في الآية الستين من سورة التوبة، “… إنّما الصدقات للفقراء والمساكين”ØŒ في 24 أبريل 2016ØŒ (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

نقول: الحمد لله ربّ العالمين!

الحمد هو الشعور بالامتنان، ولا يكون من الله لغيره، ويكون فقط من المخلوقين لله الخالق وحده دون غيره. اجتمعت في هذه العبارة الموجزة كلتا صفتي الله العظميين: الألوهية -ومنها يكون الخلق- والربوبيّة، ومنها يكون الرزق.
الشكر هو الشيء مقابل الشيء، واصطلاحا هو المكافأة على الصنيع؛ فيكون من الله الخالق للمخلوقين على طاعتهم له، ويكون أيضا من المخلوقين لله الخالق على رزقه لهم؛ يقول الله: “إنّ الله شاكر عليم”ØŒ أي إن الله يكافئ الصالحين على صلاحهم بمزيد من النعم Ùˆ الرضا عنهم. ويقول الله: “اعملوا آل داوود شكرا”ØŒ أي اعملوا من الصالحات وقدّموا من الصدقات ما يكافئ عظيم عطاء الله لكم.
الإسلام هو الاستسلام الكامل لأوامر الله القضائيّة والتشريعيّة.
الإيمان هو إدراك الحكمة في أوامر الله القضائيّة والتشريعيّة.
الصدقة هي كل عمل صالح يعمله الإنسان بدأب واستمرار، تحقيقا وتصديقا لما يدّعيه لنفسه من إسلام وإيمان بالله الخالق الرازق.
في الآية الكريمة محل البحث، يحدد الله للمسلمين الفئات من الناس المستحقة للصدقة الواجبة (الزكاة). ذكر الله من هذه الفئات الفقراء والمساكين.
الفقير هو ذلك الذي قدر عليه رزقه فقرّ. القرار والاستقرار هو الحركة الضيّقة في المكان. قرّ أي كانت حركته ضيّقة قليلة. والفقرة هي جزء من جسم الإنسان قليل أو ضيّق الحركة، يقال: الرجل كان كثير الأسفار لكنّه استقر في المدينة، أي بعد أن كان كثير وواسع الحركة بين الأماكن أصبح في مكان واحد قليل وضيّق الحركة. القرية هي المكان الذي تتوفر فيه مقومات الحياة للإنسان من ماء وطعام، فيمكث فيها، ويستقرّ، ولا يحتاج إلى أن ينتقل منها إلى غيرها- فالفقير إذن هو ذلك الذي ضيّقت عليه سبل السعي والرزق فقر؛ لذا فهو قليل الموارد وبالكاد تكفيه.
المسكين هو الذي قدر عليه رزقه فسكن. السكون هو انعدام الحركة. يقال للبيت السكن؛ إذ يتوقف فيه السعي، وتكون الراحة والنوم والسكون- فالمسكين إذن هو ذلك الذي ضيّقت عليه سبل السعي والرزق فسكن؛ لذا هو قليل الموارد جدا ولا تكفيه.
والسؤال: لماذا قدّم الله في الآية الكريمة ذكر الفقير وهو المحتاج، على المسكين وهو الأشدّ احتياجا؟
يعلم الله النبي محمد -صلى الله عليه، وسلم!- والذين آمنوا معه أن هناك قاعدة كليّة يجب احترامها، تنص على أنّ الأقربين أولى بالمعروف؛ فإن كان الفقير المحتاج والمسكين الأشدّ احتياجا كلاهما مستحقا للصدقة، فإن الفقير ربما كان قريبًا وكان المسكين بعيدًا، يقصد بالقرابة هنا قرابة الزمان أو المكان أو النسب؛ فإن الله رفعا للحرج ودعما لصلة الرحم والمودة بين ذوي القربي، قدّم الفقير المحتاج القريب على المسكين الأشد احتياجا البعيد، لأنّ الفقير المحتاج القريب سيجد في نفسه على قريبه الغني ويحزن عندما يعلم أنّه أرسل صدقته إلى المسكين البعيد، وإن كان أشد احتياجا، والله أعلم!

Related posts

Leave a Comment