الجمعة 16 يونيو 2023 16:35
ÙÙŠ Ùيلم الخيال العلمي الأميركي “أريÙال” (Arrival) إصدار 2016ØŒ يعرض قصة عالمة اللغة لويز بانكس (إيمي أدامز)ØŒ والتي تÙطلب Ùجأة لمهمة التواصل ÙˆÙÙƒ لغز الØديث الذي يتخاطب به الÙضائيون الذين وصلت سÙنهم إلى الأرض ولا تعر٠أهداÙهم، Ùتبدأ لويز ÙÙŠ مرØلة التواصل مع الكائنات الÙضائية داخل المركبة، وتØدث تقدماً بمساعدة الخبراء Øول العالم.
وخلال الرØلة البØثية لعالمة اللغة، من أجل خلق جسر للتواصل مع الأغراب، تكتش٠بعد أن بدأت تتعلم وتÙهم لغة الكائنات الÙضائية، أن مقاربتها للعالم وإدراكها للزمن تغيروا بشكل مختل٠ومغاير عن السابق.
Ùهل التØدث بلغات مختلÙØ© له تأثير ÙÙŠ رؤيتنا للعالم؟ وهل يمكن للغة أن تغير من طريقة تÙكيرنا؟
Ø£Ùعال لغوية
لطالما تساءل العلماء ÙÙŠ ما إذا كانت اللغات المختلÙØ© تعكس قدرات معرÙية مختلÙØ©ØŒ وبرزت خلال السنوات الماضية دلائل مبنية على التجربة والاختبار، تشير إلى أن اللغة الأم لها تأثير مباشر، ÙÙŠ الطريقة التي ÙŠÙكر بها الإنسان، ÙÙŠ شتى أمور العالم بما ÙÙŠ ذلك المكان والزمن.
ويرى بعض علماء اللغة، أنها جزء لا يتجزأ من العديد من سمات الÙكر التي لم يدركها العلماء من قبل، ÙÙŠ Øين يؤكد بعض الباØثين أن اللغات المختلÙØ© ØªÙ…Ù†Ø Ù…ØªØدثيها قدرات إدراكية متباينة، وبالتالي تمنØهم سلوكاً مختلÙاً، وترتكز Ùرضية سابير-وور٠(عالمي اللغويات إدوارد سابير وبنيامين ورÙ) الأميركيين، على أن Ø£Ùكار وأÙعال الÙرد يقررها اللسان الذي يتØدث به، وكل الأÙكار والأÙعال مكبلة بقيود لغوية، ÙÙŠ Øين تقول Ùرضية أخرى إن اللغات تقوم بقولبة تÙكيرنا وسلوكنا إلى Øد٠ما.
تقول الأكاديمية ÙÙŠ مجال علم النÙس المعرÙÙŠ بجامعة “ستانÙورد” ليرا بوروديتسكي “يتواصل البشر مع بعضهم بعضاً ÙÙŠ جميع أرجاء الأرض مستخدمين Øزمة مذهلة من اللغات تناهز السبعة آلا٠لغة أو ما يقارب ذلك”ØŒ وتضي٠تعود الÙكرة القائلة إن الألسنة المختلÙØ© ربما ØªÙ…Ù†Ø Ù…ØªØدثيها مهارات معرÙية مختلÙØ© إلى مئات السنين، وارتبط هذا الرأي منذ ثلاثينيات القرن الماضي بالعالمين اللغويين سابير-وورÙØŒ اللذين قاما بدراسة الكيÙية التي تتباين Ùيها لغات البشر، مشيرين إلى Ùرضية Ù…Ùادها بأن اختلا٠طرق التخاطب ÙŠÙضي إلى تباين ÙÙŠ طرق التÙكير.
ومع أن Ø£Ùكارهما لقيت Øماسة كبيرة ÙÙŠ بداية الأمر، ظلت هناك مشكلة صغيرة واØدة وهي غياب شبه كلي للدلائل التي تدعم هذه الادعاءات، وما إن Øلت السبعينيات إلا ÙˆÙقد الكثير من العلماء اهتمامهم بتلك الÙرضية، وسرعان ما تخلوا عنها بمجرد ظهور مجموعة جديدة من النظريات Ùرضت Ù†Ùسها على المشهد اللغوي، تدعم Ùكرة “عالمية” اللغة والÙكر، لكن وبعد عقود عدة برزت أخيراً دلائل ملموسة تعتمد على التجربة، تÙيد بأن اللغات تتØكم ÙÙŠ طرق التÙكير.
وتقوض الدلائل الجديدة نظرية “العالمية” التي صمدت سنين طويلة، بل تقدم رؤى جديدة باهرة ØªØ´Ø±Ø Ø£ØµÙˆÙ„ المعرÙØ© وكيÙية تشكل الواقع، ولهذه النتائج روابط مهمة ÙÙŠ مجالات القانون والسياسة والتربية والتعليم.
