كتّاب ما زالوا يصرون على القلم والورق وآخرون تخطوا زمن الØنين وجذبهم الكيبورد،
الثلاثاء 29 مارس 2022 16:59
دائماً هناك طقوس للكتابة تختل٠ÙÙŠ تÙاصيلها من كاتب إلى آخر، لكن ظهور الكومبيوتر واستخدامه ÙÙŠ الكتابة عموماً، والكتابة الإبداعية بخاصة، ترك أثره ÙÙŠ تلك الطقوس وأسبغ عليها Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ© عن تلك التي كانت معروÙØ© ÙÙŠ زمن الكتابة التقليدية بالقلم، والتي لا يزال بعض الكتاب يسير على نهجها إلى الآن. ثمة روائيون وشعراء وكتاب ÙˆØتى صØاÙيون ما زالوا يكتبون بالقلم وعلى الورق الأبيض، ويصرون على رÙض الكتابة على الكومبيوتر متسلØين بذرائع Øقيقية ÙÙŠ نظرهم ترتبط بالØنين الدائم الى زمن القلم والورق الأبيض.
كان الشاعر أنسي الØاج يصر على الكتابة بالقلم مع أنه تعلم قليلاً استخدام الكومبيوتر، وكان يبرر هذا التعلق قائلاً إنه عندما ÙŠØمل القلم يشعر أن الÙكرة تنزل من الرأس الى اليد والأصابع عبر الشريان الذي يجمع بينها والدم الذي يسيل ÙÙŠ العروق.
ومن الشعراء والكتاب الذين مازالوا يكتبون بالقلم أدونيس، Ø£Øمد عبدالمعطي Øجازي، شوقي أبي شقرا، عبدالمنعم رمضان، بول شاول، Ù…Øمود شريØØŒ الناقد ØµÙ„Ø§Ø Ùضل، الروائية سلوى بكر وسواهم.
الشاعر ادونيس يرÙض الكومبيوتر (موقع شعراء)
ÙˆÙÙŠ ما يلي استطلاع أجرته “اندبندنت عربية” وشمل عدداً من الكتاب العرب Øول طقوسهم ÙÙŠ الكتابة ومدى اختلاÙها مع الكومبيوتر عما كانت عليه ÙÙŠ السابق.
يقول الروائي والقاص المصري Ù…Øمود الورداني، “Øاولت الكتابة باكراً جداً على كومبيوتر كنت اشتريته لأولادي. ÙˆÙÙŠ العام 1997 تجرأت وجلست لأنقل ما كنت كتبته ÙÙŠ المسودة الأولى لرواية “الروض العاطر”. وبالطبع كنت Ø£Øذ٠وأضي٠وأعدل الصياغة، ÙˆÙجأة وجدت النص الذي كتبته قد تØول إلى Øرو٠متشابكة غير مقروءة، وهو ما أصابني بالرعب لأنني كنت قد بذلت مجهوداً هائلاً أثناء العمل عليه. أظنني كنت قد كتبت كمية لابأس بها، وغيرت ما لم يكن ممكناً أن أتذكره، وعلمت بعد أن عرضت الأمر على المتخصصين أنه كان يجب علي أن أقسم النص الذي كتبته على أكثر من ملÙØŒ وخسرت بالطبع كل ما كنت قد كتبته، واعتمدت بالطبع على النسخة الأولى التي كنت قد نقلت منها”.
الروائي المصري Ù…Øمود الورداني (اندبندنت عربية)
أدى ذلك، يضي٠الورداني، “إلى كرهي الشديد ونÙوري من هذا الجهاز البغيض، وأظن أن هذ النÙور استمر سنوات عدة، ولم أعد المØاولة إلا عام 2015 Øيث بدأت ÙÙŠ كتابة مقالاتي على اللابتوب بعد أن أكتبها بيدي أولاً على ورق منÙصل. ÙˆÙÙŠ العام Ù†Ùسه كتبت رواية “البØØ« عن دينا” بيدي أولاً، ثم نقلتها على اللاب. أما رواية “باب الخيمة” الصادرة ÙÙŠ 2018 وسيرة “الإمساك بالقمر” الصادرة ÙÙŠ 2021 ورواية “ساعات الأسر” (2022) Ùقد كتبتها على اللاب مباشرة، هذا إلى جانب عدد كبير من المقالات والدراسات. وقد اكتشÙت بالطبع إلى أي مدى Ø£Ùادت الكتابة الإلكترونية وإلى أي مدى اختصرت الوقت والجهد وساعدت ÙÙŠ أن تكون إعادة الكتابة (عادة أعيد كتابة أي نص روائي أو قصصي مرات عدة) أمراً ممكناً وميسراً”.
