نشر ÙÙ‰ : الجمعة 7 مايو 2021 – 10:20 Ù… | آخر تØديث : الجمعة 7 مايو 2021 – 10:20 Ù…
https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=07052021&id=986648f1-2dfd-42e2-ab3d-abe827c54bb9
ترتبط تلاوة القرآن ÙÙ‰ أذهان المسلمين برمضان، إذ ÙŠØرص كثير منهم على تلاوته خلال شهر الصيام، كما تØتل أصوات قرائه Ù…Øطات الإذاعة والتلÙزيون قبيل الإÙطار ÙˆÙÙ‰ الÙجر.
ولكن ما الذى يميز أصوات قراء القرآن عن غيرهم من الناس؟
لا يختل٠قراء القرآن عن غيرهم من الناس ÙÙ‰ استخدام أصواتهم ÙÙ‰ الكلام العادى ÙÙ‰ Øياتهم اليومية، ولا تكش٠أØاديثهم اليومية ÙÙ‰ الكلام العادى عن أى شىء من قدراتهم الصوتية ومهاراتهم ÙÙ‰ الأداء. Ùهم عندما يمارسون Øياتهم العادية ÙÙ‰ البيت أو السوق أو مع أقرانهم يستخدمون درجة أصواتهم الطبيعية، أو ما يعر٠بـ(طبقة) الصوت الطبيعية، التى يستخدمها كل منا ÙÙ‰ كلامه.
ويختل٠الناس Ùيما بينهم ÙÙ‰ طبقة الصوت الطبيعية لدى كل منهم. Ùأصوات النساء ÙÙ‰ تلك الطبقة – وكذلك أصوات الأطÙال ــ تتميز بØدة أكثر من أصوات الرجال. وتتميز أصوات كبار السن بالرخامة أو الغلظة أكثر من الشباب. وبين هذا وذاك تختل٠طبقة الصوت الطبيعية لكل منا من Øيث الØدة أو الرخامة لأسباب عضوية أخرى، غير الجنس أو السن.
ولا يتجاوز الشخص العادى هذه الدرجة (أو الطبقة) من الصوت ÙÙ‰ معظم الأØيان خلال الكلام، وهذا ما جعل علماء الأصوات يطلقون عليها Ù…ØµØ·Ù„Ø Â«Ø·Ø¨Ù‚Ø© الصوت الطبيعية» لهذا الشخص أو ذاك. ويمكن قياس درجة هذه الطبقة بمعرÙØ© عدد ذبذبات الوترين الصوتيين ÙÙ‰ الثانية خلال الكلام. وكلما زاد عدد هذه الذبذبات ÙÙ‰ الثانية، كان الصوت أكثر Øدة، أما إذا قل عددها، Ùإن الصوت يكون أكثر رخامة.
لكن ما يميز صوت قارئ القرآن، وأصوات المطربين والمغنين، عن الشخص العادى هو أن لدى القارئ والمغنى القدرة على تجاوز طبقة صوته الطبيعية ــ خلال القراءة والغناء. وهو يستطيع Ùعل ذلك بطريقتين:
•إما صعودا (أى بزيادة Øدة صوته بما يعادل سلما موسيقيا كاملا أو octave Ùوق طبقته الطبيعية)ØŒ وهذا ما يعر٠ÙÙ‰ الموسيقى العربية بدرجة «الجواب»،
•وإما هبوطا (أى بزيادة رخامة صوته بما يعادل سلما موسيقيا كاملا تØت مستوى طبقة صوته الطبيعية)ØŒ وهو ما يعر٠ÙÙ‰ المصطلØات الموسيقية بدرجة «القرار».
ويستطيع قارئ القرآن المتميز المتميز أيضا، الانتقال بسلاسة وعذوبة من طبقة صوتية إلى أخرى، أى من «قرار» ــ مثلا ــ إلى «جواب»، أو من «جواب» إلى «قرار»، دون أن يتعرض صوته خلال الأداء إلى أى «شرخ» ÙÙ‰ الصوت، أو – كما يقول قراء القرآن أنÙسهم – دون أن «يخس» صوته. وهذا ما يميز أداء معظم قراء القرآن المØترÙين.
ولدى بعض القراء والمغنين المتميزين ــ وهؤلاء قلة ــ علاوة على ذلك قدرة أعلى من ذويهم ÙÙ‰ التلاوة والغناء تمكنهم من بلوغ جواب الجواب صعودا (أى Øدة)ØŒ أو قرار القرار هبوطا (أى رخامة).
ولا يبلغ القراء المØترÙون هذه الدرجة من الإجادة ÙÙ‰ الأداء إلا بعد تعلم وتدريب طويل. وهذا ما ÙŠÙرق بين المØترÙين منهم وغير المØترÙين.
