“ÙÙŠ روايتها Øينما تشتهيك الØياةâ€:
الروائية الجزائرية Ùضيلة ملهاق تزلزل ضمير العالم!
لدى قراءتي لرواية “Øينما تشتهيك الØياة”ØŒ الصادرة Øديثا عن دار العين المصرية، للروائية والشاعرة الجزائرية المتجددة Ùضيلة ملهاق، لمست مساØات Ùضاء بكر للإبداع ÙÙŠ التناول والعمق ÙÙŠ Ø§Ù„Ø·Ø±Ø ÙˆØ§Ù„Ø³Ø±Ø¯ والإشكاليات المتشابكة بين الذاتي والموضوعي، ومØوره الإنسان الكوني، لمØت تصادم خطوط الطول بخطوط العرض، وتلاطم أمواج الشمال العاتية ÙˆØ±ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø¨Øار العالية وهي تهشم الرؤوس وتبتلع Ø£Øلام البشر أبناء الجنوب الذي ÙŠØتضر، لمØت المدينة العربية الرمزية، وكأنها مدينة كل العرب وعاصمة الأØزان والخيبات، Ùتلك الرواية هي بجدارة صوت بل صرخة الضمير العربي الواعي، ضد الÙساد والظلم والقهر والاغتراب الذي صار تيمة تلاØÙ‚ الإنسان ÙÙŠ قلب وطنه قبل أن تأخذه بأØزانه إلى أعماق المناÙÙŠØŒ ÙÙŠ سردية غرائبية بديعة من الرومانسية الØالمة والواقعية النازÙØ©.
” أنْ تَشْتَهي الØياة Ùهذا هو المÙعْتاد٠ÙÙŠ البَشَر،
لكÙنْ أن تَشْتهيكَ الØيَاة، Ùذلك هو السÙّر الّذي يستØÙ‚ÙÙ‘ عَناءَ اكْتÙشاÙÙÙ‡.”
بهذه العبارات الساØرة، تباغتنا الروائية والشاعرة الجزائرية Ùضيلة ملهاق عبر روايتها “Øينما تشتهيك الØياة”ØŒ الصادرة Øديثا عن دار العين المصرية، إذ تقدم للقراء منذ الوهلة الأولى غير المعتاد، Ùتدعونا إلى تجربة متÙردة، تنقلب Ùيها الرهانات، طارØØ© السؤال السØري: أين ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„Øياة هي التي تشتهينا وتسعى إلينا، بدلًا من أن نسعى Ù†ØÙ† إليها ونركض خل٠رغباتنا Ùيها؟
بنت ملهاق النسيج السردي لروايتها على مجموعة من الوقائع والأØداث المتداخلة، التي أتقنت المؤلÙØ© Øبكتها وبنيانها بإØكام، ابتداءً من الانتقاء الرمزي لمكان الرواية مدينة “الليمونة”ØŒ مدينة من مدن الضÙØ© الجنوبية للبØر الأبيض المتوسط، يمكن أن تتجسد ÙÙŠ أي بلد من بلدان العالم الثالث، وتقÙّي أثر مجموعة من شبابها الذين يقررون الهجرة السرية، هروبا من Øياة تÙتقد لمتطلبات Ø£Øلامهم، وتÙزيّن لهم Ùكرة أن يلقوا بثقل تطلعاتهم ÙÙŠ عرض البØر بلا بوصلة.
تكش٠الرواية تدريجيا عن خارطة خَÙيّة للوجود ÙÙŠ عالمنا المعاصر، تبدأ معالمها ÙÙŠ الظهور من Ùوق، على متن طائرة العودة إلى الوطن، وإلى الذات المطمورة، ÙÙŠ إشارة إلى المصائر العالقة ما بين العÙلو والسÙÙ‘ÙÙ„ØŒ ÙˆÙÙŠ الأعماق، على مساÙØ© من الأماني والأهداÙØŒ أين تقتطع لنا ذاكرة Øميد Øماد، الراوي وأØد أبطال الرواية، تذكرة لأØاسيس بعيدة، مختومة بهواجس الØاضر، يقول عنها:
“تسØبÙني Ù…ÙخيÙّلتي إلى الوراء، بينما عيناي ÙŠÙسايران اندÙاع الطّائرة Ù†ØÙˆ الأعلى!
