فلسفة إسرائيل، في 26 أبريل 2016، (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

“أكلتَ شُوَيْهَتِي وفجعتَ قلبي فمَن أدراكَ أنّ أباك ذِيبُ
فإن كان الطباعُ طباعَ سوءٍ فلا أدبٌ يُفيد ولا أديبُ”!

الحمد لله رب العالمين!
عندما ترى الخرافة حقيقة ماثلة متجسدة أمامك، عندما يصبح للأفكار العبثية كيان ووجود ومئات من الرؤوس النووية، عندما تصبح هرطقة العصور الوسطى دولة- عند ذلك فقط تستطيع أن تفهم معنى كلمة إسرائيل!
بنو إسرائيل الضحيّة والجلاد
قديما من آلاف السنين قبل مولد السيد المسيح بألف عام أو يزيد، كانت لليهود دولة أنشأها النبي داوود -عليه السلام!- على جزء من أرض فلسطين التاريخيّة، ولم تلبث أن دمّرها بختنصّر ملك العراق. قتل الملك العراقي ثلث الشعب الإسرائيلي، و أبقى ثلثه حيا، وسبى واستعبد الثلث الباقي، وفر الكثيرون منهم إلى مصر. ربما يفسّر لنا ذلك سر إصرار اليهود والإنجليز والأمريكان حديثا على تدمير العراق ومدينته التاريخية العريقة بغداد، وقتل وتشريد الملايين من الشعب العراقي، وسرقة آثاره؛ إن لدى اليهود والإنجليز والأمريكان عقيدة وعقدة الانتقام من التاريخ! لمّا عاد بنو إسرائيل من السبي البابلي كانت فلسطين والشام تحت سلطان روما، فأنشؤوا علاقة مستقرة معها. ولما ظهر السيد المسيح -عليه السلام!- وشى به اليهود إلى الإمبراطور الروماني كي يقتله، ويعتقد البعض أنه قد فعل، ثم بدا للإمبراطور الروماني بعد ذلك أنه باعتناقه المسيحيّة ونشرها في أوروبا سيكون إمبراطورا مقدسا لإمبراطوريّة مقدّسة، ومن ساعتها نشأت في أوروبا عداوة وكراهية واضطهاد وإبادة واسعة لليهود. لما احتلّ الرومان مصر كانت المسيحيّة قد سبقتهم إليها، وأصبح للمسيحيّين بها مذهبهم ومعتقدهم الخاص، ولم تفلح جهود الرومان في تغيير ذلك. وبظهور الإسلام (الفكرة الإسلامية) طردت أوروبا من الشام ومصر وشمال أفريقيا حتى إسبانيا والبرتغال، كما هدد بدخول فرنسا! لقد هزمت أوروبا المتغطرسة لأول مرة في تاريخها بِيَدِ الإسلام؛ فنشأت بينهما عداوة لا تنتهي! أراد الملك الفرنسي لويس ومن بعده الملك الإنجليزي الشاب ريتشارد، أن يعيدا مجد أوروبا في الشرق؛ فكانت حروب الفرنجة والحروب الصليبيّة، وكانت الهزيمة المريرة الثانية لأوروبا المسيحيّة من الإسلام ومن مصر الأيوبيّة والمملوكيّة، ولم تمض قرون طويلة حتى هاجم الإسلام أوروبا الحصينة، واستولى على درتها وقلعتها الحصينة (القسطنطينيّة) والكنيسة الشرقيّة، ثم تلاه الشرق الأوروبي كلّه حتى كادت الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان) أن تسقط أيضًا؛ فكانت قاصمه الظهر، فإن كانت الكاثوليكية صمدت أمام الإسلام على الأرض فإنها لم تصمد في قلوب الأوربيين! لقد اهتزّت مكانة المسيحيّة في قلوب الأوربيين هزّة عنيفة ولاسيما بعد انتقال بعض الثقافة الإسلامية إليهم. لقد انهار إيمان أوروبا بسلطة الفاتيكان ثم المسيحيّة فطردتهما من عقلها وقلبها! أدرك الإنجليز أن الإسلام ومصر هما أهم العقبات أمام توسعهم في العالم الإسلامي؛ فسعوا إلى احتلال مصر وتشويه الإسلام.
