توطئة وتمهيد:
https://cp.alukah.net/literature_language/0/143680/
إن العلامة Ù…Øمود شاكر قمة من القمم الباذخة الراسخة، التي أنارت السبيل، ومهدت الطريق، Ùهو Ù…ØµÙ„Ø Ø§Ø¬ØªÙ…Ø§Ø¹ÙŠ إذا عد المصلØون، وأديب بلاغي إذا عد الأدباء والبلاغيون، وهو شيخ وواعظ إذا ذكر الوعاظ والشيوخ، وهو Ù…Ùكر كبير إذا عد المÙكرون، وقد آتاه الله ملكة الأسلوب البياني الذي لا تأتيه اللÙّكنة٠من بين يديه ولا من خَلْÙÙه، رجلٌ سÙيطَ Ù„ØÙ…ÙÙ‡ ودمه من كلام البلغاء، ÙˆØكمة الشعراء، ÙØ£ÙŽØْسَنَ التذوق والتطبيق، Ùكان شامة ÙÙŠ جبين النثر العربي جنبًا إلى جنب مع الجاØظ وأبي Øيان التوØيدي والراÙعي.
والعجيب Øقًّا أن ÙŠØتل Ù…Øمود شاكر هذه المنزلة العظمى بين صانعي الأسلوب وقساورة البيان، رغم أن مؤلÙاته النثرية قليلة جدًّا، تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواØدة، ولكن بيانه ترك بصمة قويةً بالغة ÙÙŠ العقول والقلوب والأسماع.
والكتابة لم تكن عنده ترÙيهًا، ولم تكن مجرد Ø£Ùكار تصول ÙÙŠ رأسه Ùيضعها كما بدت له أول وهلة، بل هو رجل لا تزال الÙكرة تعتمل ÙÙŠ رأسه وتنمو وتكبر Øتى تستويَ على سÙوقها، ÙتَخرÙج٠تامَّةَ الخَلْق، مكتملةَ البنيان، وليس أقدر على وص٠Øالة الأديب Ù„Øظة معاناة الكتابة غير الأديب Ù†Ùسه، Ùلندعه هو ÙŠØدثنا عن Ù†Ùسه Øين يتهيأ للكتابة؛ إذ يقول ÙÙŠ تصوير بليغ:
«Øين أتهيأ للكتابة ÙŠÙخيَّل إلي أن الموضوع قد استقر ÙÙŠ Ù†Ùسي واستوى، وأن الوجه قد استبان واستتبت لي مَذاهبÙه، وعندئذ٠أكون كالذي يَرى جَنّة مترامية الأطرا٠من المنظر الأعلى؛ كأنها زÙÙˆÙيت لي ÙÙŠ رÙقْعة ÙŠØيط بها البصر، Ùيَرى Ø£ÙŽÙْنانَ شجرها، وتناويرَ أثمارها، وتَخاريجَ ألوانها… Ùإذا أخذت٠مكاني وأمسكت القلم وبدأت أكتب، Ùكأني قد انØدرت من سماء مَرْقَبتي، وأÙضيت إلى سَوادها، وأجدني وقعت٠على Øواشي Øَرَجة٠مظلمة الجوانب (والØرجة: الشجر المجتمع الملتÙØŒ لا يقدر Ø£Øد أن ينÙØ° Ùيها)» (أباطيل وأسمار ص423).
تلك هي الكتابة عند العلامة شيخ العربية ÙÙŠ العصر الØديث Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر، ولم تكن هذه العبقرية الÙذة ÙÙŠ الأسلوب والتعبير وليدة الÙجأة والØظ والصدÙØ©ØŒ وإنما Øازها الشيخ بعد طول معاناة ومراس، وقراءة واطلاع، واستظهار أساليب كبار الكتاب شعرًا ونثرًا، Ùما هي مصادره التي انØدر إليه منها هذا الأسلوب الجبار؟ ومن الذي كان له أقوى التأثير على Ùكر الشيخ وثقاÙته؟ هذا ما سنعرÙÙ‡ ÙÙŠ العنصر التالي بإيجاز.
