ‘ مَدÙين لغيره ببقائه. وعادة ما تجد أهلها يشتغلون بالتجارة والصناعة وعادة ما تجد بها Øصنًا؛ لذلك تØولت يثرب من قرية إلى مدينة؛ Ùإنّها مدينة لمكّة بنور Øضرة النبي Ù…Øمد الذي أعلى من شأنها بين بلاد الدنيا ومدنها وقراها!
أراد النبي Ù…Øمد -صلى الله عليه، وسلم!- منذ يومه الأول بالمدينة المنوّرة، أن يرسي دعائم دولة العلم والإيمان والدستور والقانون وأن يطرد Ø£Ùكار الهرطقة والخراÙØ© من أذهان أتباعه من المسلمين. أخذ النبي Ù…Øمد من أتباعه البيعة والعهد بالولاء والانتماء للدين الجديد، والانتماء Ùˆ الولاء للدولة الناشئة أيضا. وكان مما تضمّنته بنود البيعة التي أخذها النبي عليهم:
أولا ØÙ‚ الله
ويتلخّص ÙÙŠ الإيمان بالله وعدم الشرك به وتØطيم الأوثان التي تمثل رمز الØماقة والهرطقة والبدع والخضوع لغير الله، والعمل على إخراجها من القلوب والعقول قبل تØطيمها وإزاله Ø£Øجارها.
ثانيا ØÙ‚ الÙرد وواجباته
وذلك بتØريم السرقة والزنا والبهتان وتØريم القتل والغيلة وشهادة الزور والغش التجاري وخيانة الأمانة، وأن يلتزم المسلم الصدق وقول الØÙ‚ -ولو على Ù†Ùسه أو أهله وذويه- والØض على مكارم الأخلاق؛ Ùقد قال النبي لأصØابه: “”والذي Ù†Ùسي بيده لا يدخل الجنة Ø£Øد إلا بØسن الخلق”!
ثالثا ØÙ‚ المجتمع
وأهم مظاهره المساواة؛ Ùالناس أمام القانون سواء، متساوون كأسنان المشط، قال النبي لأصØابه: “لو أنّ Ùاطمة بنت Ù…Øمد سرقت لقطع Ù…Øمد يدها”Ø› ÙØقّق النبي بذلك تماسك المجتمع المدني على رغم تنوعه، ونشر السلام الاجتماعي.
وكان دستور المدينة الذي يعد سابقة تشريعيّة دستورية ÙÙŠ تاريخ الإنسانية الØديث والقديم، ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„Ø¥Ø·Ø§Ø± العام للØقوق والواجبات للأÙراد والجماعات ÙÙŠ الدولة الناشئة. ومما جاء Ùيه:
– أن المؤمنين المتّقين أيديهم على كل من بغى منهم أو ابتغى إثما أو عدوانا أو Ùسادا بين المؤمنين،
– وأن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد Ø£Øدهم،
– أن على اليهود Ù†Ùقتهم، وعلى المسلمين Ù†Ùقتهم،
– وأن بينهم النصر على من Øارب أهل هذه الصØÙŠÙØ©ØŒ وأن بينهم Ø§Ù„Ù†ØµØ ÙˆØ§Ù„Ù†ØµÙŠØØ© والبر دون الإثم،
– وأن الجار كالنÙس غير مضار ولا آثم،
– وأنه من خرج آمن ومن قعد بالمدينة آمن، إلاّ من ظلم أو أثم،
– وأن الله جار لمن برّ واتقى.
Ùكما علّم رسول الله المسلمين كيÙية التواصل مع السماء بإقامة الشّعائر الدينية من الصلاة والصيام والØج والذكر، علّمهم كذلك كيÙيه التÙاعل ÙÙŠ الأرض من خلال العبادة بمÙهومها الأشمل، التي هي كل عمل ØµØ§Ù„Ø Ù‚ØµØ¯ به وجه الله. ولتØقيق السلام الاجتماعي بين طبقات المجتمع الإسلامي كان تشريع الزكاة، Ùˆ هي أموال تؤخذ من الأغنياء لترد على الÙقراء ÙˆÙÙŠ أوجه المناÙع العامة الأخرى للدولة. وجعلت الجنّة ÙÙŠ الآخرة هي الثواب والجزاء المنتظر لكل من يصدق ÙÙŠ الوÙاء ببنود هذه البيعة الكريمة وسلك هذا المسلك الØضاري الشريÙ. إن الجّنة هي الثواب الجميل لقاء تØمّل المسلم مشاق طاعة الله ÙÙŠ الØياة الدنيا. يعيب غير المسلمين على الإسلام ذلك المÙهوم، كون الجنة الموعودة ماديّة، وأنه لا يليق ولا يستØسن أن تكون ثواب طاعة الله ومØبته! وقد تجاهلوا بذلك قاعدة كليّة تنص على أنّ الجزاء من جنس العمل، وأن الإنسان ÙÙŠ آخرته امتداد لما كان عليه واختاره لنÙسه ÙÙŠ دنياه؛ Ùمن تغلبّت عليه ماديّته ÙÙŠ Øياته الدنيا وصبر على طاعه الله مع ذلك، جوزي بمثلها جنّات Ùيها طعام وشراب Ùˆ… ومن غلبت عليه Ù…Øبّة الله زÙيدَ له أن يرى جمال قدر الله. وأما من بلغ ÙÙŠ Ù…Øبّته المدى كان ثوابه دوام النظر إلى ذات الله، تعالى، والله أعلم!
