ÙÙŠ خلال شهر مايو من سنة 2007 الميلادية، أرسل إلي عن بريدي الإلكتروني، أخي الكريم الأستاذ الدكتور يوس٠عبد الÙØªØ§Ø Ùرج، نص دعوة إلكترونية عامة من “اتØاد المدرسين للغة العربية بأندونيسيا (IMLA)”ØŒ إلى مؤتمره الدولي، بجامعة باندونج التربوية- قائلا:
– ربما Ø£Øببتَ أن تشارك!
ولم Ø£Øب أن أشارك؛ Ùالمكان بعيد، والسÙر طويل، والزاد قليل، والرØيل شديد!
“أَرَدت أَنْ Ø£ÙŽÙ‚ÙÙÙŽ عَلى Øَقيقَة٠Øال٠تَلامÙذَتي Ø·Ùلّاب٠اللّÙغَة٠الْعَرَبيَّة٠بÙجامÙعَة٠السّÙلْطان٠قابوسَ؛ ÙÙاجَأْتÙÙ‡Ùمْ بÙنَصَّيْن٠مÙÙ†ÙŽ الشّÙعْر٠الْعَرَبيّ٠ØَمَلْتÙÙ‡Ùمْ عَلى أَنْ يَنْقÙدوهÙما، Ø«Ùمَّ نَقَدْت٠نÙقودَهÙمْ Ù„ÙŽÙ‡Ùما Ù…Ùنْ Øَيْث٠مÙÙْرَدات٠تَعْبيرÙÙ‡Ùم٠الْكÙتابيّ٠عَمّا ÙŠÙريدونَ ÙˆÙŽÙ…Ùنْها مَسائÙل٠خَطّيَّةٌ صَريØÙŽØ©ÙŒ كَالْإÙمْلاء٠وَالتَّشْكيل٠وَالتَّرْقيمÙØŒ ÙˆÙŽÙ…Ùنْ Øَيْث٠رَسائÙÙ„ÙÙ‡Ùم٠الَّتي عَبَّروا عَنْها ÙˆÙŽÙ‡ÙÙŠÙŽ مَسْأَلَةٌ تَÙْكيريَّةٌ صَريØَةٌ، دونَ أَنْ Ø£ÙؤَخّÙرَ مَسائÙÙ„ÙŽ Ù…ÙÙْرَدات٠التَّعْبير٠بÙزَعْم٠أَنَّها ظاهÙريَّةٌ شَكْليَّةٌ مادّيَّةٌ عَنْ مَسائÙل٠الرّÙسالَة٠بÙزَعْم٠أَنَّها باطÙنيَّةٌ مَضْمونيَّةٌ مَعْنَويَّةٌ، Ù…ÙؤْمÙنًا بÙامْتÙزاج٠الظّاهÙر٠وَالْباطÙÙ†Ù.
لَقَدْ كانَ ذلÙÙƒÙŽ تَجْرÙبَةً طَريÙَةً Ù…Ùثيرَةً، وعَويصَةً Ù…ÙعَنّÙيَةً، شَغَلَتْ هذا الْبَØْثَ ÙƒÙلَّه، Ø«Ùمَّ Ø£ÙŽÙْضَتْ Ø¥Ùلى اسْتيضاØ٠مَظاهÙرَ Ù…ÙÙ†ÙŽ الْكَسَل٠مÙتَظاهÙرَة٠عَلى عَدَم٠تَدْقيق٠اسْتÙعْمال٠مÙÙْرَدات٠التَّعْبير٠الْكÙتابيّ وَعَلى عَدَم٠التَّأَتّي Ø¥Ùلى اسْتيعاب٠الرّÙسالَة٠الْوارÙدَةÙØŒ رÙبَّما كانَتْ شائÙعَةً Ù…Ùتَداوَلَةً ÙÙŠ مَجالات٠أÙخْرى Ù…ÙÙ†ÙŽ الْعَمَل٠الْماديّÙØŒ Ù„Ùاسْتيلاء٠نَمَط٠ما Ù…ÙÙ†ÙŽ الْعَيْش٠عَلى النّاسÙØŒ وَلكنَّها غَير٠شائÙعَة٠وَلا Ù…Ùتَداوَلَة٠ÙÙŠ مَجالات٠الْعَمَل٠الثَّقاÙيّÙ.
لَقَد٠اجْتَهَدْت٠أَنْ أَتَأَمَّلَ تَلامÙذَتي ÙˆÙŽÙ†ÙŽÙْسي Øينَ ÙƒÙنْت٠ÙÙŠ Ù…Ùثْل٠ØالÙÙ‡Ùمْ؛ ÙَأَضَÙْت٠طَرَÙًا Ù…Ùنْ Ø®Ùبْرَتي بÙÙَلْسَÙَة٠التَّعْليم٠وَسÙياسَتÙه، لا أَجÙد٠لَه عادَةً مَجالًا؛ Ùَكانَتْ ÙÙŠ Ø¥Ùنْجاز٠هذا الْبَØْث٠راØÙŽØ©ÙŒ كَبيرَةٌ، Ø«Ùمَّ رÙسالَةٌ خَطيرَةٌ Ø¥Ùلى الْقائÙمينَ مَعي عَلى هذا الْأَمْرٔ.
أجابني شخص اسمه أندي هادي (Ù…Ùخْتَصَر هاديانو، أو Ù…ÙدَلَّلÙÙ‡)ØŒ بترØيب لجنة المؤتمر الشديد، وألØÙ‚ برسالته رسالتين: واØدة إلى رئيس جامعة القاهرة، من الدكتور Ù…Øمد لطÙÙŠ زهدي، رئيس “اتØاد المدرسين للغة العربية”Ø› يرجوه Ùيها أن يشركني ببØثي المذكور، ويشير إلى ضرورة أن تَتَكَÙÙ‘ÙŽÙ„ÙŽ جامعة القاهرة بنÙقة السÙر والإقامة ورسم المؤتمر- وواØدة إليَّ، من الدكتور دودنج رØمت هدايت، رئيس المؤتمر، ينبهني Ùيها على قبول البØØ« من لجنة المؤتمر، ويدعوني إلى الØضور وإلقاء البØØ«ØŒ Ùيما بين 23Ùˆ25/8/2007Ù…!
عجبا لهم؛ أطلب منهم المشاركة بنص البØØ« بلا Øضور، Ùيجيبونني إلى المواÙقة على المشاركة بنص البØØ«ØŒ والØضور به، وإلقائه!
أهو نقصان عروبتي أم كمال عجمتهم!
كلمت ÙÙŠ ذلك أستاذي الدكتور شعبان صلاØØŒ وكيل كليتي للدراسات العليا والبØوث، Ùنبهني على أن الجامعة تتكÙÙ„ بتكالي٠المشاركة ÙÙŠ مثل هذه المؤتمرات، وأنني يمكنني أن أتقدم بطلب إلى القسم يستمر منه إلى مجلس الكلية؛ Øتى يصل إلى رئيس الجامعة، ألØÙ‚ به صورتي هاتين الرسالتين.
واÙÙ‚ الدكتور Øسام كامل، نائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا والبØوث، على سÙري، وقرر معاونتي بعشرة آلا٠جنيه، تتم بعد الإياب تَسْوÙيَة٠أمرها؛ Ùابتهجت بذلك، ورأيته من تكريم الجامعة، أن تبذل لسÙري هذا المبلغ الكبير -Ùلم يسبق أن اعتمدت عليها ولا على غيرها، ÙÙŠ مثل هذا الأمر- ولا سيما أنها كانت كَرَّمَتْني قريبا بجائزتها التشجيعية ÙÙŠ العلوم الإنسانية والتربوية (عشرة آلا٠جنيه)!
ÙƒÙÙت وقتا عن الØركة ÙÙŠ سبيل السÙر، ثم نشطت Ù„Øجز التذكرة، Ùكلمت شركة مصر للطيران عن خطها الساخن، ÙˆØجزت مقعدا لنÙسي بطائرة الثانية عشرة وعشر دقائق من ليلة 22/8ØŒ موعد ذهاب، والثانية والنص٠من بعد ظهر 25/8ØŒ موعد إياب، أطير ÙÙŠ الذهاب من القاهرة إلى سنغاÙورة، ثم من سنغاÙورة إلى جاكرتا، ثم أعكس ذلك ÙÙŠ الإياب. ثم رأيت أن أسأله عن ثمن تلك التذكرة الكاملة بذهابها وإيابها، Ùكان 13219ج!
نويت أن أهمل السÙر؛ ولا سيما أنني إنما أقدمت عليه هازلا؛ إذ كي٠لي أن أقتطع من دخلي المØدود الذي لا أكاد أدخر منه شيئا، مبلغ الـ3219ج Ùرق ما بين مساهمة الجامعة وثمن التذكرة، ومبلغ الـ 150$ قيمة الاشتراك المذكورة من قبل! Ùكنت أكلم ÙÙŠ نيتي هذه الناس، Ùلا يبالي أي Ø£Øد، إلا السيدة الأستاذة أختي:
– ادÙع أنت هذا الÙرق؛ Ùما ستستÙيده أكبر –إن شاء الله– مما ستدÙعه.
ولكنني لم أبال بكلامها، وراجعت مسؤولة قسم المالية، لأخبرها بنيتي، Ùذَكَّرَتْني وجوب الاعتذار الرسمي عن ذلك الذي واÙقوا لي عليه، ثم ذكرت لي أن هذا المبلغ هو Ùيما تعلم، الØدّ٠الأقصى، ولكنني ربما أستطيع تØريكه إذا راجعت قسم العلاقات الثقاÙية.
ذكر لي المسؤول بإدارة العلاقات الثقاÙية بجامعة القاهرة، أن مبلغ عشرة آلا٠الجنيه هذا، أقصى ما تساهم به الجامعة، Ùذهبت عنه مرتاØا إلى نية الاعتذار، ولكنني قابلت ÙÙŠ طريقي مسؤولا آخر كان Ø°Ùكر لي، Ùكلمته ÙÙŠ مشكلتي غير عابئ بØلها، Ùقال:
– اكْتÙبْ للدكتور Øسام كامل نائب رئيس الجامعة!
ذكرت للدكتور Øسام، أن هذا المؤتمر مهم بكونه عن لغتنا ÙÙŠ بلد لا ينطقها، وأن مشاركات كليتنا ÙÙŠ مثله نادرة، وأنني Ù…Øتاج إلى زيادة مساهمة الجامعة أكثر من أربعة آلا٠جنيه؛ Ùقضى لي نيابة عن رئيس الجامعة، بمساهمة الجامعة بثمن التذكرة Ùقط!
جريت بمواÙقته Øتى استخرجت استمارة الÙرق، ليخرج مبلغ ثمن التذكرة كاملا، ÙÙŠ شيك واØد سعيت٠به إلى مكتب مصر للطيران بØَيّ٠المهندسين، ولم أنتبه Øتى نبهني Ø£Øد مسؤوليه:
– ينبغي أن تصر٠الشيك أولا، ثم تأتيني لأستخرج لك التذكرة!
وهَوَّنَ عليَّ بقرب البنك، ولكنني لما وصلت إليه على قربه، وهو “البنك المركزي المصري”ØŒ الØكومي – كانت الساعة قد تجاوزت الثانية قليلا، وكان الموظÙون قد هربوا لبيوتهم إلى الغد!
نبهتني السيدة الأستاذة أختي، أن أوجز البØØ« ÙÙŠ لوØات من خلال برنامج البوربوينت:
– ستجد المشاركين هناك، لا يتØدثون إلا من خلاله.
لَبَّثْت٠قليلا، ثم أطعتها، وأنجزت اللوØات على Ù†ØÙˆ لطيÙØŒ تمنيت لو كنت سلكته ÙÙŠ كل ما شاركت به ÙÙŠ مؤتمراتي السابقة، على قلتها!
جعلت Ø£ÙقَدّÙر٠ساعات السÙر، وأتخيل الأوقات الطويلة ÙÙŠ الطائرات؛ كي٠تنقضي! وأستثير استطرا٠أهلي وصØبي، لما Ø£ÙشْرÙÙ٠عليه، كي٠أÙذْكَر٠أنا وجمال عبد الناصر معا! Øتى كان يوم الثلاثاء 21/8ØŒ Ùصليت عشاءه مع مغربه جمع تقديم، ثم لبست، وودعت أسرتي، وصَوَّرْتÙها بمØمولي، وهي ÙƒÙلّÙها علي الباب تشير إلي بالوداع!
وجدت سيارة تاكسي بجوار عمارتنا، Ùأشرت إليها، Ùقال سائقها:
– تركب على أن أوصل هذه الأشياء إلى الدكتورة، ثم نمضي معا؟
– لا بأس.
ذهب يدور ÙÙŠ روضتنا العتيقة، Øتى وصل إلى عمارة، Ùنادى بوابها، Ùأعطاه الأشياء، وذهب ÙÙŠ طريقنا:
– من الدكتورة؟
– الدكتورة هالة جبر، أستاذة التØاليل بجامعة القاهرة.
سرني Ùيما بعد أن وجدت أسرتي تعرÙها؛ Ùقد ملأ لي السائق الوقت والمكان من Øيث اتجهنا إلى Øيث وصلنا، بأخبارها الطيبة هي وزوجها وأولادهما؛ Øتى تمنيت لنÙسي وزوجتي وأولادي، مثل ما هم عليه من كرم الأخلاق وعÙلوّ٠الهمة، ورأيت ذلك من التوÙيق ÙÙŠ Ù…ÙØªØªØ Ø§Ù„Ø³Ùر إلى بلاد مسلمين، لم يملأها الإسلام إلا بالأخلاق الكريمة والهمم العالية!
وصلت مبكرا من قبل أن ÙŠÙØªØ Ø§Ù„Ù…Ø¯Ø®Ù„ إلى تنظيم دخول المساÙرين وأمتعتهم إلى الطائرة، Ùذهبت إلى مقهى ميلان الذي عَرَّÙÙ‡ لي قَريبٌ كريم ظريÙØŒ أشرب القهوة الإيطالية (الكابوتشينو)ØŒ ثم رجعت إلى المدخل، Ùدخلت بØقيبتَي٠الكت٠(Øقيبة الØاسوب المØمول) واليد، إلى Ù…Ùنْتَظَر٠الدخول إلى الطائرة Ù†Ùسها.
اشتغلت من خلال الزجاج بتصوير وجه الطائرة وجسمها، ثم بتصوير جوÙها من داخلها: Ø¥Øدى طائرات الشركة السنغاÙورية، تØÙØ© رائعة، مضيÙات Ù†ØÙŠÙات رشيقات متØدات الØÙلى والØÙÙ„ÙŽÙ„Ø› Ùمن ذلك شَدّ٠الشعر ولَÙÙ‘ÙÙ‡ كما تَلÙÙّ٠الÙلاØØ© المصرية شعرها المÙØَنّى، ومن ذلك الملابس اللصيقة ذات الورود المختلÙØ© الألوان على أرض من الأسود أو من الرمادي على Øسب عمل المضيÙØ© Ùيما ظننت، تبدو بها مزخرÙØ© زخرÙات متداخلة جميلة، ÙÙŠ معط٠على إزار ملÙو٠ل٠الإزار الرَّجÙليّ٠العَرَبيّÙ- ومضيÙون قليلون مثلهن Ù†ØاÙØ© ورشاقة وروØÙŽ ØÙلًى ÙˆØÙÙ„ÙŽÙ„ÙØŒ ولكن زي المضيÙات سنغاÙوري خاص، Ùأما زي المضيÙين Ùمشاع بين الشركات!
ÙَرÙØْت٠أولا لمكاني بجوار الشباك؛ Ùقد نويت تصوير السماء كي٠نعلو السØاب وكي٠يعلونا! ولكنني أزعجني أن طال الوقت، واØتجت إلى الØمام كثيرا، وأن نام جاري الوØيد الذي خلا كرسيّ٠ما بيني وبينه، ولكنه بقي نومه مشكلة، ولم أكن لأوقظه كلما أردت الØمام، Ùكنت أتخطاه راÙعا Ù†Ùسي لكيلا ألمسه، وربما كان يتغاÙÙ„ عني لكيلا ÙŠØرجني! لقد كان أندونيسيا باندونجيا مسلما أزهريا، ولكننا لم يستمر بيننا كلام، بل أدركه النوم؛ Ùاشتغل عني، ثم أدركني تلÙازي الخاص المعلق على ظهر مقعد مَنْ أمامي، الممتلئ مواد مختلÙØ© لا تتسع لها الأيام؛ Ùاشتغلت عنه!
– (يا عَذابي أَنا)!
تعبت ولم أعد Ø£Ø±ØªØ§Ø Ø¹Ù„Ù‰ يميني ولا على شمالي، ومن قريب٠ما أوجعني ظهري ورقبتي، ولم أراجع الطبيب إلا مرة واØدة، عادني بعدها وجعي؛ Øتى عاتبتني أمي؛ Ùقلت لها:
– أَصْبÙرÙØ› Øتى إذا ما Ø£Ùبْت٠بوجعي، اتَّهَمْت٠Ùيه السَّÙَرَ!
تÙقَدّÙم٠هذه الطائرة من القاهرة إلى سنغاÙورة وعَكْسًا، وجبتين: ثقيلة بعد الإقلاع، وخÙÙŠÙØ© قبل الهبوط، تَØÙÙÙ‘Ùهما التّÙØÙŽÙ٠الخÙÙŠÙØ© من المأكولات والمشروبات، Ùأما من سنغاÙورة إلى جاكرتا وعكسًا، Ùتقدم وجبة واØدة Ø®ÙÙŠÙØ© منÙردة من ØÙŽÙّ٠التّÙØÙŽÙÙØŒ ولكن صÙØ© الخÙØ© لا تخليها من معنى الوجبة الكاملة الطيبة!
بعد مدة من الوجبة الثقيلة ÙÙŠ تلك الرØلة الطويلة ذات العشر الساعات والنصÙØŒ تهدأ الØركات، وتخÙت الأضواء، ويضطر الركاب إلى النوم إلا أمثالي ممن لا يطيعهم ما Ùَكَّروا Ùيه، Øتى ينسوه!
ثم Ù‚Ùبَيْلَ الرابعة والنص٠ذهبت، Ùتوضأت، Ùأبت، Ùتمكنت من كرسيّي، ثم صليت٠سÙنَّةَ الÙَجْر٠وÙريضته قاعدا، مومئا ومنثنيا، قليلا وكثيرا، Ù…ÙبْتَسÙمًا Ù„ÙØ°Ùكْرى صلاة عمرو موسى وزير خارجية مصر، الطائريَّة، ÙÙŠ وص٠وزير خارجية السودان!
ثم Ø£Øببت أن أرى السماء Ùجرا، Ùإذا الشمس طاغية عليها!
– (لا Øول ولا قوة إلا بالله، كان ينبغي أن أراعي طيراني إليها)!
ثم بعد مدة أخرى كانت الوجبة الخÙÙŠÙØ©ØŒ ثم بعد مدة ثالثة أشرقت سنغاÙورة!
– (يا سÙبْØانَ اللّهÙØŒ ” تَبارَكَ اللّه٠أَØْسَن٠الْخالÙقينَ”ØŒ ” عَلَّمَ الْإÙنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ”)!
جزر متقطعة، كلها Øقول خضراء منظمة، وبØيرات طبيعية ومصطنعة، وسÙÙ† كبيرة وصغيرة، واقÙØ© ÙÙŠ عرض البØيرات ومتØركة، ولقد رأيت الØيتان أو الدلاÙين، تتØرك Øركتها التي أطلعتنا عليها برامج عالم البØار المÙتَلْÙَزَة، رأيتها، رأيتها!
كنت أعر٠أننا سنصل إلى جاكرتا بعد العصر، Ùرأيت أن أصلي العصر مع الظهر، من آخر هذه الرØلة “القاهرة سنغاÙورة”ØŒ جمع تقديم؛ Ùصنعت مثلما صنعت عند صلاة الÙجر.
قاربت الطائرة الأرض، Ùاقترب المطار، بشَجَر٠أÙØ·ÙرÙÙ‡ المÙتَكَبّÙرة، ومÙساØات ما بين مَسارات طائراته، المÙخْضَوْضÙرَةÙØŒ وسÙØÙب٠سمائه المصطخبة، وجَذْبَة وَقْعÙÙ‡ الخراÙية!
ما أسهل ما خرجنا ودخلنا!
لما كان بين وصولي إلى سنغاÙورة وإقلاعي منها، ساعتان– جÙلْت٠ÙÙŠ أَبْهاء الوصول، والسوق الØرة؛ Ùَأَعْجَزَتاني دقةً، ونظامًا، وجمالًا، وبهاءً، واختلاÙًا، وبهرًا!
لن أذكر معارض الشركات الكبيرة، المدهشة؛ بØسبي بÙØَيْرَة هذا الطابق العالي من المطار!
أجل بØيرة هذا الطابق العالي!
بØيرةٌ خمسة عشر مترا ÙÙŠ أربعة أمتار، تتØرك ملتوية، تضيق وتتسع، بأسماك كبيرة ملونة، ÙÙŠ إطار من Øجارة بيضاء كبيرة، تÙذَكّÙر٠تÙلاعَ الجبال القديمة، وأشجار Ù…ÙخْضَوْضÙرة، وأزهار Ù…ÙزْدَهÙÙŠÙŽØ©ØŒ ومقاعد Ù…ÙخْشَوْشÙبَة ملتبسة الملاءمة، آية من آيات الإتقان والإØسان، ونÙØØ© من Ù†ÙØات الجمال الرباني، بقيت ÙÙŠ الإنسان من Ùطرة الرØمن، ينبغي لكل ذي عقل، أن يتعلق بها، وأن يعلق بها غيره!
اندهشت وقتا، ثم جلت بين المعارض أرى ما أشتري، Ùرأيت المعروضات كلها غالية، لا سبيل إليها إلا بالدولار، وقد خبأت مع النقود المصرية، ثلاثمئة دولار لمطالب أهمها رسم اشتراك المؤتمر. ولكنني Ùتشت عن كاميرا إلكترونية Øديثة، Øتى عرÙت مكانها من أجنØØ© المعارض المØلّÙقة، ولم أقربها!
تَÙَلَّتَ الوقت Øثيثا؛ Ùأقبلت على مدخلي المذكور ببطاقة طائرتي، ولم يعق Øركتي عائق، وأنا الغريب؛ ÙÙƒÙلّ٠شيء Ù…ÙوَضَّØØŒ والمَمَرّات Ù…Ùتْعَة Ù„Ùلْمارّين! وصلت، Ùدخلت، Ùأثبت Ù†Ùسي، وأخذت بÙطاقَتَي٠البيانات، اللَّتَيْن٠سيØتاج إليهما مطار جاكرتا، ثم قعدت أستوÙيهما مَكْروبًا بÙØ¥ÙنْجليزيَّتÙهما وعَرَبيَّتي القَويَّتَيْن؛ Øتى Ùَرَغَتا مني، ثم Øان الدخول، Ùدخلت.
أخذت مكاني بجوار الشباك مرة أخرى، عن يسار شاب رَسْميّ٠الهيئة، ØَسَنÙها، كان قد وضع معطÙÙ‡ على مقعدي، من بعد أن قعدت خطأً على مقعد٠خل٠مقعدي، Ùلما نبهني صاØبه، تقدمت إلى مقعدي بجوار الشاب الوسيم، Ùتناول معطÙÙ‡ من دون أن ينبس بكلمة، Ùاسثقلته، واستكثرت عليه Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø´ÙˆØ§Ù… التي ضَوَّأَتْ وَجْهَه، ولكنه طلب من Ø£Øد المضيÙين أن يشتري له شيئا مما رآه معروضا بمجلة الطائرة، وأعطاه بطاقته الÙيزا، Ùجاءه به ملÙÙˆÙا، ووقع له على ورقة سØب الثمن، ثم لما ذهب عنه، ÙÙƒ Ù„ÙاÙته، Ùإذا زجاجة خمر معتقة؛ Ùقدرت أنه من نصارى الشام، وبقيت أستثقله؛ Øتى طالبتني المضيÙØ© بأن Ø£Øرك Øقيبة كتÙÙŠ التي وضعتها على الأرض إلى جهة معينة، ÙضØÙƒ جاري الشامي الملامØØŒ وعبر بالإنجليزية عن أنها تصطنع تدقيقات الألمان؛ Ùاتصلت بيننا أسباب الكلام:
– من أين؟
– من مصر.
– وأنت.
– من إيطاليا.
– “إتلي”ØŒ أم “إيتليانو”!
– “إيجبت” أم “إيجبسيانو”!
مصر تاريخ طويل!
– وجهك عربي!
– Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø¨Øر الأبيض المتوسط!
كليوباترا.
– أنطونيو.
– إلى أين؟
– إلى باندونج.
– عمل؟
– أجل؛ Ùأنا أستاذ بجامعة القاهرة، أزور جامعة باندونج.
– وأنت؟
– عمل كذلك.
باندونج Ø£Ùضل من جاكرتا؛ Ùجاكرتا أشد منها ازدØاما، ثم باندونج أعلى مكانا، وألط٠جوا.
– أنتظر أن تكون الØرارة مرتÙعة إلى الأربعين مثلا!
– هي أقل من الثلاثين!