المصادر التي أثرت ÙÙŠ ثقاÙته:
لا شك أن لكل أديب مصادرَ أثرت ÙÙŠ أسلوبه وشخصه، وطريقة تÙكيره، والعوامل٠التي أثرت ÙÙŠ شاكر كثيرة جدًّا، وسنØاول أن Ù†ÙجْمÙلَها Ùيما يلي:
1) نشأته ÙÙŠ بيت عالم من أعلام العصر الذي عاشه وهو أبوه Ù…Øمد شاكر ذلك الأزهري الكبير وهو من كبار علماء عصره.
2) أخوه Ø£Øمد شاكر الذي كان مهتمًّا بالتØقيق إلى Øد بعيد ÙØقق ديوان السنة الأضخم (مسند Ø£Øمد بن Øنبل)ØŒ ÙˆØقق (الرسالة للشاÙعي)ØŒ ثم Øقق بعد ذلك تÙسير الطبري بمشاركة أخيه Ù…Øمود، وبذلا مجهودًا جبارًا ÙÙŠ ÙÙƒ مغاليق هذا الكتاب.
3) الشعر، لقد كان للشعر دور كبير ÙÙŠ تكوين ثقاÙØ© شاكر الأدبية، Ùقد Ø£Øس شاكر بغربة ÙÙŠ التعليم الذي قرره دنلوب، وأØس بتضاؤل لغته العربية أمام الأجنبية، وهو الذي نشأ ÙÙŠ بيت أزهري يعتز بدينه ولغته كما أسلÙنا، Ùذهب إلى الجامع الأزهر واستمع إلى مطارØØ© الشعر، وكان ديوان المتنبي هو المائدة العامرة التي يلتÙون Øولها Ùيقرؤونه ويتناشدون وأكب على Ø´Ø±Ø Ø¯ÙŠÙˆØ§Ù† المتنبي لليازجي ليلا ونهارا Øتى ØÙظ الديوان كله، وتمكنت العربية بقدر كبير ÙÙŠ وجدانه.
4) اتصاله بشخصيتَين٠من كبار عصرهما؛ هما: المرصÙÙŠ والراÙعي، وقد تولى المرصÙÙŠ تدريس العربية ÙÙŠ الجامع الأزهر، وكان Øامل لوائها ÙÙŠ ذلك الوقت، وتخرج عليه كبار الأدباء والمÙكرين ÙÙŠ ذلك العصر؛ كالزيات، وعلي عبد الرازق، ÙˆØسن السندوبي، وأØمد شاكر، وعلي الجارم، وطه Øسين، واتصل به شاكر ÙˆØضر دروسه، وقرأ عليه (الكامل) للمبرد، Ùˆ(Øماسة أبي تمام)ØŒ وشيئا من (أمالي القالي). أما الراÙعي Ùكان تأثيره ÙÙŠ شاكر كبيرًا جدًّا.
5) وكذلك تَعلÙّمÙÙ‡ الرياضيات Ùيما بعد أثر على تذوقه وأسلوبه، وقد Ø£Ù„Ù…Ø Ù‡Ùˆ إلى ذلك ÙÙŠ كتابه (رسالة ÙÙŠ الطريق إلى ثقاÙتنا)Ø› إذ قال: «علمني كتاب سيبويه يومئذ٠أن اللغة هي الوجه الآخر للرياضيات العليا».
يقول ÙÙŠ مقال له بعنوان «إياكم والمهادنة» (جمهرة المقالات 1 /490): «إنما Øملت٠أمانة هذا القلم لأصدع بالØÙ‚ جÙهارًا ÙÙŠ غير جَمْجَمة٠ولا Ø¥ÙدْهانÙØŒ ولو عرÙت٠أني أعجز٠عن Øَمْل٠هذه الأمانة٠بØقها، Ù„ÙŽÙ‚ÙŽØ°ÙŽÙْت٠به إلى Øيث ÙŠÙŽØ°ÙÙ„ÙÙ‘ العزيز ويÙمْتهَن٠الكريم».
ثم يواصل ÙÙŠ المقال ذاته: «وأنا جندي من جنود هذه العربية لو عرÙت أني سو٠أØمل سيÙا أو سلاØا أَمْضَى من هذا القلم لكان مكاني اليوم ÙÙŠ ساØØ© الوغى ÙÙŠ Ùلسطين، ولكني نذرت على هذا القلم أن لا يك٠عن القتال ÙÙŠ سبيل العرب ما استطعت أن Ø£Øمله بين أناملي، وما Ø£ØªÙŠØ Ù„ÙŠ أن أجد مكانا أقول Ùيه الØÙ‚ وأدعو إليه، لا ينهاني عن الصراØØ© Ùيه شيء مما ينهى الناس أو يخدعهم أو يغرر بباطل من باطل هذه الØياة».