طقوس مقدسة
الشاعر والكاتب الÙلسطيني المتوكل طه يرÙض استخدام الكومبيوتر ÙÙŠ الكتابة التي لها عنده طقوس تكاد تكون مقدسة، بل هي كذلك بالÙعل ÙÙŠ تصوره. يقول، “ما بين الكتابة وطقوسها وشائج قوية، أو قل إن الكتابة وطقوسها مترابطان بشكل يستدعي كل منهما إذا Øضر الآخر، وكأن الكتابة بهذا المعنى لا تتكامل إلا مع خارجها، ولم لا، Ùالكتابة على ذاتيتها هي استØضار “الآخر”ØŒ أو استدراج الخارج من طريق إخراج الداخل. ونصي يولد ÙÙŠ طقوس Ø£Øرص عليها كل الØرص، وأتقصدها كل التقصد، وأعمد إليها كلما انتابتني تلك “الØالة” التي أعرÙها، Ùأكاد أطلب من مكاني أكثر من النظاÙØ© والترتيب، وأطلب الصمت العميق، وأتهيأ “لها” باللباس اللائق والطهارة بمعناها الجسدي الØرÙÙŠ. ويرى طه أن العلاقة ليست ميكانيكية بين الكتابة كاستجابة، والواقع الخارجي كمثير، ذلك أن الكتابة تØتاج ÙÙŠ ما يبدو إلى Ù…ÙØªØ§Ø Ù…Ø¹ÙŠÙ† وخاص Øتى تÙيض وتÙرض Ù†Ùسها علي، نقصد هنا الكتابة التلقائية الإبداعية التي تضغط بشكل لا يمكن مقاومته، ولا نعني بها الكتابة الواجبة أو المهنية أو الميدانية، ولا يمكن Øصر المثيرات الخارجية والداخلية، ولكنها ÙÙŠ معظمها لا تدÙع بنا إلى الورق، ÙˆÙÙŠ بعض الأØيان Ùإن النشاط العقلي والروØÙŠ عصي على الÙهم، إذ إننا Ù†Ø±ØªØ§Ø ÙÙŠ بعض الأØيان إلى أن نتØول إلى باردي الإØساس وعديمي الاستجابة ÙˆÙارغي التÙكير، وكأن دماغنا Ù…Ø³Ø·Ø Ø¯ÙˆÙ† التواءات أو نتوءات”.
Øبر أسود
الروائية المصرية سهير المصادÙØ© لا تزال Øتى هذه اللØظة تكتب مخطوطاتها الروائية بالقلم، ويجب أن يكون Øبره أسود، “لكي أرى لمعة الكلمات وهي تومض وتنطÙئ على ورق أبيض غير مسطر، لا تØده Øدود”. وتقول المصادÙØ©ØŒ “هذه المخطوطات تكون مكتظة بالطبع بالكشط والØذ٠والإضاÙØ©ØŒ وبمجرد شعوري بأنني لا يمكنني إضاÙØ© أو Øذ٠أي Øر٠أنتقل إلى الكمبيوتر، وأبدأ الرقن، والمدهش أنني أجد الكثير لأØØ°ÙÙ‡ أيضاً، لكي أضي٠ما لم يخطر لي على بال ÙÙŠ بداية الرØلة”.
وتؤكد المصادÙØ© أن طقوسها ÙÙŠ الكتابة لم تتغير كثيراً ÙÙŠ زمن الكمبيوتر، “ربما ÙˆÙر وجوده الوقت لي ÙØسب، Ùقد أعدت كتابة مخطوط روايتي الأولى “لهو الأبالسة” خمس مرات، واستغرق ذلك خمس سنوات، والخامسة هي التي قدمتها إلى الناشر، وكذلك روايتي الثانية “ميس إيجيبت”ØŒ وابتداء من روايتي الثالثة “رØلة الضباع”ØŒ أصبØت أكتÙÙŠ بالمخطوط الأولي بخط يدي، ومنه إلى الكمبيوتر مباشرة، ÙأصبØت أكتب رواية كل عامين بدلاً من خمسة أعوام.