Ùكي٠كانت ÙÙŠ مصر؟
– مرتÙعة، ولا سيما عليك!
– ولا سيما أنني جئت من ألمانيا!
– كم لبثت Ùيها؟
– أسبوعين.
– لابد أن الØرارة Ùيها تØت الصÙر!
– Ùوقه بعشر درجات Ùقط!
– تÙرى كم الساعة بباندونج؟
– السادسة.
وصلنا، وخرجت من الطائرة عن الممر المعلق بها إلى المطار، ÙØَنَنْت٠إلى العربية التي ÙÙŠ التنبيهات، من بعد مطار سنغاÙورة الذي لم أقرأ Ùيه ØرÙا عربيا، Ùإن سَمÙعْتÙÙ‡ كان غريبَ الوجه واليد واللسان:
– (هذه بلادي)!
وقابلتني الموظÙات٠على أعمال دخول الواÙدين، Ù…Øجبات بلا زينة، Øجابا موØدا، وشعرت أنه شعار مقصود- ÙˆÙراغ٠المطار وقد Øذرني أندي هادي زØامه؛ Øتى نبهني على المخرج والملتقى ÙÙŠ الزØام!
طالبتني الموظÙØ© بعشر دولارات، تعريÙØ© الإقامة القصيرة؛ Ùغضبت أن لم يجهزها لنا المؤتمر، ÙˆØاولت جهلا أن أثبت مجانيتها من دون جدوى، وساعدني من دون Ùائدة، شاب مصري يتكلم الأندونيسية طليقا، ثم دÙعتها، وتØركت سريعا ÙÙŠ Ùراغ المطار، Øتى خرجت.
هذا الشاب هناك، ذو اللائØØ© عليها “المؤتمر الدولي للغة العربية”ØŒ أندي هادي بلا ريب، عرÙته من قبل أن أرى لائØته، بصورته التي أرسلها إلي من بعد أن أرسلت إليه صورتي مع مل٠سيرتي، ليقدمني المقدم بهذه، وليلقاني الدليل بتلك.
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام!
– رأيتَ كي٠عرÙتÙÙƒ بالصورة!
– وأنا كذلك عرÙتÙÙƒ بالصورة!
شاب ظري٠لطي٠أندي هادي، مدرس بجامعة جاكرتا الØكومية، Øصل على الدكتوراه من جامعة شري٠هدايات الله الإسلامية الØكومية بجاكرتا، ÙÙŠ طبيعة القصص القرآني من خلال قصة سيدنا يوسÙØŒ ويشارك ÙÙŠ المؤتمر ببØثه “تدريس النصوص الأدبية من خلال تØليل عناصر القصة القرآنية: قصة يوس٠نموذجا”.
خرجنا من المطار أنا وأندي وطالبان من طلاب اللغة العربية: Ù…Øمد Ùؤاد الذي كان طالبا بكلية دار العلوم من جامعة المنيا، وعَديّ الطالب بالÙرقة الرابعة من تخصص اللغة العربية بجامعة باندونج التربوية، ينطق Ù…Øمد Ùؤاد اسمه شبيها بكلمة “عادي”ØŒ من دون ألÙØŒ ÙŠÙ…Ø²Ø Ø¨Ø£Ù†Ù‡ شخص عادي!
كنت إذا مازØتهم ضØكوا كثيرا، وجاملوني، غير أنهم لم يعرÙوا صَÙْقَةَ الك٠المصرية عند المزاØ:
– Ù†ØÙ† نكتÙÙŠ بالضØÙƒ!
– ولكن أين أنتم عن كلية دار العلوم بجامعة القاهرة؟
– هي دار العلوم كتلك!
– لا؛ أين الأبناء من الآباء، أم أين التلامذة من الأساتذة، أم أين السذاجة من الخبرة!
– لم يكتمل بيننا وبين جامعة القاهرة اتÙاق على قبول طلاب؛ Ùقد اشترطت جامعة القاهرة أن تÙØªØªØ Ø£Ù†Ø¯ÙˆÙ†ÙŠØ³ÙŠØ§ مقرا لطلابها وترعاه، ولم تÙعل أندونيسيا ذلك بعد!
– أرجو أن أوصل أصواتكم إلى جامعة القاهرة!
كنا قد وقÙنا Øيث ننتظر الØاÙلة التي تØملني أنا ÙˆØدي مع ركابها الغرباء، إلى متجر باندونج الكبير، الذي ذكروا لي أننا سننتقل بالØاÙلة إليه، ÙˆØجز لي أندي مقعدي بها، وجاءني بالتذكرة، ثم رجع ليتلقّى الواÙدين الآخرين.
لم تلبث الØاÙلة أن وصلت، ÙØملت Øقيبة كتÙÙŠØŒ وجررت Øقيبة يدي، ولم أدعها للسائق إلا قريبا من ØاÙلته، ثم Ù‚Ùزت إلى داخلها؛ Ùقد هطلت السماء، واستبشرت، Ùقد تركت القاهرة ضاØية للشمس، إلى Øيث البرد والسØب والمطر!
زعم لي أندي أنها رØلة ساعتين، Ùكانت إلى أربع الساعات أقرب؛ كلما ظننت أن باندونج قد جاءت، لا تأتي باندونج، وكأنَّ على أَرْجÙÙ„Ùها نَقْشَ الØÙنّاء، أو على أَرْجÙÙ„Ùنا!
اشتغلت بتصوير المشاهد التي لا تكاد عين الإنسان تراها ÙÙŠ ØÙلْكَة٠هذا الليل البهيم، Ùكي٠بعين المØمول الزائغة، وكنت أريد بالتصوير غالبا، الصوت المصاØب له؛ Ùقد كنت أعلق بما يعن لي، على ما لا يكاد يعن لي:
– ما هذا! أما من مطبات ÙÙŠ هذا الطريق! كي٠يعيشون!
القيادة من عن يمين السيارة، والسير من عن يسار الطريق!
الانضباط يكÙÙ„ سلامة السير ÙÙŠ هذا الظلام المدلهمّ!
هذا كارÙور متجر ماجد الÙطيم الملياردير العربي الإماراتي!
وها هو ذا مرة أخرى!
وصلنا إلى جمع Ù…Øتشد، Ùإذا الأم تَهَشّ٠لأبنائها المنتظرين، ÙÙŠÙقْبلون عليها، ويÙقَبّÙلون يدها، وتَبَشّ٠لزوجها، ÙتÙقْبÙل٠هي عليه، وتÙقَبّÙل٠يده!
هذا إذن متجر باندونج الكبير! ظننته Ùندقًا، ÙˆÙرØت بالمقام الÙخم الوثير الجميل، ÙتØركت إلى مدخله سريعا، وسألت بعض الجالسين على مقهى به، Ùنبهني إلى مكتب عن يساري لا يلائمه، Ùناديت به شخصا مشغولا بمكالمة، Ùلما أنهاها جاءني، Ùأطلعته على بيانات المؤتمر؛ عسى أن يعر٠Øقي ÙÙŠ الÙندق، Ùنادى شخصا آخر، ثم نبهاني جميعا على الخروج من باب هذا المكتب غير الملائم، Ùإذا امرأة عربية الملابس ÙˆØ§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø ÙˆØ§Ù„Ø¨Ø´Ø§Ø´Ø©ØŒ Ùقدرت أنها أستاذة مثلي مدعوة تنتظر Ùصل أمرها مثلما أنتظر، Ùأقبلت عليها سعيدا بها:
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام!
– كي٠Øالكم؟
– أهلا وسهلا، الØمد لله!
لم أكد أستوثق من علاقتها بالمؤتمر، Øتى أقبل علي سريعا رجل عربي Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø ÙˆØ§Ù„Ø¨Ø´Ø§Ø´Ø©ØŒ Ùقدرت أنه أستاذ مثلنا مشارك ÙÙŠ المؤتمر:
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام!
– هل أنت مشارك ÙÙŠ مؤتمر اللغة العربية؟
– نعم.
– يبدو أننا سننتقل إلى مكان آخر؛ كلمت الدكتور دودنج رئيس لجنة المؤتمر الآن، Ùأرسل إلينا سيارة، لتأخذنا!
– (وا ضَيْعَةَ Øَقّي ÙÙŠ الÙندق الكبير)!
لم نكد نتعارÙØŒ Øتى قطعت تعارÙنا السيارة، Ùركبنا جميعا مع سائقها، وقرينه الذي يعر٠شيئا من اللغة العربية، واتصل التعارÙ.
– أنا Ùلان.
– وأنا الدكتور Ù…Øمد خاقاني أصÙهاني، أستاذ البلاغة العربية، بجامعة أصÙهان، وهذه زوجتي.
– ما شاء الله! أهي مثلك أستاذة للغة العربية؟
– لا، إنها رئيسة دائرة بجامعة أصÙهان Ù†Ùسها، ولكنها تعر٠العربية.
ولكنه قدمها Ùيما بعد، على أنها وزيرة الØرب (الدÙاع)ØŒ Ùلما ذكرنا له أننا نقدمها ÙÙŠ بلادنا، على أنها وزيرة الداخلية (الشرطة)ØŒ ذكر أَلّا Ùرق كبير، بين وزارة الØرب ووزارة الداخلية!
– زاركم قريبا أستاذنا الدكتور سعد مصلوØØŸ
– هو أستاذ بجامعة الكويت، لما زرنا جامعة الكويت استضاÙنا ÙÙŠ بيته، وأكرمنا هو وزوجته الدكتورة الكويتية. لكن هل تعر٠الدكتور يوس٠عبد الÙتاØØŸ
– إنه أخي وصديقي، ولولاه ما انتبهت إلى هذا المؤتمر -Ùالمؤتمرات لا تناسبني- ولا ألقيت له بالا؛ Ùالاعتزال أغلب علي! وهو مشارك ÙÙŠ هذا المؤتمر.
– Øقا! إنه صديقنا، التقينا أكثر من مرة، وزارنا.
ولكنه ÙŠÙتَوَÙّى والده –رØمه الله!– ÙÙŠ أثناء المؤتمر؛ Ùيعجز عن الØضور، ثم يكون الدكتور خاقاني هو الذي يبلغني!
– إنه من المجتهدين ÙÙŠ الاشتغال باللغة الÙارسية، وهو أستاذ الآن بجامعة هانكوك بسيول، وقد صار مستشار رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية، الذي ÙŠÙتتØÙ‡ ÙÙŠ أكتوبر القادم بسيول، السيد عمرو موسى أمين الجامعة العربية، وهو المركز الوØيد ÙÙŠ هذا الشأن بقارة آسيا، ملقاة عليه مهمة إطلاع تلك الناØية من العالم، على الثقاÙØ© العربية الإسلامية.
هذه بطاقتي.
– وهذه بطاقتي، ولكن أليست غريبةً ممن يغلب عليه الاعتزال!
– (لو تأملتها لعرÙت ÙÙŠ كآبتها Øقيقة الاعتزال)!
– إذا رأيتني أسمر، Ùلا تعجب؛ Ùإنه أثر الاشتغال بالعلوم العربية وآدابها؛ وأنا مع ذلك أكتب الشعر بالعربية والÙارسية!
– Ø£Øضرت مجموعة من كتبي هدية للمؤتمر، ولولا هذا لأهديتك منها؛ Ùأنا مشغول بالشعر والقصة، ومتخصص للدراسات النصية النØوية، وللدراسات النصية العروضية.
– أنا كذلك اشتغلت بالدراسات العروضية.
– ولقد درست اللغة الÙارسية عَرَضًا، بكليتي، على أستاذنا الØبر الجليل الدكتور رجاء عبد المنعم جبر – أطال الله ÙÙŠ النعمة بقاءه! – Øتى صرت أدعو دائما أنا ومØمد إقبال:
“امْنَØْني Øَماسَةَ الرّوميّ
وَنارَ Ø®Ùسْرو الدَّهْلَويّ
امْنَØْني صÙدْقَ سَنائي ÙˆÙŽØ¥Ùخْلاصَه “!
ثم على الدكتور عبد العزيز بقوش -Ø£Øسن الله إليه!- Øتى صرت أترجم الشعر الÙارسي ÙÙŠ Øكاية ” يوس٠وزليخا”ØŒ إلى شعر عربي!
وصلنا إلى Øَرَم تلكوم (مركز الاتصالات) Øيث سنقيم، Ùنزلنا من السيارة، وانتظرنا قرين السائق، أن يعر٠أمر إقامتنا، Ùجاءنا رجل Ùوق الخمسين، على رأسه قلنسوة المتدينين منهم، وتَعَرَّÙÙŽ إلينا، Ùلم أنتبه كثيرا، ثم اعتذر عن عدم وجود أماكن بتلكوم، وأنهم سيأخذون لنا مكانا بالخارج:
– هه، لا بأس؟
– لا، بأس!
– لا، لا، اطمئنوا، لن تخرجوا؛ لقد عثروا على مكان، وإن كان خارج تلكوم Ø£Ùضل من داخله؛ Ùأنتم هنا بعيدون عن السوق!
– (وما Øاجتنا إلى السوق)!
تمشينا وأمامنا السيارة بØقائبنا، Ùقال ذو الخمسين والقلنسوة:
– غدًا الخميس نخرج ÙÙŠ التاسعة صباØا إلى نزهة بالجبل Øيث البركان، ثم بالعين الØارة الÙوارة Øيث المياه المعدنية الصØية.
– لم أنم منذ يوم كامل، Ùهلا تØركنا ÙÙŠ الØادية عشرة!
ضØÙƒ ولم يجب.
صØبني ثلاثة من طلاب اللغة العربية -Ùقد Ø£ÙشْرÙكوا ÙÙŠ أعمال المؤتمر على Ù†ØÙˆ ÙˆØ§Ø¶Ø Ø·ÙŠØ¨ØŒ لم أعهده- Øتى غرÙتي رقم مئة وعشرين، التي أخذوا لي Ù…ÙتاØها من مضيÙÙŠ المبنى، ÙˆÙتØوها يطمئنون على أشيائها، Ùوجدوا بعضا، ÙˆÙقدوا بعضا، وإن لم يؤثر Ùيهم لا هذا ولا ذاك!
دخلتها ÙÙŠ الØادية عشرة والنص٠مساء بتوقيت باندونج، وقلت لمØبوب عثمان، Ø£Øد أولئك الطلاب:
– أريد أن أتعشى، وأن أكوي بعض ملابسي، وأن أهات٠أهلي!
لم أخرج منه إلا بهمة بعض صØبه أن يصØبني بدراجته البخارية، إلى Øيث أكلم أهلي، Ùأما العشاء Ùلم يعد بالمطعم من يجهزه لي، وقد عرÙت من بعد أن الأندونيسيين ينامون مبكرا ويقومون مبكرا، وأنني لن أجد بعد التاسعة مساء من Ù…ØÙ„ Ù…ÙتوØØŒ Ùذكرت القاهرة التي لا تنام، يكمل بعض ساهريها بعضا، Ùمنهم من يظل إلى الثانية عشرة، ومنهم من يظل إلى الثالثة، ومنهم من يناوب بين عÙمّاله Ùلا يغلق أبوابه أبدا، وكل أولئك عندنا بروضة مصر العتيقة، Ùكي٠إذا ذكرت من القاهرة شارع عبد العزيز بالعتبة!– وأما الكي Ùربما تمكنا منه صباØًا قبل الØركة إلى الرØلة.
غيرت ثيابي مهدودا، واتخذت من Ø¥Øدى ملاءات السرير سجادة، صليت عليها المغرب والعشاء جمع تأخير، ثم ضبطت منبه Ù…Øمولي على ما قدرت أنه موعد صلاة الÙجر (الرابعة والنصÙ)ØŒ وابتهلت إلى النوم، متناسيا المهاتÙØ©ØŒ معولا على ثقة أمي بالله، ورضاها عني، ولكن هيهات!
لم يقترب نومي من سريرهم، لا قبل الÙجر، ولا بعده!
قمت، Ùتجهزت سريعا جائعا، وخرجت إلى Øيث تجمع بعض الأساتذة ممن عرÙت وممن لم أعرÙØŒ ثم انتقلنا جميعا إلى خارج المبنى ننتظر الØركة إلى النزهة المزمعة. وقÙت مع من وقÙØŒ وتعرÙت إليهم، Ùكان Ùيهم الدكتور كمال عبد العزيز أستاذ البلاغة العربية بكلية دار العلوم من جامعة الÙيوم، الذي يعمل بجامعة بروناي، والدكتور عبد الله من جامعة أم القرى، والدكتور خاقاني أصÙهاني، وآخرون شغلني بعضهم عن بعض؛ Øتى انتقلنا جميعا إلى الØاÙلة.
ÙÙŠ الØاÙلة تَصَدَّرَ للتوجيه والتنبيه، الأستاذ أوجس سلام، مدرس اللغة العربية والعلوم الإسلامية بجامعة باندونج التربوية، الخمسيني ذو القلنسوة الذي قابلناه أمس، قائلا:
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام ورØمة الله وبركاته!
– أنا Ùلان… يتكون اسمي من أوجس وسلام، Ùأما سلام Ùعربية واضØØ©ØŒ وأما أوجس Ùمن تÙاؤل أبي بولادتي ÙÙŠ شهر أوجسطس! أصØبكم ÙÙŠ نزهة إلى الجبل والعين، ولكن قبل هذا نذهب إلى البنك الإسلامي، لتغيروا ما معكم من دولارات إلى روبيات تستطيعون بها أن تشتروا ما تشاؤون من طعام وشراب، وهدايا.
– (طعام وشراب، هذا أول النكث؛ Ùأين ÙƒÙالتهم)!
– هذه النزهة على Øساب المؤتمر، سيكون Ùيها بعض الطعام الخÙÙŠÙØŒ ÙˆÙÙŠ السابعة وجبة العشاء، قبل الاÙتتاØØŒ ولكم ÙÙŠ الجمعة والسبت، وجبتا Ø¥Ùطار وعشاء، ثم يكون ÙÙŠ مساء السبت اختتام المؤتمر.
كان البنك قريبا بØرم جامعة باندونج التربوية، Ùجلنا Ùيها ذهابا إلى البنك وإيابا منه، واطلعنا من معالمها على ممراتها الضيقة المØوطة بالØدائق، وطلابها المختلطين المتØلّÙقين على أرض Øدائقها Øلقات كثيرة هنا وهناك، يتباØثون ÙÙŠ شؤون أنشطتهم الصيÙية:
– ما لهم متداخلين ذكورا وإناثا، أما يجرئهم هذا على الÙاØشة!
– لا، لا، بل يتعاملون عَÙْوًا رَهْوًا، لا تخطر لهم الÙاØشة ببال، وتØميهم تقاليدهم الراسخة!
ÙÙŠ البنك تتابعنا صÙÙˆÙا لتغيير الدولارات، Ùاجتمعنا أنا والدكتور Ù…Øمد خاقاني أصÙهاني وأØد الأساتذة السعوديين الشباب:
– ما هذا يا دكتور!
بكم ريال إيراني تشترون الدولار؟
لقد كانت لريالكم ÙÙŠ زمان الشاه، قيمة أكبر كثيرا مما صارت عليه Ùيما بعد!
– هذه Øال عامة يا دكتور!
– هذه ضريبة صمودنا للبغي الأميركي الصهيوني، ونØÙ† راضون بما يمتØÙ† به الله -سبØانه، وتعالى!- صدق جهادنا ÙÙŠ سبيله!
ثم أقبل علي Ù…Øبوب عثمان، يعينني على أَلّا أؤخر الوÙد:
– من أين أنتم، يا أستاذ؟
– من جامعة القاهرة.
– ما شاء الله!
– ÙˆÙÙŠ أية سنة أنت؟
– ÙÙŠ السنة الرابعة.
– ما شاء الله! ألا تØب أن تدرس بكلية دار العلوم من جامعة القاهرة؟
– هذه -يا أستاذ- أعظم أمنياتي!
لاØظنا أن الموظÙين يتوقÙون Ø£Øيانا عن التغيير، وأن مصاØبينا من الأساتذة والتلامذة يشرØون للممتنعة دولاراته من التغيير، أنها مختومة، وأن هذا البنك الصغير لا يستطيع تصريÙها، Ùإذا أخذها أخذها بثمن بخس:
– غَيّÙروا غير المختومة، واتركوا المختومة للبنك الكبير بوسط المدينة!
– دولاراتي مختومة، وإنما نختمها بالأردن، لضمان سلامة الورقة من التزييÙ!
تÙقدت دولاراتي الثلاثمئة إلا عَشْر دولارات التأشيرة، Ùوجدت Ùيها مئة مختومة، ÙÙ†Øيتها , وغيرت ما سواها، وكنت أظنني دÙعت للتأشيرة عشرين دولارا؛ Ùطلبت تغيير مئة وثمانين، وكتبت الرقم 180$ØŒ وأعطيتها المبلغ، ثم انتبهت إلى أنها مئة وتسعون، ونَبَّهْت٠الموظÙØ© المØجبة بالبنك الإسلامي، ÙصَØÙ‘ÙŽØَت٠الرقم، ثم غيرت المبلغ بمليون وستمئة وتسعة وسبعين أل٠روبية (1679000)ØŒ الدولار بتسعة آلا٠وثلاثمئة وسبع وعشرين روبية! ثم لما ركبت الØاÙلة، جاءني Ù…Øبوب عثمان بتغيير عشر الدولارات التي نسيتها من أول الØساب، ولم تصØØها الموظÙØ© إلا ÙÙŠ Ø¥Øدى الأوراق، ولم ألق لزيادتها بالا، أمانة واضØØ© مباركة من البنك الإسلامي، على رغم قول بعض زملاء نزهتنا، Ùيه، من قبل أن نصل إليه:
– البنك الإسلامي وراءنا وراءنا!
ذهبنا ÙÙŠ سبيل الجبل، وتريثنا قليلا بمكان ما، Ù†Øمل زملاء من ماليزيا وبنجلاديش، سÙكّÙنوا خارج تلكوم، ويشتري أعضاء لجنة المؤتمر ما شاؤوا من مياه وطعام، وزعوا منه علينا، لكل واØد علبة مياه أكوا صغيرة، وتÙاØØ©ØŒ وثمرة كالنبقة غريبة؛ تلهينا بها؛ Øتى وصلنا إلى مَصْعَدÙنا إلى الجبل، Ùمضينا ÙÙŠ طريق أوليّ٠تتناثر على جانبيه Ù…Øال الخدمة الغريبة، وأغرب ما Ùيها مطاعم صغيرة، تجهز الطعام لمن ÙŠØ³ØªØ±ÙŠØ Ø¬Ø§Ù†Ø¨Ø§ على أرض مرتÙعة قليلا، Ù…Ùروشة، ÙÙŠ وسطها Ø®Ùوانٌ كالطَّبْليَّة المصرية؛ Øتى بلغنا مكانا أغرانا به أوجس سلام قائلا:
– تريدون أن تÙطروا؟
– نريد أن نشرب الشاي!
– وتشربوا الشاي؟
– نعم!
– ÙÙŠ هذا المطعم الذي عن يساركم، ما تريدون، Ùما رأيكم أن Ù†Ùرغ من ذلك قبل صعود الجبل؟
نزلنا على مراده، Ùكان مطعما غريب الخارج والداخل والنظام والعمل والعمال والطعام والشراب والأوعية، وهي الغرابة ينبوع الدهشة، والدهشة ينبوع المتعة، والمتعة ينبوع الصØØ©!
دخلنا جميعا، ودخلت معنا طائÙØ© ضخمة من الÙتيان والÙتيات، كأنهم طلاب مدرسة ثانوية خاصة جدا، بملابسهم الموØدة الجذابة، وأجسامهم النØيلة الرشيقة، وشعورهم الغزيرة الطويلة الÙاØمة المسترسلة، المجتمع Ùيها جمال الشعر الهندي وجمال الشعر الصيني!
أخذنا مجالسنا، Ùإذا معي جماعة أساتذة جاؤوا معا من جامعة بروناي الإسلامية، ثلاثة مصريين (الدكتور عار٠كَرْخي أبو خضيري، والدكتور قرني عبد الØليم، والدكتور Øسن عبد المقصود)ØŒ وأندونيسي (الدكتور عبد الرشيد شهودي) ومعه ابنه (علي Ùائز).
– ما هذا الشراب الأصÙر الدَّوّار على القاعدين؟
– شاي أخضر Ø®ÙÙŠÙØŒ يستعملونه بدل الماء!
– Ù„ØÙ… العجل!
– Ù„ØÙ… الدجاج!
– السمك المقلي!
– أختار أنا وابني السمك المشوي!
– وأنا مثلكما!
ثم جاء ÙƒÙلًّا طَبَقÙÙ‡ وسلطَتÙه، ووضع وعاء أرز طويل، من خشب الغاب (القصب)ØŒ بملعقة مثله، بين الدكتور عبد الرشيد وابنه، Ùلما لم يجئ غيره، عرÙنا أنه مشترك، Ùتقاللناه ÙÙعْلَ الجوعى، Ùأخل٠ظنوننا، بمَغاصÙÙ‡ إلى عÙمْق٠لم ندركه!