معالجة دماغية
ÙÙŠ مقال للكاتبة كاترين إيÙيرت نشر على موقع “دويتشه Ùيله” الألماني ÙÙŠ أبريل (نيسان) الماضي، تتناول Ùيه دراسة تØدثت عن طريقة معالجة الدماغ للغتين العربية والألمانية، وأراد علماء من معهد “ماكس بلانك” للعلوم الإدراكية والدماغية الألماني ÙÙŠ لايبزيغ معرÙØ© ذلك، Ùقام Ùريق بقيادة طالب الدكتوراه والمؤل٠الرئيس للبØØ«ØŒ شوي خو وي، بÙØص المادة البيضاء ÙÙŠ أدمغة 47 من المتØدثين الأصليين باللغة العربية ومثلهم من متØدثي الألمانية، وعند اختيار الموضوعات، تأكد الباØثون من أنهم قاموا باختيار أشخاص Ø£Øاديي اللغة الأم بمعنى أن لديهم لغة أصلية واØدة Ùقط، ÙإضاÙØ© إلى لغتهم الأولى، لم يعر٠المشاركون سوى بعض الكلمات باللغة الإنجليزية.
واكتش٠الباØثون أن المتØدثين الأصليين للغة الألمانية لديهم اتصال أقوى بين مراكز اللغة ÙˆÙÙŠ الشبكات العصبية المسؤولة عن اللغات ÙÙŠ نص٠المخ الأيسر، وباتجاه الÙص الجبهي ÙÙŠ الجزء الأمامي من الدماغ، وقالوا إن الأمر ربما يرتبط بالمعالجة النØوية المعقدة للألمانية، والتي ترجع إلى ترتيب الكلمات والأÙعال بشكل مختل٠عن مثيله ÙÙŠ العربية، ويمكن Ø´Ø±Ø Ø°Ù„Ùƒ أيضاً من خلال طبيعة تركيب لغة الألمان، Øيث تكون هذه المناطق مسؤولة عن معالجة بنية الجملة المركبة بشكل مختلÙ.
ويلخص الباØØ« ÙÙŠ قسم علم النÙس العصبي ÙÙŠ معهد “ماكس بلانك” والمؤل٠المشارك للدراسة التي Ù†Ùشرت أخيراً ÙÙŠ مجلة(NeuroImage) وموقع المعهد ألÙريد أنواندر، النتائج قائلاً “دراستنا تقدم رؤى جديدة Øول كيÙية تكي٠الدماغ مع المتطلبات المعرÙية، بعبارة أخرى، تتشكل شبكتنا الهيكلية Ù„Ùهم اللغات الأخرى ÙÙŠ المخ من خلال لغتنا الأم”.
ويتابع أنواندر القول “أظهر المتØدثون الأصليون للغة العربية ارتباطاً أقوى بين نصÙÙŠ المخ الأيمن والأيسر من الناطقين بالألمانية”ØŒ مضيÙاً “Ùاجأتنا النتيجة كثيراً، لأننا كنا Ù†Ùترض دائماً أن طريقة تعامل المخ مع اللغات بصÙØ© عامة تسير بطريقة واØدة Øول العالم، بين المتØدثين باللغات الأم المختلÙØ©ØŒ باختلاÙها وبصر٠النظر عن طبيعتها”ØŒ وأن “الارتباط بين المناطق المختلÙØ© المسؤولة عن اللغة ÙÙŠ المخ ÙŠØدث بالقوة Ù†Ùسها”.
عقول مختلÙØ©
وطلب Ùريق العلماء من المشاركين الاستلقاء على جهاز Ù…Ø³Ø Ø®Ø§Øµ بتصوير الرنين المغناطيسي، وينتج صوراً عالية الدقة للدماغ، والØصول على معلومات Øول الروابط بين الأليا٠العصبية. وباستخدام هذه البيانات، تمكن الباØثون من معرÙØ© مدى قوة ارتباط مناطق اللغة الÙردية ÙÙŠ الدماغ مع بعضها البعض، واكتشÙوا وجود اختلاÙات ÙÙŠ التوصيلات بين أماكن اللغة ÙÙŠ الدماغ بØسب اختلا٠لغة الشخص الأم.
ولاØظت الدراسة أن الطريقة التي تتشكل بها أدمغة المتØدثين بالعربية تختل٠عن متØدثي الألمانية، وذلك من بين 94 شخصاً شاركوا Ùيها، Øيث أشارت إلى أن الصور التشريØية لأدمغة أصØاب اللسان العربي تظهر وجود ارتباط أكبر بين نصÙÙŠ الدماغ مقارنة بالألسنة الألمانية، كما أظهرت وجود دوائر عصبية مختلÙØ©.
ÙÙŠ الخطوة الثانية من الدراسة التي تجرى Øالياً، سيقوم الباØثون بتØليل ما ÙŠØدث ÙÙŠ أدمغة المتØدثين باللغة العربية أثناء تعلمهم الألمانية، Øيث يقول أنواندر “متØمسون لرؤية كي٠تتغير شبكة الدوائر العصبية الدماغية أثناء تعلم لغة جديدة”ØŒ لاÙتاً إلى أنه من المهم “التأكيد أن هذه الدوائر المختلÙØ© لمعالجة اللغة ÙÙŠ المخ لا تعني مزايا ولا عيوباً للمتØدثين، ولكنها مختلÙØ© Ùقط ÙÙŠ شكل الارتباط ÙÙŠ ما بينها، ليست Ø£Ùضل ÙÙŠ لغة أو أسوأ ÙÙŠ لغة أخرى”.
ويأمل العلماء مع نهاية البØØ« ÙÙŠ استخدام النتائج لتØسين طرق تعلم اللغات الأجنبية.