• وكذلك عزلته التي اعتزلها عن الØياة الأدبية الÙاسدة التي وصÙها ÙÙŠ وقته كان لها أكبر الأثر ÙÙŠ تكوين ثقاÙته وأسلوبه وشخصيته إذ يقول ÙÙŠ (رسالة ÙÙŠ الطريق إلى ثقاÙتنا ص23ØŒ 24: (Ùإن هذا الإØساس القديم المبهم المتصاعد بÙساد الØياة الآدبية، قد Ø£Ùضى بى… إلى إعادة قراءة الشعر العربي كله أولًا، ثم قراءة ما يقع تØت لدي من هذا الإرث العظيم الضخم المتنوع من تÙسير ÙˆØديث ÙˆÙقه، وأصول Ùقه وأصول دين (هو علم الكلام)ØŒ وملل ونØÙ„ØŒ إلى بØر زاخر من الأدب والنقد والبلاغة والنØÙˆ واللغة، Øتى تراث الÙلسÙØ© القديمة والØساب القديم وا لجغراÙية القديمة، كتب النجوم وصور الكواكب، والطب القديم ومÙردات الأدوية، ÙˆØتى قرأت البيزرة والبيطرة والÙراسة…. بل كل ما استطعت أن أق٠عليه بØمد الله سبØانه، قرأت ما تيسر لى منه).
الولوج إلى موضوع البØØ«:
سأتناول ÙÙŠ هذا العنوان خصائص أسلوب شاكر التي تÙرد بها عمن سبقه، والتي جعلت لأسلوبه مريدين ومتذوقين.
خصائص أسلوب شاكر:
نظرًا لأن الرجل ينطلق من منطلق إيماني عقدي يداÙع Ùيه عن أمته ودينه ولغته، Ùالقلم ÙÙŠ يده ليس مجرد يراعة تكتب بالØبر، وإنما هو سي٠يقطر بالدم، وينير بريقه الدرب أمام أبناء الأمة، ولهذا Ùهو لا يضع لَأْمَةَ الØرب٠أبدًا، وكان لأسلوبه الأدبي من هذا المنطلق بعض السمات التي Øددته، وسأوجزها Ùيما يلي، وهذا مما لم أق٠عليه عند Ø£Øد؛ إذ لم أجد Ø£Øدًا Ùصَّلَ أسلوبه تÙصيلًا كما ÙعلتÙÙ‡ الآن، إلا أن يكون هناك من تكلم عن أسلوبه كما تكلمت، ولم يَصÙلْني، ولم Ø£ÙŽÙ‚ÙÙÙ’ عليه:
• للعلامة شاكر أسلوب مبتدع مخترع لا يشبه من سبقه، وهذه هي قمة وقوة العبقرية الأدبية التي يمكن أن يصل إليها أديب، Ùشاكر مسبوق بأجيال من الأدباء الراسخين ذوي المكانة وصانعي الأسلوب ومبتكريه، وهو قد شهد ÙÙŠ وقته ثلة كبيرة من أصØاب الأسلوب على رأسهم الراÙعي، الذي اØتÙÙ‰ به شاكر كثيرًا، وأكبَرَ أسلوبَه ووضعه ÙÙŠ موضعه اللائق به، وعاصر العقاد، وسيد قطب، والمازني، والزيات، وطه Øسين وغيرهم، ولكلÙÙ‘ أسلوبٌ وطريقة تختل٠عن الآخر قوةً وضعÙًا، Ùالطريق إذن أمامه شاقة وعسيرة، لكنه استطاع أن يجعل لنÙسه أسلوبًا أثر ÙÙŠ الأجيال التالية له وأكبروه وتَرسَّموا خطاه، Øتى عدوه جاØظ وقته، وهو أسلوب قوامه البلاغة ÙÙŠ اختيار اللÙظة ووضعها ÙÙŠ سياقها اللائق بها بعيدًا عن المØسنات البديعية، والإغراق البياني