تآلÙت أنا والدكتور عار٠منذ التقينا، شاعر كبير، أستاذ جامعي، مولع باللغات، متخصص للأدب القديم، مشغول بالأدب الشعبي، وكل ذلك Ø®Ùي٠علي، قريب مني؛ Ùخضنا كل مخاض، وشجع بعضنا بعضا على تشقيق الكلام، ولم يكن الدكتور عبد الرشيد بأقل ظرÙا من المصريين، بل ربما كان أكثر مصرية، Øتى إنه لما اختار كل منا Ø£Øب الطعام إلى Ù†Ùسه، شَجَّعنا عليه، ثم غاÙلنا؛ ÙدÙع ثمنه كله:
– يا دكتور!
– أنتم ÙÙŠ بلدي!
ثم خرجنا لنكمل صعودنا إلى مبتغانا، Ùإذا طريق الأØلام السينيمائية، الضيق الملتوي المتصاعد المØÙو٠بالأشجار الطويلة والقصيرة، الغريبة، التي لم تمر بخيال ÙÙ„Ø§Ø Ù…ØµØ±ÙŠØŒ ولا سيما أشجار الشاي التي كست المساØات الشاسعة الصاعدة بالمرتÙعات، الهابطة بالمنخÙضات؛ Øتى بلغنا باØØ© واسعة Ùيها موق٠سيارات نقل ركاب غريبة، ÙÙŠ مثل Øجم Øاملات البضائع بشارع عبد العزيز من القاهرة، ولكنها Ù…ÙتوØØ© من خل٠غرÙØ© القيادة كما تنÙØªØ Ø³ÙŠØ§Ø±Ø§Øª Øمل Ø£Ù„ÙˆØ§Ø Ø§Ù„Ø²Ø¬Ø§Ø¬ØŒ أو سيارات Øمل صناديق البيبسي، ولكن Ùيها الكراسي بدلا من الصناديق والزجاج، Ùركبناها، Ùصعدت بنا أكثر؛ Øتى ظننت أنها ينقطع Ù†Ùسها، ولكنها وصلت إلى القمة، Ùإذا باØØ© أخرى كبيرة، Ùيها باعة أشكال غريبة من المنسوجات، ومن الخشبيات، ومن الصخريات، ÙتلقÙني شاب منهم يبيع تَكْوينَيْن٠على هيئة نابَيْ Ùيل٠صَغيرÙØŒ يدعي أنهما من صخر البركان، مكتوبا على Ø£Øدهما “لا إله إلى الله” – سبØانه، وتعالى!- وعلى الآخر “Ù…Øمد رسول الله” –صلى الله عليه، وسلم!– سألته أول ما نزلت من سيارة القمة:
– بكم؟
– بمئتي أل٠روبية.
– لا أريد.
لم يقتنع الشاب بأنني لا أريد، ولزمني Øيثما ذهبت، ينبهني على ما ينبغي أن أعتني به من المظاهر السياØية، ويÙسَرّÙب٠إليَّ توسلاته أن أشتري منه، ولولا رغبتي ÙÙŠ شراء أشياء أخرى، لربما أرضيتÙÙ‡!
وأغرب ما ÙÙŠ تلك الأشكال الغريبة، تَكْوينٌ من عيدان الغاب (قصب البوص)ØŒ كسÙينة ذات صاريَيْن، يمتد بين صارÙيَيْها Øَبْلٌ، تَعَلَّقَتْ Ù…ÙنْخَرÙمَةً به تَكْويناتٌ صغيرة متدرجة الأØجام، Ùيها قصب قائم وقصب نائم، تخرج من القصب النائم عيدان، يضرب البائع العود بعد العود بعد العود، متدرجة؛ Ùتخرج أصوات السلم الموسيقي (دو… ري… مي… Ùا… صو… لا… سي… دو…) – ثم أجزاء من علب بلاستيكية صغيرة، مقطوعة من أسÙÙ„ ÙÙوَّهاتها، مسدودة الÙوهات بسÙدادات مطاطية مشقوقة شقوقا خاصة، إذا Ù†Ùخها الناÙØ® بطريقة ما صَوَّتَتْ كما يبكي الرضيع، وإذا Ù†Ùخها بطريقة أخرى صَوَّتَتْ كما يضØÙƒ! – ثم أجزاء قصبية، Ùيها عيدان دقيقة طويلة، إذا Ù†ÙÙÙخَت٠القَصْباء٠وØÙرّÙكَت٠العيدان٠من خارج لداخل Ùخارج Ùداخل، صَوَّتَتْ كما ÙŠØµØ¯Ø Ø¨Ù„Ø¨Ù„!
ثم تمشينا إلى جهات المكان المختلÙØ©Ø› Ùجهة إلى Ù…Ùطَّلَع٠على مهوى البركان الخامد منذ سنة تسع وستين وتسعمئة وأل٠الميلادية، والدخان الباقي يتصاعد من جانبه، برائØته النتنة كرائØØ© سوائل مصار٠المنازل، Øتى إن الأندونيسيين أنÙسهم ليØمون منها آناÙهم – وجهة إلى سلالم إلى عÙلّيَّة٠مسقوÙØ© بشجر القصب، ÙŠÙطَّلَع٠منها على الÙضاء المطلق من Ùوق البركان وما Øوله – وجهة إلى زقاق طويل ملتو تتوالى Ùيه المØال الضيقة عن يمين وشمال، بكل ما ÙŠÙظَنّ٠أن ينجذب إليه السائØØŒ وأغرب ما انجذبت٠إليه Ù…ØÙ„ على عتبته أقÙاص Øديدية صغيرة، ØÙبÙسَ ÙÙŠ كل Ù‚Ùص Ùأر كالكتكوت الإنجليزي، مع أرجوØØ© لا يمل من الدوران Ùيها، ولا يدوخ، اقتربت منها لأصورها، Ùقال بائعها بعربية مكسرة:
– هذا ركيص (رخيص)ØŒ ما ÙÙŠ أكل (لا يأكل)!
ولا أدري من – لا ما – هذا الÙأر الذي لا يأكل مهما يكن ضئيلا – ليتني مثله – وعهدي بالÙأر من Ùئراننا، لا يترك لنا ما نأكل!
ثم Ù…ØÙ„ Ùيه شاب يَنْجÙر٠قÙطَعَ قصب غاب، ضخمة، يخرج منها أوعية ربما كان منها ذلك الذي قدم لنا Ùيه الأرز ÙÙŠ المطعم!
ثم ذهبنا عن الجبل، ÙÙŠ سبيل العين الØارة الÙوارة، قال أوجس سلام يقيم علينا الØجة:
– هل تريدون الذهاب إلى العين الØارة الÙوارة؟
– نعم.
– إذن يدÙع كل منكم خمسة وثلاثين أل٠روبية، أو ليكملها خمسين ألÙا، لأنه لا ينزل إلى المياه إلا إذا دÙع عشرة آلا٠أخرى!
جهزت لمØبوب عثمان الذي جاءني ÙŠØصل المبلغ، خمسة وثلاثين ألÙا؛ Ùلم يكن يخطر لي أن أنزل إلى المياه، ولا جهزت لمثل هذه المغامرة Ù†Ùسي، Ùطالبني بالخمسين، ÙØددت له Øدودي، Ùتركني إلى أستاذه أجوس سلام، يستÙتيه، ولم يعد إلي، ولم يطالبني بقليل ولا كثير، مكتÙيا كما تبين لي، بما دÙعه زملائي، إلا أنني أظن أنه أخذ مني Ùيما بعد عشرة الآلاÙ!
دخلنا Øدائق العين الÙوارة، وتركنا الØاÙلة ناØية، واتÙقنا على ألا نتأخر أكثر من نص٠ساعة، لكي نستطيع أن نعود، Ùنتعشى، ونجهز أنÙسنا Ù„ØÙÙ„ اÙØªØªØ§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¤ØªÙ…Ø±. ذهبنا نجول ÙÙŠ مَرابÙع٠المكان، مستثقلين وسط هذا الجمال الباهر، أن يَسْتَعْبÙدَنا Ù†ÙصْÙ٠ساعة!
لقد أقام الأندونيسيون على هذه العين المعدنية الØارة الÙوارة، مرابع من المÙسْتَراØات الجميلة المختلÙØ©ØŒ والمماشي والمظاهر المدهشة؛ Ùمن بØيرات صغيرة ØªØ³Ø¨Ø Ùيها أسماك كبيرة جميلة غير ملونة، تÙذَكّÙر٠على Øَرَج٠أسماك بØيرة مطار سنغاÙورة – إلى Øمامات سباØØ© كنت أجد بعض الشباب يخرجون منها، لينطرØوا على بطونهم، ليعالÙجَ أجسامَهم بعض٠المدلّÙكين – إلى شلالات بديعة تتهابط بجوارها السلالم إلى المقاعد المخشوشبة البديعة – إلى ممرات Øول تلك المظاهر، ضيقة، صاعدة هابطة، غريبة الشأن، Ù…Øوطة بالأشجار والأزهار!
أردت أن أصلي الظهر والعصر جمع تأخير، Ùتتبعت أوجس سلام، Ùعثرت على مسجد المكان وميضأته، Ùأقبلت أتوضأ، Ùناداني الدكتور نجم الدين أستاذ اللغة العربية بجامعة Øسن الدين بولاية ماكاسار:
– تعال توضأ من هنا، Ùالمياه هنا من مياه العين الØارة الÙوارة!
أقبلت ÙرØا، Ùتوضأت، Ùلما مضمضت Ø£Øسست بلذعتها الغريبة!
– مياه Ù…Ùسَكَّرة، أليس كذلك؟
– لم أشعر إلا بلَذْعة كلَذْعة الخَلّÙ!
– صØÙŠØØŒ إنها لكذلك.
قامت الصلاة، ÙرَجَّØْت٠أن أدرك معهم Ù…ÙتÙمًّا، العصر التي يصلون، وأÙعَقّÙبَ بالظهر منÙردا قاصرا، مخالÙا الترتيب Øرصا على الجماعة، تقديرا لعبد السلام العيسوي، شيخنا بروضة مصر العتيقة!
دائما هنا يؤم إمام٠المسجد، ولا يجامل Ø£Øدا بالتقديم، وإن كان عربيا! لا بأس، ولكن لا يعبأ Ø£Øدٌ بأن تكون الكت٠ÙÙŠ الكتÙØŒ ولا القدم ÙÙŠ القدم، ولا بÙنيان٠الص٠مَرْصوصًا، ولا غرو؛ Ùلم يعد العرب يعبؤون بذلك!
ÙÙŠ خلال هذه الرØلة اشتغل شباب الأساتذة ذهابا وإيابا، بالتعارÙØŒ والمزاØØŒ والإÙØْماض٠الذي ربما تناسوا معه من ÙÙŠ الصØبة من زوجات بعضهم!
ولقد طغت على المزاØØŒ مسألة الاختلا٠Ùيما ينبغي للجنة المؤتمر أن تتولاه هي “على Øسابها”ØŒ أو يتولاه كل مشارك ÙÙŠ المؤتمر، هو “على Øسابه”– Øتى شغلت الدكتور Ù…Øمد خاقاني أصÙهاني؛ Ùقال Ùيها ما غَيَّرْت٠Ùيه من بعض طريقته ÙÙŠ الإملاء، إلى طريقتي:
“قصيدتي المهداة إلى الأخ أجوس سلام
يا إخوتي، إن شئتم أن تأکلوا Ùهو على Øسابکم
أو شئتم أن تشربوا Ùهو على Øسابکم
أما إذا صليتم صلاتکم ÙÙŠ أرضنا Ùهي على Øسابنا
وإن تغديتم کبابا طازجا بشربة ساخنة
أو بÙÚ©Ùلا غازية باردة
Ùهو على Øسابکم
Ù„Ú©Ù†Ú©Ù… إذا تنشقتم هواء صاÙيا Ùهو على Øسابنا
ثم إذا أردتم أن تبدأوا بجولة عابرة
إلى جَکَرْتا أو إلى باندونج أو أي مکان آخر
Ùهي علي Øسابکم
أما إذا قررتم البقاء ÙÙŠ مکانکم
Ùهو على Øسابنا
مجمل ما أود أن أقوله يا إخوتي أنْ کل ما تلزمه روبية
Ùهو علي Øسابکم
لکنّ ما لا يقتضي روبية
Ùهو علي Øسابنا”!
ولكن أهم ما كان ÙÙŠ خلال هذه الرØلة، هو Øديث ذلك الدكتور نجم الدين، الذي عر٠مصر والمصريين؛ Ùقد قام بيننا ÙÙŠ الØاÙلة، ÙŠØ´Ø±Ø Ø·Ø¨ÙŠØ¹Ø© أندونيسيا والأندونيسيين، مستØضرا طبيعة مصر والمصريين، التي عَرَÙها؛ ÙتØدث عن العرب والصينيين الذين Øلوا أندونيسيا جميعا، Ùأما العرب ÙائتلÙوا هم وأهل البلاد، وذابوا Ùيهم، وأما الصينيون ÙاختلÙوا عليهم؛ Øتى رØلوا عنهم- وعن اللغة الأندونيسية، وأنها كانت تكتب بالØرو٠العربية، ثم صارت تكتب بالØرو٠اللاتينية، وأنها Ø¥Øدى مئتي لغة مختلÙات بأندونيسيا، ولكنها أقوى منها وأظهر عليها– وعن طبيعة أندونيسيا الجبلية، وجوها اللطي٠دائما وإن مال بالجبل إلى البرودة، وسمائها الممطرة دائما، وعن الزراعة وأنها الأرز والموز والشاي والقرنÙÙ„- وعن عادات العائلات ولا سيما ÙÙŠ قبيلته هو، وأنها إكبار الوالدين إلى Øد التقديس، بØيث لا يستطيع الولد أن يتØول عنه منصرÙا، بل يتقهقر إلى الوراء!
وصلنا إلى تلكوم، Ùأقبلت على غرÙتي أتØمم، وأتجمَّل للاÙتتاØØŒ ثم نزلت إلى العشاء بالمطعم الذي كان بمبنانا Ù†Ùسه، Ùوجدت الدكتور قرني والدكتور Øسن بملابس Ø®ÙÙŠÙØ©ØŒ خارجين وعليهما أثر الغداء:
– إلى أين؟
– نلبس للاÙتتاØ.
– ما أذكاكما! هذا Ø£Ùضل.
دخلت إلى المطعم Ùوجدت عن يساري طعاما متواضعا جدا على مائدة صغيرة، لا أعر٠Ùيه شيئا Ù…ÙشَهّÙيًا؛ ÙوقÙت عليه مع الواقÙين مضطرا، Ùجاءني المضي٠ينبهني بالإشارة وقليل من الأندونيسية المشوبة بالإنجليزية والعربية، على أن طعامنا بناØية أخرى:
– سيدي، عربي هناك!
لم Ø£Ùهم غير إشارته؛ Ùذهبت مستبشرا، Ùإذا طعام Ø£Ùضل قليلا: شَرائÙØ٠بطاطسَ كبيرةٌ سَميكَةٌ قليلا مَقْليَّةٌ (Ø´Ùبْس)ØŒ وأرز، ولØÙ…ØŒ وشربة خضراوات، وسلطة، ومياه، ويوسÙÙŠØŒ Ù†Ùعْمة كبيرة!
بهرتني Ø´Ø±Ø§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø¨Ø·Ø§Ø·Ø³ØŒ Ùاستكثرت منها، ثم أقبلت بعد يوم كامل لم أكد آكل Ùيه، ولم أتعش قبله، على رغم استغرابي نكهة الطهو؛ Ùلم أتجاوز Ø¨Ø´Ø±Ø§Ø¦Ø Ø§Ù„Ø¨Ø·Ø§Ø·Ø³ القطعة الواØدة؛ Ùقد صَدَّني سَهَكÙها (رائØتها السَّمَكيَّة الخاصة)ØŒ Ù„ÙأَعْرÙÙÙŽ Ù…Ùنْ بعدÙØŒ أنها أرغÙØ© خبز يختلط Ùيه Ø·Øين الØبوب المعرو٠لدينا، وطØين الجَمْبري المجÙÙ‘ÙŽÙ!
ثم ذهبت إلى Øيث اÙØªØªØ§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¤ØªÙ…Ø±ØŒ ÙتلقÙنا أعضاء اللجنة؛ يطالبوننا بدÙع الاشتراك، وقد تÙاوت ما علينا؛ إذ قد Ø£ÙدْخÙÙ„ÙŽ ÙÙŠ التقدير ØÙ‚ الÙندق عن زيادات الإقامة، وكان منا من Øضر مبكرا كالدكتور كمال عبد العزيز، ومنا من Øضر متأخرا كمثلي، Ùرأيت Ùتاة اللجنة تطالب الدكتور كمال بمئة وسبعين دولارا، ÙيستÙسر، ثم يدÙع، ولم أنتظر أن تطالبني بأكثر من المئة والخمسين المتÙÙ‚ عليها، Ùبادرتها إلى التنبيه على موعدَيْ وصولي ورØيلي، لتنتبه إلى قصر إقامتي؛ Ùطالبتني بمئة وعشرين Ùقط، وأعطتني شيكا بالمبلغ مكتوبا بهيئة غريبة كهيئة المئة والخمسين؛ Ùقدمت لها مئة الدولار المختومة التي مَنَعْت٠منها البنك أن يَبْخَسَها، وأضÙت إليها آلا٠الروبيات مما غَيَّرْتÙÙ‡ ولم أنÙقه بعد، وأخذت من Ø¥Øدى زميلاتها Øقيبة المؤتمر.
أخذت مكاني من ØÙÙ„ الاÙØªØªØ§Ø Ø¨Ù‚ØµØ± تلكوم، وتÙقدت Øقيبة المؤتمر؛ Ùإذا برنامج الجلسات خال مني ومن بØثي، وإذا Øال بعض الأساتذة المشاركين Øالي؛ Ùاشتكيت إلى الأستاذ أجوس سلام، Ùسألني عن الجلسة المناسبة، Ùأخبرته، Ùأضا٠إليها اسمي، ثم وعدني أن ÙŠÙعَدَّلَ البرنامج ØµØ¨Ø§Ø ØºØ¯ØŒ وقد كان ما وعد.
بدأ الØÙŽÙْلÙØ› Ùإذا شابان Ùتى ÙˆÙتاة، يقدم أولا الÙتى Ùقرات الØÙÙ„ بالعربية، وتترجم ثانيا الÙتاة كلامه إلى الأندونيسية:
1 كلمة الØÙ‚ -سبØانه، وتعالى!- للØاج Ù…Øمد علي، قارئ القرآن، الذي صَيَّØÙŽ على طريقة قراء السرادقات المصريين، ÙÙŠ أوائل سورتي العلق ثم يوسÙØŒ ولكنه أبدل خطأً، من Øرو٠أوائل سورة يوس٠التي هي “ألر”ØŒ ØروÙÙŽ أوائل سورة البقرة التي هي “ألم”ØŒ ولم ينتبه أيّ٠أØد!
2 كلمة لجنة المؤتمر للدكتور دودنج رØمت هدايت، رئيسها، الذي عبر بالعربية عن سعادته باكتمال المؤتمر، وأثنى على المشاركات الداخلية والخارجية، وعلى التمسك باللغة العربية، Ø£Øسن اللغات.
3 كلمة ” اتØاد المدرسين للغة العريبة (IMLA)”ØŒ للدكتور Ù…Øمد لطÙÙŠ زهدي، رئيسه، الذي عبر بالأندونيسية ثم العربية، عن مكانة اللغة العربية الكبيرة ÙÙŠ أندونيسيا، التي تكبر يوما Ùيوما، وأثنى على جهود المشاركين من الباØثين والموظÙين.
4 كلمة ” جامعة باندونج التربوية (UPI)”ØŒ لنائب مديرها، الذي عبر بالأندونيسية معتمدا على مترجم، عن مكانة جامعة باندونج التربوية بين الجامعات الأندونيسية، ومكانة اللغة العربية ÙÙŠ جامعة باندونج، وسائر معاهد التعليم بأندونيسيا، ÙˆÙÙŠ العالم كله، وعن سعادته بالØاضر العربي النشيط الذي يظهر ÙÙŠ مثل Ùضائية الجزيرة، وعن تمنيه أن تتمكن اللغة العربية من العلوم والآداب كما كانت دائما. ومن طرائ٠ترجمة المترجم الÙوري إلى العربية، أنه تعثر ÙÙŠ كلمة؛ Ùضج لها الأندونيسيون ضØكا، إلا الواÙدين الذين لم يعرÙوا لها قَبيلا Ù…Ùنْ دَبير، Ùلما خرجنا سألت Ùيها الأستاذ أوجوس سلام، Ùابتسم ذاكرا أنها كانت طرÙØ© سياسية؛ خلط Ùيها المترجم بين اتجاهات السياسيين!
5 كلمة الدعاء، للدكتور مامات زين الدين، الذي جمع طائÙØ© من الأدعية النبوية الشريÙØ©ØŒ المشهورة لدينا ÙÙŠ القنوت ÙˆÙيما بعد ختام القرآن الكريم؛ Ùلم يملك لجلالها بعض الØاضرين، غير رÙع الأيدي بالتَّأْمين!
6 Ùاصل موسيقي غنائي مسجل، استغربت أن يستسيغوه مع Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø§Ø¨ØªÙ‡Ø§Ù„ العالية، التي نشرتها الأدعية النبوية الشريÙØ© -ربما كان من معالم التدين الأَعْجَمي- لمجموعة مصرية تغني صوت Ùريد الأطرش على ما أظن “يا Øبايبي يا غايبين”ØŒ ÙÙŠ انتظار Ùرقة الإنشاد الطلابية، Ùلم تأت؛ Ùاعتذر عن عدم استعدادها المقدمان.
7 كلمة الثقاÙØ© الإسلامية الأندونيسية للدكتور هدايت نور ÙˆØيد، الذي عبر عن أَهَميَّة٠تَعَلّÙم٠اللّÙغَة٠الْعَرَبيَّة٠ÙÙŠ صÙياغَة٠الْÙÙكْر٠الْإÙسْلاميّ٠الْوَسَطيّ٠الْمÙعْتَدÙÙ„ÙØ› ÙÙاجأنا جميعا بعربيته الصØÙŠØØ© الÙصيØØ©ØŒ وأÙكاره العالية المنظمة، وأدهشنا؛ Øتى كتبت ÙÙŠ التعليق عليه: لَوْ ÙƒÙنْتَ مَعي بÙرَوْضَة٠مÙصْرَ الْعَتيقَة٠Øَيْث٠أÙقيمÙØŒ لَغَسَلْت٠عَنْ رÙجْلَيْكَ! ثم Ø£Ùردت كلمته ÙˆØدها بالتسجيل الكامل، والتÙريغ الكتابي، وشيء من الضبط اللغوي التكميلي، إجلالا لاجتهاده، ثم نشرتها ÙˆØدها على الملأ:
“بسم الله الرØمن الرØيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصØبه ومن تبعه إلى يوم الدين.
أما بعد؛
ÙØ£Øييكم جميعا أيها الØضور الكريم تØية طيبة مباركة:
السلام عليكم ورØمة الله وبركاته!
أولا كلنا نهنئكم جميعا بعقد هذا المؤتمر وهذه الندوة العالمية، وندعو لكم دعوة خالصة Ø¨Ù†Ø¬Ø§Ø Ù‡Ø°Ù‡ الدورة، وهذا المؤتمر! كذلك طبعا Ù†ØÙ† نرØب بجميع الإخوة المشاركين، سواء كانوا من خارج أندونيسيا من السعودية من مصر من اليمن ومن دول إسلامية أخرى كماليزيا وتركيا، ولا ÙŠÙوتنا كذلك طبعا تقدير الإخوة أعضاء اتØاد مدرسي اللغة العربية، الذين Øضروا العام وشرÙونا بعقد هذه الندوة، وسعوا من أجل تØقيق نجاØها.
ÙˆÙÙŠ الواقع ليس علي أن أقوم ÙÙŠ هذه المنصة، وليس لي الØÙ‚ ÙÙŠ إلقاء هذه الكلمات، لأنني أعر٠أن أمامي أساتذة دكاترة متخصصين ÙÙŠ اللغة العربية تعليما وبØثا وتعميقا وتعمّÙقًا كذلك، وكما يقال ÙÙŠ الÙقه الإسلامي قاعدة إسلامية معروÙØ© معتبرة “لا ÙŠÙسْتَÙْتى ومالك ÙÙŠ المدينة”! وكلكم -ما شاء الله!- أئمة وملوك! وأغنياء عن التعريÙØŒ وأغنياء عن مثل هذه Ø§Ù„Ù†ØµØ§Ø¦Ø Ø§Ù„ØªÙŠ سألقيها أمامكم؛ ÙÙ€”إذا ÙˆÙجÙدَ الماء ÙÙŠ الواقع بَطَلَ التيمم”!- ولكن أستاذنا الÙاضل رئيس الندوة واتØاد مدرسي اللغة العربية، الأستاذ الدكتور Ù…Øمد لطÙÙŠ زهدي، شَرَّÙَني بالمشاركة ÙÙŠ هذه الندوة المباركة، وهو أخ عزيز كنت معه منذ أن كنت أدرس ÙÙŠ الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وإلى الآن بيني وبينه علاقة قوية؛ Ùليس لي بد من أن أقبل تكليÙÙ‡ لي وتشريÙÙ‡ ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه، بالمثول أمامكم من أجل إلقاء هذه الكلمة Øول اللغة العربية وأهميتها، ولا سيما ÙÙŠ صياغة الÙكر الإسلامي المعتدل، والÙكر الإسلامي الوسطي.