أهمÙÙ‘ ما يشغلÙنا، منذ أن نولد، هو كي٠نستمرÙÙ‘ إلى الأمام، والØقيقة هو أن معظم ØياتÙنا ركضٌ إلى الخَلْ٠… كثيرا ما تقطع٠بÙنا قراراتÙنا مساÙات وأشواطًا، بينما أعْيÙÙ†Ùنا Ù…Ùثبّتةٌ ÙÙŠ الوَراء.
قد تكون ÙÙŠ ذلك مأساتÙنا، مثلما قد تكون ÙÙŠ ذلك سعادتÙنا، Ùما الØياة سوى نظر، وما النّظر سوى انعكاسÙنا ÙÙŠ مرآة Ù„Øْظة٠ما”.
كلما توغل القارئ ÙÙŠ Ø£Øداث الرواية يزداد شعوره بأنه يتعرض لعملية اختراق ناعم، لا Ù…Ùر منها، وكأنه أمام مرآة متعددة الانعكاسات، أو ميكروسكوب عملاق، يكش٠له تÙاصيل جديدة عن الإنسان، Ùهي تستدرجنا خلال 429 صÙØØ© من الØجم المتوسط إلى مخابر الØلم والواقع، بجرأة لا تخلو من الوعي، والانتقاء الدقيق للعبارات والمشاهد.
Ù†ØÙ† أمام عمل روائي عابر للØدود، ومتعدد الأمكنة والأزمنة، والأØاسيس، ينطلق ببراعة متناهية بأØاسيس القارئ من عمق ØÙŠ “العÙلَّيْق”ØŒ ØÙŠ بائس يقع ÙÙŠ قلب مدينة (الليمونة)ØŒ ويجعله يجوب العالم بأسره، غربا وشرقا، شمالا وجنوبا، ليتØدث بلسان المشرق العربي ومغربه، ويناقش مسلمات غربية، ويØضر مجالس مغلقة لقوى عظمى، ويخترق تنظيمات سرية .. وينشر خرائط الكهو٠التاريخية البعيدة التي تØتÙظ بها قصور العالم المعاصر، التي Ø´Ùيدت من دماء الشعوب المطØونة وجيوبها.
العالم ÙÙŠ قارب!
تتكئ الرواية على تØليل مجهري لظاهرة الهجرة السرية (الØَرْقة)ØŒ وتÙصوّر بدقة كي٠تتقاذ٠أمواج البØار، والتواطؤ، أبناء العالم الثالث، من عرب وأÙارقة وقادمين من مختل٠مناطق المعاناة، بلا هوادة ولا رØمة ولا بوصلة، وتكش٠عن تلك العلاقات المتشعبة بين رموز Ùساد الداخل ÙÙŠ الأوطان، يمثلها “منور” رئيس البلدية وشبكة من العاملين على تسÙير الشباب ÙÙŠ هجرتهم السرية، وصولا إلى ÙˆØوش الخارج من كل جنس ولون، رموز عولمة استعباد الشعوب وإذلالها.
جاءت الهجرة السرية ÙÙŠ هذه الرواية خلÙية لموضوع أوسع، وأعمق، تتجاذبه ضÙَّتان، تتقابلان جغراÙيا وتاريخيا، وكل واØدة منهما تترصّد الأخرى وتترقّبها بعين الاشتهاء والرّغبة، والنّÙور أيضا، ÙÙŠ ترابط غرائبي لأدوار خَÙيّة ومÙعلنة، مَطيّتها الإنسان، Ùذلك القارب البسيط، الخارج ظاهريًّا عن المشروع، هو من جهة أخرى نقطة Ù…Øورية، تدور Øولها شرعية عالم غرائبي، يستثير أسئلة ØªØ·Ø±Ø Ù†Ùسها تدريجيا ÙÙŠ الرواية التي تجعلنا نعايش عن كثب، Øياة اللاجئين ÙÙŠ أوروبا ومآسيهم، وما يعانونه من ارتباك وشعور بالقهر وعدم الاستقرار، جاء على لسان Øميد ÙÙŠ مشهد مربك جمعه هو ورÙاقه بشخص غامض يدعى “لورانس” Ùرض عليهم موقÙا Ù…Ùريبا:
” كان كل شيء يبعث على الرّيبة وأنا أقول لعقلي:
“لا تÙØدّثني عن هذه اللØظة لأنني لا أملكها، ولا تسلني عن التي تليها لأنني لا أعرÙها، لا تستعجل موتي بالهواجس”!