ولاسترداد بعض من أموال المسلمين المهاجرين المØتجزة لدى قريش، عقد رسول الله لواء أبيض Ù„Øمزه بن عبد المطلب للقبض على عير قريش القادمة من الشام، Ùكانت غزوة بدر الصغرى، لكن المØاولة Ùشلت! أرادت قريش تأديب المسلمين على تجرئهم هذا، Ùجمعوا جيشا لمØاربتهم، Ùكانت غزوة بدر الكبرى، وانتصر المسلمون، قال الله: “ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة Ùاتقوا الله لعلكم تشكرون”. كان من قريش أسرى، Ùلم يقتلهم النبي كما هو متعار٠عليه بين المتØاربين Øينها، لكنه عرض عليهم عرضا سخيّا، أنّه من استطاع أن ÙŠÙتدي Ù†Ùسه بمال ويطلق سراØÙ‡ Ùعل، ومن لا يمكنه دÙع الÙدية ويمكنه أن يعلّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة Ùإن ذلك يكÙÙŠ لإطلاق سراØÙ‡. أراد النبي بذلك أن يعلّمنا قيمة العلم والتعلّم، كما بدا كأنّه كان يريد أيضا أن يبقي على بقيّة من عاطÙØ© بينه وبين قريش بمØاÙظته على Ø£Ø±ÙˆØ§Ø Ø£Ø³Ø±Ø§Ù‡Ø§. لكن لم تتقبّل قريش الهزيمة ÙÙŠ بدر، Ùأعدّوا العدة، وجهزوا جيشا Ù„Øرب النبي والذين معه، Ùكانت معركة جبل Ø£Øد التي انتهت بخسارة المسلمين!
Ù…Øمد واليهود
عايش رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- اليهود بالمدينة، وتكوّنت لديه قناعة بأنه لن تستقيم بهم العلاقة الÙكريّة والثقاÙيّة، لعنصريّتهم القاسيّة؛ Ùتطلّعت Ù†Ùسه إلى أن يجعل الله للمسلمين قبلة لصلاتهم غير قبلة اليهود التي كانت إلى بيت المقدس، Ùقبل الله رجاء النبي Ù…Øمد، ووجهه إلى الكعبة البيت الØرام قبلة أبيه إبراهيم، Ùكان هذا الاستقلال الثقاÙÙŠ مبشرا بÙÙƒ الارتباط السياسي.
قدم Ù†Ùر من اليهود على قريش، Ùدعوهم إلى Øرب رسول الله، وقالوا إنا سنكون معكم عليه Øتى نستأصله. ولما علم النبي بقدومهم شاور المسلمين، Ùأشار سلمان الÙارسي عليه بضرب خندق Øول المدينة. أقبلت قريش ÙÙŠ عشرة آلاÙØŒ ونقضت يهود بني قريظة عهدها مع النبي، وانضموا إلى الأØزاب التي تØزّبت على المسلمين، Ùكانت Øربا Ùاصلة بين دولة Ù…Øمد والإسلام Ùكرا وعقيدة وشريعة ومنهج Øياة من جهة، ودولة الأصنام والمنتÙعين بها من قريش ويهود والقبائل البدويّة المتØالÙØ© معهم من جهة أخرى. وانتصر الÙكر، وانتصرت الثقاÙØ©ØŒ وانتصر العقل، قال الله -تعالى!-: “يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود Ùأرسلنا عليهم ريØا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا”. أخذ النبي ÙÙŠ دعوة اليهود إلى الإسلام، لكن دعوته لم تلق قبولا منهم، وتعاظمت كراهيتهم له -صلى الله عليه، وسلم!- Øتى أصبØت مؤامرات وغدرات ثم عداوات ÙˆØروبا، ÙØارب النبي قبائل اليهود كلها الواØدة تلو الأخرى، وأخرجهم من المدينة. لم يسلم النبي يوما منذ أن دخل المدينة من أذى اليهود ومكايدهم ÙˆØقدهم وخيانتهم، وأصبØوا خنجرًا ÙÙŠ ظهره وأعوانًا عليه لكل أعدائه، Ùخرج النبي -صلى الله عليه، وسلم!- ÙÙŠ المØرم من سنة سبع، إلى قتال يهود خيبر. قال النبي: “لأعطينّ الراية غدا رجلا ÙŠØبّه الله ورسوله ويØب الله ورسوله ÙŠÙØªØ Ø§Ù„Ù„Ù‡ على يديه وليس بÙرار”Ø› Ùكان علي بن أبي طالب، رضي الله عنه! Ùخرج بها، ÙˆÙØªØ Ø¨Ù‡ النبي Øصون خيبر الواØد تلو الآخر. ØµØ§Ù„Ø Ø±Ø³ÙˆÙ„ الله أهل خيبر على أن يرØلوا منها ولهم ما Øملت ركابهم ولرسول الله الصÙراء والبيضاء (الذهب والÙضة). قالوا: يا Ù…Øمد، دعنا نكون ÙÙŠ هذه الأرض نصلØها؛ Ùأعطاهم ما طلبوا على أن لهم الشّطر من كل زرع. وأخرجهم عمر بن الخطاب ÙÙŠ عهده، Ùلمّا بلغت يهود تيماء الأخبار صالØوا رسول الله على الجزية.