لماذا هذا الموضوع بالذات؟
كلنا نعلم أن اللغة العربية هي لغة القرآن، والآيات القرآنية هي التي أخبرتنا بأن هذه الأمة “Ø£Ùمَّةً واØÙدَةً”ØŒ Ùˆ”Ø£Ùمَّةً وَسَطًا”ØŒ Ùإذا كانت اللغة العربية وعلاقتها بالقرآن الكريم، أعطت صيغة معينة لهذه الأمة، لها سمة بهذه الأمة، Ùإن السمة الأساسية هي كونها وسطا أو وسطية، وهذه الوسطية ÙÙŠ الواقع كما أن لها علاقة باللغة، ÙÙŠ الواقع ÙÙŠ نظري تتعلق كذلك بناØية التخيل الذي هو تخيل إسلامي وسطي، وتتعلق كذلك بالØياة الإنسانية الوسطية، لأن Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„ÙˆØ³Ø· ÙÙŠ الواقع ليس مصطلØا يمكن أن يقبل على أنه Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø¯ÙŠÙ†ÙŠ إسلامي Ùقط، ولكن كذلك يمكن أن ÙŠÙهم على أنه Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø¥Ù†Ø³Ø§Ù†ÙŠ عالمي مقبول لدى جميع الإنسانية.
هناك مقولة ÙÙŠ الÙكر الإسلامي معروÙØ© لدى جميع الدارسين للÙكر الإسلامي، وهي أن العادة Ù…ÙØَكَّمَةٌ أو Ù…Ùعْتَبَرَةٌ، أو كذلك ما يتعلق بقدسية العÙرْÙØŒ وكذلك ما يتعلق بقدسية الاجتماع، Ùهذه القواعد كلها تنبئنا بشيء أساسي هنا، وهو إمكانية اللقاء بين ناس وناس آخرين، بين أمة وأمة أخرى، بين منتسبين ومنتسبين آخرين، بين مسلمين ومسلمين آخرين.
وعلى ذلك ÙÙ†ØÙ† نعيش الآن ÙÙŠ العالم، Øيث إن هناك ترويجا للضغط على الوسطية، للضغط على الذين يعيشون بهذا الدين، هناك ما يسمى بØركة الإرهاب، هناك ما يسمى بØركة الانغلاق وعدم الاتصال بالآخرين، وهذه التهم ÙÙŠ الواقع تهم Ù…ÙÙ„ÙŽÙÙ‘ÙŽÙ‚ÙŽØ©ØŒ وليس لها رصيد من الصØØ© ÙÙŠ الواقع الØقيقي إذا قرنت بما هو المطلوب قرآنا وإنسانا، ولكن هذا هو الوضع الذي نعيشه الآن، والذي يلقاه الإسلام، وكلنا نذوق من مرارة هذه التهم.
ونØÙ† كلنا أمة إنسانية أمة إسلامية، ÙƒÙرّÙمْنا بهذه اللغة العربية، ÙƒÙرّÙمْنا كذلك بهذا الوØÙŠ القرآني المØمدي، وإذا ظهر ذلك Ùإن الله -عز وجل!- قد سهل لنا طريق العقيدة، من أجل تÙهم القرآن، واللغة العربية، من أجل تطبيقها ÙÙŠ مجالات الØياة المتعددة؛ وعلى ذلك أنا أرى أننا إذا أردنا أن Ù†Øيا بالÙكر الإسلامي الوسطي، أو بالÙكر الإنساني الوسطي، Ùاللغة العربية هي من الإبواب الرئيسية التي عن طريقها ندخل إلى تÙهم Øقيقة الØياة ÙˆØقيقة الوسطية، ولا سيما إذا عدنا Ù†ØÙ† إلى القرآن؛ Ùسنجد أن القرآن هو ذلك الكتاب الذي ليس كتابا ÙˆÙŽØْييًّا آخÙرًا، آخر ما Ù†ÙزّÙÙ„ÙŽ على رسل الله -عز، وجل!- Ùقط، ولكنه مع ذلك كتاب عربي مبين، يأتي لنا بكثير من الأوصا٠الأساسية، من أجل الØياة السعيدة بين أمة وأمة، وبين الأديان الثلاثة.
وإذا جئنا Ù†ØÙ† إلى أندونيسيا Ùسنجد أنها ليست هي هذه الدولة التي معظم سكانها مسلمون Ùقط، وليست كذلك هي هذه الدولة التي مورÙسَتْ Ùيها كثير من المÙاهيم من أجل Ùهم القرآن، ومن أجل Ùهم التدين، ومن أجل Ùهم الØياة كذلك– بل سنجد أن هناك كثيرا من المذاهب ومن المدارس ومن الاتجاهات، ÙŠØاول أصØابها أن ÙŠÙرضوا علينا Ùهمهم الخاص عن طريق تÙكيرهم الخاص الذي أقØموه على الآيات القرآنية.
من آخر ما سمعنا أن هناك بعض النشطاء ÙÙŠ بعض المذاهب الÙكرية ÙÙŠ أندونيسيا -وقد تكون هذه المذاهب معروÙØ© ومنتشرة خارج أندونيسيا- قد قالوا بأن القرآن ليس ÙˆØيا إلهيا، إنما هو عمل جماعي يشترك Ùيه كل من الله -عز، وجل!- وجبريل -عليه السلام!- ومØمد -صلى الله عليه، سلم!- ويستدلون على هذه المقولة بالآية القرآنية “Ø¥Ùنّا Ù†ÙŽØْن٠نَزَّلْنا الذّÙكْرَ ÙˆÙŽØ¥Ùنّا Ù„ÙŽÙ‡ Ù„ÙŽØاÙÙظونَ”!
قال هذا المÙكر الأندونيسي: إن النص القرآني يأتي بهذه الصيغة “Ø¥Ùنّا Ù†ÙŽØْنٔ، “Ø¥Ùنّا Ù†ÙŽØْن٠نَزَّلْنا الذّÙكْرَ ÙˆÙŽØ¥Ùنّا Ù„ÙŽÙ‡ Ù„ÙŽØاÙÙظونَ”ØŒ هذه الصيغ كلها هي جماعية، هذا على قدر Ùهمه هو، دليل قاطع بأن القرآن ليس عملا Ø¢Øاديا، ÙˆØيا من الله – عز، وجل! – نزل إلى رسوله -صلى الله عليه، وسلم!- بل عمل يشترك Ùيه كل Ù…ÙÙ†ÙŽ الله، وجبريل، ومØمد، صلى الله عليه، وسلم!
ماذا يريدون أن يصلوا ÙÙŠ النتيجة الأخيرة؟
إنما جاؤوا بهذا الÙهم القاصر ليقولوا إن هذا القرآن عمل إنساني، ليس عملا مقدسا إلهيا، وبما أن القرآن عمل إنساني يشترك Ùيه كثير من الناس بعد رسول الله، يشترك Ùيه الصØابة يكتبون ويسجلون، ثم بعد ذلك ينشر على جميع العالم الإسلامي مطبوعا، ويشترك ÙÙŠ هذه العملية عÙمّال٠الطّÙباعة المشتركون ÙÙŠ العملية الطباعية، ثم كلنا Ù†ØÙ† نشترك ÙÙŠ نَقْل هذا القرآن!
يريدون أن يصلوا إلى أنه إذا كان هذا القرآن عملا إنسانيا، يعني ذلك أنه خاضع للزمان وللمكان، خاضع كذلك للتÙسير الزماني والمكاني، خاضع كذلك لئلا يرجع إليه نهائيا ما دام عملا إنسانيا كغيره من الأعمال الإنسانية!
ولكن بÙضل الله كما ثبت سلÙيا، لا ÙŠÙمَكّÙن٠الله -عز، وجل!- أية Ù…Øاولة تØريÙية، من تØري٠القرآن والتأويل، بل يقيض الجهابذة الذين يَتَوَلَّوْنَ التصØÙŠØØŒ ويوضØون المÙهوم الصØÙŠØ ØªØ¬Ø§Ù‡ هذه الأمور التي Øاول الخبثاء الجهلاء المدعون تØريÙها، ÙˆØاولوا كذلك تَعْويجَها، من أجل يصلوا إلى نتيجة هي ÙÙŠ الواقع نتيجة غير صØÙŠØØ©.
هناك مَنْ ÙŠÙÙَنّÙدونَ ÙÙŠ الواقع مثل هذه المقولة الخاطئة؛ Ùَيَسير Ùَهْم٠القرآن ÙÙŠ مَجْراه الصØÙŠØ.
ولكن كي٠يعر٠أن هذا الÙهم صØÙŠØ Ø£Ùˆ غير صØÙŠØØŒ وسطي أو غير وسطي، إنساني أو غير إنساني؟
ÙÙŠ الواقع التعر٠عن طريق اللغة العربية، والعودة إلى الكتب المعتبرة ÙÙŠ اللغة العربية، هي خير معين وخير مساعد للوصول إلى مثل هذا الÙهم الوسطي الصØÙŠØ.
ولكي لا يستطيع الناس والدارسون، ولا يتمكنون من العودة إلى مثل هذه الأساليب الصØÙŠØØ© المعتبرة، والÙهم الوسطي لمثل هذه الآيات القرآنية، إلا عن طريق التعليم والتدريب، ولا يمكن أن يكون هناك تعليم وتدريب صØÙŠØان، يمكن عن طريقهما الوصول إلى نتائج صØÙŠØØ©- إلا عن طريق المدرسين والمعلمين، الذين لهم هذه القدرات العملية على المستوى الرÙيع، من أجل التعلم الصØÙŠØ ÙˆØ§Ù„ØªØ¯Ø±ÙŠØ¨ البارع، ÙÙŠ توصيل هذه المÙاهيم الصØÙŠØØ© الوسطية إلى جميع الدارسين، ثم إلى جميع المتعلمين، ثم إلى جميع المسلمين، ثم عن طريق الÙهم الصØÙŠØ ÙˆØ§Ù„Ø¹Ù…Ù„ الصØÙŠØ Ù…Ù† المسلمين، تصل هذه المÙاهيم القرآنية الصØÙŠØØ© إلى جميع الناس.
ومن أجل مظاهر من سوء Ùهم القرآن، متعلقة بالشكل غير الوسطي، وبالشكل الإرهابي، وبالشكل الانغلاقي- قال خصومنا إن التاريخ القرآني تاريخ تشددي، تاريخ غير وسطي- واستدلوا على ذلك بأن ما جرى ÙÙŠ المجتمع الإسلامي، هو هذا الÙهم المغلق، هو هذا الÙهم غير الوسطي.
إن من الصعب جدا علينا أن نقول لهم إن المقبول عالميا والمقبول منطقيا، ليس ما ÙÙÙ‡ÙÙ…ÙŽ خطأ عن التدين، عن الدين، عن لقائنا، عن العلم – بل المÙهموم منطقيا وعالميا، هو المÙاهيم الأساسية المقبولة والمؤكدة والثابتة، التي عن طريقها يعر٠الناس الذي نريد Ù†ØÙ† أن Ù†Ùهمه. Ùإذا رجعنا إلى هذه القاعدة Ùسنجد أن Øقيقة القرآن وعلاقتها بالعمل الإسلامي والعمل الإنساني، ليست هي ذلك الÙهم المعوج والخاطئ Øول القرآن، ولكن أن نعلم:
كي٠يÙهم رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- القرآن؟
كي٠يطبق القرآن؟
كي٠يعلم القرآن لأصØابه؟
كي٠عن طريقه Ù†Ø¬Ø Ø±Ø³ÙˆÙ„ الله -صلى الله عليه، وسلم!- ÙÙŠ صياغة الÙهم الإسلامي المعتدل، الÙكر الإسلامي الوسطي، وتصØÙŠØ Ø§Ù„Ø£Ùكار المنØرÙØ©ØŒ الأÙكار المتشددة، الأÙكار المتطرÙة؟
كي٠صØØ Ù…Ùاهيم بعض Ø£Ùكار الذين جاؤوا إلى بيوت أزواجه، يسألون عن كيÙية تعبد رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- وكانوا يطبقون Ù…Ùاهيمهم الخاصة؟
لما علم رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- ما Øصل، سرعان ما ذهب إليهم، ودعاهم إلى تصØÙŠØ Ù…Ùاهيمهم وتصØÙŠØ Ùكرهم، وأقسم بالله: “أَما وَاللّهÙØŒ Ø¥Ùنّي لَأَخْشاكÙمْ Ù„Ùلّه٠وَأَتْقاكÙمْ لَه، لكÙنّي أَصوم٠وَأÙÙْطÙرÙØŒ ÙˆÙŽØ£Ùصَلّي وَأَرْقÙدÙØŒ وَأَتَزَوَّج٠النّÙساءَ؛ Ùَمَنْ رَغÙبَ عَنْ سÙنَّتي Ùَلَيْسَ Ù…Ùنّي”!
عن مثل هذه الØادثة وعن مثل هذا الØديث، أرانا رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- كي٠يÙهم الإسلام، وكي٠يÙهم القرآن، وكي٠يعلم القرآن لأصØابه، وعن طريقه يصØØ Ø¨Ø¹Ø¶ الأخطاء التي قد تØدث من الأÙكار ومن الأÙهام، وكلنا نقتدي برسول الله -صلى الله عليه، وسلم!- ÙÙŠ Ùهمنا للقرآن، ÙˆÙÙŠ Ùهمنا للغة العربية، ÙˆÙÙŠ تعليمنا وتعلمنا للغة العربية، وعن طريقه كذلك -إن شاء الله- سنستقبل النجاØات ÙÙŠ تعميم هذه الأÙكار الإسلامية المعتدلة، ودØض تلك المØاولات الآثمة التي تأتي بالمÙاهيم القرآنية غير الصØÙŠØØ©ØŒ التي عن طريقها تكون المÙاهيم غير الوسطية، وإن تكÙÙ„ الله -عز، وجل!- بØÙظ القرآن، وبوسطية Ùهم القرآن، وبالأمة الوسط، كما هو Ù…ØÙوظ ÙÙŠ القرآن الكريم.
وجزاكم الله خيرا كثيرا على هذه المناسبة الكريمة، وجزاكم الله خيرا على مشاركتكم ÙÙŠ هذه الندوة!
وإذا عقدت هذه الندوة هنا ÙÙŠ مدينة باندونج، وكلكم Ùيما أعتقد -ولا سيما الأساتذة المشاركون الذي جاؤوا من الدول العربية الإسلامية، ومن الدول المجاورة- تعرÙون أن هذه المدينة، هي المدينة التي عقد Ùيها ØÙÙ„ توقيع مؤتمر باندونج، وهو المؤتمر الذي عن طريقه نشأت إيØاءات استقلال الدول الإسلامية، والدول العربية، وغيرها – Ùأدعو الله – عز، وجل! – أن تظهر بعد هذه الندوة إيØاءات أخرى، من أجل انتشار اللغة العربية وتعليمها وتثقيÙها، وكذلك انتشار الÙهم الوسطي للإسلام والقرآن!
وجزاكم الله خيرا كثيرا! والسلام عليكم ورØمة الله وبركاته”.
8 كلمة الدكتور عبد الرØمن بن جميل القصاص، ÙÙŠ بØثه عن “توظي٠لغة القرآن الكريم ÙÙŠ تعليم اللغة العريبة لغير الناطقين بها”ØŒ الذي تمنيت أن ÙŠÙÙَصّÙÙ„ÙŽ تأثير لغة القرآن الكريم أصواتا وصيغا ومÙردات وتراكيب، ÙÙŠ تعليم اللغة العربية أصواتا وصيغا ومÙردات وتراكيب– وعجبت أن ÙŠÙسَÙÙ‘ÙÙ‡ÙŽ من كلام العرب الجاهليين Ø´Ùعْره ونَثْره، رÙعا لمكانة القرآن الكريم وهي رÙيعة، وكلامهم Ù†Ùسه من مراجع تÙسير القرآن الكريم– واستنكرت أن يجعل أئمة العربية من غير العرب، وإنما العربية اللسان والتÙكير؛ Ùمن تكلم العربية ÙˆÙكر بها Ùهو عربي، وأي عربي Ø£Øسن عروبة من الدكتور هدايت نور ÙˆØيد!
9 كلمة Ùرقة الإنشاد الطلابية، لطالبتين، لا ريب ÙÙŠ أنهما بتخصص اللغة العربية، ولكنهما -ولله الØمد كله!- تأخرتا عن موضعهما العجيب بعد الدعاء لعدم استعدادهما! قعدتا على أرض المسرØØŒ وضربت Ø¥Øداهما بعودين على آلة مسطØØ©ØŒ مرصوصة القطع المعدنية المتÙاوتة الأØجام، شبيهة بالتي كنا نستعملها بمدرسة شجرة الدر الابتدائية، من مدينة بني سوي٠بصعيد مصر، ÙÙŠ موسيقا طابور Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø ÙˆØصة الموسيقا!– وغنت الأخرى بالأندونيسية غناء بطيئا خاصا، ربما كان من المعاني الإسلامية!
10 كلمة الشاي والقهوة، وقد Ø£ÙخّÙرَتْ إلى ما بعد نهاية الاØتÙال، وكانت بغرÙØ© خلÙية، صÙÙَّتْ Ùيها المناضد عليها أنواع من الطعام الخÙÙŠÙØŒ وخَزّان مياه سÙخْنة، وأكواب، وأكياس شاي، وليمون. وقد عرÙت أن الأندونيسيين يبدلون الليمون من الشاي، ويÙضلون عليه كذلك الأعشاب المÙقَوّÙية!
بغرÙØ© الشاي هذه لقيت الأستاذ الماليزي الدكتور صوÙÙŠ بن مان الأمة، الذي أطلعني سعيدا على أن اللغة العربية صارت مقررا إجباريا ببلاده، وأنه كان ممن عملوا على ذلك بوزارة التعليم – والأستاذ الأندونيسي تولوس مصطÙى، رئيس Ùرع رابطة الدعاة الأندونيسيين بجوجا كارنا من ولاية جاوة، الذي كان على علم واسع بمصر والمصريين وجامعة القاهرة وكلية دار العلوم، Ùأنست له:
– ما ألط٠اختياركم رمز اتØاد مدرسي اللغة العربية (IMLA)Ø› Ùنطقه دال بالعربية على ” Ø¥Ùمْلى”ØŒ مقصور ” Ø¥Ùمْلاء”ØŒ Ø§Ù„Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„Ø¹Ø±Ø¨ÙŠ على ظواهر لغوية عربية مختلÙØ© علما وتعليما!
– صØÙŠØ ØµØÙŠØ!
ثم Øدثته عن إعجابي بالدكتور هدايت نور ÙˆØيد، الذي Øرصت على السلام عليه، والدعاء له قبل أي Ø£Øد، ثم رأيت الأندونيسيين يسرعون إليه، ويقبلون يده، وغيرهم يتهللون له، ويعبرون عن إعجابهم به؛ Ùأطلعني على مكانته الكبيرة بأندونيسيا والعالم الإسلامي كله:
– إنه رئيس مجلس الشورى، إن بإمكانه أن يعزل الرئيس الأندونيسي! ثم إنه نائب الدكتور يوس٠القرضاوي باتØاد علماء المسلمين العالمي -ولكنني Ù†ÙÙ‰ لي هذه النيابة، ÙÙŠ أكتوبر من 2007Ù…ØŒ الدكتور وصÙÙŠ عاشور، Ø£Øد تلامذة الدكتور يوس٠القرضاوي!- ثم إنه مؤسس رابطة الدعاة الأندونيسيين التي أرأس Ø£Øد Ùروعها، بل مؤسس كثير غيرها من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية.
– عن طريقك إذن Ø£Øب أن أعرÙÙ‡ أكثر.
– لدينا مجلة الجامعة للدراسات الإسلامية، بالعربية والإنجليزية؛ Ùهل تشاركنا Ùيها؟
– ولكن أبØاثي ÙÙŠ علوم العربية وآدابها!
– لا بأس!
– إذن أرسل إليك بØثي لهذا المؤتمر!
– لا بأس، أهو مجهز لنقله إلى Ùلاشي.
– هات Ùلاشك آتك به غدا وعليه البØØ«.
كنا نتكلم مبتهجين بØقيقة الأخوة التي بيننا على ترامي أبعاد المساÙات، ونأكل معا، وأشرب أنا الشاي الأØمر، ويشرب هو الليمون بالماء السّÙخْن؛ Øتى اكتÙينا، وتركته على الوعد بالبØØ« على Ùلاشه.
ÙˆÙÙŠ غرÙØ© الشاي لقيت كذلك الأستاذ منذرا، السوداني الÙاضل، معلم اللغة العربية، المتزوج من باندونجية أول ما تزوج:
– سبØان الله، كي٠ائتلÙتما!
(Ù‡ÙÙŠÙŽ شاميَّةٌ Ø¥Ùذا مَا اسْتَقَلَّتْ وَسÙهَيْلٌ Ø¥Ùذا اسْتَقَلَّ يَماني)!
– سبØان الله! Ù…ÙسْلÙمان، عَرَÙَتْ من العربية، وعَرَÙْت٠من الأندونيسية؛ Ùلم لا نأتلÙ!
– أنجبتَ منها؟
– ثلاثة أبناء.
– وكي٠وجدتها؟
– خير زوج، Ùالأندونيسيون طيبون.
– ولكن تقاليدكما مختلÙØ©!
– كان الأمر أسهل منه ÙÙŠ السودان.
كنت أكلمه ممتلئا عروبا وإسلاما، مكتسيا تودده خالصا؛ Øتى استأذنته، وخرجت؛ Ùإذا مَعْرÙضٌ قريب: كتب وأقراص وأشرطة، ÙÙŠ تعليم العربية والإسلام، وملابس على ÙˆÙŽÙْق٠قÙطَع٠زيّÙهم الثلاث: العليا والوسطى والسÙلى- Ùأقبلت أتÙقد شيئا أشتريه لأسرتي، Ùإذا منذر خلÙÙŠ يبتسم قائلا:
– هي على Ø£Øجامهم، غير مناسبة لأØجامنا!
– معقول!
– وأنا Øين أشتري لأهلي بالسودان، أبØØ« عن قطع بالØجم العائلي!
– Ùكي٠أÙعل؟
– تذهب إلى سوق البلد.
– أهي قريبة؟
– تركب لها مساÙØ© قصيرة، وتنبه السائق على اسم المكان Ùقط.
– ÙˆÙÙŠ الإياب؟
– هذا الإياب هو المشكلة، لأنك لا تركب من المكان Ù†Ùسه، بل تمشي إلى مكان آخر.
– يا ربي!
– أستطيع أن أصØبك، وبيتي قريب.
– أكرمك الله! ولكن متى نذهب؟
– وقتكم غدا مشØون Øقا!
– إما أن نذهب بين الجلسات أو بعدها؛ ÙسأرØÙ„ ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø³Ø¨Øª.
– انتبه إلى التاسعة مساء، موعد إغلاق المØال!
– لا Øيلة إلا أن أضيع بعض الجلسات؛ Ùهي تملأ الوقت كله، إلا وقت صلاة الجمعة! لا بأس، ألقاك غدا.
– ولابد أن تبكر إلى الØاÙلة التي ستقلك إلى مطار جاكرتا؛ Ùلا تضمن أثر الزØام نهارا!
– أتØرك لها إذن ÙÙŠ السابعة صباØا؛ هذا Ø£Øسن.
– أندي…ØŒ أندي…ØŒ كي٠Øالك؟
– الØمد لله!
– أساÙر ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø³Ø¨ØªØ› ينبغي أن أكون الثانية عشرة ÙÙŠ مطار جاكرتا، والØاÙلة التي زعمت أنها لا تأخذ من جاكرتا إلى باندونج، غير ساعتين، أخذت ليلا أربع ساعات! والنهار أشد ازدØاما؛ Ùكي٠سيكون الأمر؟
– تتØرك ØواÙÙ„ مطار جاكرتا من عند متجر باندونج الكبير، كل ساعة؛ Ùماذا ترى؟
– ينبغي أن ندرك ØاÙلة السابعة؛ لا نعر٠كي٠سيكون الازدØام!
– سأنبه على Ù…Øمد Ùؤاد، أن يأتيك ÙÙŠ الموعد -إن شاء الله- لينتقل بك إلى هناك.
– Ø£Øسنت، بارك الله Ùيك! ثم لدي مشكلة أخرى!
– خير، إن شاء الله؟
– لم Ø£ÙطَمْئÙنْ أسرتي بعد؛ Ùهلا عثرت لي على من يصØبني إلى مكان أكلمهم منه!
– أستطيع أن أوصلك بدراجتي البخارية، ولكن هذا المكان Ù†Ùسه مركز اتصالات!
– انتظر قليلا Øتى أرى لك.
ذهب أندي هادي بعدما اضطره كَرَم٠منذر، ثم ناداني إلى مجموعة من لجنة المؤتمر، Ùسلمت عليهم، ثم أعطاني Ù…Øمولا من Ù…Øاميلهم:
– Ù…Øمول مَنْ هذا؟
– Ù…Øمول اللجنة!