ÙˆÙÙŠ رصد تراكمات العلاقة بين الشمال والجنوب، يقول Øميد ÙÙŠ Ø¥Øدى إطلالاته على عالم الأØلام من الجو:
“سويسرا المØايدة الجميلة الهادئة، ليست دائما كذلك بالنسبة لنا، Ù†ØÙ† الشعوب المنهوبة الجيوب، المكتومة الأنÙاس … المسروقة الآمال”.
الØكايات والشخصيات بÙنيت ببراعة Ùائقة، يستوقÙنا بعضها بأنين المهاجرين ونزÙهم، يقول المهاجر الإÙريقي (يارادو) ÙÙŠ بوØÙ‡ لرÙاقه:
“اعتبرني من أي منطقة من مناطق Ø£Ùريقيا المنكوبة، التي قست عليها الطبيعة، وقلوب البشر. بالنسبة لي أجمل أماكن الدنيا هي تلك التي توÙر لنا الأمن والبقاء”.
تلك الرائØØ©!
تبرع الروائية ÙÙŠ وص٠العلاقة الثلاثية (الوطن، الاغتراب، الغربة)ØŒ وتجرّ أطراÙها ÙÙŠ مشاهد متسلسلة إلى ساØØ© الØصاد، Øصاد الأزمنة، والظروÙØŒ والرّغبات، وتكش٠عن Øالات ارتباك قصوى، بين Øب الوطن والشعور بالقهر، يتجلى ذلك ÙÙŠ Ø¨ÙˆØ Øميد، بعد زمن من الأØلام والخيبات، ÙÙŠ وطن لا يستوعب Ø£Øلامه، وغربة تتØايل عليه بأØلام المواطنة:
“عشت معظم Øياتي أقلب وجهي ÙÙŠ المناÙÙŠØŒ أبØØ« عن وطن، وها أنا ذا الآن مَنْÙÙ‰ ÙÙŠ قلب الوطن”!
وجع الذات المثقل بأوجاع الوطن يتكرر وكأنه مستنسخ بطابعة، ÙÙŠ Øكاية عاصم العراقي مع ( شيلاÙا) البولندية، وخيباته مع خطيبته زهرة التي أجبره أخوها هدام (ÙÙŠ إشارة إلى الهدم والتشريد) على تركها، واستغلاله لها ÙÙŠ تØقيق مناÙع شخصية، ÙˆÙÙŠ وجع Ø´Øاتة المصري على أرضه وأهله الذين اضطر للابتعاد عنهم، ومأساة معتز السّوري التي تتنقل معه Øيثما ذهب، وموق٠خولة زوجته الخليجية من مكان وضع مولودتهما، ÙˆÙÙŠ ذلك دلالات عميقة عن ارتباك الأوضاع، وتباين الاختيارات والقرارات السائدة Øاليًّا ÙÙŠ الأمة العربية، والتي عبر عنها منجي التونسي، ÙÙŠ مشهد Ùراق ذي دلالة، Øين وضع ساعة يده ÙÙŠ يد Ø£Øد رÙاقه وقال:
“قيل لي يوما إنها ساعة الØظ، وأظنّ أن الØظّ يد وليس ساعة، أرجو أنّ نبقى يدًا واØدة، مهما تÙرّقت بنا السÙّبÙÙ„! ”
الشعور بالاغتراب ÙÙŠ هذه الرواية متعدد الأوجه، وعنه يقول (جون) الÙرنسي ذو الأصول الهولندية، Ø£Øد المقيمين ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¬Ù†Ø§Ø Ø§Ù„Ø¬Ù†ÙˆØ¨ÙŠ من بنسيون “كوكي”: “كي٠ستكون عاقبة هذه الØضارة العظيمة إذا استمررنا نتقدّم Ù†ØÙˆ الآلة، ونتراجع عن الإنسان”ØŸ رائØØ© الخيانة والÙساد تزكم الأنو٠والآمال؛ إذ يسيطر Ùساد الØاضر، وذبول والماضي، ليÙرضا غموض المستقبل، تشهد على ذلك شجرة زيتون ضخمة غير مثمرة (الØوشية)ØŒ تتصدّر مدخل ØÙŠ (العليق)ØŒ Ùهي تكتنز الكثير من الأسرار، عن الÙرص الضائعة والأØلام المØطّمة والØقوق المهدرة، Ùهي شجرة للهوية المجروØØ©ØŒ والآلام المتجذرة، والأØلام التي تعيش ÙÙŠ عقم مزمن، وعلى غرارها تØيط رائØØ© القاذورات والمخلÙات بالمهاجرين السّريين ÙÙŠ وسائل نقل وتهريب الشباب بين المدن الأوروبية.. ورائØØ© الموت ولون الدم، والعن٠والقتل والاتجار بالبشر والأعضاء البشرية، تسيطر على عموم أنشطة التنظيم السري الغامض، الذي يتÙاجؤون بوجودهم ÙÙŠ قلبه.