عادة أكتب Ùجراً أو ÙÙŠ Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø¨Ø§ÙƒØ±ØŒ وبلا موسيقى على الإطلاق، أكاد أسمع هسهسة الأمكنة والناس والأزمنة المختلÙØ© وضجيج الØرو٠على الورق، أتبع هذا الإيقاع وأنساق خلÙÙ‡ من أول سطر ÙˆØتى نقطة النهاية”.
متعة الرقن
يقول الكاتب السعودي عبدالله العقيبي “أشك ÙÙŠ كوني جايلت بشكل Øقيقي Øقبة الكتابة التقليدية على الورق، على الرغم من أن البدايات المبكرة كانت كذلك، لكني لا آخذ موضوع البدايات على Ù…Øمل الجد، وأظن أنني ممن كان سينسØب من مسألة الكتابة برمتها لولا آلة الرقن (الكيبورد)ØŒ Ùأنا أجد ÙÙŠ هذه الآلية نوعاً من المتعة، ربما لأن جلي كله موصوم بجيل الإنترنت أو كتاب الألÙية الجديدة كما ÙŠØلو لبعضهم تسميته”.
الكاتب السعودي عبدالله العقيبي (اندنبدنت عربية)
ويضيÙØŒ “الآن أكتب على الماك بوك، ولدي ملÙات لا Øصر لها، بعضها عشوائي وبعضها منظم، بØسب ÙˆØ¶ÙˆØ Ø§Ù„Ùكرة أثناء الكتابة، ولعل سهولة الرقن لها دور كبير ÙÙŠ الكثرة وغزارة الإنتاج، كما أن للموضوع بعداً هلامياً لا يمكن القبض عليه بسهولة، وهذه التعقيدات الجديدة لها دور كبير ÙÙŠ تطور صنعة الكتابة، Ùإعادة الكتابة مسألة ÙÙŠ غاية الأهمية للكتاب المØترÙين، وتجعل للموضوع بعداً خطراً، ÙالمØÙˆ صار قراراً Ù„Øظياً وغير قابل للتراجع، Ùبجرد ظهور التنبيه “الووردي” الشهير (هل تريد ØÙظ التغييرات؟) يرتÙع مستوى الأدرينالين ويختلط الصواب بالخطأ، أض٠إلى ذلك العراك المعتاد بين المعرÙØ© الذاتية بقواعد اللغة والإملاء، ومعرÙØ© الآلة التي ØªØªØ¨Ø¬Ø Ø¨Ø§Ù„Ø®Ø·ÙˆØ· الØمراء والزرقاء، ÙˆÙÙŠ كل ذلك أجد متعة جديدة ولذيذة لا يمكن إنكارها، بل أعتبرها نوعاً من الخلق الجمالي الØديث، بخاصة مع وجود ما يعر٠بأعرا٠الكتابة الØديثة، من قدرة على تغيير الخطوط، وتغيير الألوان، والتلاعب بالبنط، وهذه الجمالية لا تعد اليوم ترÙاً، بل يستخدمها أكثر الكتاب Øداثة، كما أن لها صدى كبيراً ÙÙŠ الدراسات النقدية الØديثة، التي تهتم بالتشكيل الكتابي، Ùيما يعر٠بتشكيل الÙضاء النصي، وهناك دراسات مهمة تتناول هذا التشكيل، وتستخلص منه جماليات Øديثة مليئة بالدهشة، ولها علاقة وطيدة بالمضامين وباللØظة الراهنة، ولا أعتقد اليوم أن كاتباً Øديثاً ÙÙŠ غنى عنها”.
ماذا لو؟
تقول الكاتبة المصرية منصورة عز الدين، “بينما كنت أبØØ« عن شيء ÙÙŠ مكتبتي قبل Ùترة، عثرت على Ø¥Øدى مسودات روايتي الأولى “متاهة مريم”ØŒ أقصد الأجزاء المكتوبة بالقلم، خلال المراØÙ„ الأولية لكتابة الرواية، قبل أن أكملها على الكمبيوتر. بدأت ÙÙŠ قراءة المسود كأنما أقبض على زمن منÙلت. ÙÙŠ الهوامش Ø£Ùكار أولية، Øمدت الله على أني لم أسر خل٠معظمها، وملاØظات أدخلتني ÙÙŠ دوامة ماذا لو؟”.
