الشعراوي صاØب أول تÙسير Ø´Ùوي ÙÙŠ تاريخ الأمة
على بعد بضع مئات من الأمتار من جمهورية زÙتى، وتØت الكوبري الإنجليزي الÙاصل بين منية غمر ومنية زÙتى! وسط خضرة “من العيار الثقيل” وماء عذب سلسبيل، قامت بضعة بيوت ريÙية متواضعة لتشكل قرية اسمها دقـادوس، شهدت مولد الشيخ العالم المÙسر اللغوي الشاعر العلامة Ù…Øمد متولي الشعراوي أوائل هذا القرن العشرين! وكانت ميت غمر – التي نشأ الشعراوي ÙÙŠ Øواشيها – تضم Øارة لليهود ذات قوة اقتصادية، وتضم جالية نصرانية لا بأس بها، لوجود بعض الكنائس القديمة بالمنطقة، Ùضلًا عن الازدهار التجاري والتعليمي ÙÙŠ المدينة ذاتها!
وكانت مصر كلها – آنذاك – تموج بتيارات ثقاÙية وسياسة واجتماعية هائلة:
الشعب المصري ÙŠØ±Ø²Ø ØªØت أعباء ثقال من التخل٠والجهل، والإنجليز ÙŠØتلون كبرى بلاد الشرق وأعرقها، والمستشرقون: جب، وماسينيون، وإسرائيل ولÙنسون، وكارل نللينو – وغيرهم – يستوطنونها ليزرعوا مناهج Ùكرية ستؤثر تأثيرات شديدة ÙÙŠ الدراسات الدينية والاجتماعية، والسياسات التعليمية والإعلامية.
وبعض (أبناء البلد) واÙقوا الإنجليز، ÙˆØطبوا ÙÙŠ Øبالهم، وخانوا – عند معظم المصريين –وطنهم مصر، جهارًا نهارًا، كإسماعيل صدقي باشا (بلدياتي) ومØمد سلطان باشا شعراوي رئيس مجلس الأعيان ووالد هدى هانم شعراوي، ومصطÙÙ‰ Ùهمي باشا والد صÙية زغلول، ولطÙÙŠ السيد، وغيرهم، كما ظهر وطنيون أبطال كمØمد Ùريد ومصطÙÙ‰ كامل وغيرهما!
وأخذ نصارى الشام ويهودها يـنزØون إلى عاصمة الثقاÙØ© ليؤسسوا المسرØØŒ ويوطـدوا للموسيقى، ثم للسينما، والصØاÙØ©ØŒ Øيث ظلت المقتط٠والأهرام وأخواتهما ترØب بالإنجليز وجودًا ÙˆÙكرًا ÙˆØضارة، ويظهر أقطاب كبار ÙÙŠ الÙكر والأدب والسياسة يتعاركون، ويوالون، ويعادون، ويثورون ويستثيرون، ويملؤون الدنيا Øركة وتأثيرًا: الأÙغـاني، ومØمد عبده، ورشيد رضا، وطه Øسين، والعقاد، والراÙعي، والزيات، وأØمد أمين، وسلامة موسى، وغيرهم!
المخاض الØضاري
كان الجو كله ÙÙŠ Øالة مخاض Øضاري – سلبـًا وإيجابـًا – ÙˆÙيه يخرج الشعراوي ÙلاØًا وابن ÙلاØØŒ وشاعرًا أزهريـًّا “ثورجيـًّا” ÙˆÙدائيـًّا يملأ الدنيا ضجيجـًا ÙˆØركة، لا يرضى أن يكون ÙÙŠ الساقة، بل يتقدم المظاهرات النارية! يعيش من خلالها تÙاعلات شكلت صوره مصر Øتى تسعينيات القرن العشرين تقريبًا، ويستمر نهر Øياته ÙÙŠ الاندÙاع، ليتمخض نشاطه وجهده أوائل السبعينيات – بعد مَوَران ÙˆÙاعلية داما قرابة ستة عقود – لتبدأ إشراقاته العلنية ÙÙŠ تÙسير القرآن الكريم، من خلال برنامج نور على نور، ÙÙŠ التليÙزيون المصري، الذي انتشر من خلال Øلقاته اسم الشعراوي انتشار النور البازغ، واستمر ارتÙاعه بعد ذلك من خلال Øلقاته ÙÙŠ التÙسير التي كان أثرها شديدًا؛ لدرجة أن إسرائيل طالبت بوقÙها ÙÙŠ Ùترة من الÙترات، بسبب كلامه عن الآيات التي تتناول اليهود عقيدة وشريعة ومسلكـًا! وليÙاجأ الناس بمنهج جديد ÙÙŠ التعامل مع كتاب الله – كأنه ما سÙبق إليه – Ùقد Ù†Ø¬Ø Ù‡Ø°Ø§ الÙÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ù†Øيل الطويل ÙÙŠ تقريب الجمل المنطقية العويصة، والمسائل النØوية الدقيقة، والمعاني الإشارية المØلقة، والنزول بها إلى العامة بلغة ÙŠÙهمها كل Ø£Øد، Øتى باتت Ø£Øاديثه قريبة جدًّا من الناس على المقاهي، ÙˆÙÙŠ البيوت، والمساجد التي ينتقل بينها من أقصى مصر لأقصاها!