والزخرÙØ©ØŒ Ùتخرج جملته كالذهب لا تشوبه شائبة، ولا عجب Ùهو الذي ÙŠØتÙÙŠ بالبلاغة والأساليب الأدبية العالية، Øتى إنه جعل سبب شهرة مقدمة ابن خلدون إنما هو أسلوبه ÙˆÙصاØته لا معارÙÙ‡ التي بثها Ùيها والتي يعرÙها كثيرون غيره ÙÙŠ الشرق والغرب، انظر إليه وهو يتكلم عن ابن خلدون ÙÙŠ (جمهرة مقالاته 2 /674) Ùيقول: «وأكثَر٠الناس٠على أن ابن خلدون هو أول من اهتدى من العرب إلى هذه الØقائق العظيمة التي أثبتها ÙÙŠ مقدمته، Ùهذا صØÙŠØ Ù…Ù† ناØية، هي أنه٠أول من دوَّنها جميعها بين دÙّتَيْ كتاب، ولكنّي لا أشكÙÙ‘ أن أهل السياسة والرياسة ÙÙŠ الدول العربية ÙÙŠ الشرق والغرب كانوا يجيدون ما أجاد ابن خلدون من هذا العلْم، وكانوا يعرÙون ذلك ØÙ‚ÙŽÙ‘ المعرÙØ©ØŒ وهناك أدلة كثيرة على ذلك ليس هذا موضع٠إيضاØها وتÙصيلها. وأنا لا أظنÙÙ‘ أن رجلًا مثل (لسان الدين بن الخطيب) الوزير الأندلسيÙÙ‘ البارع ÙÙŠ السياسة والأدب كان يجهل من هذا ما علمه٠ابن خلدون، بل Ø£Ø±Ø¬Ø Ø§Ù„Ø¸Ù† عندي أن (لسان الدين) كان على شر٠من هذا العلم يكاد ÙŠÙوق به صديقه ابن خلدون؛ إلا أن ما تهيأ لابن خلدون -من البلاغة التي لا صنعة Ùيها، ومن دقة العبارة، ومن جودة القياس، ومن براعة الإÙØµØ§Ø Ø¹Ù…ÙŽÙ‘Ø§ يترجرج ÙÙŠ Ù†Ùسه وضميره- لم يتهيأ للسان الدين بن الخطيب؛ Ùقد كان هذا شاعرًا كاتبًا بليغًا على أسلوب غير هذا الذي كان لابن خلدون».
• جملته النثرية جملة شامخة منيÙØ© Ùيها العزة والإباء، تقرؤها بعقلك قبل Øسك الأدبي، Ùتلمس شعورك ووجدانك، وتصيبك بالعزة والأنÙØ© والكبرياء، جملة تØمل إليك شموخ الماضي معبرة عن قضايا العصر خرجت من Ù†Ùس ما خلقت للراØØ© بل للتعب والنصب وقيادة الأمة لطريق عزها وشرÙها، ولا أكون مبالغا إن قلت: إنك تكاد تسمع لجملته وقع ØواÙر الخيل المغيرات صبØًا لقوة جرسها، وما تØمله من معان٠كالشلال الهادر.
• صلابة Ù…Ùرداته وقوتها كأنها صخور تتدهده من قنة جبل عال، Ùإذا سقطت على الأرض ÙÙصÙّلت تÙصيلا ÙˆÙÙكَّت رموزها، ونَثَرتْ لك ما ÙÙŠ بطنها إذا Ø£Øسنت تØليلها تØليلا دقيقا بمنهج شاكر Ù†Ùسه، Ùمنهجه ÙÙŠ التذوق منثور ÙÙŠ تضاعي٠كتاباته كلها، وخصوصا كتابه نمط صعب ونمط مخيÙØŒ وهو منهج يعني القدرة المعرÙية على استنباط الدÙائن من مكامن الكلمات، ومعرÙØ© أخÙÙ‰ أسرارها، وأغمض سرائرها (أهم الكتب التي أثرت ÙÙŠ Ùكر الأمة ÙÙŠ القرنين التاسع عشر والعشرين ص525).
