قضايا نبوية، في 11 يونيو 2013 (مجديات أخي الحبيب الراحل المقدم مجدي صقر، رحمه الله، وطيب ثراه)!

إلى الأستاذ الفاضل والعالم الجليل، نفعنا الله بكم!
لقد تشرفت بمشاهدة حلقتكم من برنامج “الموعظة الحسنة”ØŒ نفعنا الله به وبكم، التي أذيعت بتاريخ 6/6/ 2013ØŒ Ùˆ قد أثَرتم بعض قضايا لي فيها رأي أتشرف بعرضه عليكم، ونسأل الله أن يلهمنا العلم والفهم وسبل الرشاد!

القضية الأولى في قصة النبي يوسف -عليه الصلاة والسلام!-:
يقول الله: “ولقد همت به وهم بها”. أرى -والله أعلم!- أن النبي يوسف هم لمجاراتها في المعصية؛ إذ إنه:
أولا الأفعال لا تكون على مرحلة واحدة بل على أربع مراحل:
1) النية، وهي عمل قلبي معنوي، بها يستقر في النفس قصد الفعل
2) الهمه، وهي عمل مادي، يكون فيها جمع مفردات السبب، كمن يريد السفر مثلا، فيجهز حقيبة السفر
3) السبب، وفيه سلوك الطرق المؤدية للوصول إلى النتيجة المرجوة، كمن يريد أن يسافر مثلا، فيستقل القطار أو وسيلة السفر
4) النتيجة، وهي تحقق الفعل
فالنبي يوسف لم يَنْتَوِ المعصية، ولم يجار المرأة في طلبها، ولم يقع في المعصية، لكنه همَّ بالمعصية كتصرف عفوي، لم تسبقه نية، Ùˆ لم يرتب له؛ لذا كانت المعونة الإلهية له دون طلبه “لولا أن رأى برهان ربه”ØŒ أي لولا أن رأى برهان ربه لاستمر إلى أن أتم المعصية.
ثانيا أن الله أكد أن النبي يوسف، قد هم بها؛ فلو أنه لم يكن قد هم بها لربما يخطر ببال أحد أنه كان صغيرا لم يبلغ مبلغ الرجال، أو أنه كان مريضا عِنِّينًا لا يشتهي النساء؛ فلا يكون ما حدث له فتنة أو محنة.
ثالثا أن بعض العلماء فسر قول الله: “همت به وهم بها”ØŒ بأن المرأة همت تندفع إليه لتوقعه في الفتنة، Ùˆ أنه هم ليدفعها، أي أن بعض العلماء أقر بوقوع الهمّ.
رابعا أن النبي يوسف نفسه قال: “إن لم تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين”ØŒ أي أنه يتعرض لفتنٍ، وأن به من الفتوة والفحولة ما يجعله يقع في المعصية؛ لذا يلتمس من الله معونة إضافية على توقي هذه الفتن، Ùˆ الله أعلم!
القضية الثانية عصا النبي موسى -عليه الصلاة والسلام!- وحديث الله معه بشأنها:
إن المنافسة والتحدي كانا بين الله والسحرة، تحديدا بين قدرة الله وقدرة السحرة على تحويل عصا إلى حية، وانتهت المنافسة بتحقق قدرة الله في أن تتحول عصا موسى إلى حية حقيقية، وفشل السحرة في تحويل عصيّهم إلى حيات حقيقية؛ لذا كان على الله أن يؤكد للسامع أصل العصا العَصَوِيّ، وذلك بشهادة النبي موسى صاحب العصا، و بذكر تاريخ العصا وخبرها معه، ليكون إقرارا منه بعَصَويّة العصا، لأنه ربما يخطر ببال أحد أن عصا موسا هي في الأساس حية عظيمة ثم سُحرت إلى عصا! وكذلك تأكيد صدق تحولها إلى حية بشهادة السحرة أنفسهم.
سأل الله موسى: “ما تلك بيمينك يا موسي”ØŒ والعادة إذا سأل أحد أحدًا عن شيء يجهله، أن يسأل بلفظ المذكر، مثلا: ما الذي في يدك يا موسي؟ أما وقد سأل الله موسى بقوله: “ما”ØŒ التي تقال لغير العاقل، Ùˆ”تلك”ØŒ التي تكون للمؤنث، فإن الله يُعرّف ما بيده وأنها عصا.
قال موسي:
“هي عصاي”ØŒ أي إنني أنا الذي قطعتها من شجرتها، وجهزتها للاستخدام، ولم تُهدَ إليَّ، ولم ألتقطها من الأرض، وهي ملازمة لي لاستخداماتها الكثيرة. “أتوكأ عليها”ØŒ صوره من الاستخدام الرأسي للعصا -ربما يدل على صلابتها- “أهش بها على غنمي”ØŒ صورة من الاستخدام الأفقي للعصا -ربما يدل على طولها- “ولي فيها مآرب أخرى”ØŒ كحمل الأمتعة، أو مطاردة ذئب، أو لنصب خيمة، تعبير يدل على ارتباط موسى بعصاه واستخداماتها العَصويَّة- فأمره الله: أن “ألقها”ØŒ “فألقاها فإذا هي حية تسعى”ØŒ لندرك أن الله الخالق قادر على أن يغير من صور خلقه كما يشاء؛ فإن الله القادر على خلق العصا على هذه الهيئة، قادر أيضا على أن يغير قدره فيها، ويجعلها شيئا آخر، وتكون حية كاملة الحيوية “حيه تسعي”.
و لا أوافق الرأي القائل إن حديث الله مع موسى بشأن العصا، إنما كان للتودد والتحبب إليه، وأرى أن الأمر أبعد من ذلك، و الله أعلم!
أعتذر إلى الله، وأعتذر إلى فضيلتكم، عن الخطأ والزلل!

Related posts

Leave a Comment