وتضيÙØŒ “أعدت المسودة إلى مكانها وأنا Ø£Ùكر ÙÙŠ أن التكنولوجيا Øرمتنا من إمكان وجود مسودات مكتوبة يدوياً بالكامل، بكل ما تØمله من هوامش وشطب وشخبطات، لكنها ÙÙŠ Øالتي على الأقل ساعدت على أرشÙØ© أكثر دقة لمراØÙ„ العمل على كتاب ما، وإن كان هذا الأرشي٠يظل Øميماً وشخصياً وغير Ù…ØªØ§Ø Ù„Ù„Ø¢Ø®Ø±ÙŠÙ†”.
منذ “متاهة مريم” تضي٠عز الدين، “وأنا أكتب أعمالي على الكومبيوتر، لكنني أدون المشاهد الاÙتتاØية والنقلات المهمة بالقلم، وكذلك إعادة كتابة ÙˆØªÙ†Ù‚ÙŠØ Ø¨Ø¹Ø¶ المشاهد ورسم الشخصيات. هناك Ù„Øظات لا أرضى Ùيها عن تÙاصيل مشهد معين وأشعر أن الصلات بين عناصره مختلة أو أن شخصية ما ضبابية ÙÙŠ عيني، ÙˆÙوراً أجدني ألجأ بلا تÙكير إلى الورقة والقلم، كأن هذا سو٠يمدني Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø§Ù„Ø±Ø¤ÙŠØ© ويسهم ÙÙŠ ØÙ„ ما يقابلني من مشكلات وتØديات خلال عملية الكتابة. وأظن أن هذا صØÙŠØØŒ على الأقل ÙÙŠ Øالتي، إذ يكون Ø¥Øساسي بالكلمات وبإيقاع الجمل أعلى، لأن عملية الكتابة تكون أبطأ مقارنة بالكتابة على الكمبيوتر، وهذا ÙŠØªÙŠØ Ù„ÙŠ الوقت الملائم للتمعن ÙÙŠ ما أكتبه والتدقيق Ùيه، وإن كانت مشكلته أن سرعة Ø£Ùكاري تسبق سرعتي ÙÙŠ الكتابة بالقلم”.
تآل٠عجيب
يعتقد الشاعر والروائي والإعلامي المغربي ياسين عدنان أن الكومبيوتر Ù…Ù†Ø Ø£Ø¯Ø¨Ø§Ø¡ هذا الزمن تآلÙاً عجيباً مع الكتابة وجعلهم أكثر اجتراء عليها، خصوصاً الكومبيوتر المØمول الذي يراÙÙ‚ المرء ÙÙŠ الØÙ„ والترØال. يقول، “لك أن تكتب أنى شئت على أن تراجع ما رقنته، بالتصØÙŠØ ÙˆØ§Ù„ØªØ¹Ø¯ÙŠÙ„ والتنقيØØŒ بسلاسة من دون أن تضطر إلى التØرير الورقي الذي كان مرهقاً ومملاً.
الكاتب المغربي ياسين عدنان (صÙØØ© الكاتب على Ùيسبوك)
ويضيÙØŒ “Øالياً أعك٠على إعداد كتاب رØلات تØت عنوان “مدائن معلقة”ØŒ ما كنت لأØظى بمادته لولا صداقة الكومبيوتر المØمول، رÙيق أسÙاري الذي Ø£ØªØ§Ø Ù„ÙŠ الكتابة بسلاسة ÙÙŠ المطارات ومØطات الترانزيت، بل وعلى متن الطائرة Ø£Øياناً. بÙضله، صرت أسطر تدوينات السÙر الخاصة بي مباشرة. كنت أنشرها بداية على جداري الÙيسبوكي. ثم بدأت التدوينات تطول وتطول. يعاد نشرها ÙÙŠ صØ٠ومجلات ومواقع إلكترونية، Ùصرت أؤجل نشرها إلى Øين تنقيØها على الأقل. هكذا صرت أتعامل مع هذه التدوينات بجدية أكبر. بل صرت معنياً بـ “التدوينة” باعتبارها جنساً مستقلاً، وبتدوينات السÙر باعتبارها تنويعاً ضمن هذا الجنس الجديد”.
