فلسفة الضرائب، في 10 سبتمبر 2016، (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

الحمد لله رب العالمين!

الضرائب هي أموال تقتطع من أرباح الأفراد والمؤسسات، لكي تحافظ على الدولة وتحقق نموّها وتكفل لحكومتها هذه المهام الأساسيّة الخمسة:
1) تحقيق الأمن الخارجي والحفاظ على الدولة.
2) تحقيق الأمن الداخلي والإشراف على سيادة القانون.
3) تحقيق نمو المجتمع المادي والمعنوي والقيمي.
4) حماية السوق ومنع الاحتكار.
5) حماية الطبقة الفقيرة.
قديما كانت الضرائب تستقطع من المواطنين نظير خدمات الأمن التي توفرها الدولة للأفراد والجماعات، وكان سعر الضريبة يحدد بالأساس وفق أهواء الحكّام معتمدا على درجة الوفرة الاقتصاديّة للمجتمع. وكان الإسلام أول مؤسس لمبدأ الاستخدام الاجتماعي للضرائب وعدم قصرها على الإنفاق الأمني ورواتب الموظفين أو بناء القصور للحكّام؛ فكانت الزكاة تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء، فتحقّق السلام الاجتماعي الذي يعود على الأغنياء بالأمان والنمو والتطور، وكان تحديد السعر العادل للضريبة (الزكاة) دافعا قويا لنمو الدولة لا تقويضها.
تحديد سعر الضريبة
يؤكد التاريخ أن التحديد الخاطئ لسعر الضريبة كان سببا في انهيار الكثير من الدول؛ لذا فإن أسوأ قرار يمكن أن يتخذه الحاكم هو زيادة سعر الضريبة! إنّ استقرار سعر الضريبة من أقوىي عوامل النجاح الاقتصادي والمالي والتجاري، ويمكن الاستعاضة عن زيادة سعر الضريبة بزيادة الأنشطة والسلع والخدمات الخاضعة للضرائب. إن من جوانب أهمية تخفيض سعر الضريبة أنّه لا يدفع المموّلين إلى التهرب الضريبي فضلا عن زيادة الاستثمارات المحليّة والأجنبيّة. يعتمد تحديد السعر العادل للضريبة على العوامل الآتية:
1) المخاطر المتوقعة من ممارسة النشاط ؛ فإنّه إذا زادت مخاطر ممارسة النشاط قل سعر الضريبة.
2) استخدام واستهلاك البنية التحتيّة للدولة؛ فكلما زاد استخدام النشاط لمرافق الدولة والاستفادة منها زاد سعر الضريبة.
3) نسبه العائد من النشاط مقارنة بحجم رأس المال المستثمر؛ فكلما زادت نسبه العائد زاد سعر الضريبة.
4) المخاطر المتوقعة على رأس المال؛ فكلما زادت المخاطر كلما قلّ سعر الضريبة.
5) كثافه الأيدي العاملة؛ فكلما زادت الأيدي العاملة في النشاط انخفض سعر الضريبة.
ويمكن تقسيم الأنشطة الخاضعة للضريبة على النحو الآتي:
1) النشاط الترفيهي:
مثل الملاهي والقرى السياحية والفنادق. درجة المخاطرة برأس المال قليلة. المخاطر من مزاولة النشاط قليلة. نسبة العائد إلى حجم رأس المال كبيرة. استخدام مرافق الدولة (الأمن، المطارات، الطرق…) كبير. كثافه الأيدي العاملة كبيرة. مقدار الضريبة المقترح 20%.
2) النشاط التجاري:
درجة المخاطرة برأس المال متوسطة. المخاطر من مزاولة النشاط قليلة. نسبة العائد إلى حجم رأس المال كبيرة. استخدام مرافق الدولة (الأمن، المطارات، الطرق…) كبير. كثافة الأيدي العاملة قليلة. مقدار الضريبة المقترح 15%.
3) النشاط الصناعي:
درجة المخاطرة برأس المال كبيرة. المخاطر من مزاولة النشاط كبيرة. نسبة العائد إلى حجم رأس المال متوسطة. استخدام مرافق الدولة (الأمن، المطارات، الطرق…) متوسط. كثافة الأيدي العاملة عالية. مقدار الضريبة المقترح 10%.
4) النشاط الزراعي:
