القرآن معلّم البشرية، أرسل الله رسوله Ù…Øمدًا -صلى الله عليه، وسلم!- إلى الناس، وأرسل معه من الدلالات والعلامات التي بها يستوثق الناس من صدق تبليغه عن الله -ومنها خاتم النبوة وكرامات شاهدها وعاينها أهل ذلك الزمان- أما الأجيال اللاØقة من البشر، التي لم تلمس ولم تشهد تلك العلامات والدلائل المادية، Ùكان Øقًّا على الله أن يمدّهم بما يهديهم للإيمان والتأكّد من صدق Ù…Øمد ÙÙŠ التبليغ عنه؛ Ùكان القرآن الكريم معجزة معرÙيّة تتجاوز Øدود المكان Ùˆ الزمان. ولأننّا ÙÙŠ عصر العلم وانتشار المعرÙØ© وسيطرة المنهج العلمي على أسلوب الناس ÙÙŠ التعاطي مع الØقائق المعروضة عليهم، أراد الله أن يجعل ÙÙŠ القرآن من الإشارات والدلالات العلمية المعجزة ما يؤيّد Øقيقه النبوة المØمديّة وصدق تبليغ النبي Ù…Øمد عن الله. ان أكثر ما اهتم به النص القرآني، أنّه وضع للناس تصورا كاملا وشاملا وموجزا ودقيقا وواضØا عن ذات الله وصÙاته وقدره وقدرته والغيب وكذلك الوجود من Øولهم وعن مهمتهم ÙÙŠ هذا الوجود وما يجب عليهم أن يهتموا به Ùˆ يعملوا له، كما ÙˆØ¶Ù‘Ø Øقيقة البدء والانتهاء والØساب والمكاÙأة والعقاب بلغة ÙŠÙهمها الناس. ونعرض للقارئ الكريم بعض الآيات وتÙسيرها، Ù†Øاول Ùيها ØªÙˆØ¶ÙŠØ Ø°Ù„ÙƒØŒ والله المستعان، وعليه التكلان!
أولا “ولله الأسماء الØسنى”:
الله ذات، غيب، اختص لذاته بكمال الجمال ÙÙŠ الأسماء والصÙات. كان الله ولم يكن شيء، كان الله بصÙاته العليّة المطلقة ÙÙŠ كمّها وكيÙيّتها. لمّا خلق الله المخلوقين المختارين أراد منهم أن يتصلوا به -سبØانه، وتعالى!- Ùعلمهم ما يمكنهم أن يتعلموه عن ذاته العليّة، باستخدام لغاتهم التي يتكلمونها ويÙهمونها، وكان ذلك على مرØلتين: الأولى تØديد وتقييد المطلق، والثانية إعادة إطلاق المØدد المقيّد؛ Ùسمّى Ù†Ùسه بأسماء ÙŠÙهمونها، تعبّر إلى Øد بعيد عن صÙاته العليّة، ثم أمرهم بأن يطلقوا Ù…Ùهوم هذه الأسماء بقوله -تعالى-: “ليس كمثله شيء”.