يتذكر الروائي المصري أشر٠الصباغ أن طقوس الكتابة ÙÙŠ الزمن الماضي “كانت تتركز Øول الاستغراق التام ÙÙŠ الÙكرة، ثم الانكباب على الورق إلى أن يتم Ø¥Ùراغ كل ما تراكم خلال عملية الاستغراق التي تعتبر بالنسبة إلي المرØلة الأساس والكتابة الØقيقية للنص، سواء كان قصة قصيرة أو رواية أو مقالة أو دراسة. بعد ذلك تأتي مرØلة الØرÙØ© أو الصنعة والتعديلات والتدقيقات. ÙÙŠ مرØلة الاستغراق ÙÙŠ الÙكرة، كانت القراءة هي المØÙز الأول، وتأتي بعدها الÙرجة على المسرØØŒ وسماع الموسيقى، وأØياناً الصخب والسهر واللهو. ÙˆÙجأة تأتي Ù„Øظة الكتابة. وعلى الرغم من كل ذلك، هناك دوماً طقوس لا يمكن للكاتب أن ÙŠÙØµØ Ø¹Ù†Ù‡Ø§ØŒ ربما لأنها تتعلق بØياته الخاصة أو السرية، وربما لأنه يمارسها من دون أن يدري.
الكاتب والمترجم المصري أشر٠الصباغ (صÙØØ© الكاتب على Ùيسبوك)
ÙÙŠ عصر الكمبيوتر، يضي٠الصباغ، لم تختل٠الأمور كثيراً، بل صارت أسهل وأÙضل، ÙالÙكرة تقÙز أمامي مباشرة من مجرد كلمة أو جملة أو صورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأØياناً تتراكم بعض الأÙكار بنتيجة القراءة، وتÙجرها جملة موسيقية أو مسرØية أو Ùيلم سينمائي. الآن Ù†ØÙ† نعيش ÙÙŠ عصر الثراء والسرعة والØركة السريعة، أما التعمق والتأمل والاستغراق ÙÙŠ التÙاصيل Ùهذا أمر يعتمد على الكاتب Ù†Ùسه، بل هو مسؤولية الكاتب. Ù†ØÙ† ÙÙŠ عصر عظيم وغني ومليء بالأÙكار والاØتمالات وزوايا النظر: عصر الإمكانات والقدرات، عصر تعدد الروايات، وعصر “أنا أستطيع”.
Ù„ÙˆØ Ø§Ù„Ø£Ø±Ø¯ÙˆØ§Ø² والكومبيوتر
وكذلك يتذكر الشاعر والمترجم المصري عبدالمقصود عبدالكريم أنه ÙÙŠ أوائل العام 1997 تسلم بØكم عمله طبيباً جهاز رسم مخ بالكمبيوتر، وكان على مهندس الشركة الموردة للجهاز أن ÙŠØ´Ø±Ø Ù„Ù‡ ولزملائه كيÙية عمل الجهاز، “وكان هذا أول تعامل لي مع جهاز كمبيوتر من نوع ما. أتذكر أنني سخرت يومها من Ù†Ùسي وقلت: من Ù„ÙˆØ Ø§Ù„Ø£Ø±Ø¯ÙˆØ§Ø² إلى الكمبيوتر، ÙˆÙ„ÙˆØ Ø§Ù„Ø£Ø±Ø¯ÙˆØ§Ø² للأجيال الجديدة ولأبناء المدن هو Ù„ÙˆØ ÙƒÙ†Ø§ نتعلم عليه الكتابة ÙÙŠ كتاتيب القرى. يومها لم يخطر ببالي أن يتØول جهاز الكمبيوتر بأشكاله المختلÙØ© إلى أهم جهاز ÙÙŠ Øياتي تقريباً، إن لم أقل أهم شيء لو قست الأهمية بمقدار الÙائدة وبمقدار الوقت الذي أقضيه معه”.