• أسلوبه ÙÙŠ تناول القضايا الاجتماعية يعتمد على الجملة الطويلة الخالية من أي زخرÙØ© Ùنية كما ÙÙŠ مقالته تعليم اللغة العربية كقوله ÙÙŠ (الجمهرة 1 /152): (ولا بد أن تØزم وزارة المعار٠أمرها على خطة واسعة متراØبة ترمي إلى أبعد مدى على أتم Øذر؛ ليتسنى لها أن تمØÙˆ كل أخطاء الماضي التي لعبت Ùيها الأيدي الاستعمارية والسياسية بكل ما من شأنه أن يسلب الشعب قدرته على التØÙز والتوثب والتجمع، وما ينشئه على الØرية العقلية والنÙسية التي ترÙعه إلى الدرجات السامية التي يجب أن يرقى إليها كل شعب يريد أن يتØرر ويسود ويÙرض مدنيته على الأرض التي يعيش عليها»، Ùالجملة هنا طويلة جدًّا كما ترى.
• زد على ذلك أن Ù…Øمود شاكر لا ÙŠØمل قلمًا، بل سيÙًا ÙŠØارب به ÙÙŠ جبهات متعددة؛ مما جعل جملته قوية مجلجلة مزلزلة، واختار ألÙاظًا قدت من الصخر ترسل كأنها شواظ من نار، وأسلوبه أسلوب الترسل غير المسجوع.
• واستمع إليه وهو ÙŠØارب بقلمه Ùيقول: (ÙˆÙÙŠ هذا الصدام بين إرث وجودنا، وإرث Øضارتنا، وإرث ثقاÙتنا، وبين هذا الغازي الصليبي المØترق الشديد الدهاء، الكثير الوسائل، المتلÙع بألوان من الإغراء والتدجيل، المتذرع بذرائع الغلبة والسيطرة على النÙوس والقلوب والأهواء، ÙÙŠ هذا الصدام المر لم يبق لنا إلا Ø¥Øدى اثنتَينÙ: إما أن نَستَبْسÙÙ„ Ùتكون لنا غَلَبة أهل الØÙ‚ على Ø´Ùيعة٠الباطل = وإما أن Ù†Ùشل ونتنازع Ùيما بيننا، Ùتذهب ريØنا كما ذهبت Ø±ÙŠØ§Ø Ø£Ù…Ù… من قبلنا Ù‚ÙضÙÙŠ عليها الÙشل والتنازع أن ØªØµØ¨Ø Ø£Ø«Ø±Ù‹Ø§ بعد عين، وبالله نعتصم، وإليه نلجأ، وعليه نتوكل).
• ولعل الشيخ أدرك قوة أسلوبه، وأنه لا يتأتى لأي Ø£Øد معرÙØ© مراده ببعض Ù…Ùرداته Ùيضطر لشرØها أثناء الاسترسال ÙÙŠ الكتابة.
• هذه سمات أسلوبه ÙÙŠ غالب كتاباته، لكنه إنسان ككل الأناسي، تلين جملته ÙÙŠ مواضع الرØمة والشÙقة والعظة والعبرة، Ùمقالته ÙÙŠ رثاء الراÙعي خير دليل على أنه ÙŠØسن أن ينتقل من أسلوب صخري إلى أسلوب عذب سلسل (الجمهرة 1/5)ØŒ وأسلوبه ÙÙŠ هذه الناØية يشبه أسلوب الراÙعي إلى Øد كبير، Ùهو يغوص على المعنى، ولا يعتمد على ضخامة اللÙظة ومعجميتها بقدر اختياره لها لتناسب السياق الذي تقال Ùيه، ولتعبر عن عاطÙته الجياشة.
• نجد أسلوبه الذي قرره ÙÙŠ التذوق يشيع ÙÙŠ جملته النثرية ÙÙŠ كل ما كتب تقريبًا، Ùهو عندما يرد Ùكرة على صاØبها يقرأ دواÙعها وراءه كرده على سيد قطب رØمه الله ÙÙŠ جمهرة مقالاته 1/8: وقد جعل الأستاذ الÙاضل يستثير دÙائن الإØÙ† والأØقاد… إلخ.