وعَهْدنا بعلم التÙسير ومعلميه أنه دقيق، لا يقدَّم إلا ÙÙŠ قوالب منهجية صارمة، ولغة مترÙعة صعبة – مع أن الأصل تيسير القرآن للتلاوة والÙهم – Ùقلب الشعراوي هذا كله ليوجه خطابه لـ99% من الشعب المصري الذين لا يعرÙون ما الرازي ولا الطبري ولا القاسمي، وليقرّب إليهم القرآن ÙÙŠ صورة جذابة سهلة قريبة من العقول والقلوب، لا تÙرق بين المنقول والمعقول، والإشاري والإعجازي، واللغوي والÙقهي، والعصري والأثري.
ومنذ سمعت به أوائل السبعينيات – 1974Ù… – لم ÙŠÙعر٠الشيخ إلا بأنه المÙسر الأول للقرآن! يعيش معه، وينÙعل به وله! وبدأ طلاب العلم، والتجار، وأصØاب التسجيلات يتلقÙون Ø£Øاديث الشيخ، وينسخونها بكل الوسائل، Øتى إنني شاهدت ÙÙŠ تلÙزيون قطر – Øين كنت رقيبًا Ùيه – الØلقة رقم 1010 من تÙسيره التليÙزيوني، وإذا كان متوسط الØلقة 40 دقيقة، Ùإن ذلك يعني أنه سجل أربعين أل٠دقيقة، أي 667 ساعة، أي ما يساوي 28 يومـًا متصلة من التÙسير – كل جزء ÙÙŠ يوم كامل تقريبًا – وقد عرض عليه ÙÙŠ بدايات تÙسيره مليون دولار من Ø£Øد التليÙزيونات ÙرÙض إلا أن يكون عمله مجانيـًّا، أسأل الله أن يكون ÙÙŠ ميزانه يوم القيامة.
خصائص شعراوية
لا يعنيني هنا أن أؤرخ للشيخ التأريخ النمطي، ولكن يعنيني أن أقـ٠ÙÙŠ هذا السرد العجول أمام نـقاط:
= أولاهـا: ما أشرت إليه من أن الرجل سهّل التعامل مع كتّاب الله عز وجل؛ Øتى قرّبه للعامة، وهو صاØب أول تÙسير Ø´Ùوي متكامل للقرآن الكريم، ÙÙŠ تاريخ أمة Ù…Øمد صلى الله عليه وسلم! وخلال 1431 سنة! Ùلا أعلم Øتى الآن بوجود تÙسير Ø´Ùوي يقترب من سبعمائة ساعة، وهذه خصيصة Øباه الله بها، وسبقٌ دعوي أسأل الله أن يكون ÙÙŠ ميزان Øسناته، رغم أنه قد ظهر ÙÙŠ السنة الØالية تÙسير جديد وعظيم جدًّا للشيخ ابن عثيمين رØمه الله تعالى، جدير أن ينتشر، ويذيع، ويعرÙÙ‡ طلاب العلم خاصة.
= ثانيـتها: بساطته الشديدة، وتواضعه، وابتعاده عن النÙخة الكدابة التي يعيشها بعض المشايخ نجوم الÙضائيات؛ Ùهو رغم سعة شهرته، وتمكن أمره، واØتÙاء الملوك والأمراء، والوجهاء، والأغنياء به، ورغم كونه من كبار أثرياء المسلمين، Ùهو لم يزل الرجل البسيط المتواضع، الذي ÙŠØيا على طريقة سراة الÙلاØين، ولم يزل “يعـزم” أصØابه على أكلة ذرة مشوية ÙÙŠ مزرعته، ويعيش Øياة طبيعية بسيطة تلØظها ÙÙŠ المØيط الذي يسكن!
زرته سنة 90 ÙÙŠ Ùندق Ùلسطين بالإسكندرية Ùوجدته أبسط ما تجد: الرجل الإل٠المألوÙØŒ وقد جمع Øوله أبناءه وأØÙاده! سجلت معه بعض اللقاءات لتليÙزيون قطر، ثم قدمت له مظروÙـًا Ùيه مبلغ كبير من المال؛ مكاÙأة التسجيل، Ùنهرني: أنا آخد منكم Ùلوس؟ خير الله عندي كثـير جدًّا (كان ÙÙŠ الشهر Ù†Ùسه قد تبرع بمليون جنيه مصري للمعاهد الأزهرية) وأبى بØزم وشدة، ووبخني كأنما أهنته.
= ثالثـتها: كل صاØب توجه يتعصب له، ويراه الأوØد الأمثل الأكمل الأجدر، وكثيرًا ما يقصي غيره، ويرميه ÙÙŠ جهنم إن استطاع – بلسان الØال أو المقال أو بهما معًا – رأيت هذا ÙÙŠ أكبر كبار علماء الدنيا الذين عرÙتهم واقتربت منهم، لا أستثني Ø£Øدًا، إلا الشيخ (أمين) أو Ù…Øمد متولي الشعراوي عليه رØمات الله، الذي لم يستغل وظائÙÙ‡ الكبيرة الكثيرة، ولا التلÙزيونات العربية والعالمية للدعاية Ù„Ùكر وانتماء يتعصب له، ولا يمل ذكر رموزه، ولم يزعج الناس بالØديث عن مآثره، وأمجاده، وبركات أوليائه ÙÙŠ “الطـريق” بل كان يدعو للإسلام ÙˆØده والقرآن ÙˆØده! وهذه لم أجدها ÙÙŠ Ø£Øد غيره من أصØاب اللاÙتات! مع علمي أن الرجل ذو ميول صوÙية واضØØ© لا ينكرها Ø£Øد، وهذه تØسب للشيخ – رØمة الله عليه – سعةَ Ø£ÙÙ‚ØŒ وإنصاÙـًا من النÙس قل أن ÙŠÙعله سواه!