ملØوظة: إن الكوب اذا امتلأ بالماء لا يمكنه أن يكون مملوءًا بشيء آخر. إذا بلغ الله درجة الكمال المطلق ÙÙŠ صÙØ© واØدة من الصÙات، Ùهل من الممكن أن يكون له صÙØ© أخرى؟ إنّه بقليل إعمال عقل نجد أنّ لله اسمًا واØدًا Ù…Øيطًا لصÙØ© واØدة جامعة، وهو القدرة المطلقة، أو القادر على كل شيء، لأنّه لابد لكي يكون الله رØمن مثلا أن يكون أولا خالقًا، ولا بد لكي يكون هذا الخلق Ù…Ùيدا أن يكون الله Øكيمًا، ولابد لكي يضع الله لهذا الخلق قانونًا وغاية أن يكون الله Øقًّا، بأن يهبهم من المواهب ويعطيهم من الأرزاق والقدرات ما يمكنهم من أداء المهمة التي كلّÙهم الله بها. ثم لابد أن يكون الله مع ذلك جامعًا، أي يستطيع أن يجمع ويØشر المخلوقين بعد أن Ùنوا Ùˆ تبعثروا، ولابد أن يكون الله سريع الØساب Øتى يمكنه أن ÙŠØاسب هذا الكم الهائل من المخلوقين على أعمالهم، ولا بد أن يكون الله عادلًا Øتى يعر٠المخلوق بدقّة٠موقÙÙ‡ من الإصابة والخطأ ومن ثم نهايته من الثواب والعقاب، ولا بد أن يكون الله قويًّا قوّة مطلقة Øتى لا يتدخل Ø£Øد ÙÙŠ أعماله بالتغيير أو التبديل أو الإلغاء، وهكذا دواليك. إذن لابد لكي يكون الله رØيما مطلق الرØمة أن يكون له عدد لا نهائي من الصÙات يبلغ Ùيها كلها درجه الكمال المطلق؛ Ùرسالة الأسماء والصÙات هي بالتأكيد مرسلة من الله لنا دون غيرنا طبقا وتبعا لدرجة Ùهمنا وقدراتنا على الاستيعاب
ثانيا “الرØمن على العرش استوى”:
ÙÙŠ الآية الكريمة يخاطبنا الله باللغّة والمÙردات والتعابير التي Ù†Ùهمها كما يأتي:
“العرش”ØŒ ÙÙŠ دنيا الناس نجد هناك ممالك عليها ملوك ÙŠØكمونها ويقنّنون لشعوبهم القوانين ويØدّدون لهم الØدود بنصوص ÙˆÙ„ÙˆØ§Ø¦Ø “اÙعل” Ùˆ”لا تÙعل”ØŒ واعتاد الناس أن تكون لملوكهم هيئة تختل٠قليلا أو كثيرا عن هيئات الرعيّة خاصة وعامة؛ Ùمما يكون للموك دون غيرهم العرش، ويكون العرش ÙÙŠ الميادين العامة أو ميادين القتال، ويكون العرش مكانًا مرتÙعًا مشرÙًا يراه الناس ويراهم منه الملوك (منصّة)ØŒ ويكون العرش عادة مسقوÙًا ومعرّشًا ومهيّأ لأن يق٠Ùيه الملك ليخطب الناس أو يوجههم ÙÙŠ الØروب، ويكون العرش كذلك ÙÙŠ قصر الØكم بمكان مرتÙع ÙƒØ§Ù„Ù…Ø³Ø±Ø Ø£Ùˆ المصطبة يكون Ùيه سرير الملك أو كرسي الملك، Ùيجلس الملك على السرير أو الكرسي وأمامه الرعيّة من عامة الشعب أو خاصته ÙŠØكم Ùيهم بØكمه؛ لذا Ùإن العرش هو المكان الذي يكون Ùيه الملك ليمارس منه مهام عمله ÙÙŠ السلم أو الØرب، ثم تعدى المعنى المÙهوم للÙظ العرش عند الناس من مجرد كونه مكانًا Ù…Øددًا إلى رمزيّة تولي الملك لمهام وأعمال الرئاسة والملك.
“استوى”ØŒ كلمة تعني جلس أو هيمن أو سيطر أو استقر. ÙÙŠ دنيا الناس يقال: اعتلى الملك العرش، أو جلس الملك على العرش، أو جلس الملك على كرسي العرش، كلها جمل وتعابير لا تعني أنّ الملك جلس Øقيقة على ذلك الكرسي الخشبي أو Ù†Øوه الموجود ÙÙŠ قصر الØكم، بقدر ما تعني أنّ الملك عندها تولّي مقاليد الØكم وتسلَّم زمام القيادة ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ù‡Ùˆ الآمر الناهي ÙÙŠ شؤون مملكته.