عالمية الÙكرة الإسلامية
جمع النبي الناس، وقام Ùيهم خطيبا، ÙØمد الله، ثم قال: أما بعد؛ Ùإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك الأعاجم؛ Ùلا تختلÙوا عليّ كما اختل٠بنو إسرائيل على عيسي بن مريم! Ùقال المهاجرون: يا رسول الله، إنا لا نختل٠عليك ÙÙŠ شيء أبدا؛ Ùمرنا، وابعثنا! أرسل النبي شجاع بن وهب إلى كسرى Ùارس،
يدعوه إلى الإسلام، Ùمزّق كسرى كتاب رسول الله؛ Ùدعا عليه رسول الله أن يمزّق الله ملكه، Ùكان! وأرسل دØية الكلبي إلى قيصر الروم، يدعوه إلى الإسلام، Ùقال له أعلم أنه نبي ولكن لا أستطيع أن Ø£Ùعل Ùإن Ùعلت ذهب ملكي وقتلني الروم! وأرسل إلى المنذر بن الØارث صاØب دمشق، يدعوه إلى الإسلام، Ùقال المنذر: من ينتزع منّي ملكي! إنّي سأسير إليه، يعني أنه سيØارب النبي! وأرسل النبي Øاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية يدعوه إلى الإسلام، Ùقبّل المقوقس كتاب رسول الله، وأكرم Øاطبًا، وأهدى إلى النبي كسوة وبغلة وجاريتين، وإكراما من النبي الكريم لمصر وأهلها تزوّج Ø¥Øداهما السيدة مارية القبطيّة، وأولدها ابنه إبراهيم.
لا بد لنا أن نقرّ بأنه كلّما اتسعت الدولة زادت كلÙØ© تأمينها، ولزم ضمان ولاء دول الجوار أو على الأقل عدم قدرتهم على اجتياØها. لمّا انتشر خبر النبي ودعوته ÙÙŠ الآÙاق، وعلم به كسرى وقيصر- استشعرت القوّتان العظميان عندئذ (Ùارس والروم)ØŒ هذا الخطر الداهم على بلادهما من الدعوة الإسلامية، كما استشعر المسلمون كذلك الخو٠والخطر من هاتين الدولتين؛ Ùها هو كسرى ملك Ùارس يرسل إلى عامله على اليمن يأمره بأن يأتي له بمØمد، Ùأرسل عامل كسرى رسولا إلى النبي Ù…Øمد يطلب منه المثول أمام كسرى، ÙأشÙÙ‚ عليه النبي، وقال له اذهب Ùإن كسرى قد مات! وكان الخطر الروماني القريب المنزل يعد هاجسًا مقلقًا ومخيÙًا للمسلمين ÙÙŠ المدينة، Øتى إن الرجل كان يطرق باب الرجل، Ùيرد Ùزعا: هل جاء الروم؟ Ùبعث النبي -صلى الله عليه، وسلم!- بعثة مؤتة سنة ثمان، واستعمل عليها زيد بن Øارثة ÙÙŠ ثلاثة آلا٠مقاتل ضربةً استباقية لمنع الخطر الرومي عن المدينة وأهلها والدعوة الإسلامية ÙˆÙكرتها، Ùمضوا Øتى نزلوا معان من أرض الشام، وبلغهم أن هرقل قدم إليهم ÙÙŠ مئة أل٠مقاتل، وانضمت إليه قبائل عربية، وأرادوا أن يرسلوا إلى رسول الله بعدد الروم يطلبون المدد، لكنّهم تشجّعوا وتقدموا للØرب ولم ÙŠØققوا نصرا، وبصعوبة Ù†Ø¬Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙˆÙ† ÙÙŠ التخلص من هذه المØنة، وعادوا إلى المدينة.
