طلاب الحق

“ليس من طلب الحق لِيَعرفه كالذي طلبه لِيُعرف به؛ فإن الأول يُنصِف من نفسه كما يَنتصف لها، ولكن الثاني خصمٌ، لا يريده إلا جدلا، وله مع الجدل قوة الحرص على المؤاربة، وشدة الصريمة في المراوغة، كيما تنتهي إليه الحجةُ، ويقف عنده البرهان، فيكون له الصوت المردَّد، ويصير إليه مرجع القول في النحلة أو المذهب؛ فهو يعتسف لذلك -ولا جَرَمَ- كلَّ طريق، ويركب كل صعب، ويتحمَّل من كل وجه، ويتعنَّت بكل آية، وليس له هَمٌّ دون قوة الإقناع المنطقية، ودون الإفحام والتعجيز؛ ومن ثم لا يبالي أن يتورَّد خصمه بالسفه، أو يقرّ له بالسخف، أو يتبسَّط على الباطل، أو يحتجز دون الحق، ما دامت هذه كلها أدوات في صناعة الكلام، وما دام الكلام قادرا بأدواته على أن يصنع الحق أو ما يُسمَّى حقا، وإن كانت الصنعة فاسدة أو سقيمة، وكانت التسمية من خطأ أو ضلال”ØŒ

مصطفى صادق الرافعي (1356= 1937).

Related posts

Leave a Comment