الÙساد يصل ÙÙŠ (الليمونة) إلى أعلى المستويات، يمثله “Ùاروق” وأمثاله، الذين يرعون ويدعمون نموذج “منور” الÙاسد، ويؤسسون لأوضاع تنتهك Ùيها القيم بالمسميات، Ùيختبئ الزعيم (ناÙع) خل٠قناع المصلØØ© الوطنية، وتبرّر (لورا) خداعها Ù„Øميد بالظروÙØŒ ÙˆÙŠØ³ØªØ¨ÙŠØ (إدوارد) قطعة من جسده، ÙƒÙليته، باسم Øمايته، ÙÙŠ إشارة عميقة إلى الثمن الذي باتت تدÙعه الشعوب المغلوبة على أمرها لقاء أمنها، ويعرض (زاك) على Øميد التØالÙØŒ باسم التاريخ والعشرة، ويكون ضده، ÙÙŠ إشارة إلى وهم المصير المشترك.
لكن رائØØ© الوطن والانتماء قوية وطاغية، Ùهو الملاذ والدرع والمبتغى، ÙˆÙÙŠ ذلك ÙŠØتدم الصراع، على جميع المستويات، ويØاول Øميد وموسى وسعيدة وسامي ومنعم وخولة ومعتز وعاصم … النÙاذ بمخزونهم من المبادئ ÙˆØب الوطن، إلى Øياتهم المرغوبة بأخ٠الخسائر، Ùتظهر صعوبة المعادلة وتبدأ رؤوس الأثمان تطل من الأجندات المتوارية ÙÙŠ الضÙتين الشمالية والجنوبية للبØر الأبيض المتوسط.
الرمزية وإعادة بناء العالم
اللاÙت ÙÙŠ هذه الرواية، من بدايتها إلى نهايتها، هو أنها مبنية على مجموعة من الألغاز والرموز، ويتعين على القارئ أن يواكب تسلسل الأØداث، ليصل إلى الØلقة المÙقودة، ويÙÙƒ الشّÙرات التي تعرض عليه تدريجيًّا، Ùهي تخاطب عقله وقلبه ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه، وقد قامت الروائية من خلالها بتÙكيك ظواهر واقعنا وخباياه، وأعادت تصÙÙŠÙÙ‡ كقطع البازل، باختلاق رموز ومستويات من السلطة لتنظيم سرّي غامض، يتخذ التÙاØØ© المنهوشة شعارًا له – لا Øظ التّناص مع تÙّاØØ© الخطيئة الأولى – هذا العالم يدير الأمور من خلال أدوات بسيطة ورموز، وقد جعلت لأعضائه مستويات ودرجات وتسميات، من نسيج Ùكرها وخيالها، بتشويق وإثارة تناسب غموض هذا العالم السّري: الأنبيدي والموزغ والكولوم والأوكولوس والمانيبوس، وميثاق الأكتيمو والأكتيموري..