خرج النبي Ù…Øمد -صلى الله عليه، وسلم!- إلى مكة لأداء العمرة ومعه أربع عشرة مئة من المهاجرين والأنصار وقليل من الأعراب. ربما أراد النبيّ من هذا العمل أن يتألّ٠قلوب أهله ÙÙŠ مكة. وبعث بعثمان بن عÙان إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت Ù„Øرب، بل جاء زائرا للبيت معظما Ù„Øرمته. ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو إلى النبي ليعقد معه اتÙاق هدنة، Ùكان Ùيه:
1) وضع الØرب عن الناس (بين قريش بمكة ومØمد بالمدينة)ØŒ عشر سنين، يأمن Ùيهن الناس، ويك٠بعضهم عن بعض.
2) من أتى Ù…Øمدًا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريش ممن مع Ù…Øمد لم يردوه عليه.
3) من Ø£Øب أن يدخل ÙÙŠ عهد Ù…Øمد وعقده دخل، ومن Ø£Øب أن يدخل ÙÙŠ عقد قريش وعهدهم دخل. Ùتواثبت خزاعة، وقالوا: Ù†ØÙ† ÙÙŠ عقد Ù…Øمد. وتواثبت بنو بكر، Ùقالوا: Ù†ØÙ† ÙÙŠ عقد قريش وعهدهم.
4) أن يرجع النبي عامه هذا Ùلا يدخل عليهم مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجوا عنها ليدخلها بأصØابه، Ùيقيموا بها ثلاثا معهم Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ø±Ø§ÙƒØ¨ السيو٠ÙÙŠ القرب لا يدخلون بغيرها!
تجمّع المسلمون الخارجون من قريش بعد هذا Ø§Ù„ØµÙ„Ø Ø¹Ù„Ù‰ ساØÙ„ البØر، Ùجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا Ù„ØÙ‚ بهم، Ùما يسمعون بعير لقريش إلا اعترضوها؛ Ùأرسلت قريش تناشد النبي أن من أتاه Ùهو آمن، Ùأرسل النبي إليهم يضمهم إليه.
ÙØªØ Ù…ÙƒÙ‘Ø©
ممّا كان ÙÙŠ ØµÙ„Ø Ø§Ù„Øديبية بين النبي Ù…Øمد وقريش أنه من شاء أن يدخل ÙÙŠ عقد Ù…Øمد وعهده دخل، Ùدخلت Ùيه قبيله خزاعة- ومن شاء أن يدخل ÙÙŠ عقد قريش وعهدهم دخل، Ùدخلت Ùيه قبيله بني بكر؛ ÙØدث أن هاجمت بنو بكر خزاعة ليلا، وخانت قريش عهدها واتÙاقها مع رسول الله، وأعانت بني بكر بالسلاØØŒ وقاتلت معهم، ولم تستطع قوى الكبر والاستعلاء والعنصريّة الثبات على العهود والمواثيق، Ùخانوها، وكانت الØرب، وكان الÙتØØŒ Ùخرج النبي ÙÙŠ العاشر من رمضان Ù„ÙØªØ Ù…ÙƒØ© ÙÙŠ عشرة آلا٠من المسلمين وقد عمّيت الأخبار عن قريش ولا يدرون ما رسول الله Ùاعل. دخل رسول الله مكة متخشّعا عليه عمامة سوداء وكان لواؤه أبيض. أمّن النبي الناس، وجاء البيت، Ùطا٠به، وقال: لا إله الا الله ÙˆØده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأØزاب ÙˆØده! وأزال الاصنام، Ùˆ أمر بلالً، Ùصعد ظهر الكعبة، وأذن بالصلاة. لم يرد رسول الله والذين آمنوا معه أن يجعلوا من ÙØªØ Ù…ÙƒØ© Øمام دم ينتقمون Ùيه من خصومهم الذين لم يألوا جهدا عبر أعوام طويلة ÙÙŠ إيذائهم Ùˆ الإضرار بهم، بل جعلوه ÙتØا ثقاÙيّا ÙˆØضاريّا سجّله التاريخ لمØمد والذين آمنوا معه. دلّل سلوك المسلمين الØضاري والإنساني الراقي ÙÙŠ ÙØªØ Ù…ÙƒØ©ØŒ على مدى ثقل وعمق وعظمة المعاني التي يؤمنون بها ويعتنقونها. لم تكن الأصنام عملا Ùنيّا ثقاÙيّا إبداعيّا كما هو الشعر والنثر العربي، بل كانت رمزا لسيادة الكبر والاستعلاء والطبقيّة وإهانة العقل والÙكر وإهدار Øقوق الإنسان. لقد كان لكل قبيلة صنم داخل الكعبة أو Øولها، وذلك لتأكيد شرعية وقداسة الصنم الإله، ومن خلال شرعية الوثن تكون شرعية السادة Øكّام القبائل، Ùكان لزاما لإقرار سيادة الدولة الجديدة (دولة الإسلام)ØŒ إزالة سيادة دولة الأوثان والأصنام. جلس النبي -صلى الله عليه، وسلم!- على الصÙا ليبايعه الناس ولإقرار سيادة الدولة الجديدة، Ùأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله Ùيما استطاعوا، Ùلمّا Ùرغ من بيعة الرجال بايع النساء. قال النبي: بايعنني على ألا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان ولا تعصينني ÙÙŠ معروÙ! تمØورت نصوص البيعة كما ذكر آنÙا على ØÙ‚ الله ÙÙŠ توØيده وعدم الإشراك به ÙˆØقوق الÙرد والمجتمع والدولة، وذلك بنشر مكارم الأخلاق واØترام سيادة القانون. Ùإن كان النبي قد Øطّم دولة الأصنام والأوثان والطغيان Ùإنه قد أقام أيضا وأØيا وأبقى دولة القانون واØترام الإنسان وإثراء القيم الأخلاقية العليا ومكارم الأخلاق.