“الرØمن”ØŒ الرØمة هي صورة من صور العلاقات التي تكون بين الناس، وتكون بأن يكل٠الرئيس المرؤوسين بما يستطيعون أداءه من أعمال وتكليÙات طبقا لمهاراتهم ومواهبهم وقدراتهم، وأن يقدم لهم مع ذلك التسهيلات اللازمة التي تيسر لهم Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø ÙÙŠ أعمالهم، وأن يكاÙئهم عند إنجاز المهام كما طلب منهم ÙˆØدد لهم، وأن يعاقبهم كذلك على تقصيرهم وخطئهم، وأن يراعي عند توقيع العقوبة عليهم تخÙÙŠÙها طبقا للظرو٠والدواÙع والصعوبات التي واجهتهم أثناء تأديتهم عملهم ودÙعتهم لارتكاب هذه الأخطاء (مراعاة الجوانب الإنسانيّة)ØŒ مع تقديم المعونة الكاÙية لهم ليبدؤوا من جديد.
ومن الآية الكريمة “الرØمن على العرش استوى”ØŒ يمكننا استنتاج أن الله -سبØانه، وتعالى!- يستخدم لغتنا بتعبيراتنا التي Ù†Ùهمها ونجيدها، بأن يؤكد لنا الØقائق الآتية:
1) أن الله هو خالق الكون.
2) أن الله بعد أن Ùرغ من خلق هذا الكون السببي المنشأ تولى هو Ù†Ùسه لا غيره، مقاليد القيادة والإدارة Ùيه. يقول الله: “هو الذي خلق السماوات والأرض ÙÙŠ ستّة أيام ثم استوى على العرش”.
3) أن الله استخدم اسمه “الرØمن”ØŒ دون غيره من الأسماء، تهدئة لقلوب وخواطر المخلوقين، كأنّه قال لهم: يا عبادي، لا تخاÙوا مني خو٠اليائس القانط، ولا ترتعبوا مني رعب البائس المØبط؛ Ùإني سأعاملكم ابتداء من الخلق والتكلي٠مرورا بالمعايشة والمعاصرة وانتهاء إلى المØاسبة والمكاÙاة والمعاقبة، من منطلق الرØمة والتساهل والتيسير، لا من منطلق العدل المØض والتعقب والترصّد والتدقيق، مع قدرتي المطلقة على كل شيء.
4) أننا يجب علينا بعد أن Ùصّلنا هذا التÙصيل وبيّنا هذا التبيين، ألا ننسى القاعدة المستقرّة ÙÙŠ Ù†Ùوس المؤمنين بالله الØÙ‚ØŒ أنّ الله “ليس كمثله شيء”.
ثالثا “وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالØÙ‚ وإن الساعة لآتية ÙاصÙØ Ø§Ù„ØµÙØ Ø§Ù„Ø¬Ù…ÙŠÙ„”:
ÙÙŠ هذه الآية ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„Ù„Ù‡ لنا قصّة البدء الأول لكل شيء. سورة الØجر تتØدث عن الكÙار المعاندين للرسل Ùˆ منهم أهل الØجر، والØجر واد بين مكة وتبوك من أرض جزيرة العرب، كانت تعيش Ùيه قبيلة ثمود التي أرسل الله إليها نبّيه صالØًا. كان الثموديون قومًا أشداء عتاة ظالمين، وكان من قوتهم أنهم ينØتون الجبال بيوتًا -Ùأعمارهم كانت طويلة- وكانت البيوت المبنية من الطين تتهدّم ÙÙŠ Øياتهم، Ùاتّخذوا الجبال بيوتا Øتى تدوم طويلا! أصّر الثموديون أن يروا ويلمسوا من النبي ØµØ§Ù„Ø Ù…Ø¹Ø¬Ø²Ø© بيّنة واضØØ©ØŒ Øتى يطمئنوا لصدق تبليغه عن الله، ويؤمنوا بما أرسله الله به إليهم، Ùاختاروا بأنÙسهم نوع وشكل المعجزة التي يمكنهم بها تصديق النبي صالØØŒ اختاروا واشترطوا عليه أن ÙŠØوّل صخرة إلى ناقة عÙشَراء (ÙÙŠ شهر Øملها العاشر)ØŒ Ùكان لهم ما أرادوا واشترطوا، وأصبØت الصخرة ناقة عشراء، لكنّهم ما لبثوا أن عادوا إلى الكÙر، Ùعاقبهم الله على ÙƒÙرهم بالموت والعذاب.