وهو كذلك يعمل على تØرير الألÙاظ بكل دقة Øتى لا يلتبس الأمر على قارئه ÙÙŠ الألÙاظ القريبة الدلالة من بعضها بعضا، Ùيقول ÙÙŠ (أباطيل وأسمار ص419):
(من أجل ذلك ينبغي أن ندل على معنى «الدين» عند أهل الكتابَين٠كما هو ظاهر ÙÙŠ كتابَيْهÙما؛ لكي يظهر الÙرق بين معنى الدين عند أهل الإسلام، ومعناه عندهما، وإذا ظهر هذا الÙرق استطعنا أن Ù†Øدد مكاننا الذي ينبغي أن نق٠Ùيه، وأن نزيل اللبس الذي يؤدي إليه اختلاط معاني الألÙاظ على المتكلمين والسامعين، أو على الكاتÙبينَ والقارئين، وليس هذا الأمر من اليسر بالمكان الذي يتوهمه المرء عند النظرة الأولى، بل هو أمر شديد التعقيد، أرجو أن أستطيع ØÙ„ عÙقَدÙه؛ Øتى لا يتورط القارئ Ùيها، ÙˆØتى لا تشتبه عليه السبل ÙÙŠ زمان Ù†ØÙ† Ø£Øوج ما نكون Ùيه إلى الدقة والتغلغل، والنÙاذ إلى أعماق المعاني والألÙاظ، بلا Øيرة، ولا بلبلة، ولا عÙÙŠÙÙ‘ عن بلوغ أقصى ما Ù†Ùطيق٠من التمييز).
• وأسلوبه خال من السجع والإÙراط ÙÙŠ المØسنات البديعية بل يعتمد على اللÙظة المعجمية الرصينة، ولكنه يضعها ÙÙŠ سياق لا تØتاج معه إلى الإبانة عنها، وهذه هي عبقريته، إلا ما ندر مما كان يضطر ÙÙŠ أضيق الØدود أن ÙŠØ´Ø±Ø Ù…Ø¹Ù†Ø§Ù‡ بين قوسين.
• استخدامه للجملة الرصينة والكلمة الصعبة ليس استعراضًا منه، ولا ينبو الكلام عنه، Ùلا تØس بأنه ÙŠÙجؤك باللÙظة الصعبة ÙÙŠ السياق السهل، بل سياقه كله واØد من مطلعه لنهايته، وهذه هي طبيعة ثقاÙته التي تشربها من قراءته لكل ما وقع تØت يده من كتب التراث، لذا Ùأنت ترى أسلوبه يكاد يكون واØدًا ÙÙŠ مقالاته وكتبه ونقده غالبًا.
• وهو يعتمد على الجمل الطويلة ÙÙŠ أسلوبه، واستخدامه للجمل القصيرة نادر جدًّا، وهذه هي طبيعة من ينتهج هذا الأسلوب، ومن تزدØÙ… ÙÙŠ رأسه الأÙكار، Ùلا ينتبه لبداية الجملة ونهايتها، بل يهمه أن تكتمل الÙكرة التي ÙÙŠ رأسه Ùقط.
• وأسلوبه كذلك ÙˆØ§Ø¶Ø ÙˆØµØ±ÙŠØØŒ ليس Ùيه غموض، ولا ÙلسÙØ© عميقة، Ùليس مما تختل٠Ùيه الأÙهام، وتتضارب ÙÙŠ Ùهمه الآراء، ولا هو ÙŠØتاج إلى روية وتلبث ÙÙŠ إدراكه، وهو مناسب لطبيعة الدور الذي وضع Ù†Ùسه Ùيه، وهو Ø§Ù„Ù†ØµØ Ù„Ù„Ø£Ù…Ø© وشبابها، وتبصيرهم بالخطر الداهم.
• وله أسلوب آخر مغاير تمامًا لأسلوبه العام ÙÙŠ كل ما كتب، وهو أسلوب يدل على مقدرته القصصية التي لو استغلها جيدًا لصار واØدًا من أهم كتاب القصة، وهو أسلوبه ÙÙŠ مقالاته المعنون لها بـ(مذكرات عمر بن أبي ربيعة)ØŒ Ùأسلوبه Ùيها مختل٠إذ يعتمد على الجمل القصيرة، وتلك طبيعة الØوار القائمة عليه المقالات، كما تعتمد على البلاغة ÙÙŠ اللÙظة، وعلى التشبيهات والصور. والØÙ‚ أنه لم يكن سابقًا إلى تلك الÙكرة، بل سبقه إليها أستاذه الراÙعي ÙÙŠ ÙˆØÙŠ القلم ÙÙŠ مقالة له بعنوان: (سمو الØب)ØŒ ÙˆÙÙŠ مقالة (اليمامتان)ØŒ ÙˆÙÙŠ (قصة زواج، ÙˆÙلسÙØ© المهر) وغيرها.