لما سمعت قبيلة هوازن بÙØªØ Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙŠÙ† لمكة، جمعها ملكها مالك بن عو٠لقتال المسلمين، واجتمعت إليه قبائل ثقي٠ونضر وجشم وسعد وبعض بني هلال، Ùلم يكن أمام قبائل العرب بعد ÙØªØ Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙŠÙ† لمكة وهي العاصمة الثقاÙيّة للجزيرة العربية كلها، إلا أن يجتمعوا Ù„Øرب Ù…Øمد والقضاء عليه وعلى دولته وإيقا٠زØÙÙ‡ الثقاÙÙŠ والعسكري والقضاء على الÙكرة الإسلامية برمتها. خرج رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- إلى لقاء هوازن ومعه جمع من قريش لم يزالوا على الكÙر؛ Ùقد Øرص النّبي بذلك على استيعاب كل مواطني دولته Øتى من رأى أن الكÙر بالله خير له من الإيمان به ! قال الله: “لقد نصركم الله ÙÙŠ مواطن كثيرة ويوم Øنين إذ أعجبتكم كثرتكم Ùلم تغن عنكم من الله شيئا”. أمر الله أن ÙŠÙمنع المشركون من المسجد الØرام ÙÙŠ الØج وغيره، Ùانقطع التواصل بين عراقة وقداسة البيت الØرام وعبثيّة الأوثان والمنتÙعين من ورائها.
مكث رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- بالمدينة تسع سنين لم ÙŠØج، ثم أذّن ÙÙŠ الناس أن رسول الله Øاج هذا العام؛ Ùنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله. خرج رسول الله Øتى إذا دخل مكة ورأى البيت، رÙع يده، وكبّر، وقال: اللّهم، أنت السلام، ومنك السلام؛ ÙØيّنا ربنا بالسلام، اللّهم، زد هذا البيت تشريÙا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من Øجه أو اعتمره تكريما وتشريÙا وتعظيما وبرا! خطب النبي يوم عرÙØ©ØŒ Ùكان ممّا قال: إن دماءكم وأموالكم Øرام عليكم ÙƒØرمة يومكم هذا ÙÙŠ شهركم هذا ÙÙŠ بلدكم هذا. ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تØت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الØارث -كان مسترضعا ÙÙŠ بني سعد Ùقتلته هذيل- وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب؛ Ùإنه موضوع كله. اتقوا الله ÙÙŠ النساء؛ Ùإنكم أخذتموهنّ بأمانه الله واستØللتم Ùروجهنّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ ألا يوطئن Ùرشكم Ø£Øدا تكرهونه؛ Ùإن Ùعلن ذلك Ùاضربوهن ضربا غير Ù…Ø¨Ø±Ù‘Ø ÙˆÙ„Ù‡Ù† عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروÙ! وقد تركت Ùيكم ما لن تضلوا بعده أبدا -إن اعتصمتم به- كتاب الله. وأنتم تسألون عني؛ Ùما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصØت وأدّيت، Ùقال بإصبعه السبابة يرÙعها إلى السماء: اللّهم اشهد، اللّهم اشهد، اللّهم اشهد!