التحول اليهودي من الضعف إلى القوة
قديما عانى الملك الإنجليزي كثيرا من تسلط الفاتيكان عليه وعلى دولته؛ فسعى إلى التخلص من التبعيّة لها، فاستغل كراهيتها لليهود، وتحالف معهم! أنشأ الملك الإنجليزي كنيسة خاصة به (الإنجيليّة البروتستانيّة)، يكون هو رئيسها وكاهنها الأكبر، ويكون لليهود فيها مكان ومكانة! أصبحت الظروف مهيّأة لليهود لينتقموا من أوروبا والمسيحيّة ومن عذابات قرون طويلة، فعملوا على نشر الفتن والحروب؛ فإنه إذا بقيت أوروبا مسيحيّة وانتشر فيها السلام فسيظلون مواطنين من الدرجة الثانية! نشر اليهود في أوروبا الفتن والإلحاد والانحلال الخلقي والتفسّخ الأسري، كما نشروا العداء للمسيح والمسيحيّة والكنيسة ورجال الدين حتى الفضيلة والحياء -فالفضيلة والأخلاق تعني بالضرورة المسيحيّة والكنيسة، وتعني أيضا هذه العقيدة التي تتبنى لهم العذاب والاضطهاد- فعملوا على تدمير أوروبا نهائيّا ثقافيّا واجتماعيّا، وذلك عبر مبادئ الشيوعيّة بصورها المختلفة، ولم يعملوا على نشر اليهودية طبعا لأنها دين خاص بهم، وليظل اليهود بزعمهم هم الشعب الوحيد الذي يعرف الله، وكأنهم يقولون لله لم يعد أمامك خيار آخر! أنشأ اليهود كيانات جديدة وسيطة بين اليهوديّة والمسيحيّة مثل الماسونيّة والصهيونيّة والمسيحيّة اليهوديّة، لاحتواء كل الراغبين في الانضمام إليهم من غير اليهود. وظل اليهود بالمال والاحتيال يقضون على المسيحيّة ويمحون أي فكرة تجمع الأوربييّن مرة أخري لمحاربتهم، حتى إنهم استطاعوا نزع اعتراف من الفاتيكان بعدم مسؤوليتهم عن قتل السيّد المسيح، يعارض العقيدة الكاثوليكية خاصة ومعظم العقائد المسيحية عامة، ومَنْع إقامة صلاة كان الفاتيكان يقيمها للدعاء والابتهال إلى الله أن يهدي اليهود لاعتناق المسيحية! وأعجب من هذا وذاك أن المواطن الأوروبي إن سبّ السيد المسيح عيسي بن مريم -عليه الصلاة والسلام!- عُدّ ذلك من حرية الرأي والفكر والتعبير، أما إن تجرأ على اليهود أو اليهودية فذكرهما بسوء فإنه يُعد عند ذلك معاديا للسامية، ويستحق أقصى عقوبة! منتهى القوّة والسيطرة! لقد سحق اليهود المسيحيّة بكل هدوء وسلاسة وبأيدي الأوروبييّن أنفسهم، ومن نافلة القول أنه في أثناء كل هذه الاحداث كانت الكنيسة المصريّة بمنأى عن أي خطر أو تهديد؛ فقد حافظ الإسلام عليها بقاء ونقاء.