ويستطيع المستمعون معرÙØ© القارئ المØتر٠المجيد من غير المØتر٠وغير المتمرس خلال الأداء، بالتدقيق ÙÙ‰ أدائه وكي٠ينتقل من طبقة صوتية إلى أخرى، وهل يعتور هذا الانتقال أى شرخ ÙÙ‰ صوته أو لا. لكن العامل الأساسى الذى يميز القارئ المØتر٠من غير المØتر٠هو قدرته على استخدام أكثر من طبقة صوتية، إذ تبلغ مساØØ© صوت معظم القراء المØترÙين ما يتجاوز سلما موسيقيا كاملا (أوكتاÙا كاملا ــ Octav). بل يستطيع بعض المتميزين منهم تجاوز مساØØ© سلمين موسيقيين (أوكتاÙين).
أما القراء غير المØترÙين Ùتغطى قدراتهم الصوتية مساØØ© تقل عن سلم موسيقى واØد. وليس ÙÙ‰ مقدور معظمهم بلوغ طبقة الجواب صعودا، لكن بعضهم يستطيع Ø£Øيانا بلوغ طبقة القرار هبوطا. ويÙتقد القراء غير المØترÙين إلى سلاسة الانتقال من طبقة إلى طبقة، وغالبا ما تخونهم أصواتهم عند المØاولة.
لدى قراء القرآن المØترÙين إذن قدرة صوتية Ùائقة، وسعة ÙÙ‰ الأداء تمكنهم من استخدام ثلاث طبقات صوتية أو أربع هى:
1ــ طبقة الصوت الطبيعية (وهى طبقة متوسطة تستخدم غالبا ÙÙ‰ الكلام العادى)
2ــ طبقة القرار (وهى أقل الطبقات Øدة من الناØية الصوتية)ØŒ
3ــ طبقة الجواب (وهى أكثر الطبقات Øدة صوتيا)ØŒ
4ــ طبقة جواب الجواب، أو قرار القرار (لدى قلة من القراء)
أما غير المØترÙين Ùلا يستخدمون ÙÙ‰ قراءتهم ــ ÙÙ‰ معظم الأØوال ــ سوى طبقتين:
1ــ طبقة الصوت الطبيعية
2ــ وطبقة القرار
ومما يميز تلاوة قراء القرآن أيضا شيوع ظاهرة الغنة، وهى نطق بعض الأصوات عبر مجرى الأنÙØŒ خاصة صوتى النون والميم.
وقد انتقل شيوع هذه الظاهرة من قراءة القرآن الكريم إلى الغناء العربى الØديث. واستغلها الملØنون باعتبارها ظاهرة Ù…Øببة إلى الأذن العربية، Ùأخذوا يعمدون إلى التطريب والتطويل ÙÙ‰ ألØانهم خلال أداء صوتى الميم والنون، لأنهما صوتان ينÙØªØ Ù…Ø¬Ø±Ù‰ الهواء خلال النطق بهما، ÙˆÙŠØªÙŠØ Ù‡Ø°Ø§ للمطرب الوقو٠والإطالة خلال نطقهما. وخير مثال لذلك أغنية أم كلثوم (Øاسيبك للزمن)ØŒ كما أن ÙÙ‰ أغنيات Ùريد الأطرش نماذج شبيهة.
هل عرضت كتب التجويد لظاهرة طبقات الصوت؟
يلاØظ المطلع على كتب التجويد ــ ومن أكثرها شهرة بين الدارسين ÙÙ‰ مجال القراءات القرآنية كتاب «النشر ÙÙ‰ القراءات العشر» لابن الجزرى (المتوÙÙ‰ ٨٣٣ هـ) أن علماء التجويد يركزون اهتمامهم Ùيها على الأصوات العربية المÙردة، مثل صوت الباء (ب) أو السين (س) أو الميم (Ù…) أو غيرها، ÙيصÙون مخارج هذه الأصوات ويتتبعون صÙاتها المختلÙØ©ØŒ كالترقيق والتÙخيم، مثلا، ثم يشيرون لما قد يعرض لتلك الأصوات من تغير ÙÙ‰ الصÙات بسبب مجاورتها لأصوات أخرى تؤثر Ùيها.
وأÙضى هذا التركيز على الأصوات المÙردة إلى إغÙال علماء التجويد للظواهر الأخرى المهمة ÙÙ‰ التلاوة مثل:
• «التنغيم ــ Intonation» (وهو طريقة النطق التى Ù†Ùرق بها ÙÙ‰ الكلام بين الإخبار، والاستÙهام، أو التعجب، أو النداء، أو غيرها)ØŒ
• و«طبقات الصوت ــ Registers» (مثل القرار والجواب)،
• و«درجة ارتÙاع الصوت وانخÙاضه ــ Volume»،
• و«سرعة النطق ــ Tempo»، وغيرها.
وقد ØÙزنى هذا على درس بعض هذه الظواهر المغÙَلة من Ù‚Ùبَل علماء التجويد ÙÙ‰ بØØ« صوتى Ù†Ùشر منذ Ùترة باللغة الإنجليزية ÙÙ‰ بريطانيا.