Ùشل الاعتماد على هذا المØمول، Ùعثر على Ù…Øمول آخر ظننته Ù…Øموله:
– وهذا؟
– كل Ù…Øاميلنا ملك اللجنة!
ضØكنا أنا وهو واللجنة المتØلقة، ثم ظهرت لنا مشكلة ضرورة ÙØªØ Ø§Ù„Ø®Ø· الدولي –وليس عندنا مثل هذا النظام– Ùكلم التØويلة، Øتى عر٠رقم الÙتØØŒ ثم كلمت أبي وأمي، Ùتبدد قلقهما، ولم أكد أبدأ؛ Øتى اضطرب التواصل، Ùاستقر، Ùاضطرب؛ ÙØ£Øسست ألا Øاجة بي، ولا بهم، ولا بأندي واللجنة- إلى أكثر من تَØيّات Øَياتي!
– شكر الله لكم! أندي، بالله، أرجو ألا يتأخر Ù…Øمد Ùؤاد عن السابعة!
– إن شاء الله!
ذهبت إلى غرÙتي، ÙˆÙتØت Øاسوبي، وصليت المغرب مع العشاء جمعا وقصرا، ونسخت البØØ« إلى Ùلاش الأستاذ تولوس مصطÙى، ثم وصلت Ùلاشي المÙسَجّÙÙ„ÙŽ لشØنه، ثم ضبطت منبه Ù…Øمولي لصلاة الÙجر، ÙˆÙتشت ÙÙŠ التلÙاز عن شيء، ثم مللت القنوات والإرسال؛ Ùأغلقت كل شيء، وأطÙأت النور، وتناومت Øتى قمت لصلاة الÙجر، ثم تناومت Øتى قمت للخروج.
تجهزت، وذهبت للإÙطار، وانتØيت جهة مكاننا السابق، ووجدت خبز الجمبري والأرز واللØÙ… والسلطة، Ùأصبت ما تَيَسَّر، ثم سعيت إلى قصر تلكوم، Ùلقيت ÙÙŠ طريقي الأستاذ يسرينج سنوسي باسو، من جامعة Øسن الدين، بولاية ماكاسار، شابا Ùتيا، وسيما قسيما، Ù…Ø±ÙŠØ Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø:
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام!
مضينا معا؛ Øتى إذا قاربنا قصر تلكوم، ولم أكن Ø£ØÙظ المدخل، أشرت له أستشيره:
– نميل؟
– نميل إلى، أم نميل على؟
– بل نميل إلى!
دخلنا، ولم أنتبه إلى تَوْزيع الجلسات على قصر تلكوم وعلى غرÙØ© الشاي؛ Øتى أوشكت أن Ø£Ùرغ من الجلسة الأولى؛ Ùإذا مدير الجلسة التالية، الذي عرÙت منه أن جلستي بغرÙØ© الشاي، وهي أصغر من هذا Ø§Ù„Ù…Ø³Ø±Ø Ø·Ø¨Ø¹Ø§- وأندي هادي، الذي اØتجت إليه؛ ÙكلÙÙ‡ مدير الجلسة التالية أن يأخذني إلى جلستي، Ùذهبنا، ووجدنا السابقة عليها، قائمة لم تنته بعد، Ùعدت إلى Øيث كنت، وتَعَهَّدَ أندي أن ينبهني إذا انتهت.
استمعت ÙÙŠ هذه الجلسة الأولى بقصر تلكوم، إلى الدكتور عباس عبد الØليم، يتكلم ÙÙŠ “Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„ØªÙكير الأسلوبي ÙÙŠ البلاغة العربية”ØŒ وكان كلامه مألوÙا- ثم إلى الدكتور زياد الزعبي، يتكلم ÙÙŠ “تأثير شعر الغزل العربي ÙÙŠ الشعر الألماني ÙÙŠ العصور الوسطى”ØŒ وكان كلامه طريÙا لطيÙا- ثم إلى الدكتور عار٠كرخي أبو خضيري، يتكلم ÙÙŠ “النصوص الأدبية ÙÙŠ منهج الأدب العربي للطلاب غير العرب ÙÙŠ المرØلة الجامعية: دراسة نظرية تمهيدية”ØŒ وكان كلامه طريÙا لطيÙا- ثم إلى الدكتور Øسن عبد المقصود، يتكلم ÙÙŠ “استخدام القصص الÙكاهية ÙÙŠ تعليم اللغة العربية لغير العرب”ØŒ وكان كلامه مألوÙا– ثم إلى الدكتور قرني عبد الØليم، يتكلم ÙÙŠ “قراءة نقدية ÙÙŠ ديوان Ùلامنكو للشاعر عار٠كرخي أبو خضيري”ØŒ وكان كلامه ÙÙŠ زميله دليلا مثيرا على ظهور Ùضل الدكتور عارÙØŒ علما ÙˆÙنا!
ثم ذهبت عن هذه الجلسة إلى جلستي، لأجد شباب الأساتذة الذين اشتغلوا ÙÙŠ رØلة الØاÙلة ذهابا وإيابا Ø¨Ø§Ù„ØªØ¹Ø§Ø±Ù ÙˆØ§Ù„Ù…Ø²Ø§Ø ÙˆØ§Ù„Ø¥Øماض، ظاهرين على الجلسة بمÙراØÙهم وجÙرأتهم بمكانة بلادهم ÙÙŠ Ù†Ùوس الأندونيسيين، يستطردون إلى Ø£Ùكار غير متمكنة ÙÙŠ مسائل المؤتمر!
اشتملت الجلسة على ثمانية متØدثين، ولم تتسع منصتها إلا لأربعة منهم؛ Ùكانوا يتتابعون إليها واØدا واØدا!
نبه أندي هادي الدكتور Ø£Øمد مرادي، الأستاذ بجامعة جاكرا الØكومية، مدير الجلسة، على مشاركتي، ÙرØب بي، Ùصعدت، وقعدت صامتا متلددا، بجوار الأستاذ الماليزي أبو سعيد Ù…Øمد عبد المجيد، يتكلم ÙÙŠ “أساليب تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها”ØŒ وكان قد أوجز من بØثه، لوØات، على برنامج البوربوينت الذي جهزت عليه مثله، ثم ذهب يقرأ ما ÙÙŠ كل لوØØ© دون نقص ولا زيادة، صاخب القراءة صخبا وشديدا، وكأنما ØÙذّÙرَ Ù…Ùنْ صَمَم٠المستمعين! ولكن أَشْهَد٠لقد كانت ÙصاØØ© قراءته بالعربية إلا صَخَبَها، Ùوق ÙصاØØ© تَØَدّÙث٠الدكتور هدايت نور ÙˆØيد، بها، ولكن أين تلك من هذه!
ثم جاءني الكلام وقد Øضرت صلاة الجمعة، Ùخيرني الدكتور Ø£Øمد مرادي، أنا والمستمعين بين الجلسة وبين الصلاة، على أن يكون الأداء سريعا إذا اخترنا الجلسة؛ Ùآثرنا الصلاة، لنؤوب ÙÙŠ الواØدة والنصÙØ› ÙÙ†Ùمَكَّنَ من الكلام كي٠شئنا!
أوثر ÙÙŠ جمعة السÙر أن أصليها ظهرا وقصرا؛ Ùذهبت إلى غرÙتي، Ùإذا هدية مجانية عليها ورقة بـ(FREE ): شَراب٠الÙانتا، وتÙاØة٠الØمراء، وشيكولاتة البسكويت، وأصابع الشّيتÙس!
أَيَّة٠سَØابَة٠زاجÙÙ„ÙŽØ©ØŒ ÙÙŠ Ù…ÙŽÙازَة٠قاØÙÙ„ÙŽØ©!
صليت الظهر والعصر، ثم أكملت بالهدية Ø¥Ùطاري الغريب، ثم تناومت قليلا ضابطا منبه Ù…Øمولي على نص٠ساعة لا ÙŠÙنْتَظَر٠Ùيه نوم؛ Ùنمت Øقا؛ Ùكانت هذه النومة، هدية ربانية، أهدى سبيلا، Ùقد صØا من قبل٠يوماي وليلتاي، وكنت مقبلا بعد دقائق على جلستي، Ùكان النوم من أوائل التوÙيق!
توضأت على عادتي كلما خرجت من بيتي، ثم Øثثت خطاي إلى مكان جلستي، ÙصادÙت الأستاذ ÙŠÙسرينج سنوسي باسو، الذي صØبته صباØا، قد ÙØªØ Øاسوبه المØمول:
– السلام عليكم.
– وعليكم السلام.
– كي٠Øالك؟
– الØمد لله!
– جلستك هذه القادمة؟
– لا، التي بعدها.
– وماذا تعمل؟
– أنا Ø£ÙدَرّÙس٠بالجامعة استخدام الØاسوب ÙÙŠ تعليم اللغات ولا سيما اللغة العربية، وأقدم بØثي ÙÙŠ هذا الإطار.
– هلا أطلعتني على طر٠منه!
– هكذا…Ø› أصطنع الآن برنامجا يأخذ بيد المتلقي إلى Ùهم Ùروق ما بين متشابهات، تتÙاوت سهولة وصعوبة، من خلال مواق٠Øاضرة كموق٠اÙØªØªØ§Ø Ù‡Ø°Ø§ المؤتمر مثلا؛ Ùهنا صورة يسأل البرنامج٠المتلقي عن شيء Ùيها، ثم ÙŠÙقَوّÙم٠له إجابته؟
– هذا عمل مهم، نتمنى أن نضيÙÙ‡ إلى مقررات كليتنا!
– ولكنني لا أجد العربي الذي أنهل منه Øقائق العروبة ومجازاتها!
– هذه بطاقتي، راسلني إلكترونيا، أكن ÙÙŠ خدمتك.
– عذرا؛ ليست معي بطاقاتي، ولكنني سأكتب لك بريدي على ورقة الاتØاد.
– خطك جميل بالإنجليزية وبالعربية!
– لا، بل خطي العربي قبيØØŒ أتمنى أن Ø£Øسنه هو ومهاراتي العربية كلها؛ Ùالعروبة مهمة لنا كثيرا جدا.
– أكمل لي بيانات عملك.
قطع علينا الكلام Øضور الدكتور Ø£Øمد مرادي مدير جلستنا، Ùانتقلت٠إلى المنصة أنا والثلاثة الباقون من جلستنا الثّÙمانيَّة التي لم يتسع لها وقت ما قبل صلاة الجمعة، Ùانتهت عندي.
قدمني الأستاذ مرادي، ÙسَلَّمْتÙØŒ وبَسْمَلْتÙØŒ ÙˆØَمْدَلْتÙØŒ وسَبْØَلْتÙØŒ وأقبلت أَهْدÙر٠بشعر عبد السلام بن رغبان ديك الجن، وشعر٠لي قديم، وأختدع المستمعين بدعوتهم إلى نقد النصين المتواردين؛ Øتى أرى رأيي ÙÙŠ تعابيرهم ورسائلهم، ثم هَوَّنْت٠عليهم الأمر، بأن هذا هو ما Ùعلته ÙÙŠ بØثي، بطلاب السنة الأخيرة من تخصص اللغة العربية بكلية التربية من جامعة السلطان قابوس، ثم أطلعتهم على Ù…Ùلَخَّص بØثي، ثم تَنَقَّلْت٠بين لَوْØات Ø®Ùلاصات ÙÙصوله، ثم بين لوØات نتائج خبرتي بالتعلم والتعليم، ثم بين لوØات منهجي ÙÙŠ سياسة طلاب العلم، ثم بين لوØات تدرجي بالطلاب ÙÙŠ مقامات Ùقه القراءة والكتابة، التي وضعتها تطبيقًا لمنهج سياسة طلاب العلم – Øتى نبهني مدير الجلسة على الوقت!
ذهبت أقعد ÙÙŠ مكان الدكتور جمسوري Ù…Øمد شمس الدين، الشاب الماليزي، الذي أراد أن ينتقل إلى أمام Øاسوب الجلسة، ليجهز مادته – Ùمال علي الدكتور Ø£Øمد مرادي:
– بØثك جيد!
– Ø£ÙرْسÙÙ„ÙÙ‡ إليك، إن شاء الله!
وبعد قليل ملت عليه ببطاقتي ÙˆÙيها بريد لي إلكتروني قديم، أضÙت إليها خلÙها بريدي الإلكتروني الØديث؛ عسى أن نتراسل بما يجمع بيننا على منهل ثقاÙÙŠ واØد.
Ù‚ÙدّÙÙ…ÙŽ الدكتور عرسان الراÙيني بالجامعة الهاشمية بالأردن، Ùتكلم ÙÙŠ “تدريس اللغة العربية: تØديث المنهج”ØŒ كلاما من بابة التيسير، غير مألوÙØŒ ثم تكلم الدكتور مهدي بن مسعود الأستاذ الماليزي، ÙÙŠ “اكتساب اللغة الثانية: الماليزي نموذجا”ØŒ كلاما طريÙا لطيÙا، وكان رزينًا Ù…Øنكا ظريÙا، ذكر ÙÙŠ عوامل أخطاء الماليزي ÙÙŠ اللغة العربية، اختلا٠ما بين خصائص لغته وخصائص اللغة العربية Ø£Øيانا، من مثل عدم تثنية المعدود، على اسمه مباشرة؛ Ùيقول: اثنان كراسة مثلا، لا كما يقول العربي: كراستان، ثم تمازØ:
– ربما يقول العربي الآن: اثنان كراسة!
يومئ إلى ما يشيع الآن ببلاد الخليج العربية، Ùرد Ø£Øد الأساتذة السعوديين الشباب:
– لا، يا دكتور، أخذناها منكم!
ثم تكلم الدكتور جمسوري Ù…Øمد شمس الدين، ÙÙŠ “صعوبات تعلم اللغة العربية لدى طلاب العلوم الإنسانية (علم السياسة) ÙÙŠ الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا”ØŒ كلامًا طريÙا لطيÙا كذلك، Ùملت على الدكتور مهدي بن مسعود وقد أعطيته كذلك بطاقتي:
– تÙلْميذÙك؟
– بمنزلة تلميذي!
ولما تطاول وقت هذه الجلسة الثّÙمانيَّة المنقسمة على قسمين: رباعي قبل الصلاة، ورباعي بعدها – اعتذر الدكتور Ø£Øمد مرادي عن عدم تمكنه من إتاØØ© وقت للمناقشة، لكيلا نجور على أوقات الجلسات الآتية، ودعا إلى شراء كتاب المؤتمر بثمانمئة وخمسين أل٠روبية، مَنْ أراد أن يتأمل أبØاثه، Ùأقبلت Ø£Ùتش Ùيه عن بØثي، ÙˆÙَرÙØْت٠لÙÙÙقْدانه!
انÙضت الجلسة إذن، ولم أشتغل بØضور غيرها؛ Ùقد كنت مكروبا بسÙر الغد، ولمّا Ø£ÙجَهّÙزْ هدايا أسرتي!
وصلت٠إلى غرÙتي، Ùَنَضَوْت٠عني ثياب المؤتمر، وتخيرت للسوق ثيابا، ثم أقبلت Ø£ØØ« الخطا؛ Ùإذا قطر السماء الأندونيسية يتساقط Ø®ÙÙŠÙا مليئا عريضا، يمس الأرض ÙيتÙØ±Ø·Ø ÙˆÙƒØ£Ù† القطرةَ ØÙبْلى قَطَرات٠وَضَعَتْها Øولي، ثم ثقيلا، ثم شديدا، ولم أنتظر اشتداده؛ Ùقد كنت بلغت جامع المورو ØµÙ„Ø§Ø Ø¨ØªÙ„ÙƒÙˆÙ…ØŒ Ùدخلت ولم Ø£Ùصَلّ٠Ùيه من قبل، Ùصَلَّيْت٠تَØيَّةً، ثم أَذَّنَ للعصر مؤذن لا أراه، Ùخَمَّنْت٠أنه Ù…Ùسَجَّل، ثم خ٠القطر؛ Øتى سكت؛ Ùذهبت عن الجامع؛ Ùقد كنت صليت العصر مع الظهر جمعا وقصرا.
تَناسَيْت٠صØبة منذر، وتَذاكَرْت٠نصيØØ© الدكتور عبد الرشيد:
– إذا خرجت من تلكوم، Ùخذ يسارا؛ Øتى تصاد٠المتجر الكبير.
خرجت من المÙجَمَّع، وأخذت يسارا أخبط خبط عشواء، أتÙقد المظاهر الغريبة، Ùلم أعثر على أي متجر كبير؛ Øتى انتبهت إلى Ù…ØÙ„ لوازم رياضية، Ø£Øسن Øالا مما Øوله، Ùدخلت، ÙØياني العمال Ø¨Ù…Ù„Ø§Ù…Ø ÙˆØ¬ÙˆÙ‡Ù‡Ù…ØŒ ÙˆØييتهم، ثم Ùتشت لأولادي عن قطع ملابس وسطى وسÙلى، وعن ألعاب، ثم Øاولت أن أخرج بتخÙيض، Ùلم Ø£ÙÙ„Ø Ù…Ø¹ العمال الØاضرين، ولا مع العاملة العارÙØ© شيئا من الإنجليزية لا العربية، التي Ø£Øضروها لي، إلا Ùيما كتب عليه التخÙيض من قبل، Ùأخذت ما جمعته، وذهبت من بعد أن سألتها عن مكان المتجر الكبير؛ Ùنبهتني على ضرورة الركوب إليه.
ذهبت أماما، Ùلم أجد إلا المØال الأندونيسية الخاصة الغريبة، من مثل المتاجر والمطاعم والمشاغل والنوادي، ومن النوادي نادي الشبكة العنكبوتية، الذي يخلع رواده Ø£Øذيتهم من قبل أن يدخلوه، ويقعدون على أرض Ù…Ùروشة، أمامهم Øواسيب على مناضد عالية!
وقÙت زاهدا ÙÙŠ الأمام، راغبا ÙÙŠ سيارة تقطع لي مساÙØ© ما مشيت، Ùلما وقÙت سألت سائقها عن المتجر الكبير، Ùلم يعرÙه، ورطن لي بالأندونيسية، Ùقطعت الØوار بشكره وتركه يذهب بنظرات بعض ركابه إلى الكائن الغريب Ùيَّ، ثم أبت ماشيا ÙÙŠ الشارع الضيق المزدØمة Ùيه سيارات الجهتين من دون أن يجور بعضها على بعض؛ Øتى وصلت إلى تلكوم، ثم تجاوزته يمينا، أمرّ٠على مثل تلك المØال الأندونيسية الخاصة الغريبة، Øتى وصلت إلى الشارع الكبير، Ùأخذت يسارا على ظن أنه اليسار المقصود أصلا بنصيØØ© الدكتور عبد الرشيد، مكروبا بانعكاس طريقة السير عندهم، Øتى وصلت إلى جامعة باندونج التربوية التي زرناها من قبل، وغَيَّرْنا Ù…Ùنْ بنكها دولاراتنا.
وقÙت عندئذ خائÙا، راغبا ÙÙŠ سيارة تقطع مساÙØ© ما مشيت، Ùلما ÙˆÙŽÙ‚ÙŽÙَتْ سألت سائقها:
– تلكوم؟
Ùأشار لي بالمواÙقة، Ùركبت عن يساره، لأنه أوسع ما ÙÙŠ السيارة المصنوعة على أجسامهم، مثلما صنعت ملابس معرض المؤتمر، التي أَنْذَرَني عَدَمَ ملاءمتها Ù…ÙنْذÙر!
اجترأت على تÙقد الناس من شباك السيارة، Ùانتبهت أكثر ما انتبهت إلى طلاب المدارس الثانوية وطالباتها بأجسامهم النØيلة الصغيرة، وأزيائهم المتبرجة؛ Øتى وق٠السائق تØت لائØØ© التنبيه إلى تلكوم يمينًا، وأشار إلي أَنْ سيسير أماما، وطريقي أنا اليمين، Ùنزلت مشيرا إليه أَنْ كَم٠الأجرة، Ùقال ما لم Ø£Ùهم، Ùلما رأى Øيرتي، أخرج لي ورقة بأل٠روبية تساوي لدينا خمسين قرشا مصريا أو أقل، Ùأعطيته مثلها!
لم أستØسن أن أؤوب بما معي من مئات آلا٠الروبيات، من قبل أن أنÙقها Ùيما خرجت له، Ùذهبت أماما، ومررت كذلك على غرائب المØال الأندونيسية، وصادÙت ÙÙŠ جزيرة الطريق شابين يَسْأَلان٠بالغناء، على كوب Ù†ÙØاس Ùيه بعض٠المال: واØدٌ يضرب على قيثارة، وآخر٠يغني غناء غَرْبيًّا، Ùلم أَسْتَØÙلَّ أن أتصدق عليهما!
تقدمت قليلا، Ùعثرت على بائع Øلوى، ÙŠØمل على ظهره عصا، يتعلق بها من طرÙيها وعاءان بØبال مناسبة، ÙŠÙذَكّÙر٠بائع البوظة قديما بقريتنا، كان Ø£Øدهما Ù…ÙتوØا، والآخر مغلقا؛ Øتى ÙŠÙرغ الأول- ÙŠÙخْرÙج٠من الأول إلى طبق Ù†Øاسي مجهز، ÙƒÙرات٠بيضاءَ ÙˆØمراءَ، تعوم ÙÙŠ شراب، ثم يقطر عليه من زجاجة، ما يشبه العسل، ومن أخرى، ما يشبه العصير!
ثم تقدمت قليلا، Ùعثرت على بائع خبر الجمبري، يَصÙÙÙ‘ÙÙ‡ Ù…Ùنَظَّمًا على ظهر مخزن عربته، وكأنه خبيز اليوم، لم ÙŠÙرغ من بيعه بعد!
ثم تقدمت قليلا، Ùعثرت يسارا على مبان كبار Ø£Øسن Øالا مما رأيت من قبل، Ùقطعت الطريق، ثم تقدمت لأدخلها الأول Ùالأول؛ Ùإذا متجر بقالة وأشياء أخرى، Ùدخلته، وجلت Ùيه أرى كي٠ينظم مثله الأندونيسيون، Ùرأيتهم مثلا يتيØون لباعة منÙصلين عنهم، أن يبيعوا أشياءهم أمام مدخله، ثم رأيتهم يقطعون أجزاء الدجاج، ويرتبون بعضها بجوار بعض على منضدة واØدة، يكاد لا ÙŠÙصل بينها Ùاصل، ثم صعدت إلى Ùوقه، Ùرأيت امرأة ÙÙŠ ثياب الØرس الرسمية اللطيÙØ©ØŒ وأÙمًّا ورَضيعَتَها Ù…ÙØَجَّبَتَيْن٠بمثل ملابس معرض المؤتمر!
تÙقدت الدور الثاني؛ Øتى عثرت على جانب الأØذية المنزلية، وسيارات الألعاب الصغيرة، والأدوات الكتابية، Ùاشتريت منها.
ثم خرجت أتنقل؛ Ùإذا متجر ملابس أطÙال، Ùدخلته، Ùنبهتني الØارسة على شيء، Ùلم أنتبه، ثم نبهتني مشيرة إلى أكياس مشترياتي أن أضعها ÙÙŠ الأمانات، Ùانتبهت، ثم ذهبت أجول Ùيه، أميز الملابس المطلقة من شرط الأØجام والتقاليد الأندونيسية؛ Øتى عثرت على قطع قليلة، بين غرائب كثيرة!
ثم خرجت أنتقل؛ Ùإذا مطعم بيتزاهت غربي، Ùرضيت بالإياب إلى تلكوم، مارا بغرائب أندونيسية أخرى، من مثل مشاوي اللØوم والأسماك معا المÙتوØØ© على المارة، ومطاعم الدجاج المسلوخ المسلوق المÙبَهَّر المعلق من طر٠رأسه مصÙÙˆÙا، وكأنه Øصاد كتيبة إعدام إرهابية- ومن مثل السائل المÙعَوَّق المتربع على الأرض برجل عليلة Ùوق رجل صØÙŠØØ©ØŒ على الكوب النØاسي Ù†Ùسه، Ùإذا ÙˆÙضÙعَ له Ùيه شيء خطÙÙ‡ سريعا خطÙا، ليظل Ùارغا يدعو المارين، Ùوضعت له ثلاث قطع، كل قطعة -أظن- بمئة روبية، ثم ندمت أَنْ لم Ø£ÙعْطÙÙ‡ غيرها، وأØتÙظ بها، لأضمها إلى مجموعة عملاتي التي أجمعها منذ ثلاثين سنة إلا قليلا!
وصلت تلكوم مع أذان المغرب، Ùدخلت الجامع، ووضعت الأكياس عن أقصى يمين الص٠الأول، ثم انسلكت ÙÙŠ الجماعة، ثم لما Ùرغنا، تَعَجَّلْت٠صلاة العشاء ÙˆØدي جمعا وقصرا، ثم ندمت أن وجدت جماعة المصلين تجتمع عليها، Ùلما Ùرغت أنا، استندت إلى الجدار، وجعلت أتأمل المصلين، Ùوجدت الجماعة التي خسرتها مستمرة بإمام أندونيسي جميل الصوت، وخلÙها بعد ثلاثة صÙو٠جماعة أخرى!