يسرد الله هذه القصة للنبي Ù…Øمد وللمؤمنين معه، ببلاغة واختصار، Øتى يستوثقوا بصدق تبليغ النبي Ù…Øمد عن الله، ويؤمنوا به. وممّا جاء ÙÙŠ هذه السورة الشريÙØ©ØŒ قول الله: “وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالØÙ‚ وإن الساعة لآتية ÙاصÙØ Ø§Ù„ØµÙØ Ø§Ù„Ø¬Ù…ÙŠÙ„”ØŒ الØجر 85.
ÙÙŠ هذه الآية الكريمة ثلاث قضايا هامة:
– القضيّة الأولى قضيّة كونيّة، هي: كان الله Øيث لا بدء، ثم كان الخلق، وأنّ خلق السماوات كان أولا ثم جاء خلق الأرض، وأنّ السماوات Ùˆ الأرض كلاهما معا أعظم شأنا مما بينهما من جميع خلقه الذين تØتويهما السماوات والأرض، وأن الله -سبØانه، وتعالى!- تنزّه عن العبث والباطل، وأنه خلق جميع خلقه بالØÙ‚.
“الØÙ‚”ØŒ هو إعطاء المخلوقين القدرة والقوة والكÙاية والملكات والمواهب
التي تناسب وتكاÙئ الغاية التي من أجلها كان خلقهم؛ Ùالله لا يكل٠نÙسا إلا وسعها. وبين Ù…Ùهوم الØÙ‚ ومÙهوم العدل، أن الØÙ‚ يسبق العدل، وأن الØÙ‚ تكلي٠ومعونة وتهيئة، والعدل Ù…Øاسبة ومكاÙاة، الØÙ‚ ابتداء والعدل انتهاء.
– القضّية الثانية قضيّه عقدّيه، هي Øقيقة قيامة الأموات من قبورهم ثم عرضهم على الله ليØاسبهم بالعدل على سابق أعمالهم ÙÙŠ Øياتهم الدنيا.
– القضّية الثالثة قضّية سلوكيّة، والخطاب لرسول الله ولجماعة المؤمنين المصدّقين برسالته والمهتدين بهديه، وهي أنه على كل مؤمن بالله ومؤمن بقدرته على الخلق بالØÙ‚ ابتداء وكذلك قدرته على بعث المخلوقات من الموت ÙˆØسابهم يوم القيامة بالعدل انتهاء، أن ÙŠØ³Ø§Ù…Ø ÙˆÙŠØ¹Ùوا ويصÙØ Ø¹Ù…Ù† جاءه معتذرا ممن أساء إليه.
يعلمنا الله ÙÙŠ هذه الآية الكريمة أن ندرس واقعنا جيدًا، ونعر٠أصلنا ومبتدأنا ونØدد مكاننا ومكانتنا، ثم Ù†Øدد هدÙنا وغايتنا تØديدا دقيقا، ثم نسير على هذ الخط المستقيم الواصل بينهما. إن الآية الكريمة بلÙظها ومدلولها أعظم من أن يدّعيها بشر، والله أعلم!
رابعا “الØمد لله رب العالمين الرØمن الرØيم مالك يوم الدين”:
ÙÙŠ هذه الآية الكريمة ÙŠÙˆØ¶Ù‘Ø Ø§Ù„Ù„Ù‡ لنا قصّة الخاتمة لكل شيء. “الØمد” هو الشعور بالامتنان، ولا يكون إلا لله ÙˆØده دون غيره، ولا يكون الØمد من الله إلى Ø£Øد من المخلوقين. “رب”ØŒ الربوبيّة هي التنظيم والترتيب والرعاية والعناية والرزق. “العالمين”ØŒ هم جميع المخلوقين ما نعرÙÙ‡ وما نجهله جميعا. “الرØمة”ØŒ هي تكلي٠المخلوقين بما يستطيعون القيام به من مهام وتكليÙات، وإمدادهم بالمعونة والرعاية والØÙظ، ثم Øسابهم على أخطائهم التي ارتكبوها Ùقط، مع الأخذ ÙÙŠ الاعتبار الظرو٠والضغوط التي دÙعتهم لارتكاب الأخطاء، ثم تقديم المعونة لهم ليبدؤوا من جديد ويصوّبوا أخطاءهم ويصØØوا سلوكهم. “المالك”ØŒ هو الذي ÙŠØوز الشيء ويملكه ويمكنه التصرّ٠Ùيه التصرÙات الجزئيّة. “الملك”ØŒ هو الذي يملك وضع القوانين التي تضبط التصرÙات الكليّة ÙÙŠ موجودات مملكته؛ لذا كان الأبلغ ÙÙŠ التعبير أنّ الله هو مالك يوم الدين، رغم أنّه ملك على الوجود كلّه. وما Ùهمته من النص الشري٠أنّ الله أراد ØªÙˆØ¶ÙŠØ Ø§Ù„Ø¢ØªÙŠ -والله أعلم!-:
1) أن يوم الدين جزء يسير جدا، لا يكاد يذكر من مملكة الله الواسعة المطلقة.