نجد ÙÙŠ ذلك الرمز الكاش٠لعوار الليمونة ÙˆÙسادها – نموذجا لأي مدينة عربية أو مدينة من مدن العالم المسمى مجازا سائرا ÙÙŠ طريق النمو- ابتداءً بانتقاء أسماء رمزية دالة لشخصيات الرواية بعناية Ùائقة؛ Ùالبطلة سعيدة رمز السعادة المÙقودة، والبطل Øميد Øماد رمز الرضا والØمد والقبول، أما الإسقاطات الرمزية الدالة على Ùساد الداخل، Ùمعها برزت مسميات خاصة: Øزب “نظاÙتنا” وعلى رأسه زهير رسلان Ùاسد قديم ومتورط ÙÙŠ سلسلة قضايا ومخالÙات مبانÙØŒ ÙˆØزب “القÙزة” ÙÙŠ دلالة على Ù‚Ùز الÙاسدين على Øساب عموم الشعب المطØون، وعلى رأسه إبراهيم الÙار، المثق٠الÙقير الذي كان ينادي بإزالة الÙوارق بين الطبقات، ÙˆÙجأة انقلب وتØول إلى الرأسمالية بعد أن صار من أثرياء الليمونة!
على مستوى الأماكن “ØÙŠ النعيم “ØŒ “العÙلّيْق”ØŒ “الØرير”… وبنسيون “كوكي” رمز العدالة المÙقودة والتمييز الÙج بين شمال العالم وجنوبه، ÙÙŠ صورة غر٠وأجنØØ© وصÙت الرواية ببراعة مستويات الإقامة Ùيها وأبعادها، ونوّهت بأن أسعارها تتÙاوت Øسب النزلاء. كما يظهر عمق وجع الانسان، ÙÙŠ ظل تجاذبات Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¨ÙŠÙ† الشمال والجنوب، ÙÙŠ مشهد يق٠Ùيه ناصر، Ø£Øد المستغلّين Ù„Øميد قهرا، أمام Ø£Øد أغلى Ù…Øلات الساعات ÙÙŠ أوروبا، ويعرض عليه أن يهديه Ø¥Øداها، Ùيدير Øميد ظهره للواجهة المرصّعة بالمعروضات المÙغرية، ويقول بنبرة Ù…ÙØبَطة:
” لست أميل إلى Ù„Ùبْس السّاعات، خاصة الباهظة الثّمن، تÙشعرني بما ÙŠÙقتطع من أعْمارنا، برÙخص”.
تبرع الروائية ÙÙŠ وص٠Øالة Ùايزة التي تواطأ عليها زوجها هو Ùˆ(إدوارد) وجعلها تخسر ملامØها الطبيعية، لمجرد أن ÙŠØتÙظ بابنها، ÙˆÙÙŠ ذلك إشارة قوية إلى التواطؤ على الهوية واغتصاب Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ø´Ø¹ÙˆØ¨ØŒ بيد الأقربين قبل الأغراب، كما سلطت الرواية ضوءًا ناعمًا على بعض الطابوهات، مثل الدعارة والمثلية الجنسية والشذوذ، وانتهاك جسد المرأة ونهشها والعلاقات الØميمية، دون أن تصدم عين القارئ أو تÙقد السرد جاذبيته وإثارته وواقعيّته وتشويقه، وتلك معادلة صعبة Øقّقتها Ùضيلة ملهاق بنضج ووعي نادرين، وبشكل يخدم سياق الرواية.
تتواصل رØلة الهجرة السرية، وتتهدم بيوت وتسرق Ø£Øلام، ويÙجع Øميد بمقتل شقيقه سامي على يد التنظيم الغامض الذي يزعجه بروز عقل نابغ ÙÙŠ عالمنا الثالث، ويرجع لأØضان الليمونة التي شهدت ما يشبه الصّØوة، عبر ثورة تطهير وملاØقة لرموز الÙساد، وتبدأ أصعب Ù„Øظات مواجهة الذات كما ÙÙŠ الرواية:
” ينظر Øميد لمرآة بيته القديم ويردد: “وجهي هذا أم غريمي؟ إنّه ÙŠÙواجهني بلا Øرج بالتّÙاصيل التي أتØاشاها غالبا! الرّأس غزاه الشيب، ÙˆØ§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù…ØªÙ„Ø£Øª بالندبات والأØلام تبخر منها ما تبخر، وتجسد كثير منها ÙÙŠ شكل لم أقصده”.
رÙّومانسية Øالمة وواقعيّة نّازÙØ©!
