الØمد لله رب العالمين!
لا يمكننا أن نذكر النبي يوس٠الصدّيق إلا ونذكر معه أو بعده مباشرة النبي موسي -عليهما الصلاة والسلام!- Ùكلاهما عاش Øياته نقيض الآخر! ولد النبي يوس٠ÙÙŠ وسط مبغض وكاره له؛ Ùقد كان Ø£Øب أبناء أبيه إليه والأثير لدى والديه، Ùلقد ملأ الله قلبه معرÙØ© وطمأنينة وسكينة وجمالا، Ùجمال شكله ÙˆØسن خلقه وسمو روØÙ‡ وبهاء النبوة الذي يعلوه، جعلت إخوته يكرهونه ويغارون منه ويØقدون عليه، ويسعون لقتله، واتÙقوا Ùيما بينهم ÙÙŠ نهاية أمرهم معه على إلقائه ÙÙŠ جب (بئر)ØŒ ÙÙŠ الصØراء؛ Ùهم لا يطيقون مجرد رؤيته! صاد٠أن مر بعض السيّارة بجانب البئر، وبينما هم يردون الماء إذ وجدوا النبي يوس٠خارجًا ÙÙŠ الدلو َمع الماء، Ùاستبشروا، وجعلوه ÙÙŠ رØالهم سلعة وبضاعة يبيعونها ÙÙŠ السوق! ذهب رجل من مصر إلى السوق، Ùوجد الغلام معروضًا للبيع، ÙØ£Øبه كثيرا، واشتراه، وذهب به إلى بيته، وأوصى امرأته بØسن معاملته وإكرامه، لأنه كان ينوي أن يتبنّاه -Ùليس له ولد له- ÙØ§Ù†Ø´Ø±Ø Ù‚Ù„Ø¨Ù‡Ø§ للغلام الجميل. عاش النبي يوس٠ÙÙŠ منزل المصري معززا مكرما مشمولا بمØبه وعط٠وØنو أهل البيت جميعا. كبر النبي يوس٠وازداد مع الأيام قوّة ÙˆÙتوّة وجمالا، ÙاÙتتنت به امرأه صاØب البيت، وأمرته بالÙاØشة، Ùأنقذه الله من الÙتنة، وعصمه من الÙاØشة، ولم تزل به المرأة صاØبة البيت ونساء الØÙŠ معها يدعونه إلى الÙاØشة وهو يأبى.
لقد كان الصدّيق يوس٠رجلا جميلا Ù…Øبوبا من كل من عرÙÙ‡ وصاØبه، وكان قلبه الشري٠مملوءا بالØب والخير والنماء لكل الناس، Øتي إنه لما اشتد وله النساء به Ùˆ رغبتهم Ùيه دعا ربّه قائلا: “رب السجن Ø£Øب إليَّ مما يدعونني اليه”Ø› Ùبرغم اشتداد المØنة عليه لم يجد ÙÙŠ ذهنه الشري٠إلا كلمة الØب يدعو الله بها، Ùقال: “السجن Ø£Øبّ إليّ”ØŒ وكأنّ الصدّيق يوس٠أدخل Ù†Ùسه بنÙسه السجن! واستثمر طوال بقائه ÙÙŠ السجن ÙÙŠ التأمل والعبادة ÙˆÙÙŠ التقرب إلى الله؛ Ùوهبه علومًا كثيرة، منها -Ùˆ الله أعلم!- علم تÙسير الأØلام، وقراءة المستقبل، وعلم إدارة الأزمات، … وغيرها. خرج الصدّيق يوس٠من السجن، وأظهر الله للناس براءته وأمانته وورعه وعÙته ونقاء سريرته، وكان علي عرش مصر وقتها رجل Øكيم خبير. تØاور الملك هو والنبي يوسÙØŒ Ùأدرك Øكمته وخبرته وكÙايته ÙÙŠ الإدارة ÙˆØÙ„ المشكلات؛ Ùعيّنه رئيس وزراء مصر. Ø³Ø§Ù…Ø Ø§Ù„ØµØ¯Ù‘ÙŠÙ‚ كل من Ø£Øبوه وأضلّهم وأÙسدهم هذا الØب، ÙˆØ³Ø§Ù…Ø Ø£ÙŠØ¶Ø§ كل من كرهوه وأضلتّهم وأÙسدتهم هذه الكراهية. قال الله: “Ùلمّا بلغ أشدّه آتيناه Øكما وعلما وكذلك نجزي المØسنين”ØŒ أي لمّا بلغ من السن والعاÙية والقوة والÙتوة واستواء الهيئة، ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø´Ø§Ø¨Ø§ قويا Øسن الخلق يبهج النÙوس.