ÙˆÙÙŠ السنة Ù†Ùسها وبعد بضعة أشهر يضي٠عبدالكريم، “كنت أمتلك أول جهاز كمبيوتر ÙÙŠ بيتي، وكنت وقتها أعد كتاب “جاك لاكان وإغواء التØليل النÙسي” للنشر، وكنت قد كتبت مسوداته ثلاث مرات بالقلم الرصاص، وأضÙت إليه Ùصلاً وكان علي أن أعيد كتابته مرة رابعة، وما أدراك ما يعنيه أن تكتب مسودة كتاب أربع مرات بالقلم الرصاص. المهم بعد Ù…Øاولات مضنية وصعوبات بالغة نجØت ÙÙŠ كتابة الكتاب على الجهاز، ÙˆØملته على قرصين Ùلوبي floppy discØŒ وسلمتهما إلى مسؤول النشر ÙÙŠ المجلس الأعلى للثقاÙØ©”.
يقول، “كانت Ù„Øظة Ùارقة ÙÙŠ Øياتي العملية، الكتابة والترجمة، ÙˆØتى القراءة، تطور الأمر بعدها تدريجياً، Øتى انقطعت علاقتي تماماً بالورقة والقلم، ووصل الأمر ÙÙŠ نهايته إلى درجة أنني أرÙض ترجمة كتاب إلا لم توÙر دار النشر لي نسخة بي دي إ٠منه”.
نوستالجيا دائمة
من جانبه، يرى الروائي المغربي Ù…Øمد سعيد Ø£Øجيوج “أن لكل عصر أدواته، وبقدر ما تكون للأدوات القديمة Øميمية عند مستخدميها، لا يمكن إغÙال التقدم الذي تأتي به الأدوات الØديثة، Ùمثلاً الرسائل البريدية المكتوبة بالØبر على الورق تبعث ÙÙŠ المرء نوستالجيا ØريÙØ© إلى الماضي الجميل، ولا يمكن إنكار الأØاسيس التي تراÙÙ‚ كتابة تينكم الرسائل، لكن بطبيعة الØال لا يمكن تجاهل التقدم الذي أتى به البريد الإلكتروني. لدي ÙÙŠ Øقيبتي، مع الكمبيوتر، Ù…Ùكرة ÙˆØزمة أوراق ومجموعة أقلام، ÙˆÙÙŠ جيبي هات٠بشاشة كبيرة بما يكÙÙŠ لقراءة مريØØ© وكتابة سريعة. خلال المشي، ÙÙŠ طريق الذهاب والعودة من العمل، يمكن أن أخرج هاتÙÙŠ وأكتب ملاØظات طارئة أو Ø£Ùكاراً ذات صلة بمسودة روائية ما. ÙÙŠ المقهى، خلال ساعات Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¨ÙƒØ±Ø© التي أخصصها للكتابة (أو القراءة Øين لا أكتب) يمكن أن أستخدم المÙكرة / الأوراق لكتابة مقاطع قصيرة أو Ø£Ùكار سريعة أو مخططات رسومية، أو Øتى لكتابة مقطع طويل على الورق، إذا تطلب الأمر، غالباً بخط أعر٠أنني لو أردت قراءته بعد أيام لن أستطيع ÙÙƒ طلاسمه، لكن سرعة الكتابة تلك على الورق تكون ضرورية لملاØقة تدÙÙ‚ الأÙكار (قبل نقلها إلى الكمبيوتر)ØŒ وهذا أمر كثيراً ما ÙŠØدث خلال Ùترة التÙكير الأولى، والمسودة الأولى، لأي رواية”.
ويضي٠أØجيوج، “أخيراً وجدتني أكتب Ùصلاً كاملاً من روايتي الجديدة مباشرة على الهاتÙØŒ لأنه ما كان متاØاً لي ÙÙŠ Ù„Øظة الوØÙŠ تلك. ما زلت Ø£Øب الكتابة بالقلم على الورق، لكن، بصÙØ© عامة، Øين أكون منغمساً ÙÙŠ مشروع روائي Ùإنني أستخدم الكمبيوتر بشكل أساس. الكمبيوتر أداة سØرية تيسر لي Øرية التØرير وإعادة الكتابة. سهولة نقل الÙقرات، والÙصول، من مكان إلى آخر، ÙÙŠ الرواية Ù†Ùسها أو بين الروايات المختلÙØ©ØŒ وأنا عادة أكتب أكثر من رواية بالتوازي، قبل التÙرغ لإØداها بشكل كامل”.