2) أن الله موجود ÙˆØاضر بذاته العليّة ÙÙŠ هذه الØالة (يوم الدين)ØŒ مكانا وزمانا، ويتصر٠ÙÙŠ كل جزئيات هذا اليوم؛ Ùهو الذي يباشر ويقضي ويØكم ÙÙŠ قضايا المخلوقين، لا عن طريق وكلاء. “يوم”ØŒ اليوم هو ÙˆØدة الزمن، وقد اختار الله والناس من بعده كلمة يوم للتعبير عن ÙˆØدة الزمن -الوØدة هي ذلك الجزء من الكل، الذي لا يمكن تقسيمه إلى أجزاء- Ùاليوم ينقسم إلى ساعات، ولكن لكل ساعة شكل وهيئة ÙˆØالة تختل٠بينها وبين أي ساعة أخرى من ساعات اليوم Ù†Ùسه، Ùˆ كذلك السنه، Ùإن كانت تØتوي على اثني عشر شهرا Ùلكل شهر Ùيها تميّز واختلا٠عن غيره؛ لذلك استخدم الله كلمه يوم على هذه المدة الزمنيّة التي يقضي Ùيها بين عباده. “الدين”ØŒ من الدَّين بÙØªØ Ø§Ù„Ø¯Ø§Ù„ وتشديدها، هو ذلك الشيء المستØÙ‚ على المدين للدائن، وهو أيضا الأمانة؛ ÙÙÙŠ هذا اليوم الطويل المرهق ÙŠØاسب الله المخلوقين على ديونهم المستØقة لله -تعالى!- هل أدوها أو منعوها، وكذلك عن ÙƒÙاية أدائهم لها، وعن ديون غيرهم المستØقّة عليهم هل أدّوها أو منعوها.
خامسا “يطعمون الطعام على Øبّه مسكينا ويتيما وأسيرا”:
عبقرية الإسلام ÙÙŠ تقويم سلوك المسلمين وتعليمهم العط٠والإØسان إلى الناس جميعا، Øتي لو كانوا أعداءهم. والقرآن لأنّه كلام الله ÙˆØكمته Ùهو مطلق النÙع، لا تØتويه المعاني ولا يبلى جديده، ما جعل الإسلام دين كل عصر لأنّه لو كان مباشر المعني لاØتواه عصره، Ùˆ لم يكن به Øلول جديدة لمشكلات كل عصر جديد. يقول الله مادØا عباده الصالØين: “يطعمون الطعام على Øبّه مسكينا ويتيما وأسيرا”.
“يطعمون”ØŒ إشارة إلى أن المؤمنين يقدّمون الطعام لغيرهم برغبة ورضا وعاطÙØ© صادقة؛ وذلك بأنهم يقرّبون الطعام من Ø£Ùواه الناس أو يجعلونهم يشاركونهم ÙÙŠ طعامهم ببيوتهم، تعبيرًا بليغًا عن مدى Øرصهم على نيل الثواب والأجر من الله العزيز الØميد.