أصبحت القاعدة عند اليهود أنه كلما كان هناك دين سماوي كان تهديدا أكيدا لهم؛ فتعاون اليهود والإنجليز على نشر الإلحاد في الدول الإسلامية ومحاربة العقيدة والشريعة والثقافة الإسلاميّة. ولم يزل الإسلام على لسان نبيه محمد -صلى الله عليه، وسلم!- يحذر المسلمين من اليهود، ويبشر بعداوتهم التي لا تنتهي، مع تأكيده حسن التعامل والتفاهم مع المسيحييّن، ولاسيما أهل مصر. ورد ذلك في كثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة. لم يسأل المسيحيون أنفسهم ماذا قدمت أمريكا للمسيحيّة وللمسيحيين عبر تاريخها القريب والبعيد (إنجلترا)! لقد أبيد المسيحيون في العراق، وهجّروا، وأحرقت كنائسهم وهي تحت الاحتلال الأمريكي، وهو ما كان مستبعدا أو مستحيلا أن يحدث في عصر الدكتاتور صدام حسين! إنها سذاجة الشرق وبراءته أمام أوروبا ذات التاريخ المروع من اللّصوصيّة والقسوة والفساد!
اليهود والسيطرة على العالم
منذ أن تمزقت أوروبا فكريّا وروحيّا ومع بداية التعاون الوثيق بين اليهود والإنجليز الذي يعتمد بالأساس على كراهيتهما للمسيحيّة، ظهرت لديهما الرغبة والتعاون على الاستيلاء على العالم، ثم انتقل هذا التعاون للولايات المتحدة الأمريكية وريثة الإمبراطورية الإنجليزية البروتستانتية. خطط العلماء والباحثون لتحقيق هذه السيطرة عبر خطوات وبروتوكولات تعتمد على محو الثقافة المحليّة وتقطيع الروابط الاجتماعية، حتى يصبح المواطن الفرد وحيدا شريدا يسهل اقتناصه والسيطرة عليه؛ فأحدثوا غزوا ثقافيا -فالغزو الثقافي يسبق الغزو العسكري- وذلك على خطوات ومراحل، أهمها:
1) تدمير أي سلطة في المجتمعات لصالح سلطة الدول.
2) التقليل من سلطة الدول لحساب سلطة الأمم المتحدة.
3) جعل سلطة الأمم المتحدة بِيَدِ الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.
وبتحقيق السيطرة على حكومات هذه الدول يتحكم اليهود في العالم، وأي نظام يخرج عن السيطرة يتم تدميره بأي سبب، وخطوات تدمير سلطة المجتمع:
1) نشر ثقافة المساواة العبثية بين الرجل والمرأة، وخلق حالة من الندّية والتنافس والصراع بين الرجل والمرأة، وطرد ثقافة التكامل بينهما.
2) نشر الزنا والشذوذ الجنسي، وتشجيعه، وتقنينه، وتقديم الدعم المعنوي للشواذ وللفتيات الزانيات وتوفيق أوضاعهن، وتسويغ علاقه المرأة بغير الزوج ليفقد الرجل إحساسه باحترام الغريزة الجنسية وتوجيهها لمصلحة المجتمع، وكذلك يقل أو ينعدم احترامه للأسرة فيهجرها، ويُربَّى الأطفال في مجمّعات أشبه بالملاجئ ليس لهم فيها انتماء! إن السلوك الشاذ يجعل المواطن الفرد يشعر بالضآلة والصغر مما يفقده القوة في الانتماء للوطن والعزة في الدفاع عنه.
3) محاربة وتدمير علاقة الزواج (سلطة الأسرة)، عن طريق قوانين الأسرة، وجعل الرجل والمرأة وسيلة لإنتاج الأولاد فقط، حتى لا تنشأ هوية اجتماعية للفرد.
4) وضع قوانين حماية الطفل لتقليل سلطة الأسرة، وتحريض الأطفال بعدم احترام سلطة الأب أو الأم أو كيان الأسرة؛ وذلك للتحرر من أي قيود مجتمعيّة.
5) نشر الإلحاد بإهانة رجال الدين والسخرية منهم وإظهارهم على أنهم جماعة من المنافقين الفاسقين اللّصوص، وتحريض الشباب على عدم الانصياع لهم.