ÙÙŠ النهاية، يقول Ø£Øجيوج، “القلم أو الهات٠أو الكمبيوتر مجرد أدوات، أستخدمها Øسب التوÙر والبيئة التي أوجد Ùيها. لا تشغلني كثيراً طبيعة الأدوات المتواÙرة، ولا طقوس لدي ثابتة للعملية الإبداعية”.
لا مسودات ولا تخطيط
يرى الشاعر والروائي المصري سمير درويش أنه من أوائل الذين تعاملوا مع الكمبيوتر قراءة وكتابة “منذ النص٠الثاني من التسعينيات وأنا أكتب عليه قصائدي ومقالاتي مباشرة من دون مسودات ولا تخطيطات، ولا Øتى طباعة، وكان يعجبني ÙÙŠ الأÙلام الأجنبية مشهد الكاتب الذي يجلس أمام آلة كاتبة ليكتب رواياته، لكنها كانت تشترك مع الكتابة بالقلم ÙÙŠ أنك لو أردت إضاÙØ© أو ØØ°Ù Ùقرة سيكون عليك أن تعيد الكتابة كلها من جديد، وأنا لا أطيق (التبييض)ØŒ Ùضلاً عن أن إعادة الكتابة لا بد سيصØبها إعادة تعديل ÙÙŠ سلسلة لا تنتهي”.
الشاعر المصري سمير درويش (صÙØØ© الكاتب على Ùيسبوك)
ويرى درويش أن الكومبيوتر “استطاع أن ÙŠØÙ„ هذه المعضلة ببساطة Øين صار من السهل أن تØدد Ùقرة ما وتنقر على Ù…ÙØªØ§Ø ÙˆØ§Øد لتلغى إلى الأبد، أو أن تضع علامة (الماوس) بين كلمتين وتضي٠ما تشاء. ويقول “أعر٠أن كثيرين من الزملاء يستمتعون بشكل الورقة (المشخبطة) المليئة بالشطب والكتابة (المزنوقة) بين الأسطر، والأهم التي تشير إلى مواضع إضاÙات ÙÙŠ الهوامش أو ÙÙŠ ظهر الصÙØØ©ØŒ وكثيرون إمعاناً ÙÙŠ الاستمتاع يكتبون على ظهر ورق قديم عليه كتابة سابقة، لكن هذا الشكل لا يروقني، ويصدني عن المتابعة، وكثيراً ما عانيت منه ÙÙŠ عملي بالصØاÙØ© الثقاÙية Øين أعيد كتابة مقالات الآخرين بخط أيديهم، لأنه يكون علي أن أتتبع الأسهم وأØاول ÙÙƒ طلاسم الكلمات المكتوبة بخط رديء. والخط الرديء Ø£Øد علامات الإبداع عند كثيرين أيضاً، إلى جانب النظاÙØ© والنظام والخطوط المعروÙØ© التي يسهل تغيير نوعها ÙˆØجمها ولونها، Ùإن الكمبيوتر سهل عملية النسخ واللصق، سواء من المل٠ذاته الذي أكتب Ùيه، أو من ملÙات أخرى أردت الاقتباس منها، كأن أكتب دراسة عن ديوان وأنقل Ùقرات من الشعر، أو أن أكتب مقالة عن الخطاب الديني وأنسخ أجزاء من آيات قرآنية وأØاديث نبوية برسمها Ù†Ùسه وتشكيلها. الأمر بالنسبة إلي لا يختل٠من Øيث الاستعداد للكتابة وممارستها، ÙÙÙŠ Øال الكتابة بالقلم قديماً، والكتابة على الكمبيوتر الآن، Ùأنا لا أشرع ÙÙŠ الÙعل إلا بعد أن يتشكل ما يشبه الرؤية أمام عيني. كثير من القصائد ØÙظتها قبل أن أدونها. ÙÙŠ الØالتين Ø£ÙØªØ Ø§Ù„ØµÙØØ© (الورقية أو الإلكترونية)ØŒ وأعزل Ù†Ùسي عن كل الأصوات المØيطة، وأبدأ ÙÙŠ الكتابة الأولى التي تخرج معبرة عن هذا الاØتشاد، ثم أنÙصل عنها قليلاً أو كثيراً وأعاود القراءة والتعديل، مع Ùارق أن التعديل على الكمبيوتر يكون نظيÙاً ونهائياً لا ÙŠØتاج إلى تبييض”.