إن أناسا كان هذا Ùكرهم وكانت هذه ثقاÙتهم وأخلاقهم التي يتعاملون بها ويعاملون غيرهم وكان هذا تواضع وبساطة وإخلاص نبيهم، كان Øقا لهم أن يسودوا الدنيا ما داموا مستمسكين بهذه المبادئ وبهذه الأخلاق! لم ÙŠÙرّق الإسلام ÙÙŠ الاهتمام بين ØÙ‚ الله ÙˆØÙ‚ الÙرد ÙˆØÙ‚ المجتمع -وإن كان ØÙ‚ الله هو الأول ÙÙŠ الأداء- Ùكل الØقوق مصونة، ولا يكتمل إيمان المرء إلا إذا أعطى كل ذي ØÙ‚ Øقه؛ Ùإقامة الصلاة وأداء الشعائر الدينية لا تغني عن الأمانة أو التعاون على البر والتقوى. لقد كان النبي مع قريش ÙÙŠ Øربه وسلمه مثالا للصدق والوÙاء بالعود والأمانة والمسالمة.
لمØØ© عن Øياة النبي Ù…Øمد
إنّ المتأمّل Ù„Øياة النبي الشخصيّة يجد أنّها تعتمد على ثلاث دعائم رئيسيّة:
الأولى عمّه أبو طالب
ولد النبي Ù…Øمد يتيما لم ير أباه، وماتت أمّه وهو صغير؛ Ùلم يتعلم ما يجب أن يتعلمه الطÙÙ„ والشاب من أمّه وأبيه. كان عبد المطّلب جد النبي يعط٠عليه إلى Øد التدليل Øتى يعوّضه بعض ما Ùقده بموت أبيه، لكن لم يلبث أن مات، Ùانتقل Ù…Øمد إلى دار عمّه أبي طالب سيد قريش وكان Ùقيرا كثير العيال، لكنه كان ÙŠØب Ù…Øمدا Øبا غريبا ويØنو عليه Øنوا شديدا. كان يؤثره علي بنيه الذين من صلبه، ويهتم كثيرا بتعليمه ما يجب أن يتعلمه الÙتى القرشي من Ùنون التجارة والسÙر ومعاملة الناس بأكثر ما يعلّم الأب Ø§Ù„Ù†Ø§ØµØ Ø§Ø¨Ù†Ù‡ الأثير. انتقل هذا الØب الشديد لمØمد إلى كل Ø£Ùراد العائلة الهاشميّة. والعجيب أنّ بني هاشم لم يؤمن منهم Ø£Øد بنبوّة Ù…Øمد إلا Ø·Ùلا صغيرا ÙÙŠ الخامسة أو Ù†Øوها، هو ابن عمّه علي بن أبي طالب، ورجلا آخر أسلم عنادا لقريش هو عمّه Øمزة بن عبد المطّلب! وبرغم ذلك كان بنو هاشم على استعداد لأن يموتوا جميعا دÙاعا عن Ù…Øمد! وبموت أبي طالب Ùقد النبي Ù…Øمّد ركنا من أهم أركان Øياته.
الثانية صديقه أبو بكر
كانت صداقه النبي لأبي بكر هديّة الأقدار له؛ Ùقد من شهد معه المشاهد كلّها، وبقي معه لم ÙŠÙارقه قطÙÙ‘ Øتى آخر Øياته، Ùكان نعم السند والمعين ÙˆØ§Ù„Ù†Ø§ØµØ Ø§Ù„Ø£Ù…ÙŠÙ†ØŒ رضي الله عنه!
الثالثة زوجته خديجة بنت خويلد
كانت النساء أجمل وأسعد شيء ÙÙŠ Øياة النبي Ù…Øمد؛ Ùقد كان -صلى الله عليه، وسلم!- موÙّقا إلى Øد بعيد مع النساء اللاتي جعلهن القدر ÙÙŠ مسير Øياته؛ Ùمرضعته Øليمة السعديّة كانت تØبّه كثيرا وتتبرك به، وأمّه آمنة بنت وهب على رغم قصر عمرها أكثرت تدليله تعويضا له عن Ùقد أبيه، وزوجة عمّه أبي طالب Ùاطمة بنت أسد التي عاش ÙÙŠ بيتها شبابه كلّه كانت تÙضّله على أبنائها! يمكننا القول إن النبي Ù…Øمدًا كان من أسعد الناس Øظا بالنساء؛ لذا بذل الكثير من الجهد العملي والÙكري والقانوني لتØسين أوضاع النساء ÙÙŠ دولته. يظهر ذلك جليّا ÙÙŠ خطابه المتكرر “استوصوا بالنساء خيرا”ØŒ وهو خطاب غريب على الأذن العربيّة ذلك الوقت من تاريخ العرب، إضاÙØ© إلى الآيات القرآنيّة العديدة التي تصØØ ÙˆØ¶Ø¹ النساء ÙÙŠ البيئة العربيّة آن ذاك. كانت النساء ÙÙŠ المجتمع الجاهلي على مثل درجة الØيوان أو أقل؛ Ùلم يكن العربيّ القديم يقتل