Ùهل ÙŠÙهم هذا بعض قادة المناصب العليا ÙÙŠ الأزهر الشريÙØŒ الذي يتهددون ويتوعدون، ويؤكدون تصÙية الØسابات، ويتلمظون لأكل اللØÙ… الØرام المسموم!ØŸ
وهل ÙŠÙهم هذا بعض قادة التيارات الإسلامية التي لا ترى إلا Ù†Ùسها، وهي على يقين لا يداخله شك أنها الأعلم بالله، والأÙهم لدين الله، والأجدر بالجنة – كأن Ù…ÙØªØ§Ø Ø§Ù„Ùردوس ÙÙŠ جيوبهم – وأن غيرهم ما بين قاصر أو هالك!ØŸ
= رابعـتها: من الأشياء التي لم أجدها ÙÙŠ غير الشيخ – رغم مقابلاتي لكثير من كبار٠علماء الأمة – أن له مهابة روØانية عجيبة، متعه الله بها، كأن Øوله جوًّا مغناطيسيـًّا يجعل له خصوصية روØية Ùريدة، لعل سببها بساطته، أو صÙاء Ù†Ùسه، أو هبة من الله تعالى.
= ومن الجوانب المهمة Ùيه، التي يطلع عليها المقربون منه، جانب الدعابة وإطلاق النكتة عند اللزوم، ككل أبناء البلد المهذبـين، يطلقها عÙÙˆ الخاطر لتدل على سماØØ© النÙس، ولط٠المعشر، وتنÙÙŠ الصورة الجهمة الغليظة التي كوّنها الناس Øول المشايخ! ودعاباته كثيرة بين أخÙصّائه والمقربين منه! لكن قد يظهر طر٠من Ø®ÙØ© دمه، وميله للدعابة ÙÙŠ بعض أشعاره، كهذه القصيدة التي كتبها ÙÙŠ الÙتاة العصرية، التي يغرر بها الماجنون، ويخط٠بصرها بريق الإغراء والإطراء:
قصّرت٠أكمامـًا وشلْت٠ذيولا هلاّ رØمـت إهابك المصقــولا
وستÙذكر آخر المقال.
كان الشعراوي من الغÙير على الأزهر، وله رغبة زائدة ÙÙŠ أن يعيد له عاÙيته التي (هدّها) العسكر، وسدنة الاشتراكية ثم سدنة التغرب، Øتى قال عنه العلامة القرضاوي Øين نعاه:
لقد رØÙ„ الشيخ الشعراوي ÙÙŠ وقت كانت الأمة Ø£Øوج ما تكون إليه؛ من أجل إنقاذ الأزهر مما يراد به من إضعا٠التعليم الديني والجور عليه، وكان يق٠على رأس جبهة معارضة قوية للØيلولة دون ذلك. وقد وعده المسؤولون ÙÙŠ مصر أن ÙŠØققوا له طلبه ÙÙŠ تطوير القسم العلمي ما شاؤوا أن يطوروه، والعناية بالقسم الأدبي الذي يخرج علماء أصول الدين، وهم خلاصة الأزهر الذي يعد لتخريج الأجيال المرجوة للأمة، والتي تتÙقه بالدين، وتنذر قومها إذا رجعوا إليها. وإننا لنرجو أن ÙŠÙÙŠ المسؤولون للشيخ بعد ÙˆÙاته بما وعدوه ÙÙŠ Øياته.
لا شك أنه كان Ø£Øد Ù…Ùسري القرآن الكبار، وليس كل من قرأ القرآن Ùهمه، ولا كل من Ùهم القرآن غاص ÙÙŠ بØاره، واستخرج منه لآلئه وجواهره، ولا كل من وجد هذه الجواهر استطاع أن يعبر عنها بعبارة بليغة، ولكن الشيخ الشعراوي كان من الذين أوتوا Ùهم القرآن، ورزقهم الله تعالى من المعرÙØ© بأسراره وأعماقه ما لم يرزق غيره، Ùله Ùيه لطائ٠ولمØات وإشارات ووقÙات ونظرات استطاع أن يؤثر بها ÙÙŠ المجتمع من Øوله! كما رزق الله الشيخ الشعراوي القبول ÙÙŠ Ù†Ùوس الناس؛ Ùاستطاع بأسلوبه المتميز أن يؤثر ÙÙŠ الخاصة والعامة، ÙÙŠ المثقÙين والأميين، ÙÙŠ العقول ÙˆÙÙŠ القلوب، وهذه ميزة قلما يوÙÙ‚ إليها إلا القليلون الذين منØهم الله تعالى من Ùضله.
وكان لغويًّا كبيرة، اختير منذ عام 1987Ù… عضوًا بـ(مجمع الخالدين) أو مجمع اللغة العربية وجاء انضمامه بعد Øصوله على أغلبية الأصوات (40عضوًا).