مهما يكن اختلا٠أØوال المصلين ÙÙŠ بلادنا العربية، لا تتعدد الجماعات، إلا سهوا أو خطأ، إلا أن تترك الجماعة٠الØديثة٠المكانَ، للجماعة القديمة، إلى مكان آخر من الجامع، لا تÙرى Ùيه معها!
وكلما رأيت مسالك إخواننا المسلمين الأندونيسيين تأكدت لدي مقالة أستاذنا Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر -رØمه الله!- “لا تَكْتَمÙل٠مَعْرÙÙَة٠الْإÙسْلام٠إÙلّا بÙمَعْرÙÙَة٠الْعَرَبيَّةٔ، أو كما قال، رØمه الله! وأØسست أنها من Ùهم قول الØÙ‚ – سبØانه، وتعالى! -: “لَوْلا Ù†ÙŽÙَرَ Ù…Ùنْ ÙƒÙلّ٠ÙÙرْقَة٠مÙنْهÙمْ طائÙÙÙŽØ©ÙŒ Ù„ÙيَتَÙَقَّهوا ÙÙÙŠ الدّÙين٠وَلÙÙŠÙنْذÙروا قَوْمَهÙمْ Ø¥Ùذا رَجَعوا Ø¥ÙلَيْهÙمْ لَعَلَّهÙمْ ÙŠÙŽØْذَرونَ”! وكذلك كانت كلمة الدكتور هدايت نور ÙˆØيد، السابقة، Ù†Ùع الله به!
ذهبت أخرج من الجامع، Ùوجدت الطالبات يصلين بركنهن على يمين الخارج، ÙÙŠ جلابيب صلاتهن البيضاء الربانية، وربما دخلت المتبرجة هي وزميلها، يتكلمان، Ùتميل يسارا، ويذهب أماما!
Ùلما خرجت وجدت بعض الأساتذة الأندونيسيين وأستاذا كويتيا بمعهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، من جامعة الكويت (الدكتور إبراهيم Ù…Øمد)ØŒ Ùجاذبتهم الكلام Ùيما اضطرني إلى الانسلال من جلسات المؤتمر إلى السوق ÙˆØدي، ثم Ùيما عجبت له من اضطراب نظام المؤتمر: برنامجه الذي خلا أمس٠مني، وكتابه الذي خلا اليومَ من بØثي:
– لكنهم وعدوا أن يخرجوا بقية الأبØاث ÙÙŠ كتاب ملØÙ‚.
– أساÙر عنهم غدا، ÙليبØثوا عمن يشتريه!
ذهبت عنهم إلى غرÙتي، ثم تخÙÙت مما Øملت، ثم نزلت إلى المطعم؛ Ùقد استهلكني المشي. Ùوجدت الدكتور عار٠كرخي أبو خضيري والدكتور قرني عبد الØليم، Ùدعوتهما أن نأكل معا، Ùأصبنا من خبز الجمبري والأرز واللØÙ… والسلطة ومياه العلب ذوات المÙØ´ÙŽÙّات، ثم قعدنا عن جلسات المؤتمر زهدا Ùيها بعدما رأينا من اضطراب نظامها!
انضم إلينا بعد قليل الدكتور Øسن عبد المقصود، ثم الدكتور كمال عبد العزيز، ثم الدكتور عرسان الراÙيني، ثم خضنا ÙÙŠ كل علم ÙˆÙن، ثقيل وخÙÙŠÙØ› Øتى هجم علينا من الأندونيسيين وشباب الأساتذة العرب، بعقب المؤتمر، مَنْ صَخÙبَ ÙÙŠ المطعم بما سموه ØÙÙ„ سمر، بين عز٠وغناء وإنشاد، وبرع الخليجيون مرة أخرى ÙÙŠ الإنشاد، واستولوا على إقبال الأندونيسيين– ولكنني خرجت من هذا اللقاء، بمعرÙØ© الدكتور عارÙ.
رجل عالم Ùنان صعيدي، لا تدل ملامØÙ‡ الصعيدية القاسية، على خصاله الÙنية الرقيقة، ÙˆØواره العلمي اللطيÙ!
ثم جاءنا أندي هادي ومØمد Ùؤاد، وجمعتنا جميعا الصور التذكارية:
– أندي، هذا Ù…Øمد Ùؤاد، أرجو ألا يتأخر عن السابعة من ØµØ¨Ø§Ø ØºØ¯!
– تأمل؛ قد كتبت تÙاصيل مواعيدكم أنتم والأساتذة جميعا!
– أكرمك الله!
– وهذان Ù†ÙˆØ ÙˆØ¹Ø§Ø±ÙØŒ طالبان بالÙرقة الثالثة من تخصص اللغة العربية، سيكونان عندك ÙÙŠ السابعة.
– ومØمد Ùؤاد؟
– لديه عمل يمنعه!
ثم ذهب بهما، وطال مجلسنا؛ Øتى شهد الجالسون أنه Ø£Ùضل أعمال هذا المؤتمر! ولكنه انتهى، وودع كل منا الآخر، واÙترقنا، ÙˆÙÙŠ طريقي من المطعم وجدت مجلسا آخر للدكتور Ù…Øمد ØÙوَّر أستاذ النقد بجامعة اليرموك، والدكتور زياد الزعبي، والدكتور عرسان الÙيلاني، والدكتور Ùائز القرعان، وربما كان معهم الدكتور عباس عبد الØليم. تمنيت أن أجالسهم Øتى مطلع الÙجر؛ Ùَلا يزال بي إلى إخواني العرب والمسلمين جميعا، ولا سيما العلماء والÙنانون– شوق ÙˆØنين لا ÙŠÙتران، ولكنني خشيت أن أَثْقÙÙ„ÙŽ عليهم!
صعدت آسÙا إلى غرÙتي، وجهزت Øقيبتي، وضبطت Ù…Øمولي، وتناومت Øتى صلاة الÙجر، ثم تناومت Øتى السادسة والربع؛ Ùإذا الباب يطرق، ÙØ£ÙتØØ› Ùإذا Ù†ÙˆØ ÙˆØ¹Ø§Ø±Ù -خاÙا ألا أكون تجهزت- Ùنخرج معا، Ùأمر على المطعم، Ù…Øتاجا، زاهدا ÙÙŠ الإÙطار الأندونيسي، إلى Øيث سيارة زميل لهما ثالث، من طلاب اللغة العربية كذلك.
انطلقنا ننهب الطريق الذي ستره عني الليل من تلكوم إلى متجر باندونج الكبير، والدنيا كلها باكرة يقظة نشطة، Ùكنت أصور كل طريÙØ© أندونيسية لم أصورها من قبل، ولا رأيتها، من مثل غلبة الدراجات البخارية على وسائل الانتقال ÙÙŠ الشوارع، ومن مثل الدراجات الهوائية ذات الأرائك الأمامية المستعرضة، ومن مثل أسواق باندونج الداخلية الممتلئة خضراوات ÙˆÙواكه ومستلزمات أندونيسية، وصورت مناظر بعض الشوارع الطويلة المØÙÙˆÙØ© بالأشجار الملتقية الأعالي كمثل ما كانت عليه شوارع القاهرة الÙاخرة “ثم زالت وتلك عقبى التعدي”:
– أليس اليوم السبت إجازة ÙÙŠ باندونج؟
– بلى.
– Ùلم كل هذه الجموع؟
– يذهبون إلى التسوق.
– وهل نمر بمتاجر كبيرة؟
– متجر باندونج الكبير Ù†Ùسه، Ù…Ùتَسَوَّقٌ كبير جدا، يذهب الناس إليه!
– وهل أستطيع أن أشتري منه؟
– تÙØªØ Ù…Øاله ÙÙŠ التاسعة!
– أين ترى ذلك المبنى الذي التقى Ùيه سوكارنو ونهرو وجمال عبد الناصر سنة 1955Ù…ØŒ لتأسيس جبهة عدم الانØياز؟
– لقد مررت معنا عليه منذ قليل، وتركناه الآن خلÙنا!
– أظن أنه مزار سياØÙŠØŒ ليتنا وجدنا وقتا لزيارته، ولسو٠يزوره المشاركون بالمؤتمر اليوم، ولم يمنعني غير سÙري!
– Ù†ØÙ† نسميه جدون ساتي!
– وما معناه بالعربية؟
– لا مقابل له ÙÙŠ العربية!
– بل معناه اللØÙ… المشوي على الـ…
– على المشكاك، نسمي هذه الØديدة المشكاك، Ùهو Ù„ØÙ… المشاكيك!
– نعم Ù„ØÙ… المشاكيك!
وصلنا قبيل السابعة والنصÙØŒ Ùوجدنا الØاÙلة توشك أن تتØرك –ولا ريب ÙÙŠ أنها ØاÙلة السابعة، تَأَخَّرَتْ؛ Ùأدركناها؛ وقد كنا عَجÙلْنا Ù„ØاÙلة الثامنة- Ùقطعوا لي تذكرتي على Øساب لجنة المؤتمر كما اتÙقنا، ونبهوني على بوابة السÙر إلى سنغاÙورة (D2)ØŒ بأندونيسية تمنيت أن Ø£ØÙظها، وأراد السائق التØرك، Ùودعتهم، وقÙزت إليه.
جهزت Ù†Ùسي لرØلة طويلة أطول مما كانت ليلا، أي ذات أربع ساعات أو أكثر؛ Ùاشتغلت ÙÙŠ طريق الØاÙلة بتأمل طبيعة البلد، وتصوير أهم مناظرها، Ùلم أجد أهم من مزارعها المستمرة على الجبال والسهول؛ Ùإذا كانت الجبال كانت أشجار الشاي المتشابكة، وإذا كانت السهول كانت Øقول الأرز المنبسطة، وربما اصطÙت على الØواÙØŒ أو استقلت بأنÙسها أشجار السَّرْو المÙتَكَبّÙرة- ولا أهم من قراها المختبئة ÙÙŠ Ø£Øضان مزارعها، ببيوتها المثلثة الأسق٠المزدوجة الطوابق المختلÙØ© باختلا٠أØوال أصØابها سعة وضيقا- ولا أهم من بØيراتها المسكونة بمزارع السمك ذوات الجدران من ÙÙلَق٠أعواد الغاب (القصب الأجوÙ). وكلما اندهشت بمنظر من تلك، جاءني أشد منه إدهاشا؛ Øتى خرجنا من الري٠إلى الØضر، Ùإذا أبنية شاهقة، وطرق نظيÙØ© منظمة؛ Øتى بلغنا مطار جاكرتا.
مررنا على رصي٠البوابات الطويل اللطيÙØŒ قد ازدØمت عليه جماعات الناس جماعة جماعة، كل جماعة على بوابة سÙرها؛ Ùكنت أتأمل الأسر الأندونيسية كي٠تبدو، Ù…ÙتَØÙŽÙÙ‘Ùظَةَ المظهر، أو Ù…ÙتَØَرّÙرَتَه، أو مختلطة المظهر بتØÙظ الكبار وتØرر الصغار، وكلهن أسر مسلمة؛ Øتى جاءت بوابتي؛ Ùنبهني السائق ومساعده، ونزلت، وتØيرت قليلا، ثم دخلت مستدلا بـ”D2 “.
وصلت بÙعَيْدَ العاشرة، وموعدي الثانية عشرة، Ùلم أشأ أن Ø£Øرج Ù†Ùسي بالدخول مع الداخلين إلى الباØات الداخلية، Ùجلت ذهابا وإيابا، أتÙقد المكان الذي لم أره ÙÙŠ وصولي، وربما لا أراه بعد اليوم، وأتÙقد الناس، وما الأماكن إلا الناس!
هذه طائÙØ© من الÙتيات والسيدات، تلبس الملابس البيضاء الإسلامية، كأنهن الملائكة، Ùقدرت أنهن ÙÙŠ سبيل الاعتمار، وهذه سيدة متبرجة تَشْتَÙّ٠المياه بالمÙØ´ÙŽÙÙ‘ÙŽØ©ÙØŒ Øتى إذا ما انتهت قامت إلى السلة Ùألقت زجاجتها، وهذا مطعم:
– (… أريد أن Ø£Ùطر…)!
أدخل، وآخذ علبة بيبسي، وكيس بسكويت، وأدÙع ثمانية عشر أل٠روبية! وهذا بنك:
– (… معي قرابة مئة وسبعين أل٠روبية ونيÙÙØŒ أريد أن أغيرها إلى دولارات…)!
– معك ثلاثة آلا٠روبية أخرى؟
– لا.
Ùيرد علي البَنْكيّ٠السبعين ألÙًا ونيÙا، ولا يأخذ غير مئة الألÙØŒ ليعطيني عشر دولارات، وخمسين روبية تقريبا!
وهذه Ùتاة Ù…Øجبة تق٠على Ù…ØÙ„ هدايا، Ùأقبل عليها، أتÙقد ما عندها، وأساومها، ناسيا Øدود ما معي، Ùتسألني بالإنجليزية:
– لمن تريد؟
– لابنتي.
– كم عمرها ØŸ
– خمس عشرة.
– تأمل هذا العقد بمئتي ألÙØŒ وهذا السوار بمئة وخمسين، وهذا بمئة، وذاك، وذلك…!
– عذرا عذرا!
أذهب عنها أجول؛ Øتى تكتمل الاثنتا عشرة، Ùأدخل Ø£Ùتش عن الطيران السنغاÙوري، Ùأنتبه إلى شاب صغير ÙŠÙتش قبلي، Ùأتتبعه، Ùيهجم على مكتب Ùارغ، ويعرض أوراقه ÙÙŠ Ù„Ù…Ø Ø§Ù„Ø¨ØµØ±ØŒ ويمضي، Ùإذا المكتب لرجال الأعمال، Ùأتركه إلى مكتب Ùارغ بجواره، Ùإذا هو لهم كذلك، وأÙنَبَّه على طابور الدهماء، Ùأنضم إليهم!
– السلام عليكم.
– وعليكم السلام. معك Øقائب للوزن؟
– لا.
– هذه بطاقة ” جاكرتا سنغاÙورة”ØŒ وهذه بطاقة ” سنغاÙورة القاهرة”.
– جميل.
– أريد منك مئة أل٠روبية.
– لماذا؟
Ùترطن لي بما لا Ø£Ùهم، Ùأشير لها إلى أن ليس معي ما يكملها، Ùهل أذهب لتغيير الدولارات إلى روبيات، ÙتواÙقني، وتمسك عندها بطاقتي الطائرتين، Ùأذهب، Ùآخذ بعشر الدولارات، أقل مما بذلت Ùيها الروبيات، ثم أعود لأكمل للمضيÙØ© مئة الألÙØŒ ثم أهم بالمضي، Ùترى Øقيبة اليد:
– ينبغي لك أن تترك هذه الØقيبة!
– ولم لا Ø£Øملها؛ ألا ترين كم هي Ø®ÙÙŠÙØ©!
– ينبغي ألا تزيد على عشر كيلوات.
– أظنها كذلك.
نزنها معا، Ùتكون أربعة عشر كيلو، Ùأتركها لها مستريØا منها، ثم أسألها عن جهة انتظار الطائرة، لأمضي إليها، وأمر ÙÙŠ الطريق بسوق مطار جاكرتا الØرة، لأجد Ù…Øال هدايا خشبية وشبه خشبية، لم أر مثلها من قبل، Ùأدخل أبهاها، Ø£Ùتش عن هدايا بستة وستين أل٠روبية وخمسمئة، Ùأعثر على عقد خشبي بخمسة وعشرين ألÙا، وسوار خشبي ملائم للعقد بخمسة عشر ألÙا، وسوار خشبي منÙرد بخمسة عشر ألÙا، وسوار بلاستيكي منÙرد بعشرة آلاÙØ› Ùيتم الØساب خمسة وستين أل٠روبية، لتبقى ورقة بأل٠وقطعة بخمسمئة، Ùأعطي الورقة عاملا يتكلم العربية، نبهني على الصلاة، ودلني على المصلى -Ùجمعت العصر إلى الظهر قصرا- وأستبقي القطعة لمجمع عملاتي!
جميل Ù…Ùنْتَظَر٠طائرة “جاكرتا سنغاÙورة”ØŒ من Øوله الجدران الزجاجية المطلعة على المطار من أمام، المØÙÙˆÙØ© بالخضرة من يمين وشمال، المشغولة بالمضيÙات ذوات الأزياء الخاصة!
دخلنا إلى الطائرة، Ùكان مكاني بين غَريبَيْنÙØŒ سلمت Ùلم يردا، وبقيا غَريبَيْنÙØŒ Ùقعدت، وانعكس ما سل٠بطائرة “سنغاÙورة جاكرتا”ØŒ ولكنني الآن ÙÙŠ رائعة النهار، أرى كل شيء واضØا جدا من بدء لمختتم، أتشو٠إلى سنغاÙورة لأتأمل خصائصها من Ùوق لتØت، ومن خارج لداخل؛ Øتى ظهرت المراعي الخضراء الطويلة العريضة المقسمة تقسيما ملتويا دقيقا، المØÙÙˆÙØ© بالبØيرات، المشقوقة بالبØيرات، المختلطة بالبØيرات، المشغولة البØيرات بمزارع السمك، والسÙن، والØيتان أو الدلاÙين، ثم ظهر سيدي المطار، ÙÙŠ Øاشيته من أشجار السَّرْو المÙتَكّÙبرة، بمسارات طائراته المÙخَيَّرة بين الطرق المÙسَÙْلَتة، والجزائر المخضرة، ثم Øطت الطائرة، ودخلنا إلى Ø¬Ù†Ø§Ø Ø§Ù„ÙˆØµÙˆÙ„ØŒ الطاغي الجمال، الباغي المعارض.
الوقت هذه المرة قصير جدا بين الوصول والرØيل، Ùأسرعت Ø£Ùتش عن كاميرا إلكترونية، هدية زوجتي، أعر٠أنها تسرها، Ùعثرت عليها بمئتين وثلاثة وعشرين دولارا وثلاثين سنتا، Ùأقبلت أسأل عن بنك المكان، ÙدÙÙ„Ùلْت٠عليه، Ùسألت البَنْكيَّة أن تعطيني مبلغ الدولارات المطلوب للكاميرا، بما يعادلها من العملة المصرية، Ùقالت:
– لا، لا، لا نتعامل إلا بأميركي الولايات المتØدة أو السنغاÙوري!
أسرعت إلى القائم على الكاميرا، أشكو له، Ùقال:
– استعمل الÙيزا، أو اسØب بالكارت!
– لا أملك لا هذا ولا ذاك، إلا النقود المصرية!
Ùلم يملك إلا أن يأسى Ù„Øالي!
ارتØت باليأس، Ùأسرعت إلى Øيث طائرتي، ÙاختلÙت علي الجهات، Ùجعلت أختصرها بالأرضين المتØركة، غير Ù…Ø±ØªØ§Ø Ø¥Ù„Ù‰ المناظر الباهرة؛ Øتى بلغت المكان المذكور على بطاقة الطائرة، Ùوجدته مغلقا!
سألت بعض العمال، Ùدلوني على أن ÙÙŠ الأمر تغييرا، وأنني يمكنني أن أتأكد من اللائØØ© الإلكترونية المضيئة، ÙعرÙت منها صØØ© كلامهم، وكان المكان الجديد بجوار القديم، Ùمررت إليه، Ùانتبهت من المكان القديم، إلى عامل يكنس زجاجا مكسورا، ÙعرÙت سبب تغييره، ثم رأيت الزØام والطابور الطويل، ÙعرÙت أنها طائرة القاهرة، ÙوقÙت ÙÙŠ آخر الطابور، والناس من Øوله يائسون، قاعدون على أرائك الانتظار.
رميت بصري إلى أول الطابور، Ùإذا الموظÙون بعد جهاز الØقائب، ÙŠÙتشون الناس رجالا ونساء، ÙعرÙت سبب الزØام، Ùلما كنت ÙÙŠ مكانهم ولم Ø£ÙÙَتَّش، Øَرَصْت٠عَجَبًا أَنْ Ø£ÙصَوّÙرَ نَموذجًا من تÙتيش كلا الجنسين!
لم يبق وقت؛ Ùكان كل من ÙŠÙرغ من عبث المÙتشين والمÙتشات، يمضي إلى الطائرة. أخذت مكاني بجوار شاب مصري، كأنه لا ÙŠØب الغرباء، ولا ÙŠØبونه، بيني وبينه مقعد Ùارغ يزيدنا غربة، وأخرجت كتاب “التÙكير Ùريضة إسلامية”ØŒ للعقاد، الذي كنت أقرؤه ÙÙŠ مكتبتي بروضة مصر العتيقة قبل سÙري، Ùجاءتني ÙÙŠ خلال ذلك المضيÙØ© السنغاÙورية، ترطن بالإنجليزية؛ Øتى Ùهمت أنها تتوسل إليَّ أن أنتقل إلى مكان شخص آخر، ليأخذ مكاني هو وشخص آخر معه لم ÙŠØªØ Ù„Ù‡Ù…Ø§ القعود معا، Ùسألتها عن تطر٠المقعد الذي ستأخذني إليه، ÙÙهمت، وأكدت لي أنه كما أريد!
لم أكن أدري أنه ستكون لي بذلك يد عليها طولى طول الرØلة؛ تكثر أولا من شكري عليها، ثم تكثر دائما من الØÙاوة بي Ùيما تقدمه الطائرة من خدمات! ولم أتØرج من هذه الØÙاوة، بل استعملتها ÙÙŠ بعض المطالب، Ùلم تتأخر، إلا مرة واØدة، ربما شَغَلَتْها Ùيها عني شواغل أخرى!
أقبلت أنظر ÙÙŠ كتاب العقاد، Ùوجدته يخوض ÙÙŠ جمع ÙلاسÙØ© المسلمين بين العقل والإيمان، Ùبخلت به، وتركته لسيد المقام، من بعد أن وزعت علينا المضيÙØ© السماعات الضرورية!
لم أكن أدري أن من الأÙلام المØÙوظة بذاكرة تلÙازي، Ø£Ùلاما عربية، Ùتشاغلت بÙيلم أميركي Ø®ÙÙŠÙØ› Øتى لمØت Ø·Ùلة مصرية شيطانة تتابع Ùيلما عربيا، Ùرجعت أقلب الأÙلام Øتى عثرت على الÙيلم الذي كانت تراه، مكتوبا اسمه بالØرو٠اللاتينية، وكان Ùيلما Ø®ÙÙŠÙا، Ùلما Ùرغت منه قدرت أن ثمت غيره، Ùأصبت، وكان Ùيلما ثقيلا، ولم أكن رأيت أيا منهما من قبل، ثم Ùتشت عن غيرهما Ùعثرت على Ùيلم أميركي ثقيل غير مترجم، Ùتابعته؛ Øتى وصل بي إلى مطار القاهرة!
كنت أتقلب يمينا ويسارا، Ùوقا وتØتا، لا أنام ولا أرتاØØŒ واستسهلت الØركة بتطر٠مقعدي، ولا سيما إلى الوضوء لصلاتي المغرب والعشاء، على Øين Ø£ÙŽØْرَجَ جاريَّ الزوجين السنغاÙوريين مَوْضÙعا مَقْعَدَيْهÙما، ولكنني كنت دائما أزيل عنهما الØرج، وأتلط٠إليهما، وأسألهما دائما عن رغبتهما ÙÙŠ الخروج؛ Øتى علقا عليَّ أملهما ÙÙŠ ØÙ„ مشكلة Øقائبهما، وهما المنتقلان بعد يومين ÙÙŠ القاهرة إلى إصطمبول!
خرجنا جميعا من الطائرة إلى المطار، قبيل الØادية عشرة بتوقيت القاهرة، من مساء سبت 25/8ØŒ ÙÙŠ اØتÙال من الزّÙØام والرّÙكام والسّÙخام، وكنت أسأل لهما، وأجتهد دون جدوى ÙÙŠ مصلØتهما؛ Øتى قالت السيدة وكانت أجرأ على الØوار، وأعلم بالإنجليزية من زوجها:
– شكرا لك، ITS OK!
وقÙنا جميعا بين بطاقات البيانات المطلوبة، المتناثرة، وكنت قد أخذتها بمطار سنغاÙورة، وملأتها، واشتغلت بمØمولي الذي ÙتØته من بعد إغلاقه بالطائرة إلزاما، Ùإذا رسالة أخي الدكتور ÙرØان المطيري ÙÙŠ بعض المسائل اللغوية، Ùأجيبها بعد Ùوات الأوان، ثم تغلبني يدي على مهاتÙØ© أسرتي بوصولي وأنا المغرم بالمÙاجأة- ثم سلمت البطاقة الضابط المسؤول، ومضيت أبØØ« عن مسار الØقائب، الذي Ù†ÙŽØَّوْه بعيدًا، وأعلمونا أنها Øقائب أربع طائرات، Ùطمأنت Ù†Ùسي وبعض الواقÙين ÙÙŠ هذا الموق٠الكريه؛ Øتى رأيت Øقيبة يدي، Ùأخذتها خارجا، ثم ذكرت السؤال عما Ø£ÙØ®ÙØ°ÙŽ مني بمطار جاكرتا، Ùدللت على مكاتب شركة الطيران السنغاÙورية، ÙتØيرت؛ Øتى وصلت إليها Øاملا Øقيبة كتÙÙŠØŒ ساØبا ÙˆØاملا Øقيبة يدي التي كانت قد انكسر عمودها من قبل، Ùلم أعثر Ùيها ولا ÙÙŠ المكان كله على Ø£Øد، ولكنني عرÙت بعدئذ بالمهاتÙØ©ØŒ أنها ضريبة المطار، يضيÙها مطار القاهرة إلى التذكرة، ويأخذها غيره ÙˆØدها، مثلما Ùَعَلَ مَطار٠جاكرتا!