أطÙال ماشيته، لكن بعضهم أو الكثير منهم كان يقتل بناته Ùور ولادتهن! على رغم هذا كانت هناك استثناءات صارخة ÙÙŠ ذلك المجتمع المتناقض؛ سيدات شهيرات لا يشكلن إلا ومضات ضعيÙØ© ÙÙŠ ظلمة الليل الØالك، كانت خديجة بنت خويلد سيدة جامعة لكل الاستثناءات الموجودة ÙÙŠ ذلك المجتمع الغريب؛ Ùهي من شريÙات قريش، وسيدة مجتمع شهيرة، لها عقل رشيد ÙˆÙهم بعيد ورأي سديد، وكانت أيضا سيدة أعمال وخبيرة بالتجارة والإدارة، وكانت توظّ٠الرجال ÙÙŠ أعمالها وتجارتها، وكان النبي Ù…Øمد يعمل ÙÙŠ تجارتها! إضاÙØ© إلى ما سبق كان لديها بعض علم عن الديانات السابقة؛ Ùقد كان ابن عمها ورقة بن نوÙÙ„ من علماء المسيØيّة لا مجرَّد متدين بها. تزوّج النبي Ù…Øمد من خديجة، Ùكانت قرينة صالØØ© ومناسبة له إلى Øد بعيد، وكانت نعم السند والنصير المؤازر، وبموتها Ùقد النبي Ù…Øمد ثاني ركن من أركان Øياته الشخصيّة. وتزوّج النبي بعد خديجة من نساء كثيرات، زيجات سياسيّة أو مجاملة لأصØابه، لكنّه لم يشعر قطÙÙ‘ بأنّه وجد Ùيهن خديجه أخري!
ÙلسÙØ© الملك عند رسول الله، صلى الله عليه، وسلم!
اختار الله Ù…Øمد بن عبد الله نبيًّا ورسولّا من أوسط قريش نسبا طبقا لمقاييس أهله وقومه، أي ليس من أعلاها ولا أدناها؛ Ùلو أنّ النبي كان من أعلى قريش نسبا لكان الظّن به أنه يعاني من تر٠ثقاÙÙŠØŒ كما كان يمكن وص٠Øال مصعب بن عمير الذي ترك الثراء والشّر٠واتّبع النبي Ù…Øمدًا. ولو أن النبي Ù…Øمدًا كان من أقل قريش نسبا لكان الظّن به أنه تطلّع الأدنى إلى مكان الأعلى ومكانته. لقد كان رسول الله ملكا بكل ما تØمل هذه الكلمة من معنى؛ Ùله دولة (إقليم ودستور وجيش وبيت مال)ØŒ وإن تخلى طواعية وتواضعا لله عن مظاهر الملك المتعار٠عليها ÙÙŠ دنيا الناس من رياش وأبّهة لكنّه اØتÙظ بجوهر الملك، Øتى إنه صلى -الله عليه، وسلم!- أبى أن يكون له راتب أو مخصصات مالية من أموال الناس هو أو Ø£Øد من عائلته بني هاشم، وكان أمره ÙÙŠ الملك شورى، ولم يستخل٠أØدا من بعده!
إن لكل ملك ÙلسÙته ÙÙŠ الملك، وله منطقه ومنهجه وأسلوبه ÙÙŠ إدارة مملكته، وكانت ÙلسÙØ© النبي Ù…Øمد ÙÙŠ الملك: هذا بيان للناس، أي تعليم ÙˆØªÙˆØ¶ÙŠØ ÙˆÙ‡Ø¯Ø§ÙŠØ©ØŒ لأنّ الله لم يرسل رسوله Ù…Øمد بن عبد الله -صلى الله عليه، وسلم!- إلى الناس ليقيم دولة، بقدر ما أرسله إليهم ليعلّمهم كي٠تقام الدول. وكان ÙŠØكم ليعلم الناس كي٠يجب أن يكون عليه الØاكم. كان منهج النبيّ ÙÙŠ Øكمه وملكه الØÙ‚ والعدل. الØÙ‚ Øكم تشريعي، وهو صياغة القوانين التي تضمن تكلي٠الناس قدر استطاعتهم Ùقط؛ يقول الله: “لا يكل٠الله Ù†Ùسا إلا وسعها”. العدل Øكم قضاني، وهو Ù…Øاسبة الناس على قدر أخطائهم هم، لا أخطاء غيرهم؛ يقول الله: “لا تزر وازرة وزر أخرى”. ومن مظاهر عدله -صلى الله عليه، وسلم!- أنه عندما أراد بناء مسجده بالمدينة أبى أن تكون أرض المسجد هديّة من أصØابها، وأصرّ على شرائها بالثمن المتعار٠عليه بين الناس عندئذ، لأنه “ما أخذ بسي٠الØياء Ùهو ظلم”ØŒ كما أمر النساء المسلمات المهاجرات بإعادة أموال أزواجهن الكÙار إليهم (مهورهن)!