• وإذا تعرض للتØقيق والنقد وتصØÙŠØ Ø±ÙˆØ§ÙŠØ© ورد أخرى، Ùإن عبارته تكون قاطعة Øاسمة لا تقبل التردد والشك ÙÙŠ أغلب ما كتب.
• ÙŠØªØ¶Ø Ø¬Ø¯Ù‹Ù‘Ø§ ÙÙŠ كثير من المواضع أن شاكر متأثر بالراÙعي ÙÙŠ طريقة تÙكيره، مباين له ÙÙŠ أسلوبه، وهذا ÙŠØªØ¶Ø Ø¬Ø¯Ù‹Ù‘Ø§ ÙÙŠ كتاب «أباطيل وأسمار» مقارنة بكتاب «تØت راية القرآن»؛ Ùالمعركة متشابهة، وطريقة التÙكير والرد متشابهة Ù„Øد بعيد، Øتى ÙÙŠ السخرية، Ùالكتابان قد مزجا الجد بالسخرية، غير أن سخرية الراÙعي سخرية لاذعة متهكمة، وسخرية شاكر من السخرية التي تتخذ شكل الجد، ويكاد يطغى عليها هم صاØبها وضيق صدره بما لا يجعلك تضØÙƒ بسببها كما عند الراÙعي ÙÙŠ «تØت راية القرآن» و«على السÙود».
• عبارته عنيدة لا تلين لأØد؛ خصوصًا إذا دخل معركة Ùإنه لا يداهن Ùيها ولا يجامل، Øتى ولو كان مخالÙÙ‡ من أقرب الأقربين إليه، وتلك أمانة وثقة وإخلاص ÙÙŠ البØØ« والنتيجة، وهذه طبيعة الكَتَبة٠المتمكنين أصØاب الرسالة، ومن أدل دليل على ذلك أنه واجه صديقه ÙŠØيى Øقي بكتابه (نمط صعب ونمط مخيÙ) بأن أنكر عليه إعجابه بأسلوب جوته ÙÙŠ نقده لقصيدة تأبط شرا وإعادة ترتيب أبياتها، وقال إن إعجاب ÙŠØيى Øقي (نمط مخيÙ) وهو صديقه القريب، Ùكي٠بغيره؟
ومن سمات أسلوبه مقدرته العجيبة على الوصÙØŒ وهذا يذكرنا بشيخنا الجاØظ، Ùهذا هو شاكر يص٠لنا صديقًا من أصدقائه ÙÙŠ Ùكره وعزمه وجداله، وهو صديقه الØساني Øسن عبد الله، Ùيرسم لنا صورة نكاد نلمسها بأيدينا لا مجرد معان٠ذهنية، يقول شاكر ÙÙŠ (أباطيل وأسمار ص424ØŒ 425):
• (وقبل كل شيء لنا صاØب بعيد الرضا، مقبل على الدنيا بوجه واØد لا يلتÙت يمينًا ولا شمالًا، إذا نظر ÙÙŠ شيء رأيته كأنه ينØØ· إلى أعماقه -أو هكذا يظن- بÙكر صارم صلد Øديد، Ùهو لذلك أكثر شيء جدلًا إذا خاصم، وهو إذا قرأ ما أكتب لم ÙŠÙعْÙÙني من جداله وإن لم يكش٠لي عما ÙÙŠ Ù†Ùسه، بَيْدَ أني لا أكاد أراه Øتى أرى الجدال قائمًا ناÙذًا Ù…ÙØ·Ùلًّا من أسارير وجهه، وتجاليد جثمانه، Ùإذا ما أردت استثارته ثار عن Øشد٠Øاشد٠من وجوه الاعتراض، ومن التصميم الماضي على الاعتراض، لا يبالي أن يمسك بتلابيبي Ù„ÙيَرÙدَّ Ùكري إلى Ùكره، وليس عجيبًا أني أجد متاعًا لا ÙŠÙÙ…ÙŽÙ„ÙÙ‘ ÙÙŠ أن Ø£ÙØÙسَّ بقبضته وبÙلَزÙّه إذا ما لَزَّني إلى مَضيق رأيه؛ وذلك لأني أجد لتعبيره عن Ù†Ùسه نشوة تØملني على مقارعة ØÙدّته بØدتي، ولا أزال ألم شعث الكلام المبعثر بيني وبينه، Ùإما تراضينا واصطلØنا على شيء، وإما تركته على غير رضًا Øتى يزداد جداله بينه وبين Ù†Ùسه عÙرامًا وعÙÙ†Ùًا).