والØكم هو وضع الØكمة موضع التطبيق، ولو كان قسرا أو جبرا. والØكمة هي معرÙÙ‡ الخير، والخير هو الجمال، والجمال هو الكمال، والكمال هو وضع الأمور والأشياء ÙÙŠ مكانها وزمانها ÙˆØجمها وقدرها وغايتها ومناسبتها. والعلم هو معرÙØ© خصائص الأشياء واستخداماتها، وكذلك معرÙØ© المآلات والإشارات. لقد وهب الله الصدّيق يوس٠الØكمة والعلم والمكانة والØكم، وذلك بإدارته لشؤون سيده، ثم إدارة شؤون مصر كلها.
كان الصدّيق رجلا جميلا Ù…Øسنا Ù…Øبّا لنÙسه ولغيره. كان جميلا Ù…Øسنا ÙÙŠ سكونه وهو ÙÙŠ الجب (البئر)ØŒ مطمئن النÙس ينتظر قضاء الله. كان جميلا Ù…Øسنا ÙÙŠ بيت سيده، ØÙظ ماله، وصان عرضه. كان جميلا Ù…Øسنا وهو ÙÙŠ سجنه ومع رÙقائه Ùيه، بذل لهم نصØÙ‡ وعلمه. كان جميلا Ù…Øسنا مع أخوته، Øتى إنه أخبرهم بنيتهم وبتدبيرهم له ثم عÙا عنهم وصÙØ ÙˆØ£Ø¨Ù‰ أن يعاتبهم عن إساءتهم إليه. كان جميلا Ù…Øسنا على مصر وأهلها، بذل لهم علمه ونصØÙ‡ وبركته؛ Ùأنقذهم من البلاء قبل أن ÙŠØÙ„ بهم. لقد مرت مصر ÙÙŠ Øياة النبي يوس٠بأزمة شديدة خانقه، سببها الجÙا٠وانقطاع المطر ÙÙŠ منابع النيل، Ùاستطاع بما علّمه الله أن يتجاوز بمصر وشعبها جميع الأزمات التي مرت بها. وعانى قومه بنو إسرائيل من الجوع والجÙاÙØŒ Ùاستقدمهم إلى مصر لينعموا معه بالوÙرة والمكانة. تربّى النبي يوس٠وعاش وسط العبيد والÙقراء والبسطاء والمØتاجين، Ùاكتسب أخلاق اللّين والبساطة والمودة والقناعة والرضا بالقليل، كما اكتسب مهارة التدبير والتقدير ومعرÙØ© قيمة الأشياء.
كان النبي يوس٠Ùوق ذلك كلّه رجلا عبقريّا عميق الÙكرة واسع الØيلة. عندما أراد أن يستقدم قومه إلى مصر وخيرها دعاهم للإيمان بالله والدخول ÙÙŠ الدين، ونسب الدين الجديد إلى Ù…ÙŽÙ„ÙÙƒ مصر إعلاء لقدره ومكانته، ولم ينسب الدين لنÙسه، قال الله: “ما كان ليأخذ أخاه ÙÙŠ دين الملك إلا أن يشاء الله”. عانى النبي يوس٠من الأخطاء التي ارتكبها الآخرون ÙÙŠ Øقه ومن أقرب المقرّبين إليه، Ùعر٠ألم الظلم، وأدرك النتائج الكارثية للتهور والاندÙاع وسوء التقدير.
لقد كان الرجل الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم النبي يوس٠الصدّيق -رØمه الله!- نعمة ورØمة وبركة عمّت مصر أرضا وشعبا، كما عمّت قومه بني إسرائيل، Ùعاشت مصر معه وبعده سلاما دام مئات السنين -والله أعلم!- Ùإلى Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù†Ø¨ÙŠ يوسÙØŒ وعبر آلا٠السنين التي تÙصل بيني وبينك، إني Ø£Øبك -أيها الرجل العظيم- ÙليرØمك الله! Ùاللهم، إني أسالك بمكانة مصر عندك، أن تنّزل علينا من بركات الصديّق يوس٠ما تعظم به شأن مصر بين الأمم، ØÙظ الله مصر والمصريين!