وكان مما قاله بعد اختياره أمام أعضاء المجمع: ما أسعدني بهذا اللقاء، الذي ÙرØت به ÙرØًا على Øلقات : ÙرØت به ترشيØًا لي، ÙˆÙرØت به ترجيØًا لي، ÙˆÙرØت به استقبالًا لي، لأنه تكريم نشأ عن إلØاق لا عن Ù„Øوق، والإلØاق استدعاء، أدعو الله بدعاء نبيه Ù…Øمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستعيذك من كل عمل أردت به وجهك مخالطًا Ùيه غيرك. ÙØين رشØت من هذا المجمع آمنت بعد ذلك أننا ÙÙŠ خير دائم، وأننا لن نخلو من الخير ما دام Ùينا كتاب الله، سألني البعض: هل قبلت الانضمام إلى مجمع الخالدين، وهل كتب الخلود لأØد؟ وكان ردي: إن الخلود نسبي، وهذا المجمع مكل٠بالعربية، واللغة العربية للقرآن، Ùالمجمع للقرآن، وسيخلد المجمع بخلود القرآن.
من بركات الشيخ
ولعل من بركات الشيخ، وصدق يقينه ÙÙŠ الله تعالى هذا الموق٠العجيب الذي كتبه الصديق الصØÙÙŠ الكبير Ù…Øمد صبرة، ورواه الشيخ بلسانه وطريقته:
*** كان الرئيس بومدين قد انتهى من بناء سد اسمه “سد غرين” وذهب لاÙتتاØÙ‡! وعملوا اØتÙالًا! ÙˆØضرنا هذا الاØتÙال! وق٠الرئيس بومدين يخطب ويقول: الØمد لله! عملنا “سد غرين” وهذا السد سيØجز كذا مترًا مكعبـًا من المياه! وبذلك يمكنكم أن تقوموا بري زراعـاتكم؛ سواء أمطرت السماء أم لم تمطر! (وكان بومدين صديقًا لروسيا والمعسكر الاشتراكي (رغم ØÙظه القرآن ÙÙŠ Ø·Ùولته، ودراسته بالأزهر الشريÙ)!
ولم تعجبني عبارة “سواء أمطرت السماء أم لم تمطر” Ùقلت لعبد العزيز بوتÙليقة وزير الخارجية الجزائري ÙÙŠ ذلك الوقت، والرئيس الØالي للجزائر: “يا سي عبد العزيز: قل للرئيس بومدين إن هذا الكلام خطأ، ليس Ùقط من الناØية العقائدية التي تلغي المشيئة، بل Øتـى من الناØية العلمية، لأنه إذا لم تمطر المساء Ùما الذي سيØجزه هذا السد؟ السد ÙŠØجز مياهـًا! والمياه من المطر! Ùإذا لم تمطر! Ùما الذي سيØجزه هذا السد؟!”.
وذهب بوتÙليقة وأبلغ الكلام للرئيس بومدين!
وشاء الله بعد أسابيع من كلام الرئيس بومدين أن ÙŠØصل جÙاÙ! Ùقالوا نصلي صلاة الاستسقاء!
وقد استقبل الناس الدعوة لصلاة الاستسقاء، استقبالين: الناس المتدينون المؤمنون أصØاب الثقاÙØ© الدينية كانوا يؤمّلون Ùيها، وينظرون إليها باعتبارها من Ù†ÙسÙك٠الدين، وأن الله سبØانه وتعالى شرعها لوقت الÙزع هذا.
أما الناس الآخرون أصØاب الثقاÙات غير الدينية، بل والمعادية للدين Ùقد قالوا ÙÙŠ استهزاء: اعملوا صلاة الاستسقاء، وشوÙوا Øتعمل إيه الصلاة بتاعتكم دي!.
ولما أبلغونا أن الرئيس بومدين يريد أن يقيم صلاة الاستسقاء ÙÙŠ الجامع الكبير بعد يومين! قلت لزميلي الشيخ أبو الصÙا: اØنا واقعين ÙÙŠ مطب! وربنا يخرجنا منه على خير! ولن يخرجنا من ذلك إلا أن Ù†Ùزع إلى الله من هذه اللØظة، وأن نصلي له سبØانه وتعالى، وأن نطلب منه ألا ÙŠÙØ¶Ø Ø£Ù‡Ù„ دينه أمام هؤلاء الذين لا يعرÙون كي٠ينظرون إلى دين الله.
وجاء يوم صلاة الاستسقاء، وجلسنا ÙÙŠ الجامع الكبير ومعنا وزير الأوقا٠الجزائري ننتظر Øضور الرئيس بومدين.
جاء الرئيس بومدين، ودخل المسجد. وقبل أن يهم بالجلوس قلت لوزير الأوقاÙ: “قل للرئيس بومدين يصلي ركعتين لتØية المسجد”! وأضÙت: اØنا جايين هنا نشØت من ربنا! بنقول يا رب وبـنÙزع إليه، Ùقل له يصلي ركعتين لله تØية للمسجد.
وذهب وزير الأوقا٠للرئيس الجزائري وأبلغه الرسالة! Ùوق٠وصلي ركعتين، ثم صلينا صلاة الاستسقاء! وقعدنا ساكتين! وطالت القعدة! وطال السكوت، Ùقلت لأØد المشايخ الذين يجلسون إلى جانبي:
اØنا قاعدين كده ليه دلوقت؟ موش نقوموا نروّØوا؟
Ùقال لي: اسكت! اسكت!