6) منع أي وسيلة عقاب للأطفال في المدارس، مع إفقاد المدرس هيبته وقدرته على السيطرة، ليتربى الطفل على عدم احترام أي فرد.
7) تجريد شيوخ القبائل ورؤساء العائلات من سلطتهم الماديّة والمعنويّة، حتى لا يكون هناك سيطرة على تفكير وعقول الأفراد.
😎 Ø§Ù„تمرد على الأزياء الشعبيّة الفلكلوريّة، والارتباط الدوري بما تفرزه الموضات الغربية الأوروبية والأمريكية من الجديد في أشكال الأزياء والملابس، حتى لا تترسّخ لدى المواطن الفرد والجماعة قيم الأصالة أو العراقة، ويكونوا دائما فاقدي الهويّة الثقافيّة. وجدير بالذكر أن اليهود هم من اخترع الجونيلّا (الجيب) للنساء، وكانت الكنيسة الكاثوليكية تعارض وتشجب هذا الزي الخليع، لكن مع الأسف لم يعد للكنيسة أي Ùˆ جود أو تأثير في أوروبا!
9) سلب الثقافات القديمة من أذهان الشعوب، من حكم وأمثال شعبية وقصص تاريخية، والاعتماد على الروايات والحكايات والقصص والأفلام والمسلسلات الأوروبية والأمريكية؛ هذا الغزو الثقافي الذي يسبق الغزو العسكري!
10) إعادة كتابة التاريخ وتوجيه ثقافات الشعوب وفصل المواطن عن تاريخه وثقافته الأصيلة ومحاربة القصص التاريخي الإسلامي وأخبار السلف الصالح وحديث الرسول، أو إعادة كتابتها بطريقة تجعل المواطن يحتقر تاريخه.
11) المساعدة على إنشاء أحزاب وجماعات سياسية ودينية موالية لليهود وأمريكا ودعمها للوصول للحكم، والتي تعمل بدورها على تحقيق احتلال غير مباشر لليهود وأمريكا على هذه الدول.
الفكرة الأساسيّة من تدمير المجتمعات
إنه من خلال هذا المخطط الطموح الطويل الأمد، سيتم تقطيع أواصل العلاقات الإنسانية الاجتماعية للفرد والجماعة داخل الوطن الواحد ثم ربط الفرد بالشبكة العنكبوتية (فيسبوك) وغيرها، حتى يكون المواطن عامة والشباب خاصة خاضعًا لتوجيهات المخابرات المعادية الغربية والأمريكية مباشرة، ولا يكون له أي ارتباط اجتماعي آخر قوي يمكن أن يعوق سيطرتها على عقول الشباب في هذه الدول. إن ما يعاني منه الإسلام الآن من الجماعات الدينية الإرهابية المتطرفة ما هو إلا أحد مخططات اليهود والإنجليز لمحو الدول الإسلامية وتفتيتها وتدميرها من الداخل، بعد أن فشل في احتلالها أو هزيمتها عسكريا. إن القوة الأمريكيّة الإنجليزيّة اليهوديّة لا تجد الآن من يستطيع مواجهتها في العالم إلا عظمة الفكرة الإسلامية التي بدأت تنتشر وتتوغل في مناطق النفوذ الأمريكي اليهودي؛ فكان لابد لليهود والإنجليز والأمريكان من إجراء عملي كبير لتشويه صورة الإسلام، يتمثل في دعم الأفكار المنحرفة والشاذة ودعم المذاهب الإسلامية المنحرفة والجماعات الإرهابية المتطرفة إجراء أخيرا لمواجهة الإسلام وتدميره وعرقلة انتشاره في بلادهم، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين في العقلية الغربيّة، وكأنّ الرسالة التي يريدون توجيهها إلى الشعب الأوروبي والعالمي: هذا هو الإسلام الذي تريدون اعتناقه! ويدل على ذلك إنشاء جماعة أنصار بيت المقدس ومن قبلها جماعة الإخوان المسلمين! إن تسمية جماعة إرهابية تقاتل المسلمين في مصر أنصار بيت المقدس، يجعل المواطن العربي العادي في حيره، وليس أمامه إلا اختيارات محددة وضعتها المخابرات المعادية بعناية ليختار بينها، وهي كما يأتي:
1) إما أن يكره المواطن العربي الجيش العربي المصري، لأنه من وجهه نظره يحارب المجاهدين الساعين إلى تحرير بيت المقدس.