درجة المخاطرة برأس المال قليلة. المخاطر من مزاولة النشاط قليلة. نسبة العائد إلى حجم رأس المال قليلة. استخدام مرافق الدولة (الأمن، المطارات، الطرق…) قليل. كثافة الأيدي العاملة عالية. مقدار الضريبة المقترح 5%.
ويمكن تقسيم السلع والخدمات الخاضعة للضريبة، على النحو الآتي:
أولا سلع وخدمات أساسية، وهي الضرورية اللازمة لبقاء ونمو الفرد والمجتمع. مقدار الضريبة المقترح 2%. وهي:
1) الطعام، ويشمل الأغذية الأساسية، مثل الدقيق والزيت واللّحوم ومنتجات الألبان والخضر والفاكهة.
2) التعليم، ويشمل كل ما يلزم العلم والتعليم، من كتب ووسائل تعليم (أجهزة، ومعامل، وأدوات)، ومدارس ومعاهد وجامعات خاصة وأهلية وعامة.
3) الطب والعلاج، ويشمل المستشفيات والعيادات والأجهزة والأدوية والأدوات والمعدات والوسائل والخامات المستخدمة فيها.
ثانيا سلع وخدمات إنتاجيّة، وهي التي ينتج عنها منتجات أخرى:
1) النقل.
2) آلات المصانع وقطع الغيار والأدوات اللازمة للعمل في الأنشطة الإنتاجيّة المتوسطة والصغيرة بأنواعها كلها الصناعيّة والزراعيّة والرعويّة والصيد.
3) المواد الخام والطاقة وكل مستلزمات الإنتاج.
مقدار الضريبة المقترح 5%.
ثالثا سلع وخدمات استهلاكية، وهي الأجهزة المنزلية والسيارات الخاصة والملابس والسلع الغذائية غير الأساسيّة:
مقدار الضريبة المقترح 10%.
رابعا سلع وخدمات ترفيهيّة، وهي الملاهي والمصايف والمشاتي والمزارات السياحية والفنادق الراقية…:
مقدار الضريبة المقترح 20%.
مع مراعاة التأكّد من دقة توجيه الدعم المالي والعيني الذي تقدمه الدولة للمستحقين (دعم الفقراء فقط)، وأن السلع والخدمات بأنواعها كلها التي تقدمها الدولة للأفراد والمنشآت الخاصة، تكون بالأسعار العالمية.
يرى بعض الناس أنّ تخفيض سعر الضريبة يقلل من عائدات الخزانة العامة، كما أنّه عند تخفيض مقدار الضريبة على الاستثمارات الأجنبيّة تحصّل الدولة المركز الرئيسي للشركة فارق الضرائب بين البلدين. إن قبلنا هذا الفرض واعترفنا بالازدواج الضريبي بين مصر وبعض الدول، فنحن برغم ذلك في الموقف الأفضل؛ إذ إنّ الدول التي تحصّل ضرائب على شركاتها العاملة في مصر ستكون حريصة على زيادة الاستثمار لدينا، وبذلك سيزيد الدخل بزيادة الاستثمارات؛ ومن ثم تزيد العائدات الضريبيّة.
إن تقليل الضرائب على الممولين المحليين يُعدّ دافعا لعدم التهرب الضريبي، كما يساعد على النمو وزيادة الاستثمارات؛ ومن ثم يزيد الإنتاج والعائدات الضريبيّة، كما أنّ الدولة لن تقدم لهم أي دعم؛ فكل ما يحصل عليه المستثمر من أراض أو كهرباء أو مياه أو منتجات بتروليّة وغيرها، يقدر بالأسعار العالميّة، كما يجب على الدولة احتكار ما يأتي:
1) الاستثمار في كل الأنشطة التي تدر ربحًا سريعًا وسهلًا وكبيرًا، مثل الاتصالات والمناجم وتصنيع المواد الخام الأوليّة المحليّة كالبتروكيماويات وتكرير البترول وصناعة السماد.
2) تصدير بعض المنتجات كالأرز، واستيراد بعض المنتجات كالقمح.
كما يجب على الدولة امتلاك قدرة تصنيع وإنتاج ووجود بالسوق بنسبة لا تقل عن 25% ولا تزيد عن 50%، ولاسيما في السلع والخدمات التي تعدّ أساسيّة للشعب، كما يجب على الدولة ألا تسمح لمستثمر واحد بأن يستحوذ على قدرة إنتاجيّة أو استيراديّة أكبر من 10% من احتياجات السوق للصنف أو السلعة أو الخدمة محل النشاط، ولاسيما من السلع والخدمات الأساسيّة.
والله أعلم، حفظ الله مصر والمصريين!

Related posts

Leave a Comment