Ùقلت له: Ùيه إيه؟
قال: أنت موش داري؟ الدنيا بتمطّر! بÙتÙشْتÙÙŠ! Ùقلت: صØÙŠØ!ØŸ
قال: أيوه! وراØوا علشان يجيبوا “مظلة” لكي يخرج بها الرئيس بومدين!
Ùقلت: الØمد لله! الØمد لله! ولن أخرج من هنا! من المسجد الكبير إلا بعد صلاة المغرب! الØمد لله ربنا سترها معنا!
*** ومما يروى عن تواضعه، وترويضه Ù†Ùسه، وكسرها؛ لتبقى مخبتة قريبة خاÙضة الجناØØŒ ما ÙŠØكيه ابنه الØاج عبد الرØيم أن الشيخ عليه رØمات الله كان ÙÙŠ Ù…Øاضرة ÙÙŠ جامعة القاهرة. ÙˆÙØªØ Ø§Ù„Ù„Ù‡ تعالى للشيخ أبوابا عديدة من أبواب العلم ما أدهش الØضور وبهرهم بأسلوبه العذب، وأدلته القاطعة ÙاندÙعوا Ù†Øوه والتÙوا Øول سيارته – وكان الشيخ آنذاك يسكن بØÙŠ سيدنا الØسين رضي الله عنه – Ùلما وصل الشيخ إلى بيته غادره مسرعا! Ùأخذ الØاج عبد الرØيم يبØØ« عنه ليÙاجأ به ينظ٠دورات المياه بمسجد سيدنا الØسين! Ùسأله: بتعمل إيه يا مولانا؟ Ùكان رده: أردت أن أربي Ù†Ùسي وأهذبها!
رØمه الله ورØÙ… علماءنا وأستاذينا ووالدينا! اللهم آمين.
الشيخ -رØمه الله تعالى!- ظريÙًا
لكوني أعر٠قيمته جيدًا Ùإنني أتباهى بأني Øاورت العلامة الشيخ الشعراوي ÙÙŠ بضع Øلقات تلÙزيونية، ÙÙŠ جلسة طويلة سنة 1990 ÙÙŠ الإسكندرية، وكنت قبلها قد رأيته وكلمته سنة 1977 وأنا طالب ÙÙŠ الجامعة، Øين جاء للمشاركة ÙÙŠ المؤتمر العالمي الأول للدعوة والدعاة بالمدينة المنورة على ساكنها الصلاة والسلام.
ولكن Ùخري الأكبر أنه (بلديّاتي، أو ابن ØÙتتّي) كما يقولون – ولو بالعاÙية – Ùبلدنا المØروسة زÙتى تنام ÙÙŠ Øضن النيل، وقريته (دقادوس) أمامنا مباشرة على الضÙØ© الأخرى، يعني غطسة ÙÙŠ المَيّة، أو خطوتين على الكوبري أكون ÙÙŠ دقادوس، Øيث ولد، ÙˆØيث شب، ÙˆØيث دÙÙ†.
ولقد قلت Ùيما سبق إن الشعراوي رØمه الله ينÙرد عن غيره من العلماء الذين قابلتهم أجمعين بمزايا لم يتص٠به غيره من كبار علماء الأمة على الإطلاق!
لكن من الجوانب التي تخÙÙ‰ على كثيرين، ظر٠الشيخ، ونÙكته التي تخرج عÙوية، دون اÙتعال ولا Ø«Ùقل دم، بل تأتي – على السجية – رائقة ظريÙØ©!
وإليك بعضًا من طرائÙÙ‡ التي شوÙهت ببعضها، وقرأت بعضها، وعثرت على بعضها أونلاين، والعهدة على رواتها:
أبويا السبب
يقول الشعراوي: “كنت ÙÙŠ سن الشباب، وجئنا إلى القاهرة، بصØبة صديق له يعلم دائمًا المكان الذي يوجد Ùيه شوقي أمير الشعراء، الذي كنت معجبًا به وبشعره أيما إعجاب، ÙاصطØبني – ومعي أصدقاء – إليه ÙÙŠ عش البلبل عند الهرم، وقال لأمير الشعراء: هؤلاء شبان من أشد المعجبين بك، ويØÙظون شعرك كله، ويأملون Ùقط ÙÙŠ رؤيتك!
Ùسألني شوقي: ما الذي تØÙظه عني؟ Ùعددت له قصائد عديدة!
Ùسألني: وما الذي دÙعك إلى هذا؟
Ùقلت له: إن والدي كان يمنØني ريالًا عن كل قصيدة Ø£ØÙظها لك!
والطراÙØ© هنا أنه لم يقل له: لأني معجب بشعرك، أو لأنك أمير الشعراء، بل لأن أباه كان يعطيه (بريزتين) عن كل قصيدة! وكأني أراه والابتسامة عريضة على وجهه، ووجه شوقي رØمهما الله.