2) وإما أن يكره كل المجاهدين الساعين لتحرير بيت المقدس، لأنهم إرهابيون.
3) وإما أن يكره بيت المقدس نفسه، بل يكره سماع اسم بيت المقدس، الذي أصبح يحمل في ذاكرته خبرة سيئة، بعد أن ترسّخ في ذهنه أن اسمه مقرون بالمخربين والإرهابيّين.
ما يمكن فهمه من المخططات القديمة لليهود، أنّ اليهود والغرب يحاربوننا بغير هوادة ولا رحمة.
إن إسرائيل طريق اقتربت نهايته، والسؤال الملح دائما: لماذا إسرائيل؟ نابليون رجل عبقري بكل المقاييس، هو صاحب فكرة نقل شعب كامل للإقامة في فلسطين، يعمل كمفرزة متقدمة وقاعدة انطلاق عسكرية دائمة. أهم من ذلك أن يقطع التواصل بين مصر من جانب والشام والجزيرة العربيّة من جانب. لم يستطع نابليون تنفيذ فكرته الطموح، لكن الإنجليز نجحوا في تنفيذها لصالحهم، وكان الشعب اليهودي كما كان دائما وقود حروبهم التي لا تنتهي! تعاون اليهود والإنجليز في كل المجالات: في البحث العلمي، والاقتصاد، والتجارة والصناعة، حتى في أثناء الحربين العالميّتين الأولى والثانية كانوا جنودا وجواسيس مخلصين للتاج البريطاني، لكن التاج البريطاني لم يستطع حمايتهم، وأسلمهم بكل هدوء إنجليزي متميّز إلى انتقام ألمانيا الهتلريّة، فحدثت أغرب وأبشع عملية انتقام في التاريخ الإنساني المعلوم (المحرقة)! كافأت إنجلترا اليهود على إخلاصهم ومعاونتهم لها بفلسطين! باركت أوروبا هذا التصرّف لتتخلص من الإسلام واليهود دفعة واحدة! للمرّة الثانيّة يخدع الإنجليز عملاءهم اليهود، ويزجّوا بهم في أتّون محرقة لا تنتهي! للمرّة الثانيّة يُسحق اليهود وهم سعداء راضون مبتهجون! عاش اليهود في أوروبا حتي وقت قريب حياة يائسة بائسة مهينة، خضعوا فيها لكثير من عمليات الإبادة والتطهير العرقي، ولم يكن لهم ملاذ إلا دولة الإسلام. عاش اليهود قديما وحديثا في مصر خاصة وفي دولة الإسلام عامة، حياة رغيدة هانئة لم ينعم بها الكثير من مواطني الدولة الأصلييّن؛ فقد كانوا بارعين في المسكنة والتزلف والتذلّل والمهادنة، وكان جزاء دولة الإسلام منهم هو جزاء سِنِمّار! بظهور دوله إسرائيل تحولت الصداقة بين اليهود والعرب والمسلمين إلى عداء دائم؛ فخرج اليهود من دولة الإسلام التي عاشوا فيها مئات السنين، إلى إسرائيل مصحوبين باللّعنات والنقمات من مواطني الدولة الإسلامية!
لقد أرهقت إسرائيل العرب والمسلمين في العالم كلّه منذ نشأتها وطوال بقائها وسوف تشغله وترهقه أكثر عند فنائها واندثارها! إن فكرة نهاية إسرائيل لم تعد تصورا فلسفيّا، أو مجرد توقع من متأمل للتاريخ الإنساني حركاته ودوراته، إن فكرة فناء إسرائيل تعدّت مرحله الطموح العربي أو الإسلامي إلى مرحلة القدر المحتوم؛ فكل مقومات الانهيار بدأت وهي آخدة في التطور بسرعة، ومنها:
1) عدم التناغم بين السكان مع وجود العنصريّة بوضوح بين طبقات المجتمع.