“الطعام”ØŒ هو كلّ ما تعار٠بين الناس على أنّه طعام؛ Ùمثلا هناك ناس ÙÙŠ بلاد بعيدة عنّا يأكلون الÙئران أو الكلاب أو أنواعًا من الديدان والØشرات أو أوراق الأشجار أو البرسيم مثلا، Ùˆ هناك ناس من أهل بلاد أخرى يعدون الÙول الذي نأكله ØµØ¨Ø§Ø Ù…Ø³Ø§Ø¡ طعام الخيول والبغال Ùقط ولا ÙŠØµÙ„Ø ÙˆÙ„Ø§ يقبل أن يكون طعام البشر؛ لذا Ùإن الله قصد بقوله الطّعام الأطعمة التي اعتادها أهل هذه البلاد ويعدونها طعاما.
“على Øبه”ØŒ أي الأصنا٠الغالية النادرة من الطعام، التي يتناولها الإنسان ÙÙŠ المناسبات والأعياد ويمنّي بها Ù†Ùسه وينتظرها، لا الطعام العادي الرخيص الذي يأكله كل يوم ويعتاده.
“مسكينا”ØŒ المسكين هو الرجل السائل الشديد الÙقر، الذي يرضى بأقل القليل من الطعام أو بأرخص الأنواع منه، لكن الله يعلّم المؤمن أنه يجب أن يدخل السرور على قلوب الÙقراء والمساكين كما هو الØال مع بنيه وأهله؛ Ùبهذا يتربى المؤمن على خلق التواضع لله واهب النّعم، واØترام الناس Øتى لو كانت Øالتهم سيئة؛ Ùيمتلئ قلب الÙقير Ù…Øبّة للأغنياء Ùلا ÙŠØسدهم بل يرجو لهم دوام Ùضل الله عليهم.
“يتيما”ØŒ اليتيم هو الطÙÙ„ الذي Ùقد أباه، وربما يكون هذا الطÙÙ„ غنيّا وثريّا ولا ÙŠØتاج للصدقة، لكن الله يعلم المؤمن Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø£Ù† يدعو اليتيم إلى بيته ليشاركه ÙÙŠ طعامه الغالي الثمن، Øتى ÙŠØس هذا اليتيم بمدى Ù…Øبة الناس والمجتمع له، وأنّهم يجعلونه ÙÙŠ مقام ابنهم المØبب إلى قلوبهم؛ Ùينشأ الطÙÙ„ اليتيم Ù…Øبا لمجتمعه غير Øانق أو Øاسد، ولا يعتريه شعور بالنقص تجاه أقرانه من ذوي الآباء؛ Ùإن كان Ùقد أباه Ùإن كل الآباء ÙÙŠ مجتمعه المØيط به هم آباؤه، وإن كان Ùقد أمّه Ùكل الأمهات ÙÙŠ المجتمع المØيط به هم أمهاته؛ وبهذا يشعر الطÙÙ„ اليتيم بالتمير عن أقرانه الذين لهم أب واØد وأم واØدة!
“أسيرا”ØŒ الأسير هو العدو ÙŠØاربنا (يسعى لقتل جنودنا)ØŒ ثم ÙŠÙقبض عليه ÙÙŠ المعركة -وهنا يظهر إعجاز القرآن وسبقه إلى تقنين Øقوق الأسير قبل ظهور المعاهدات الدولية Ù„Øماية ورعاية الأسرى- ÙÙŠØضّ القرآن المؤمنين به على Øسن معاملة الأسرى، إلى درجة إطعامهم الطعام الغالي الذي يدّخرونه لأنÙسهم؛ وبهذا التصر٠ينتزع الغل والØقد من قلوب المؤمنين، ويسمو بنÙوسهم، وتنكسر أيضا Øدة الكراهية والØزن ÙÙŠ قلب الأسير، Øتى تختÙÙŠ من قلبه الرغبة ÙÙŠ قتال المؤمنين؛ وبهذا يعلمنا الله أن نكون بعيدي النظر
لأنّه:
مَنْ ÙŠÙŽÙْعَل٠الْخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازÙيَه٠لَا يَذْهَب٠الْعÙرْÙ٠بَيْنَ الله٠وَالنَّاسÙ
Ùˆ الله أعلم!Â