الجواز قلة قيمة
ويروي لنا الشيخ الشعراوي Øكاية له مع مدير المعهد الأزهري Ùيقول: ذات مرة تأخر القطار، Ùوصلت إلى المعهد بالزقازيق متأخرًا، ورأيت شيخ المعهد جالسًا كعادته على بابه، ÙØاولت الإÙلات منه، لكنه كان قد لمØني، Ùقال لأØد السعاة: هات الواد ده هنا. وسألني: اتأخرت ليه؟ Ùقلت له إن القطار تأخر نص٠ساعة، وليس أنا. Ùسألني: ولماذا لا تØتاط، وتأتي مساء الجمعة، بدلًا من Ùجر السبت؟ Ùقلت له: أنا متزوج يا سيدي، Ùسألني: والجواز كويس واللا ÙˆÙØÙش؟ Ùخشيت٠أن أقول كويس، Ùيعتبرني قليل الأدب، Ùقلت له: والله الجواز قلة قيمة. Ùقال لي: ادخل، وإياك تتأخر تاني. وانتهى الموق٠عند هذا الØد. ولكن عندما رآني ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… التالي، وجدته يناديني: يا ولد، قلة قيمة، قلة قيمة. وسأله المشايخ الذين يدرّسون لي: إيه Øكاية قلة القيمة دي؟ Ùقال: أنا سألت الشعراوي عن الزواج امبارØØŒ Ùقال دا قلة قيمة! وهذه المسألة جعلت المشايخ يعتقدون أني قريب شيخ المعهد، وأنه يتبادل Øديثًا شخصيًّا معي.
بس يكون راجل
ومما يروون عنه رØمه الله تعالى من الطرائÙØŒ أنه سئل ذات يوم عن الشروط التي يلزم أن تتوÙر ÙÙŠ الرجل ليتزوج بامرأة ثانية، Ùقال على الÙور: (إنه يكون راجل، ويقدر يعملها)! وبقدر ما ÙÙŠ هذه العبارة عÙوية، Ùهي دقيقة جامعة!
امرأتان ÙÙŠ ليلة واØدة
ÙˆØÙكي لي – والعهدة على الراوي – أن الدكتور Ù…Øمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي الأسبق جاء مرة يمازØه، وقال له: Ùلانة ÙˆÙلانة – من الÙنانات التائبات – تعرضان على Ùضيلتكم الزواج، وتلØان ÙÙŠ ذلك، Ùقال: يا مرØبًا!
Ùقال الدكتور يماني: لكن لهما شرطًا صعبًا! Ùرد الشعراوي: ما هو؟
قال: أن تدخل بهما معًا ÙÙŠ ليلة واØدة!
Ùقال الشيخ مبتسمًا: وليه لأ؟ قل لهما أنا مواÙÙ‚Ø› Ùليس عندي ما تختلÙان عليه!
رأسًا لا رقصًا
وأثناء وجوده ÙÙŠ Ùندق الØرم بالمدينة المنورة ÙÙŠ الØج، ووسط شدة الزØام نادته Ùنانة من المعتزلات من بعيد – وقد أراد الله لها التوبة ÙÙŠ آخر سنوات Øياتها – بشيء من اللهÙØ©ØŒ Ùلم يسمعها بسبب الزØام والمساÙØ©ØŒ Ùما كان منها إلا أن شقت Ù†Øوه الصÙو٠بكل قوتها، واتجهت Ù†Øوه، Øتى اقتربت منه نادت بصوت مرتÙع:
انصب طولك يا سيدنا الشيخ، وبص ÙÙŠ وشي، وهاتعرÙني!
Ùقال لها: مش واخد بالي!
Ùقالت له: أنا الÙنانة الراقصة السابقة! أريد أن أسلم عليك، وتدعو لي.
Ùقال لها: لو عرÙت أنك أنت التي تنادين عليّ كل هذه النداءات لاتجهت إليك٠“رأسًا” لا “رقصا”! ÙضØÙƒ الØاضرون، وأخذ يطيّب خاطرها، ويدعو لها من قلبه، وهي تبكي من الÙØ±Ø ÙˆØ§Ù„Ø®Ø´ÙŠØ©.
بأØسن منها
ÙˆØكى أخٌ كتب عن ظرÙاء قبيلة الØكمان ÙÙŠ السعودية، أن الشيخ رØمه الله كان يجلس على منبره الوعظي أمام مريديه، Ùأقبلت Ù†Øوه امرأة متبرجة تبين له أنها ممثلة، وكانت – بØكم عملها – معتادة على أن يكون السلام عمليًّا لا نظريًّا، Ùلما اقتربت من الشيخ قالت: ØªØ³Ù…Ø Ù„ÙŠ أبوس Ùضيلتك يا مولانا؟
Ùذهل الشيخ، وقال: ليه؟
قالت عشان باØبك! Ùرد الشيخ ضاØكًا:
لا، لا يمكن؛ لأن الإسلام يأمرنا أن نرد التØية بمثلها، أو بأØسن منها، ودا ما ينÙعش!
وبقدر ما جعلت شهرة العلامة اللغوي المÙسر الشعراوي، ومواقÙÙ‡ الاجتماعية، ÙˆØسن سيرته، بقدر ما جعلت منه شخصية شعبية قريبة من قلوب عموم الناس، Ùقد جعلته قريبًا من أهل السلطة والنÙوذ ÙÙŠ مصر، ورشØته للوزارة، وخلقت مواق٠طريÙØ© بينه وبين الساسة خصوصًا الرئيس السادات رØمه الله، وبعض الوزراء الذين ارتبط بهم بشكل ما.
دستور إن شاء الله!