2) توالي الهزائم المادية والمعنوية، وخسارة الأرض وفقد الهيمنة والإرادة والإيمان بالدولة ابتداء من معركة رأس العش مرورا بحرب 73 ثم جنوب لبنان وصولا إلى الرصاص المصبوب على قطاع غزه وانتهاء بتبادلها الأسرى هي وحماس.
3) ارتفاع تكلفة بقاء إسرائيل على الغرب.
4) إحساس الغرب بعدم جدوي بقاء إسرائيل، وأنها أصبحت عبئا عليه ومصدر عداء مستمر بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، لأن المسلمين يحمّلون الغرب المسيحي مسؤولية وجود إسرائيل.
5) فناء جيل المؤسسّين الأشداء، وظهور جيل من الشباب الخانع الذي يؤثر السلامة والتمتع بالملذّات عن خوض المعارك والحروب. يقول ابن خلدون إنه بانتهاء جيل المؤسسين للدولة العنصرية -هو 40 عامًا من إنشائها- تبدأ الدولة العنصرية بالثبات والسكون ثم الانهيار!
6) زيادة عدد السكان العرب والمسلمين في دول الطوق والعالم كله، مع ظهور جيل من الشباب المسلم الذي يرى أن أعظم طموحاته الاشتشهاد وهو يحارب اليهود (إسرائيل)؛ فالصحوة الإسلامية أشعلت الرغبة لدى المسلمين في الاستشهاد، وكأنّ الحروب تبدأ مع كل جيل جديد من شباب المسلمين يظهر للحياة!
7) انتشار التكنولوجيا والأسلحة غير التقليديّة، مما يقلل من أهمية التفوق الإسرائيلي ويجعلها تفكر ألف مرة قبل القيام بهجوم تقليدي أو غير تقليدي لإبادة جيرانها، إن كانت تريد الاستمرار والبقاء!
وأيضا: لماذا إسرائيل؟
هناك وجهه نظر تفرض نفسها، تنص على أن اليهود ما هم إلا أداة وعصا بِيَدِ حلف الناتو، وأن اليهود في فلسطين ما هم إلا جنود حراسة مجموعة من القواعد العسكرية السريّة لحلف الناتو، وأنه لا يمكن أن تتخلّى الولايات المتحدة الأمريكيّة عن دعم إسرائيل ولو فني جميع من بها من اليهود، ولحين أن تتغير موازين القوي في العالم تغييرا جذريا من حيث الكم والكيف بقاء إسرائيل واستمرارها ضرورة لا يمكن التنازل عنها! لكن هناك أسئلة أخرى تفرض نفسها:
أولا ما الإجراء الانتقامي الذي يمكن أن تتّخذه إسرائيل ضد مصر حال دخولها مرحله النزع الاخير؟
الاحتمالات المنطقية هي ما يأتي:
الأول تدمير سد الألفية الإثيوبي ثم تدمير السد العالي، لإحداث طوفان يمحو مدن مصر، وإغراق 40 مليون إنسان على الأقل ودخول مصر عصرًا من الضياع، وهذا أسهل وأيسر الاحتمالات، والذي يمكن أن تسمح به أوروبا.
الثاني توجيه ضربة بيولوجية باستخدام الطائرات الحربية أو دون طيار، وذلك بنشر فيروس وبائي على طول النهر وبخاصة المدن والتجمعات السكانيّة الكثيفة، وهذا احتمال متوسط الحدوث، لأنه سيجعل مصر منطقة موبوءة مدة طويلة تهدد من يفكر باحتلالها، أو يتيح انتشار الوباء خارج حدودها إلى أوروبا.