خرجت، Ùركبت ØاÙلة المطار، إلى Øيث لاØقتني سيارة ظننتها لأØد زملائي، رآني ÙÙŠ ثَوْب٠Øال٠ضَيّÙÙ‚ÙŽØ©ÙØŒ Ùأبى إلا أن يَخْلَعَني منها، ولا سيما أن بدت لي ملامØÙ‡ قريبة:
– شكرا شكرا!
– إلى أين؟
– منيل الروضة.
– اركب، ولن آخذ منك إلا ما تعطيه سائق أي تاكسي.
– نعم!
– كم تعطيه؟
– عشرين جنيها!
– يا رجل، Øرام عليك!
– خمسة وعشرين!
– سآخذ منك خمسة وثلاثين.
– سأعطيك ثلاثين!
– سأÙØªØ Ù„Ùƒ المكيÙ!
– لا أريده!
– Ùاركب إذن!
– أعجبتني سماØتك، وبمثلها تعمل؛ Ùلا تق٠ترعى المواقÙ!
– هذه سيارتي كما تراها جديدة، ولدي سيارتا تاكسي عليهما سائقان، أعامل شركة الليموزين، Ùتكلمني ÙÙŠ التوصيلة، Ùأخرج أنا بسيارتي هذه إليها Øرصا عليها.
– يعملان عليهما الأربع والعشرين ساعة؟
– ولماذا هذا البغي! يعمل كل على سيارته، نوبة واØدة، ثماني ساعات، Ùماذا سأستÙيد إذا هلكت السيارتان!
– جميل! ولكن أين السائق المؤتمن!
– مستØيل الوجود! لا أعني سرقة وارد السيارة، بل أعني سرقة السيارة Ù†Ùسها، وهي أشد! تÙÙَكّ٠أَجْهÙزَتÙها، وتباع Ù‚ÙطَعÙها، وتوضع مكانها قطع أخرى Ù…Ùسْتَهْلَكَةٌ، ثم ÙŠÙسْتَغْنى عنها من دون أن يَظْهَر لهذا سبب!
– آه علينا وعلى بلادنا! نملك ما يملكه أي شعب متقدم، ولكننا Ù†Øتاج إلى تربية أنÙسنا على معاني الإخلاص والإتقان، ÙÙŠ ضوء منهج عام من التخطيط والإدارة والرقابة!
– طبعا نملك ما يملكه أي شعب متقدم! ماذا تعمل، يا أستاذ؟
– أستاذ جامعي.
– أهلا وسهلا! أنا خريج سياØØ© ÙˆÙنادق، أعر٠الإنجليزية والروسية، عملت بالغردقة، ثم بدبي، ÙÙŠ شركات دولية، لم يكن للعامل Ùيها إلا الإتقان؛ Ùقد كان يخا٠الرقيب المختÙÙŠØŒ الذي يعاقب المقصر، ويثيب المجتهد!
– ما شاء الله، لا قوة إلا بالله! ركبت مرة مع سائق تاكسي، من المخترعين، كان مدعوا Øينئذ إلى مؤتمر الشركة العالمية التي قدم لها اختراعه، ليعرضه!
– يا سلام!
– ولكن ما اسمك؟
– مصطÙÙ‰.
– وأين تسكن؟
– قريبا منك بدار السلام.
– وما رقم Ù…Øمولك؟
– هو هذا….
– هل أستطيع أن أعتمد عليك ÙÙŠ توصيل أولادي إلى مدارسهم قريبا، بدلا ممن يوصلهم؟ إنهم ثلاثة، وربما انضا٠إليهم بعض زملائهم، Ùكان لك مبلغ لا بأس به! لقد كانوا أربعة، ثم تركتهم أختهم إلى مدرسة قريبة من البيت، ثم يدركهم أخوهم الصغير بعد سنتين -إن شاء الله– Ùيعيدهم أربعة، وهكذا…!
– تØت أمرك، ولا تÙكر ÙÙŠ المال!
– بارك الله Ùيك!
ورأيت ذلك من التوÙيق ÙÙŠ مختتم الإياب إلى بلادي المÙضَيَّعة، التي لن يقيم Øالها إلا الأخلاق الكريمة والهمم العالية!
– جمال، تعال، اØمل هذه الØقيبة، وهذه الثلاثون جنيها -يا أستاذ مصطÙÙ‰- وإن كان ينبغي أن تتÙضل عليَّ بالزيارة!
– شكرا، أكرمك الله!
– السلام عليكم!
– وعليكم السلام!
– Øمدا لله على السلامة! لم تÙØ·Ùل٠الغَيْبَة يا دكتور!
– الله يسلمك! لكن أَطَلْت٠المساÙØ©!
– السلام عليكم! لا أدري Ù„ÙÙ…ÙŽ لَمْ أصبر Øتى Ø£Ùاجئكم على عادتي!
– عرÙنا وصولك من المطار!
– ولكنني Ø£Ùاجئكم الآن بما ØَمَلْتÙÙ‡ لكم من ذكريات!
– وكي٠وجدت الوقت!
– بَرَكات مؤتمر باندونج!
اليوم 23/5/2018ØŒ وجدت أخي العزيز الدكتور أندي هاديانو ينشر هذا المقال اللطي٠للدكتور مازن الشري٠-وهو كأنه جاءه من صاØبه Ù†Ùسه- بمجموعتنا الإندونيسية “مØبو اللغة العربية وأدبهاâ€Ø› ÙاستØسنت أن أعلق به:
استطلاع Ù…Ùصل عن رØلتي الى اندونيسيا.
✍تم نشره ÙÙŠ مجلة المصير
جزيل الشكر لمؤسسها ومديرها المسؤول الدكتور خالد شوكات.
أندونيسيا…بلاد الجزر الخضراء.
وأرض البسط والأولياء التسعة
استطلاع: د. مازن الشريÙ
إسلام نوسنتارا: رØابة السماØØ© والمساØØ©.
من معاني اسمه تعالى الباسط: الموسع ÙÙŠ الرزق لعباده، وبسطة العقل والجسم من عطايا الله الوهبية التي ذكرها على لسان نبي بني إسرائيل Øين سألوه ملكا Ùاختار لهم طالوت. ومن البسط الانبساط والمسرة، والبساطة أيضا، وكل هذه المعاني كانت أول ما استقبلني Øين Øطت بي الطائرة ÙÙŠ مطار جاكرتا، وكأن كل شيء يقول لي: أهل بك ÙÙŠ أرض البسط.
ما تراه على البسيطة هنا، مما أخذت الأرض به زخرÙها وازينت، Øين تغادر جاكرتا قليلا أو Øتى وأنت ÙÙŠ واØد من أرقى Ùنادقها: Ùندق بورابودور، الذي سمّي باسم المعبد البوذي الأشهر ÙÙŠ أندونيسيا، ÙÙÙŠ Ù…Øيط النزل مساØØ© كبيرة خضراء تنساب Ùيها المياه كقطعة من قصور الØمراء ÙÙŠ الأندلس.
مؤتمر الإمام الغزالي: كانت دعوتي إلى أندونيسيا من جمعية نهضة العلماء، بمناسبة مؤتمر عالمي عن تصو٠الإمام الغزالي، انعقد من 18 إلى 20 جانÙÙŠ/ يناير 2018 تØت عنوان “دور تصو٠الإمام الغزالي ÙÙŠ تطوير الØضارة العالمية القائمة على السلام والوئامâ€.
وقد كانت مشاركتي ببØØ« عن “التصو٠الÙلسÙÙŠ للإمام الغزالي من خلال كتاب مشكاة الأنوارâ€.
بعد اÙØªØªØ§Ø Ù…Ù† الموسيقى الصوÙية، كانت Ù…Øاضرات لنخبة من العلماء والمشايخ من الولايات المتØدة والمغرب والصين وإيران وروسيا وسوريا، كان مستهلها Ù…Øاضرة قيمة عن Ùكر وتصو٠الإمام الغزالي للدكتور سعيد عقيل سراج الرئيس التنÙيذي لجمعية نهضة العلماء، واختتامها بكلمة لشيخ الطريقة النهضية المعتبرة الØبيب لطÙÙŠ بن ÙŠØيى، وكانت مداخلتي خلال ذلك مزيجا بين ما دونته من بØØ« Øول مشكاة الأنوار، وبين مقتضيات الØال اليوم ÙÙŠ الأمة وقيمة Ø¥Øياء المنهج الÙكري والÙلسÙÙŠ والصوÙÙŠ للإمام الغزالي.
المؤتمر كان ذا غايتين: الأولى بØوث معمقة ÙÙŠ Ùكر الإمام الغزالي ومنزعه الصوÙÙŠ الجامع والÙريد. والغاية الثانية توقيع وثيقة بناء مقام الإمام الغزالي ÙÙŠ مدينة طوس بإيران، وهو مشروع سينطلق تنÙيذه قريبا بالتعاون مع جمعية نهضة العلماء.
جمعية نهضة العلماء هي أكبر جمعية ÙÙŠ أندونيسيا بعدد أعضاء Ùعليين يتجاوز التسعين مليونا، مع خمسين مليون آخرين من الأعضاء غير المباشرين، وللجمعية كما ذكر لي رئيسها الدكتور سعيد عقيل سراج 800 أل٠مسجد، 23 أل٠معهد، Ùˆ13 أل٠جامعة، ÙˆØين زرت مقرها كان لقائي مع مسؤول المساجد الدكتور عبد المنان، ومدير العلاقات الخارجية الأستاذ Ø£Øمد سودرجارت الذي سيراÙقني لاØقا ÙÙŠ رØلة إلى مدن كثيرة ومØاضرات عديدة، وهنالك أيضا (ÙÙŠ مقر جمعية نهضة العلماء) كان اللقاء الأول مع المعلّم نبيل هارون رئيس باغار نوسا: هيئة Ùنون الدÙاع ÙˆÙÙ† السيلات، وهنالك تم التنسيق Ù„Øضوري لمؤتمر الإجازة الكبرى وتوقيع اتÙاقية التعاون.
الرØلة إلى جوغاكارتا: ضمن برنامج المؤتمر كانت رØلة سياØية إلى جاوة الوسطى، Ùانطلقنا بالطائرة من مطار جاكرتا إلى مطار أديسوسيبتو، ومنها إلى مطعم جيجاموران ÙÙŠ جوغاكارتا، لتكون وجهتنا بعد ذلك قصر السلطان الذي Øكم تلك المنطقة منذ قرون خلت، وهنالك تجد التمازج المعماري والثقاÙÙŠØŒ ولكن البصمة الإسلامية جلية واضØØ©ØŒ رغم وجود الأثر المعماري الهندوسي، إذ ان الهندوسية كانت الديانة الغالبة ÙÙŠ تلك الأرض قبل قدوم الإسلام، مع البوذية.
ولكن المذهل Ùعلا Ù…Øبة الناس لك، ترى وجوها مبتسمة ÙÙŠ كل مكان، ويبادلونك السلام بود، نساء ورجالا، شبابا وشابات، ÙˆØتى الأطÙال يبتسمون ويسلّمون وأعينهم تقول: هذا عربي…من بلاد النبي.
ÙÙŠ مدينة ملانغي زرنا مدرسة نور الØكمة، والتقينا عددا من طلبتها، ÙˆØÙنا الأساتذة والمشايخ بØÙاوة كبيرة، وتوجهنا ÙÙŠ موكب جميل مع الذكر والأنشيد إلى المسجد، والهو مسجد Ù…Øاط من كل جانب بالماء Øرصا على الطهارة، Ùلا تدخله إلا بعد أن تمضي عبر تلك المياه، وقد ألقيت كلمة مع بعض المشايخ تØت وقع انهمار المطر، Ùالمطر ٠اندونيسيا عامة وجاوة الوسطى خاصة دائم الانهمار، لكن الطقس رغم ذلك Øار طوال السنة.
من ملانغي توجهنا إلى مدينة ماغلان، ÙˆÙيها زرنا معهد الشيخ Ù…Øمد الخضري للعلوم الشرعية والتصوÙØŒ معهد عريق تأسس سنة 1944 لتدريس الÙقه الشاÙعي، واللغة العربية والنØÙˆ والصر٠(الأجرومية وألÙية ابن مالك) وسÙينة النجاة وإØياء علوم الدين للغزالي ÙÙŠ التصوÙ. ÙˆÙÙŠ هذا المعهد يقوم الطلبة (وهم خمسة عشر أل٠طالب) الليل ويصومون الدهر إلا أيام الأعياد والتشريق. آلا٠يدرسون ومئات يتخرجون كل عام ÙÙŠ المستوى الختامي ومدة الدراسة تسع سنوات.
Øين تكون بين Ø£Øباب رسول الله ÙŠÙØªØ Ø§Ù„Ù„Ù‡ عليك مزيدا من الخير…وØين ترى أهل جاوة وأهل اندنوسيا خاصة تطمئن أن الإسلام له ØÙظته وأن الأمة بخير رغم كل ما أصابها.
ثم توجهنا بالسيارات إلى جوجيا، Øيث سكنّا Ùندقا جميلا لكن لم نقم Ùيه سوى ليلة واØدة، لنتجه إلى معبد برامبانان الذي يعتبر أكبر معبد هندوسي ÙÙŠ أندونيسيا، ورغم أن زلزال سنة 2006 قد دمّر معظمه، Ùإنه اØتÙظ بالكثير من جماليته وعجائبيته، Ùقد جلبوا الØجارة البركانية من أمكنة بعيدة، ÙˆÙيه أيضا معبد صغير للبوذية، ÙŠØيط به المسلمون ويØرصونه، ÙÙŠ مشهد جميل للسلام واØترام الديانات، ومراعاة الجهد الإنساني والإبداع البشري مهما كان الاختلا٠ÙÙŠ العقيدة…وÙÙŠ المعبد تØركت ÙÙŠ داخلي Ø±ÙˆØ Ù…Ø¹Ù„Ù… Ùنون الدÙاع، Ùكانت بعض الØركات ÙÙŠ ÙÙ† التايتشي الرائع، وبعض الصور الجميلة، وقد شدّني اجتهاد الإنسان لإرضاء معتقده، وقدرة الإبداع ÙÙŠ المعمار التي تØيّر كبار المهندسين ÙÙŠ وقتنا الØالي، وكذلك وجها من وجوه الØياة التي تطوي الأجيال طيّا، ولا يبقى إلا الأثر والعمل شاهدا على تلك الأيدي التي رÙعت الØجارة وتلك العقول التي أبدعت المعمار وتلك الأنÙس التي آمنت وتلك الأجساد التي رقصت ÙÙŠ معبد هندوسي من القرن التاسع Øيث تختلط الديانة بالموسيقى والألوان، وهو ما لاØظه معين الدين الجشتي الولي الكبير Øين دخل الهند ÙÙŠ القرن الخامس Ùأبدع Ùنا جديدا ÙÙŠ الموسيقى والشعر ÙŠØكي عن الإله الواØد لا عن أساطير الآلهة، Ùكان أكثر من أدخل الإسلام إلى أرض هندوستان كلها، ليصل أثره إلى ماليزيا وأندونسيا وكامل أرخبيل الملايو وبلاد نوسنتارا.
الرØلة إلى سمارانغ كانت طويلة متعبة، ولكن المشاهد كان Ùيها من الجمال ما ينسي التعب، الجبال الشاهقة، والخضرة الممتدة، ولوØات الطبيعة التي تØكي بديع خالقها وجمال بارئها، وتØدثك عن الأرض Øين لا تلوثها يد الإنسان، Øين لا ÙŠÙقطع شجرها ولا يخرّب ما Ùيها، واØات غنّاء وأنهار جارية، ÙˆØيثما نظرت لا ترى إلا اللون الأخضر الموشى بألوان الزهر المØاط بهالات الضوء الذي ÙŠØ³Ø¨Ù‘Ø Ù„Ø®Ø§Ù„Ù‚ كل شيء.
ÙÙŠ سمارانغ مضينا إلى Ø¶Ø±ÙŠØ Ø§Ù„Ø£Ø³Ø¯ الضاري كما يسميه سكان المنطقة، وهو ليس سوى الØسن بن طه بن ÙŠØيى، السيد الذي جاء من Øضرموت اليمن، Øاملا عبق النسب النبوي الشريÙØŒ وعطر التصو٠الØÙ‚ØŒ ليجاهد ضد المستعمر الهولندي، ويرى الناس منه ضراوة وبسالة Øتى سموه الأسد الضاري، ثم يستشهد، وهو جد الØبيب لطÙÙŠ بن ÙŠØيى شيخ الطريقة النهضية المعتبرة، والقائد الروØÙŠ لأندونيسيا، والذي سيكون لي معه لقاء ثان ÙÙŠ Ø¶Ø±ÙŠØ Ø¬Ø¯Ù‡ بعد اللقاء ÙÙŠ المؤتمر بجاكرتا، ثم لقاءات أخرى ÙÙŠ مشهد مهيب بعد أيام.
من بيرتونغان التابعة لسيمارانغ Øيث مقام الØبيب Øسن بن طه، مضينا إلى مدينة ديماك، وإلى مسجد ومقام السلطان عبد الÙتاØØŒ أول سلطان مسلم ÙÙŠ جاوة الوسطى، ويعتبر من الصالØين التسعة، إذ أنه من أدخل الإسلام إلى جاوة كلها. وقد كان ÙÙŠ استقبالنا والي المدينة وعدد من المسؤولين، ورأينا آيات من التواضع والمØبة، واستضاÙنا الوالي ÙÙŠ مقره للغداء، ÙˆÙÙŠ كلامه الكثير من التقدير للعرب، موطن الإسلام الأول، ولعله لا يعلم ما آل إليه Øال العرب من Ùرقة وانقسام، ولكن شر٠الدين والنسبة إلى نبي الإيمان والسلام شر٠عظيم تعر٠Øقيقته أكثر Øين تزور أندونيسيا وتلتقي شعبها عامة وخاصة، سترى عجبا وستشعر كما شعرت بأنها أمانة وأننا ÙÙŠ Øقها مقصّرون.
التربية التي يتميز بها أهل أندونيسيا ليست من Ùراغ، Ùشعب الملايو عامة شعب مؤدّب جدا، Ùكي٠وقد كان Ùيه الصالØون القادم معظمهم من أرض اليمن السعيد، وكي٠وقد بنوا المدارس والزوايا وأقبلوا على الناس بالمØبة والتزكية، Ùكان اللقاء بين دين طيب وشعب وطيب، وبين أئمة هداة وأمة تØب أن تهتدي. وهنا ترى كي٠تكون الابتسامة Ùنا والسعادة Ù„Øنا، وترى كي٠يجتمع الأدب مع العلم، والدين مع الØضارة، ÙÙŠ انسجام ووئام.
بعد العودة إلى جاكرتا، تمت دعوتي إلى مدينة بوغور، إلى مدرسة روضة الØكم التي يديرها الشيخ زين الزرنوجي، وهو من أهل الطريقة النقشبندية والقادرية، ÙˆØضر المجلس الآلا٠رجالا ونساء، وكانت كلمتي عن التربية والعلم والتصوÙØŒ ثم كان لنا مجلس ذكر وأناشيد، ويبقى القلب شاهدا على الØÙاوة والطيبة والمØبة الغامرة، خجولا من كرم أولئك الكرام.
مؤسسة أمانة كيتا التي يديرها السيد هرتونو لمين، مؤسسة كبرى ÙÙŠ أندونيسيا، ومشروعهم بناء تسعة وتسعين مسجدا يكون كل مسجد نسخة من مسجد آخر ÙÙŠ بلاد المسلمين، ÙŠØوي داخله جوانب من Øضارة تلك البلاد وثقاÙتها، ومن خلال لقاءاتي المتكررة معه ÙÙŠ جاكرتا، Øدّثته عن جامع الزيتونة المعمور بالبلاد التونسية، أول جامعة إسلامية، وعن ضرورة أن يكون ضمن التسعة والتسعين مسجدا، وإن شاء الله سيكون، وقد اختار للبناء جزيرة من جزر أندونيسيا، التي من بين بينها خمسة آلا٠جزيرة غير مأهولة.
يتكلم أهل أندونيسيا لغة الملايو، ولكن البلاد تضم أربعمائة قومية مختلÙØ©ØŒ وسبعمائة لغة، وشعارها “الوØدة ÙÙŠ التنوعâ€ØŒ ويعيشون معا ÙÙŠ سلام ومØبة، وهو من دروس أندونيسيا المهمة والرائعة.
ÙÙŠ مدرسة الشيخ عقيل سراج: إلى مدينة شيربون ساÙرت ليلا مع صديقي Ø£Øمد سودرجارت (مسؤول العلاقات الدولية ÙÙŠ جمعية نهضة العلماء) لأقيم أياما ÙÙŠ مدرسة الشيخ عقيل سراج، ÙˆÙÙŠ ضياÙØ© الشيخ مصطÙÙ‰ عقيل سراج مدير المدرسة وأشقائه الطيبين. وبدعوة كريمة من الدكتور الشيخ سعيد عقيل سراج رئيس جمعية نهضة العلماء لزيارة مدرسة والده الذي كان من كبار مشايخ أندونيسيا ودرس سنينا ÙÙŠ مكة والمدينة. وقد راÙقني مشكورا أخي الأستاذ Ø£Øمد سودرجارت مسؤول العلاقات الخارجية بجمعية نهضة العلماء.
يدرس ÙÙŠ المعهد ثلاثة آلا٠وخمسمائة طالب وطالبة، قواعد اللغة العربية، والÙقه الشاÙعي والعقيدة الأشعرية وتصو٠الجنيد والغزالي.
وقد أقيم على شرÙÙŠ لقاء طيب بين الأناشيد والذكر قدّمت خلاله درسا عن التربية والسلوك وشروط العلم والتعلم، وكانت مناقشة أبهرني Ùيها التلاميذة والتلميذات بأسئلة عميقة تدل على اطلاع وثقاÙØ©ØŒ رغم صغر سن بعضهم، إلا أنه يسأل عن معلومات دقيقة ÙÙŠ Ø¥Øياء علوم الدين أو يستشهد بكلام Ø£Øد أعلام التصو٠مما يثير الدهشة Ùعلا.
شر٠كبير أن أكون ضيÙا ÙÙŠ مدرسة الشيخ عقيل سراج، وأن ألتقي الشيخ مصطÙÙ‰ وأساتذة وتلامذة المدرسة، وأن أكون ضيÙا للدكتور سعيد عقيل سراج ÙÙŠ مدرسة والده وأن يكون بيننا لقاء ÙÙŠ ملتقى باغارنوسا على مساÙØ© قريبة من المدرسة، ÙˆÙÙŠ منزله بالمدرسة Ù†Ùسها لاØقا.
وقد بقيت تلك اللØظات ÙÙŠ القلب والذاكرة، وأسأل الله أن يعيدها.
مؤتمر باغار نوسا: تعني كلمة باغار نوسا (درع الدولة والشعب ونهضة العلماء)ØŒ وهي تابعة لجمعية نهضة العلماء، وتتمثل ÙÙŠ الهيئة العليا Ù„Ùنون الدÙاع، وتØديدا ÙÙ† “البنشاك سيلاتâ€ØŒ وهو ÙÙ† شعب الملايو، وقد ظهر وأبهر بقدرات قتالية عالية، ÙˆÙÙŠ صلبه مدارس Ùرعية مختلÙØ©ØŒ وكان هنالك الكثير من الصالØون والعلماء مختصون Ùيه وزرت Ø¶Ø±ÙŠØ Ø£Øدهم ÙÙŠ مدينة كلنتان بماليزيا على Øدود تايلاندا، ولكن العجيب أن قصة السيلات بقيت منقوصة من سند مهم: من أين جاءت تسمية السيلات، ومن أين جاء هذا الÙن، Ùكلمة بنشاك تعني اليد، يد سيلات، وكثيرا ما تسمى مدارس Ùنون الدÙاع باليد، Ùالكاراتي تعني اليد الÙارغة، والتشي كونغ تعني يد الطاقة، Ùما هي يد سيلات؟؟
خلال زيارتي إلى بنغلاديش شدني اسم المطار: مطار شاه جلال الدولي، ÙˆØين سألت عن شاه جلال كانت الإجابة تنتظرني ÙÙŠ مدينة سيلات شمال شرقي البلاد، ØŒ مدينة الشاي والصالØين، وقد زرتها وزرت مقام الشاه جلال، وهو ÙÙŠ الØقيقة السيد جلال الدين اليمني الصوÙÙŠ الشهير والولي الكبير الذي كان والده صديقا لمولانا جلال الدين الرومي Ùسمى ابنه باسمه،وأقتبس من المقال الذي كتبته عنه: †مدينة سيلات مدينة جميلة، والتي كانت تسمى أيضا جلال آباد، يختال Ùيها نهر يأتي من الهند وينقسم ÙÙŠ بنغلاديش إلى Ùرعين، ومن Øولها جمال تشمج بعزة، وهي مدينة الشاي بلا منازع، ترى Øدائقه ÙÙŠ كل مكان من Øولك، لكن للمدينة قصة عجيبة، يتصل Ùيها اليمن بالهند وبغداد، وطنجة بمكة والمدينة، ولعلي جعلت لها صلة بتونس بزيارتي التي أردت أن أصل بها Øبلا مقطوعا منذ سنين أو ربما منذ قرون.