ومن طري٠ما Øصل له مع الرئيس السادات رØمهما الله، أنه أثناء ØÙ„ÙÙ‡ اليمين الدستورية، عند اختياره وزيرًا للأوقاÙØŒ وق٠يقسم على المØاÙظة على النظام، والدستور، والقانون، وأن يرعي Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„ÙˆØ·Ù†ØŒ وسلامة أراضيه… إلخ، Ùذكر الصيغة كلها، ثم قال ÙÙŠ آخر القسم بصوت مرتÙع؛ كأنما ÙŠØتاط لنÙس: إن شاء الله، وأغرق السادات ÙÙŠ الضØك، ÙˆØØ°Ùوا إن شاء الله ÙÙŠ الإذاعة والتليÙزيون، عند قراءة نشرات الأخبار!
يا Ùكيك
وبعد تعيين الشيخ رØمه الله وزيرًا للأوقاÙØŒ سأله الرئيس السادات ذات مرة: هل صØÙŠØ ÙŠØ§ شيخ شعراوي أنك لا تجلس علي مكتبك ÙÙŠ الوزارة، وتركت الكرسي الÙخم، وجلست على (كرسي خَرزان) جنب الباب؟
Ùقال له: نعم يا ريس، صØÙŠØ! Ùسأله: طيب ليه؟ Ùقال الشعراوي: عشان أكون Ù‚ÙريÙّب من الباب، ولما ترÙدني أجري سريعًا، وأقول يا Ùكيك، وأØمد الله، وأنÙد بجلدي، وضØÙƒ السادات طويلًا.
اتعدل انت يا ريÙّس
وذات مرة أقام السادات ØÙلًا ساهرًا علي شر٠شاوشيسكو رئيس رومانيا وسÙاØها وديكتاتورها الراØÙ„ØŒ الذي (كشØÙ‡ الله) ثم رمي ÙÙŠ مزبلة التاريخ ككل ديكتاتور متÙرعن، وبدهي أن ÙŠØضر أعضاء مجلس الوزراء جميعًا الØÙÙ„ بØسب البروتوكول، وكان ÙÙŠ الØÙÙ„ غناء ورقص وسلطنة، Ùأعطى الشيخ رØمه الله ظهره للمغنية – رÙضًا للأمر كله، واØتجاجًا صامتًا منه على معصية الله – ومنطقي أن يكون منظره هذا، ÙÙŠ مثل هذه الØÙلة الرسمية (الراقصة) نشازًا غير مألوÙ! ولما رآه السادات على هذا الوضع قال لوزير داخليته Ù…Ù…Ø¯ÙˆØ Ø³Ø§Ù„Ù…: خلي الشعراوي يتعدل! Ùرد الشعراوي قائلًا: أنا برضه اللي اتعدل؟ وانصرÙ.
والعجيب أن يوظ٠الرقص الشرقي ÙÙŠ خدمة السياسة، ÙÙŠ مناسبات رئاسية كثيرة، من باب الترÙيه عن الضي٠الكبير، وقد استخدمته السلطة مع Ùورد وكارتر وكيسنجر وشاوشيسكو وغيرهم! ويا لروعة دبلوماسيتنا وما أتقاها وأنقاها!
اجبر بخاطري يا ريس
ÙˆÙÙŠ اليوم الأول لتوليه الوزارة عر٠بقصة (عبد المنعم المغربي) رئيس هيئة الأوقاÙØŒ والظلم الذي وقع عليه من جهاز الرقابة الإدارية بإيقاÙÙ‡ عن العمل، وتأكد أن الرجل مظلوم، Ùأصدر قرارًا بعودته إلى العمل، لكن أجهزة الرقابة رÙعت قرارًا لتوقيعه من الرئيس لإقصائه عن عمله؛ نتيجة شكاوى كيدية قدمت ضده، Ùكتب الشعراوي للسادات رØمهما الله: استشÙع بي عبد المنعم المغربي رئيس هيئة الأوقاÙ. وقد أعلمته أن سيادة الرئيس لم يرÙعني إلى مرتبة المستشÙعين، ولكني أطمع أن يجبر خاطري معكم أن تقبل هذه الشÙاعة، وإنها الأولى والأخيرة!
وقرأ السادات الرسالة، Ùكتب بالقلم الأØمر: وأنا لا أرد Ø´Ùاعة الشيخ الشعراوي!
Ùليعنك الله
ومن أشهر ما انتشر ÙÙŠ الآونة الأخيرة على مواقع الإنترنت Øديثه مع الرئيس مبارك، وقوله له: لعل هذا آخر لقائي بك، Ùإذا كنت قدرنا ÙليوÙقك الله، وإذا كنا قدرك Ùليعنك الله على أن تتØمل.
وللشيخ الشعراوي ذكريات مع الشعراء والأدباء، شهدت معارك أدبية ساخنة، وكان للشيخ Ùيها مواق٠لا تنسى.
Øكايته مع عبد الØميد الديب
يقول الشيخ: Øدث أيام الجماعة الأدبية التي كنت أرأسها Øوالي عام 1928ØŒ والتي كانت تضم معي أصدقاء العمر: الدكتور Ù…Øمد عبد المنعم Ø®Ùاجي، والمرØوم Ù…Øمد Ùهمي عبد اللطيÙØŒ وكامل أبو العينين، وعبد الرØمن عثمان رØمهم الله أجمعين، Øدث أن كانوا على صلة صداقة مع شاعر مشهور وقتها بطول اللسان، والاÙتراء على أي إنسان، اسمه عبد الØميد الديب، صاØب قصيدة “دع الشكوى وهات الكأس واسكر”ØŒ والذي لم يسلم Ø£Øد من لسانه، وكان يعيش على هجاء خلق الله إلى أن يمنØوه مالًا!