الثالث ضرب القاهرة بقنبلة نووية تقضي على نصف سكان مصر وتجعل مصر غير قابلة للحياة مستقبلا.
والسؤال: ما الحل لمواجهة هذه المشكلة؟
أولا الحل السلبي الذي يجب اتباعه بأقصى سرعة ممكنة، يتلخص في كلمة واحدة: الانتشار. وذلك بما يأتي:
1) إعادة توزيع السكان ولاسيما بعيدا عن مجرى النهر، باستصلاح وتعمير الوادي الجديد ومنطقة العوينات غربا، وحلايب والبحر الأحمر شرقا.
2) الإسراع في نقل السكان من الوادي الضيق و لاسيما القاهرة مع تجنب تكدس السكان أو الشوارع الضيقة أو الأبنية العالية.
3) إعادة نشر وحدات الجيش ومراكز القيادة والسيطرة مع العمل على جعل كل منطقة عسكرية قادرة بإمكاناتها الذاتية على الدخول في معركة دون الاستعانة بقوات أو إمداد من مناطق أخرى، مع تبنّي نظريّة وفلسفة الدفاع العميق، وهي تهيئة الوطن لكي يحارب بكل قوة وفي كل مكان، لا على الحدود الأمامية المباشرة مع العدو.
4) إعادة نشر وتوزيع المستودعات والصوامع مع توسيع طاقتها الاستيعابية لتكفي مدة استهلاك سنة على الأقل،
5) نشر وتأمين مراكز تخزين المعلومات والوثائق والأرشيف الوطني.
6) تقليل مستوى منسوب المياه خلف السد العالي.
7) عمل سدود وقناطر لتطويع وتوجيه الطوفان.
سؤال آخر يفرض نفسه: ما مصير ترسانة إسرائيل من الأسلحة التقليديّة أو غير التقليديّة؟ وما النتائج المترتبة على وقوع القليل من هذه الأسلحة في يد صديق أحمق؟
إن ما لدى إسرائيل من أسلحة تقليديّة (دبابات، وطائرات، وسفن، وصواريخ، وأسلحة صغيرة)، يكفي لتسليح جيوش عشر دول لتكون قادرة على خوض حرب هجومية، فضلا عن الأسلحة غير التقليدية! يجب أن نفكر كثيرا في الأمر ونحمله على محمل الجدّ؛ فإن الجهد والوقت الذي نمضيه في التفكير يوفّر علينا الكثير من الخسائر في الأرض والمال والأنفس.
إن البعض يرى أن فكرة فناء إسرائيل فكرة مستحيلة أو غير واردة على الأقل في المدى القريب المنظور! “يرونه بعيدا ونراه قريبا”!
إسرائيل والهوية
يجب أن نعرف الفارق بين الاعتراف بوجود دولة إسرائيل -وهذا أمر واقع لا جدال فيه، وهذا الواقع اعترفت به مصر، ولا يعني بالضرورة أن وجودها شرعي؛ فوجود رجل في بيت مثلا لا يعني بالضرورة أنه ملكه، أو أن له حق الوجود فيه- وحق إسرائيل في الوجود، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل، لأنه يعني أن وجودها قانوني وشرعي؛ ومن ثم يجرم محاولات العرب والمسلمين استرداد فلسطين. ولو اعترفنا وأقررنا بذلك أصبح إقرارا بوجودها في أرضها التاريخية، أمّا الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل فهذه الطامّة الكبرى، لأن هذا يعني من وجهه نظرهم حق إسرائيل في طرد العرب، أو جعل كل من هو غير يهودي مواطنًا من الدرجة الثانية! أغلب الظن أن الولايات المتحدة الأمريكية هي مصدر فكرة يهودية دولة لإسرائيل؛ وذلك لتطهيرها من العنصر العربي المعادي في الغالب لها، وإبعادهم عن المناطق الخاصة بقواعدها السريّة في إسرائيل، والله أعلم، حفظ الله مصر والمصريين!

Related posts

Leave a Comment