لا تخلو الرواية من خط درامي ينتصر للرومانسية والعلاقات الإنسانية الراقية، بما Ùيها من علاقات أسرية واجتماعية، ÙˆÙÙŠ ذلك تقÙز صداقة موسى ÙˆØميد Ùوق الظرو٠والزّمن، وتتعزّز بصداقات أخرى تمتد إلى اختيار Øياة مشتركة، وبدايات جديدة، ÙÙŠ انØياز ÙˆØ§Ø¶Ø Ù„Ù„ØªÙ‚Ø¯Ù… الآمن والتعايش السّلمي، ونضج الهد٠من الØياة.
تنسج الرواية ÙÙŠ سياقها مشاهد للعواط٠الصادقة والØب البريء، جمعت Øميدًا بسعيدة، ومعتزًّا بخولة … وموسى بمهدية التي ظل ÙŠØارب من أجلها سنوات، من بعيد، ومن الرواية نقرأ:
” انجذبت إليها انجذاب غوّاص إلى الأعماق البعيدة.
وجدت جمالا لم أكن Ø£Øسن النظر إليه، وأناقة لم تتأتّ لي قبلًا Ùرصة إدراكها، غير أناقة المظهر. إنها أناقة Øسية … أناقة اللسان … والÙكر … والأسلوب. كانت تعر٠متى تتكلم، ومتى تصمت، ومتى تتÙاعل مع Ø£Øاسيسي، وكي٠ومتى تتجاهلها!
كأنّها تَدارسَتْني ÙÙŠ مخبر Ù…Ùتخصّص، وأØسنت تشخيص سبب تيهاني، Ùوضى رغباتي، ثمّ عملت على إعادة ترتيبي Ù‚Ùطعة Ù‚Ùطعة”!
اللاÙت أيضا أن الروائية Ùضيلة ملهاق قدّمت Øكايات النّساء المقهورات اللاتي تدهس الظرو٠والذهنيات الرجعيّة أبسط Øقوقهن، بعيدا عن شعارات المساواة الشكلية المضللة، Ùهي تستعرض Ø¬Ø±Ø§Ø ÙƒÙ„ من المرأة والرجل باعتبارها Ø¬Ø±Ø§Ø Ø§Ù„Ø¥Ù†Ø³Ø§Ù†ØŒ وترى المساواة المÙثلى ÙÙŠ اØتÙاظ كل واØد منهما بميزاته ومكانته، وقد برعت، ÙÙŠ كل مواضع الرواية ÙˆÙصولها الستة والثلاثين، ÙÙŠ صك مقولات Ù…Ùعمة بالقيم والمبادئ الإنسانية، منØوتة كدستور وميثاق مقاومة، مواده الØÙ‚ والعدل والØب والخير والجمال.
     نØÙ† أمام عوالم سردية بديعة وقدرات كتابية Ùائقة لقلم من العيار الثقيل، مساØØ© إبداعية خصبة لم تكتش٠بعد لإمعان صاØبتها ÙÙŠ التخÙّي، إلا أن أعمالها الإبداعية تضعها ÙÙŠ قلب الضوء لتدل عليها، Ùقد صدر للروائية والشاعرة الجزائرية Ùضيلة ملهاق روايات منها : “ذاكرة هجرتها الألوان” ولعنة اليربوع” Ùˆ” رميم” ومجموعات قصصية منها: “الطباشير “وخارج مجال التعرية” Ùˆ”للرسم … غير قابلة للعرض”ØŒ ومجموعات شعرية منها: “مارد من عصر الØجرâ€ØŒâ€ “قهوة باردة”ØŒ “سبورة Ø£Ùلاطون”ØŒ “الÙÙŠÙا تستØÙ… ÙÙŠ الجزيرة”ØŒ “امقورش ÙÙŠ الجامعة”ØŒ “المذبوØØ© والمسلوخة… والمقطعة”ØŒ “رائØØ© البرميل”ØŒ “ØÙزنك أكبر منك ومنّي”ØŒ وهي Øاصلة على درجة الدكتوراه ÙÙŠ القانون وشهادة المدرسة العليا للقضاء وشهادة الدراسات العليا المتخصصة ÙÙŠ الدبلوماسية، وشهادات عليا كثيرة من الجزائر وخارجها.Â
د. سمير Ù…Øمود