وجاءت ذات ليلة سيرتي أمامه، وقال له الأصدقاء أعضاء الجماعة الأدبية عن كل ما قرضته من قصائد شعرية، Ùرد وقال: الشيخ الشعراوي شاعر كويس، ولكن لا ÙŠØµØ Ø£Ù† يوص٠بأنه شاعر، ولما سألوه: لماذا؟، قال: إن المÙترض ÙÙŠ شعر الشاعر أن يكون مجودًا ÙÙŠ كل غرض، وهو لم يقل شعرًا ÙÙŠ غرضين بالذات!
ولما Øكوا لي عن هذا الذي قاله الشاعر عبد الØميد الديب، قلت لهم: أما أنني لم أقل شعرًا ÙÙŠ الغزل، Ùأرجو أن تبلغوه بأنني قرضت الشعر ÙÙŠ الغزل أيضًا، لكنه غزل متورع، وانقلوا إليه الأبيات عني، والتي قلت Ùيها:
مــن لم ÙŠØركه الجمال Ùناقـص تكوينه
وسويÙÙ‘ خلق الله من يهوى ÙˆÙŠØ³Ù…Ø Ø¯ÙŠÙ†Ù‡
سبØان من خلق الجمال والانهزام لسطوته
ولذاك يأمرنا بغض الطر٠عنه لرØمته
مـن شاء يطلبه Ùلا؛ إلا بطــهر شريعته
وبذا يدوم لنـا التمتــع ها هنا وبجنته
وأما عن الهجاء Ùقلت لأصدقائي: إنني لا أجد موضوعًا أتناوله إلا أن أهجو عبد الØميد الديب Ù†Ùسه، ولن أشهر به، ولكن Ùليأت إلينا، ويجلس معنا، وأقول له إنني سو٠أهجوك بكذا وكذا، ثم Ø£Ùخيره بعد ذلك أن يعلن هجائي له أو لا يعلنه!
وقد تØداني وقدم إلى منزلي بباب الخلق وسألني: ما الذي سو٠تقوله ÙÙŠ عبد الØميد الديب يا بن الشعراوي؟ Ùقلت له: والله لن أقول شعري ÙÙŠ هجائك لأØد؛ إلى أن تقوله أنت! وأنا أقطع بأنك لن تكرر على مسامع الناس هجائي لك!
وبالÙعل ما سمعه عبد الØميد الديب مني ÙÙŠ هجائه لم يستطع -كما توقعت- أن يكرره على مسامع Ø£Øد، ولذلك كنت الوØيد من شلة الأدباء الذي سلم من لسانه بعدها؛ لأنه خا٠مني وعلم قوتي ÙÙŠ شعر الهجاء أيضًا، ومن هنا ترسخ يقيني بأن التصدي للبطش والقوة لا يكون إلا بامتلاك Ù†Ùس السلاØØŒ Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ù‚ÙˆØ© ولكن بغير بطش.
قصّرت٠أكمامـًا، وشلْت٠ذيولا
وقد يظهر طر٠من Ø®ÙØ© دمه، وميله للدعابة ÙÙŠ بعض أشعاره، كهذه القصيدة التي كتبها ÙÙŠ الÙتاة العصرية، التي يغرر بها الماجنون، ويخط٠بصرها بريق الإغراء والإطراء:
قصّرت٠أكمامـًا وشلْت٠ذيولا هلاّ رØمـت إهابك المصقــولا
أسئمت٠من برد الشتاء وسجنـه Ùطلبت٠تØريرَ المصـيÙ٠عَجÙولا
وخطرت تØت غلالة٠شÙـّـاÙـة٠ÙÙŠ Ùتنـة تـَـدَع الØليم جهولا
Ù…Øبـوكة٠لصقت بجسم٠مشرق دÙعـتـه ÙورتÙÙ‡Ù Ùبان Ùصـولا
ألØØـت٠ÙÙŠ عرض الجمال وغرك الأغرار٠لمّا أســمعوك Ùضــولا
شاهدت٠ضلّـيلًا يطـارد غـادةً Ùنهرته Øَنقـًا Ùقال خـجولا
أبغي الزواجَ بها Ùقلت٠مداعبـًا هل كان بيت٠وليّـها مقـÙـولا
ورنا Ùلم يرها ÙجÙـن وقال لي أبÙعثتَ Ùيــنا يا غيور٠رسـولا
لم يبقَ لي أرَبٌ Ùما يضــطرني Øتى أكون مكــلÙـًا مسؤولا
قل للÙتاة الـغرÙÙ‘ هــذا ØبÙّـه إن بات ملتـاعـًا وذاب ميولا
يلقاك كالØÙŽÙ…ÙŽÙ„ الوديع مضــللًا Ùإذا تمكـّن منـك أمسـى غـولا
رØÙ… الله العلامة الشعراوي، وتقبله عنده ÙÙŠ المرضيين، وغÙر للمجترئين، والمتعجلين، Ùˆ(المؤدبين) الذين لم يقرؤوا، ولم ÙŠÙهموا، ولم ينصØوا، ولم يتأدبوا! وما هكذا تورد يا سعد الإبل!