تأمين ظرو٠العيش أولاً
الروائي اليمني علي المقري (صÙØØ© الكاتب على Ùيسبوك)
ويقول الروائي اليمني المقيم ÙÙŠ Ùرنسا علي المقري “كانت الكتابة بالقلم على الورق لها خصوصية Øميمية، لا أعر٠كي٠أصÙها، ولا أظن يتÙهما سوى من عاش تلك التجربة، Øيث اختيار نوع الورق والØبر والمكان والزمان. ما أتذكره أنني كنت أكتب مسترسلاً بشغ٠لا Øد له، ÙˆØين أعود لمراجعة ما كتبت بعد يوم، أو أيام، أجد كثيراً من الكلمات من دون أن أعر٠معناها، أو Øتى قربها من أشكال الكلمات المعروÙØ©. لا تتعلق مسألة طقس الكتابة ÙÙŠ Øال الزمان والمكان Øيث تنجز النصوص، وإنما ما قبل ذلك، Ùقبل أن أبدأ بكتابة رواية علي أن أؤمن ظرو٠العيش، ÙÙŠ كل مستوياته المادية والعلائقية، Øتى لا أجد من يقطع Øبل استرسالي اليومي وانشغالي بهواجس الشخوص وتØولاتهم. وهذا يستدعي، بالتجربة، اختيار ما يناسب الØال من أكل وشراب، ومكان جيد لا تدخل منه Ø§Ù„Ø±ÙŠØ Ø¥Ù„Ù‰ الجمجمة. كنت أجلس لساعات طويلة لأكتب، عازلاً وجودي عن المØيط الخارجي بصوت موسيقى أو Øتى نشرات أخبار تلÙزيونية، لأن هذه الأصوات بدرجاتها المعتادة لا تÙزعني مثل دقات على باب أو سماع صراخ ÙÙŠ الشارع، وغالباً كنت أنام من الإرهاق ÙÙŠ مكان الكتابة Ù†Ùسه، Øيث أعمل متكئاً ÙÙŠ زاوية غرÙØ©”.
ويضيÙ: “مع هذا هناك تجربة Ù…Ùارقة، ÙØين أوشكت على إكمال روايتي “بخور عدني” أردت أن أذهب إلى عدن لأختبر المكان الذي كتبت عنه، ومنه أقوم بمراجعة نهائية للنص، Ùوجدتني أعيد كتابة بعض الÙقرات وأضي٠أجزاء أخرى متأثراً بأجواء المدينة التي زرتها مرات كثيرة. Ùالتصور الساخر، ÙÙŠ الرواية، للصراع الذي Øدث ÙÙŠ عدن وبدا بين Øزبي تØية كاريوكا وسامية جمال، لم يكن له أن يظهر على هذا النØÙˆ لولا اقترابي أكثر من Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù…ÙƒØ§Ù† وناسه، خارج إطار طقس الكتابة المعتاد. طبعاً، الكتابة عبر الكمبيوتر، وهذا ما صرت أقوم به، قد تساعد بعضهم ÙÙŠ إنجاز النص بهيئة أكثر Ùنية، لكنها قد ØªØµØ¨Ø Ù…Ø³ØªØ³Ù‡Ù„Ø© أو مبسطة عند بعضهم Ùيبدو النص Ù…Ùككاً ومهلهلاً، غير منسق الكلمات والØروÙ. أما وقد صرت أعيش ÙÙŠ المهجر مضطراً، بعد أن داهمتنا الØرب، Ùإنني Ø£Ùتقد كل شيء، كل ما ألÙته من الØياة مع الكتابة، عادات الأكل والشرب والنوم والصØو، مكاني الذي أجلس Ùيه، مكتبتي ومسوداتي، موسيقاي، Øتى الجدار الصاÙÙŠ الذي أبقى أتأمله كثيراً”.