اهتمامات علماء اللغة المØدثين:
ولم يقتصر إغÙال هذه الظاهرة على الباØثين القدماء من علماء التجويد ÙØسب، بل أغÙلها أيضا علماء اللغة المØدثون من العرب، لأنهم ركزوا بØوثهم الصوتية على تØليل الأصوات المستخدمة ÙÙ‰ الكلام، إذ إن معظم الدراسات الصوتية ÙÙ‰ وقتنا الØالى تتخذ من أصوات الكلام المنطوق مادة للبØوث Ùيها. ÙˆÙÙ‰ هذا الصدد أنجزت دراسات صوتية متعددة عن أصوات اللغة العربية الÙصØى، والأصوات ÙÙ‰ عدد من اللهجات العربية المعاصرة. ولذلك لم يتعرض علماء اللغة العرب المØدثون بقدر علمى كا٠للأصوات كما تستخدم ÙÙ‰ الغناء، أو ÙÙ‰ تلاوة القرآن الكريم، أو ÙÙ‰ تلاوة آيات الإنجيل، أو كما تستخدم ÙÙ‰ Ø§Ù„Ù…Ø³Ø±Ø Ø£Ùˆ الإذاعة وغيرها.
علم الأصوات المغناة:
وكان هذا داÙعا آخر إلى بØØ« هذه الظاهرة ÙÙ‰ Ùرع جديد من علم الأصوات اللغوية، هو علم الأصوات المغناة (The Science of singing voice)ØŒ الذى يدرس أصوات اللغة خلال الغناء كما يستخدمها المغنون. وتدور معظم البØوث ÙÙ‰ هذا العلم ÙÙ‰ الغرب على أداء Ù…Ùغنى الأوبرا. ومن أعلامه المشهورين العالم السويدى يوهان سندبرج (Johan Sundberg) الذى Ø£ØµØ¨Ø ÙƒØªØ§Ø¨Ù‡ The Science of singing voice ــ «علم الأصوات المغناة» عمدة ÙÙ‰ هذا المجال العلمى الدقيق.
ما الذى يميز قراء القرآن الكريم من مغنى الأوبرا ÙÙ‰ الغرب؟
أظهرت المقارنة بين نتائج الدراسات الغربية التى أجريت على مغنى الأوبرا والنتائج التى توصلت٠إليها على قراء القرآن الكريم ÙÙ‰ مصر أن ثمة سمات صوتية مشتركة بين مغنى الأوبرا المØترÙين ÙÙ‰ الغرب وقراء القرآن المØترÙين ÙÙ‰ مصر، (من Øيث نطق الأصوات وطريقة إنتاجها خلال الغناء أو التلاوة).
ÙˆØªØªØ¶Ø Ù‡Ø°Ù‡ السمات ÙÙ‰ قدرة مغنى الأوبرا المØترÙØŒ وكذلك قارئ القرآن المØتر٠كليهما، على إسماع جميع Ùئات جمهوره Øتى وإن كانوا ÙÙ‰ أقصى أطرا٠القاعة التى يجتمعون Ùيها. ولا تتوÙر هذه القدرة، بالطبع، لدى غير المØترÙين ÙÙ‰ كلتا الثقاÙتين الغربية والعربية بسبب Ùقدان غير المØترÙين لعنصر التدريب.
وتتميز طبقة الجواب ÙÙ‰ التلاوة القرآنية لدى القراء المØترÙين ــ رغم ارتÙاع Øدتها صوتيا ــ بأنها أقل درجة من Øيث عدد ذبذبات الأصوات Ùيها من نظيرتها لدى المØترÙين من مغنى الأوبرا ÙÙ‰ الغرب، الذين تتميز طبقة الجواب لديهم بارتÙاع الذبذبات أكثر. لكن القراء ومغنى الأوبرا جميعا يتÙقون ÙÙ‰ طبقة القرار.
كما تتسم طريقة قراء القرآن الكريم المØترÙين ÙÙ‰ نطق الأصوات بوجود ضيق نسبى ÙÙ‰ مجرى الهواء ÙÙ‰ منطقة الØنجرة، بينما تتسم طريقة مغنى الأوبرا ÙÙ‰ إخراج الأصوات بنوع من «الهسيس» بØيث ÙŠÙشبّه الباØثون أصوات مغنى الأوبرا خلال أدائهم بصوت الناى.
ومن بين الظواهر الأخرى الÙارقة بين قراء القرآن ومغنى الأوبرا، شيوع ظاهرة الغنة ÙÙ‰ تلاوة القرآن الكريم، التى أشرت إليها.
ولكن هذه الظاهرة غير مستØبة ÙÙ‰ الغناء الأوبرالى الغربى بصÙØ© خاصة، والغناء الغربى بصÙØ© عامة. وهى لذلك ظاهرة قد تستنكرها أذن المستمع الغربى، بل قد تستقبØها، وهى جديرة بالتناول ÙÙ‰ مقالة مستقلة.