يمكننا القول إذن، إنّ من أهم Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Øكم النبي Ù…Øمد:
1) الشورى
على رغم كونه -صلى الله عليه، وسلم!- مقدّسا أي يأتيه الوØÙŠ من السماء، كان كثيرا ما يستشير أصØابه عامة ولاسيما صÙوتهم وأهل الاختصاص ÙÙŠ الأمور كلّها؛ ذلك أن الله قال له: “وشاورهم ÙÙŠ الأمر”!
2) الÙهم الجيد لرجالة والكÙاية ÙÙŠ استخدامهم (وضع الرجل المناسب ÙÙŠ المكان المناسب)ØŒ طبقا لمهاراته وقدراته.
3) العدالة والأمانة ÙÙŠ توزيع الدخل، والاهتمام الشديد بالطبقة الÙقيرة.
4) ترسيخ Ù…Ùهوم الدولة المدنيّة وسيادة القانون والعمل بجد على تØقيق تماسك المجتمع ومØاربة العنصريّة والتمييز العرقي.
كان يملأ قلب النبي Ù…Øمد شعور عميق بأنّه ضيÙØ› Ùعندما كان Ø·Ùلا مسترضعا ÙÙŠ بني سعد كان ضيÙا على أمّه من الرضاع Øليمة السعديّة، وبعد أن انتقل إلى دار جدّه عبد المطّب ثم إلى دار عمّه أبي طالب لم يكن له بيت مستقل يعظّم ÙÙŠ Ù†Ùسه الإØساس بالملكيّة، Øتى بعد أن تزوّج من خديجه بنت خويلد كان يسكن ÙÙŠ دارها، وعندما هاجر إلى المدينة المنوّرة كان يسكن غرÙا مثيرة للشÙقة أكثر من كونها تثري الإØساس بالملكيّة! يروى أنّ عمر بن الخطاب دخل ذات يوم على رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- وهو على Øصير قد أثّر ÙÙŠ جنبه، Ùقال: يا رسول الله، لو اتخذت Ùراشا أوثر من هذا! Ùقال رسول الله: مالي وللدنيا! ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار ÙÙŠ يوم صائÙØŒ Ùاستظل تØت شجرة ساعة من نهار، ثم راØØŒ وتركها! وقال: إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا؛ Ùطوبى للغرباء!
توÙÙŠ رسول الله وقد ÙØªØ Ø§Ù„Ù„Ù‡ له المدينة ومكة وأكثر اليمن ÙˆØضرموت وله مئة أل٠صØابي. واستطاع النبي Ù…Øمد أن ينشئ بالمدينة وجزيرة العرب دولة مكتملة الأركان، لها إقليم ودستور وقانون وجيش ونظام إداري، وإن كان هذا كله بسيط التكوين ÙŠØتاج إلى كثير من التطوير. لقد ترك النبي Ù…Øمد لخلÙائه من بعده الكثير مما يجب عليهم القيام به. توÙّي رسول الله، وخرج الصديق أبو بكر إلى الناس، وقال: إن الله -عز، وجل!- نعي نبيه إلى Ù†Ùسه وهو ØÙŠ بين أظهركم، ونعاكم إلى أنÙسكم وهو الموت Øتى لا يبقى منكم Ø£Øد إلا الله، عز، وجل! قال الله -تعالى!-: “وما Ù…Øمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل Ø£Ùإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم”. إن الله عمّر Ù…Øمدًا وأبقاه Øتى أقام الدين وأظهر أمر الله -تعالى!- وبلّغ رسالته وجاهد ÙÙŠ سبيل الله على ذلك، وقد ترككم على الطريق؛ Ùمن كان الله ربّه، Ùإنّ الله ØÙŠ لا يموت، ومن كان يعبد Ù…Øمدا وينزله إلاهًا Ùقد هلك إلهه! كلمة عظيمة لا يستطيعها Ø£Øد ممن شهد ألا إله إلا الله وأن Ù…Øمدًا رسول الله إلا أبا بكر؛ Ùقد كان -رضي الله عنه!- بØÙ‚ رجلًا Øديدًا؛ Ùلم تقتصر عظمة الإسلام على شخص النبي Ù…Øمّد ÙˆØده، بل تعدّته إلى جيل من الرجال الذين أقبلوا على الله Ùأقبل الله عليهم.
صلى الله على رسوله، وسلم،
وجزاه عنا خير الجزاء،
ÙˆØÙظ مصر والمصريين!