كانت سيلات ÙÙŠ القرن الثالث عشر Ù…Øكومة بأسرة هندوسية هي سلالة ديÙا، بعد ممالك سابقة أولها Øكم الملك الملك شاشانكا King Shashanka مؤسس دولة الغور Gaur KingdomØŒ وسنة 1287 للميلاد Øكم الملك راجا غور غوÙندا ديÙا Raja Gaur Govinda Diva.
كان أول المسلمين ÙÙŠ سيلات اسمه برهان الدين، ÙˆØين ولÙد ابنه البكر غولجار عالم، Ø°Ø¨Ø Ø¨Ù‚Ø±Ø© ÙÙŠ عقيقته، ولكن الملك الهندوسي غور الذي يرى قداسة البقرة عاقبه بقسوة، قتل الرضيع وأمه، وقطع يد برهان، الذي استنجد بسلطان غوا ÙÙŠ الهند شمس الدين Ùيروز شاه، الذي أرسل ابن أخيه ثم قائد جنده ناصر الدين، ولكن الماء والنهر منع عنهم المدينة، ÙˆØينها يصل الشاه جلال مع جيش مختلÙØŒ ابن أخيه ÙرØان وثلاثمئة وستون من الصالØين، بعد أن أرسله السلطان Ùيروز شاه.
الØقيقة أن معرÙØ© ما Øصل Ùيما بعد يتطلب معرÙØ© ما كان قبل ذلك، وتØديد هوية شاه جلال.
ÙÙŠ قرية كَنينة، التابعة لوادي Øجر الزراعي، الواقع غرب مدينة Øضرموت، ÙˆÙÙ„Ùد للسيد Ù…Øمد بن Ù…Øمود بن إبراهيم من زوجته السيدة Ùاطمة الØسينية ابن سنة 1271 للميلاد سماه جلال الدين، وكان السيد Ù…Øمد عالما ÙˆÙقيها وصديقا لمولانا جلال الدين الرومي ولازمه Ùترة ÙÙŠ قونية، لذلك اشتبه المؤرخون أن يكون ميلاد السيد جلال الدين ÙÙŠ مدينة قونية لا ÙÙŠ Øضرموت، وقد نهل جلال الدين من علم أبيه، ثم أرسله أبوه إلى خاله الشيخ الصوÙÙŠ والعار٠الشهير السيد Ø£Øمد كبير ÙÙŠ مكة المكرمة، Øيث صار ØاÙظا ÙˆÙقيها، وأخذ عنه الطريقة السهروردية، وصار من كبار العارÙين Ùيها بعد ثلاثين عاما من العبادة والتريّض الروØÙŠ ÙÙŠ تلك البقاع الطاهرة، وذات يوم أعطاه خاله تربة وقال له: امض إلى الهند Ùإن وجدت أرضا لها لون ورائØØ© هذه التربة Ùامكث Ùيها وانشر الإسلام.
سنة 1300 للميلاد يصل السيد جلال الدين المجرد رÙقة ابن أخته السيد ÙرØان إلى الهند، Øيث مضى إلى أجمير والتقى العار٠الكبير السيد معين الدين الجشتي مؤسس الطريقة الجشتية وناشر الإسلام ÙÙŠ تلك البقاع (والذي أمضي لزيارته قريبا)ØŒ ÙˆÙÙŠ دلهي التقى بالولي الكبير السيد نظام الدين أولياء، وعدد آخر من العارÙين والصالØين، وبلغ خبر قدومه سلطان غوا الشاه Ùيروز، Ùاستعان به ÙÙŠ نصرة برهان المسلم المظلوم، وهنا يدعو السيد جلال 360 من الصالØين من مريديه ومريدي معين الدين ونظام الدين أولياء وسواهما ليكونوا تØت إمرته، ويصل إلى سيلات سنة 1303ØŒ وهنالك يجد الجيش Ù…Øتجزا بالنهر، Ùيجري الله على يديه كرامة عبوره بالجيش Ùوق الماء كما اتÙقت جميع المصادر، وعندنا ÙÙŠ العقيدة (وأثبتن للأولياء الكرامة) وما ذلك على الله بعزيز، ثم يؤذّن الشاه جلال، Ùيسقط قصر الملك الهندوسي الظالم غور غوÙندا ديÙا، وينهار جيشه، ويÙقتل، ويسيطر القائد عبد الرØمان على المدينة.
هنا يرØÙ„ من يرØÙ„ ويبقى من يبقى، القصة منذ تلك النقطة تتمØور Øول السيد جلال، إذ يَجد التربة التي Øدثه خاله الولي Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø³ÙŠØ¯ Ø£Øمد كبير وهو بمكة، وهنالك تكون له زاويته ويبني مسجدا توضع Ùيه نقوش قرآنية قيل أنه جلبها معه من مكة أو اليمن، وهي باقية لليومâ€.
Øين زار ابن بطوطة الشاه جلال سنة 1303ØŒ تØدث عن الذين وجدهم معهم من تلامذة ومريدين، وعن قوتهم وبسالتهم، ÙˆØين تمضي من تلك النقظة إلى مدينة كوكسبازار، ثم إلى أقليم أراكان المسلم ÙÙŠ بورما، وبعدها بورما والبØر، ÙˆÙÙŠ الجهة المقابلة ماليزيا وبلاد الملايو، Ùإن أسطورة وقصة الشاه جلال وبطولة من كانوا معه، ومعظمهم من الهند وطبيعي أنهم يعرÙون الÙÙ† القتالي الأول (كالاري بايات KalarippayattØŒ والذي أخذه بودي دارما المعلم الكبير معه عبر جبال الهملايا إلى الصين وإلى معبد شاولين ÙÙŠ أواخر القرن الخامس للميلاد، لينتشر الÙÙ† القتالي لاØقا إلى كامل الصين واليابان وكوريا تØت أسماء مختلÙØ© انطلاقا من كونغ ÙÙˆ شاولين. ÙˆØين زرت مقر باغار نوسا الذي يوجد ÙÙŠ Ù†Ùس المقر مع جمعية نهضة العلماء، والتقيت رئيسها السيد نبيل هارون، سألتهم عن خبر البنشاك سيلات، وأخبروني أن معرÙتهم تق٠عند أن التسمية قد تعني القدم واليد (Ù†Ùس معنى كلمة تايكواندو أو طريق القدم واليد)ØŒ ولكني أخبرتهم أن للأمر ÙÙŠ اعتقادي قصة أخرى ترجع إلى مدينة سيلات وإلى مولانا جلال اليمني، وكم كانت سعادتهم كبيرة Øين عرÙوا جانبا من سند Ùنهم الدÙاعي العظيم، ÙÙŠ ارتباط بالتصو٠والصالØين وتاريخ المسلمين، ÙˆÙÙŠ مسيرة Ù†ØÙˆ بنغلاديش وأرض الهند ثم Ù†ØÙˆ اليمن السعيد ÙˆØضرموت والسادة الأشراÙØŒ إذ أن انتشار الاسلام ÙÙŠ اندونيسيا وكل بلاد نوسنتارا (التي تضم أيضا ماليزيا والÙلبين وجنوب تايلاندا وبروناي) يرجع أساسا إلى السادة آل بعلوي وأسر أخرى من أشرا٠اليمن ومن Øضرموت تØديدا.
وأعتقد إن إلمامي الدقيق بتاريخ Ùنون الدÙاع وتطور مدارسها وانØدارها من بعضها وتوزعها الجغراÙÙŠ ساعدني ÙÙŠ ذلك، وصولا إلى تأسيس Ù„ÙÙ† خاص سميته ÙÙ† السلم Taiping Shu.
وكل هذه المعطيات وسواها كانت سببا مباشرا ÙÙŠ دعوتي Ù„Øضور مؤتمر الاجازة الكبرى لباغار نوسا الذي انعقد ÙÙŠ مدينة شيربون، والذي كان مهيبا عجيبا ÙÙŠ كل تÙاصيله.
Øين وصلت هالني عدد الØاضرين، أكثر من عشرين أل٠من أبطال السيلات من كامل أندونيسيا، ÙˆÙرق من الجيش والأمن، وجميع معلمي السيلات، وكان صديقي Ø£Øمد سودرجات يخبرهم مرارا عن ضي٠الشر٠“المعلم التونسي ÙÙŠ Ùنون الدÙاعâ€ØŒ وقد اخترت الØضور بالجبة والشاشية التونسية، ÙÙŠ تمثيل لوطني أتشر٠به.
على المنصة جلست مع الدكتور سعيد عقيل سراج نتجاذب اطرا٠الØديث، بعد جولة قصيرة بين أبطال السيلات الذين أغدقوا علي بكرم Ù…Øبتهم واØترامهم، والدكتور سعيد سراج الرجل المتواضع الهادئ، عالم كبير ÙÙŠ التاريخ والتصوÙØŒ خلÙÙ‡ أكثر من مائة وأربعين عضوا لنهضة العلماء، منهم واØد وتسعون مليون عضو Ùاعل، وله ÙÙŠ الØكومة أربعة وزراء Øضر Ø£Øدهم وهو وزير الشباب والرياضة، ويشر٠على ثمانمائة أل٠مسجد، وثلاث وعشرون أل٠معهد، وثلاثة عشر أل٠جامعة، ولكنه يجلس على الأرض مبتسما متواضعا.
الشيخ معرو٠أمين يتكلم العربية بطلاقة، وكذلك الدكتور سعيد، وكلاهما رئيسان لنهضة العلماء، الأول الرئيس العام والثاني الرئيس التنÙيذي.
التÙت خلÙÙŠ إلى ما ينظر إليه الجميع أمامي، Ùإذا برجل ينزع Øذاءه العسكري ومن خلÙÙ‡ ضباط وجنود، إنه القائد الأعلى للجيش الاندونيسي، ومعه قادة الجيش ونخبة من القوات الخاصة، وبجانبه القائد الأعلى للأمن.
وقد كتبت بعد المؤتمر: †عندما تجلس بين القائد الأعلى للجيش، والقائد العام للأمن، ومن خلÙÙƒ الجنرالات والقوات الخاصة، ومع وزير من وزراء الØكومة، ومع صÙوة من قادة البلاد الروØيين والعلميين على رأسهم السيدين والعالمين الجليلين معرو٠أمين وسعيد عقيل سراج رئيسي أكبر جمعية ÙÙŠ اندنوسيا ÙˆÙÙŠ العالم (نهضة العلماء) ØŒ وأمامك أكثر من خمسة عشر أل٠من أبطال الÙÙ† الدÙاعي الرسمي للبلاد (بنشاك سيلات) والمشرÙون على باغارنوسا يترأسهم السيد نبيل هارون، ÙˆØين يجلس هؤلاء السادة الكبار ÙÙŠ بلادهم على الأرض دون كراس Ùاخرة، ÙˆØين تسمع وترى وتشهد ذكر الصالØين والاÙتخار بالتصو٠كطريقة وبالإسلام دينا، Ùاعلم أنك ÙÙŠ بلاد Ùيها بركة كبرى وخير كبير.
وليس هذا المظهر العجيب إلا برهانا على روعة وعظمة الإسلام ÙÙŠ تربيته ÙˆØضارته، ÙˆØجة على مقام التربية الصوÙية الصاÙية والأخلاق النقية العالية، التي لا مجال Ùيها لغرور وتنطّع وصلÙØŒ كما نرى عند الكثير من العرب للأسÙ.
إن هؤلاء القوم تلقوا التربية على يد رجال الله Øقا، وتوارث السند والسر Ùيهم رجال إلى اليوم، ÙˆÙيهم طيبة ما رأيت مثلها، ومØبة ما شهدت لها نظيرا.
وإن الأمر كله يمضي إلى الكش٠عن Øقيقة أخرى مهمة: أن شعب أندونيسيا شعب عظيم Øقا، Ùإن شعبا ينجب قادة جيش وأمن بهذه الروØانية العالية والابتسامة والمØبة والتواضع والانضباط، وعلماء وأهل تصو٠بذلك العمق والÙصاØØ© ÙÙŠ لغتهم واللغة العربية أيضا، وشباب وشابات بتلك المعنوية والأخلاقية والمØبة الجارÙØ©ØŒ مع ما Øباهم الله به من بصيرة تستجلي بسرعة الضوء معادن الرجال، وتعطي لكل ذي مقام مقامه، إن شعبا مثل هذا، وقيادة روØية ودينية وعلمية ÙˆØكومية وعسكرية وأمنية وشبابية مثل هذه، لا يمكن إلا ان تبني Øضارة عظيمة، ولا يمكن إلا أن ترسم وجها مشرقا لأوطانها، بل من المØال أن لا ترى بعد كل هذا بلدا آمنا قويا منيعا جامعا بكل اعتزار بين التطور العلمي وبين الأصالة الدينية، بين أخلاق الإسلام الØÙ‚ والتصو٠النقي، وبين المدنية ÙÙŠ رقيها والØضارة ÙÙŠ عزّها والتطور ÙÙŠ اوجه.
ØÙظ الله أندنيسيا وقياداتها وشعبها، ووقاها ووقاهم كل شر، خاصة شر التكÙيريين الØاقدين، ومن ØالÙهم ومن ØالÙوه، Ùمازلت أتقلب منذ زرتها بين عجيبة وأخرى، وأرى الكرامة تلو الكرامة، وخبري Ùيها طويل رغم قصر المدة، والØكايات كثيرة أقصها عليكم تباعاâ€.
Ùعلا، لقد أبهرتني اندونيسيا بكل تÙاصيل ما رأيته Ùيها.
ÙÙŠ مؤتمر الإجازة الكبرى كانت كلمات مهمة معبرة، للدكتور سعيد عقيل والشيخ معرو٠أمين، وللدكتور إمام نهراوي وزير الشباب والرياضة، والجنرال لطÙÙŠ القائد الأعلى للجيش الذي خصني بالترØيب أثناء كلمته، ثم كان لي شر٠الكلمة الختامية والدعاء، Ùمؤتمر الاجازة الكبرى لم يكن Ùقط Ù„Ùنون الدÙاع رغم العروض القتالية الرائعة التي شهدها، بل أيضا للسند الصوÙÙŠ ولقراءة الصلاة النارية وللكلام عن الامام الغزالي وعن الاسلام والأمة الاسلامية، إنهم قوم يعتزون Øقا بالاسلام ويعتزون باللغة العربية ولا يستهلون خطابا إلا بها ولا يختمون بالدعاء إلا بها.
أما الاتÙاقية التي أمضيت عليها مع باغار نوسا وشهد عليها القادة الذين ذكرتهم، Ùهي تعاون رÙيع المستوى ÙÙŠ Ùنون الدÙاع ÙˆÙÙŠ مجال ثقاÙية أخرى، وللعلم ÙÙÙ† السيلات يدرب للجيش والأمن أيضا.
ليلا كان لقاء آخر ÙÙŠ مدرسة الشيخ عقيل، Øيث انعقد مؤتمر خاص لهيئة التدريب ÙÙŠ باغارنوسا وهيئة الادارة، وألقى الشيخ مصطÙÙ‰ عقيل كلمة جميلة، ولكن اللاÙت للانتباه أن خطب العلماء والمشايخ تمتاز بØضور كبير للصور التي لا يستطيع السامعون لها منع أنÙسهم من الضØك، Ùالبسط والانبساط سمة ÙÙŠ كل شيء Øتى ÙÙŠ الخطب الدينية والوعظية، Ùترى ضØÙƒ الØاضرين كأنهم ÙÙŠ مسرØية كوميدية، وذلك من سعة البسط ÙÙŠ قلوبهم.
ÙÙŠ ذلك المؤتمر قدمت عرضا Ùيه الكثير من الكوميديا Ù„Ùنون الدÙاع مع معلم كبير للسيلات، وكان التلاميذ يشاهدون بشغ٠ويضØكون بسعادة، كان ذلك من أجمل وألط٠ما شهدت.
Ùجرا انطلقنا بالقطار إلى جاكرتا، وقال صديقي: هذا يعتبر قطارا عاديا، والØقيقة كان القطار شبيها ÙÙŠ تصميمه الداخلي بالطائرة، قمة الÙخامة والروعة، Ùقلت له: كي٠عادي يا صاØبي…ماذا سيكون القطار الممتاز عندكم إذا؟
انه رÙاه ÙˆØضارة هم أهل لها عن جدارة، ورØÙ… الله الزعيم الاندونيسي الكبير سوكارنو، والذي كان أيضا Ù…Øبا لمؤسس نهضة العلماء السيد هاشم الأشعري الذي اسسها سنة 1926ØŒ ÙˆØ£ØµØ¨Ø ØÙيد السيد هاشم “عبد الرØمان واØد†رئيسا للبلاد.
بالرغم من أن الاستعمار الهولندي استØوذ على اندونيسيا ثلاثمائة سنة، Ùإنه لم ينزع عن البلاد دينها وأخلاقها، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.
من جاكرتا إلى آتشي: جزيرة سومطرة الجميلة، والتي ابتليت بطوÙان تسونامي، وتØديدا عاصمتها “آتشيâ€ØŒ كانت لي معها قصة أخرى: زيارة إلى أماكن غمرها الطوÙان وقصص عن الألم كأنه خبر النبي نوØØŒ ولكن أيضا عن كرامات الله الكثيرة للمساجد ومقامات الصالØين وبعض الناس.
ÙˆÙÙŠ تلك المدينة زرت مقام Ø£Øد أكابر الصالØين من اليمن (الØبيب أبو بكر بن Ùقيه)ØŒ وكذلك ألقيت درسا ÙÙŠ مسجد من مساجدها العامرة بعنوان “التصو٠جوهر التوØيدâ€ØŒ وكان لي لقاء مع آلا٠المريدين ÙÙŠ ضياÙØ© الشيخ عمران ولي الخالدي شيخ الطريقة النقشبندية الخالدية.
Øيث ألقيت Ù…Øاضرة بعنوان “منازل الأولياء ومساكن الأصÙياءâ€ØŒÙˆÙ…Ù† منازل الأولياء خلÙاء الأنبياء ومنزلتهم عند الله، طرنا إلى أعلى Øيث الØضرة القدسية والØضرة المØمدية، ونظرنا كي٠تكون مجالي الØضرتين ÙÙŠ أهل الله الصالØين، ومن هنالك نزلنا نقصد مساكن الأصÙياء الذين ÙŠØبون الأولياء ÙصÙت قلوبهم بالمØبة الربانية وسقاهم ساقي القوم ما أذهب عنهم ظمأ القلب والروØ.
Ù…Øاضرة بكت لها العيون وأينعت بها القلوب، وكانت ليلة مشهودة.
ÙÙŠ مدينة آتشي جمال أخاذ، وجبال ساØرة، وبØر خلاب لكنه قاتل أيضا، ولعله مظلوم مما ÙŠÙعل أبالسة البشر من تجارب ÙÙŠ عمقه سببت ما سببت، ÙˆÙيها Øقول ترتدي خضرة نضرة وتنسكب Ùيها الأنهار، لكأن للماء هنا قيمة اخرى وجمال آخر، لأنه ينهمر أمام أعين تعشق الØياة، ÙˆÙÙŠ قلوب ملؤها الود والاØترام.
عندما غادرت من آتشي إلى ماليزيا، Øيث كانت لي جولة بين كوالا لامبور، وجوهو بهرو ÙÙŠ الØدود مع سنغÙورة، وكلنتان ÙÙŠ الØدود مع تايلاندا، ÙˆÙÙŠ كل زيارة قصص ولقاءات مهمة، ثم رجعت إلى جاكرتا ليومين، لم يكن لي مجال للراØØ© رغم قلة النوم وكثرة السÙر، Ùبمجرد وصولي إلى مقر أمانة كيتا ولقائي بصديقي هرتونو ليمين والدكتور علي عبد الله والدكتور Øسب الله وأخي الشري٠بلهوي، وجدت القوم عازمون على السÙر لساعات طويلة إلى مدينة بيكالونغان، Ùعزمت معهم، لأن اللقاء سيكون ÙÙŠ منزل الØبيب لطÙÙŠ بن ÙŠØيى القائد الروØÙŠ والصوÙÙŠØŒ ÙˆÙÙŠ مجلسه Ùجرا جلس أكثر من عشرين أل٠رجل وامرأة وطÙÙ„ØŒ إلى الساعة الثانية بعد الظهر، ÙÙŠ ذكر ÙˆØªØ³Ø¨ÙŠØ ÙˆØªÙ‡Ù„ÙŠÙ„ وتكبير، وقد أجلسني الØبيب لطÙÙŠ مكانه، ومعي أخي وصديقي الشيخ الداعية عون القدومي من الأردن الذي سررت كثيرا بلقائه، والØبيب هاشم بن ÙŠØيى اليمني، وهو من أقارب الØبيب لطÙÙŠ.
كان ذلك ختام رØلتي، وبعدها مطعم رائع على شاطئ البØر، ورØلة لساعات إلى جاكرتا، ثم طائرة تطير بك نص٠يوم Øتى تØØ· ÙÙŠ اسطنبول، وبعدها إلى تونس الØبيبة.
إن رØلتي إلى أندونيسيا باب لعالم آخر، لقوم ترى Ùيهم جمال الاسلام وروعة التواضع وعظمة المØبة، وترى لذاتك انعكاسا جديدا مختلÙا، سو٠يسمو بك أكثر، إن كنت ذا بصيرة.
سوسة 27/02/2018
استمتعت كثيرا بهذه الرØلة أكثر من استمتاعكم بها. تØياتي لك أستاذي العزيز.
بارك الله Ùيك يا أستاذ شري٠وأØسن إليك وجعلني عند Øسن ظنك وجمعنا أبدا على خير
أشكرك يا دكتور على رباط الكتاب، لقد أطلعت على موقعكم الثري، مما جعلنا Ù†Ùتخر بوجود مثلك بيننا
سعدت بالتعر٠على Ùكرك الراقي والمتميز
خالص تØياتي”ØŒ
د. Ù…Øمد طلعت الجندي
Comparative Literature
Myong Ji – University- Seoul-South Korea
Seoul 120-728, Korea, 34 Geobuggol-ro, Seodaemun-gu
***
معالي أخي الكريم الÙاضل
البروÙيسور Ù…Øمد طلعت
هذا أدبك الراقي وذوقك الرÙيع
أدام الله عليّ نعمته بك
وجمعنا على خير
آمين
***
أشكرك أستاذي الكريم على عنايتك بإطلاعي على Øسن بديعكم ÙÙŠ أدب الرØلات، وإتØاÙÙŠ بخÙØ© قلمكم ÙÙŠ أداء جميل المعاني.
أتØÙتنا Ùيها بالمعرÙØ© الطيبة والعلم الجمّ والأدب الرÙيع والخلق الكريم والÙكر المستنير
Ùبارك الله Ùيك وتباركت يداك وبوركت Ùطنتك”ØŒ
د.خالد الكندي
قسم اللغة العربية وآدابها
كلية الآداب والعلوم الاجتماعية
جامعة السلطان قابوس
***
آمين جميعا
والملائكة تقول
لك مثل ذلك يا دكتور خالد
والله يجمع المتØابين Ùيه
سرتني رسالتك كثيرا
جعلني الله عند Øسن ظنك
وسرك بكل خير
وجمعنا أبدا عليه
آمين
***
السلام عليكم ورØمة الله وبركاته
لقد جلت ÙÙŠ موقعكم الكريم من خلال الرابط اعلاه وقطÙت بعضا مما اشتهته Ù†Ùسي وما أكثره ..
تمتعت كثيرا بقراءة كتابكم عن رØلتكم الى اندنوسيا …Ùكانني Ø·Ùت معك بأسلوبك الرشيق وسلاسة Øديثك الشيق …
دمت موÙقا دكتور …ونØÙ† بانتظار المزيد من جواهر كلامكم.
بسام الخÙاجي
مملكة النرويج
***
وعليكم السلام ورØمة الله وبركاته
يا أل٠أهلا وأل٠سهلا وأل٠مرØبا
أخي الكريم الÙاضل
سرتني رسالتك كثيرا
سرك الله بكل خير
وسلم Øلك وترØالك
آمين
كلّنا سرّتنا مشاركتك إيّانا الرّابط
أيÙّها الدّكتور الكريم العظيم؛
نصّ أدبيّ عميق، يكÙÙŠ
أسلوبك الأدبيّ المتÙرّد!
اعتزازي بك، ÙˆØÙاوتي
بأدبك وذوقك.
الشّكر الكثير على اختيارك
لي لأكون بين كوكبة المطلعين
الآن٠ذكرهم ÙÙŠ التّعليق،
امتناني والتّقدير.
شكر الله لك، وأØسن إليك، وجعلني عند Øسن ظنك!