• هذا كله مع أنه لم ÙŠØصل على شهادة جامعية، وكان عضوًا لمجمع اللغة العربية.
ثناء الأدباء على أسلوبه:
• يقول Øلمي القاعود ÙÙŠ كتابه (مدرسة البيان النثري الØديث ص380): «يمكن أن نعتبر Ù…Øمود شاكر تابعًا لمدرسة البيان الذهني، التي تخاطب العقل والوجدان بالØجة والدليل، مع الاهتمام الشديد بالناØية البيانية، وقد برع Ùيها جدًّا هو والراÙعي».
• ويقول مالك بن نبي واصÙًا العلامة Ù…Øمود شاكر ÙÙŠ عبارة آسرة (مجلة الدوØØ© العدد 60 ديسمبر 1980ØŒ ص28):
«لو ÙˆÙجÙد الجاØظ الآن لترك مكانه عن طيب خاطر لمØمود شاكر،قرأتَ للبعض؛ ممكنٌ، لكن اقرأ لشاكر تذوب Ùيه ذوبانًا؛ Ùهو الطريق إلى ثقاÙتنا، أما غيره Ùإما أباطيل وإما أسمار، ما الذي ميزه؟ أنه عر٠اللغة تذوقًا؟ ربما، أو لأنه عرÙها Øارسة الشريعة Ùدَكَّ بها Øصون الØداثيين؟ ربما، أو لأنه عرÙها منهج Øياة، Ùجعلها سلاØÙ‡ ÙÙŠ طريق الجهاد؟ ربما، أو لأنه استطاع أن يكون Øلقة وصل بين السل٠والخل٠ÙÙŠ عصر Ù‚Ùطّاع الطÙّرÙق؟ ربما،أو لأنه كان يَنبÙض٠بالعلم، وبه ينبض العلم ÙÙŠ عصر Ø§Ù„Ø£Ø´Ø¨Ø§Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠÙ† صورهم الØداثي طه Øسين ÙÙŠ الأيام؟ ربما،أو لأنه – بإذن الله – Ø£Øيا وأمات: Ø£Øيا المتنبيَ والجÙÙ…ÙŽØÙŠÙŽÙ‘ والمعري والطبري، وأمات لويس عوض وطه Øسين، Ø£Øيا المØققين واللغويين، ودَكَّ المستشرقين والØداثيين، كان قاطرة يسكنها عبد السلام هارون وأØمد شاكر والنÙاخ والسيد صقر، إلى الطناØÙŠ وأبي موسي وبشار عواد معروÙØŒ ألهذا كان شاكرًا؟
إنه أبو Ùهر أبو العربية وابن الشريعة، يكÙيه أني Ø£Øبه وأنا أبو جهل ÙÙŠ اللغة لا أملك التذوق، ولا أملك البيان، ولا أملك إلا الأمية اللغوية، ومع ذلك Øرك وجداني، أخرج من الصخر ماء، كرامات تشبه معجزات الأنبياء،أØسبه -والله Øسيبه- للغة القرآن من الأولياء».اهـ.
• ويقول الدكتور Ù…Øمود الطناØÙŠ: «إن أسلوبه يبهرك جماله Ùيعجزك عن وصÙه، وغاية ما أستطيع أن أقوله عن هذا الأسلوب الذي لا يشبهه أسلوب لا ÙÙŠ القديم ولا ÙÙŠ الØديث، إنه أسلوب انØدر من سلالة كريمة، وإن قدرته على التذوق التي واتته بعد دÙرْبة طويلة متوارَثة، انطلقت من الشعر الجاهلي الذي هو أنبل كلام العرب وأشرÙÙ‡ بعد القرآن الكريم، ثم استقرت عند القرآن الكريم الذي كان نزوله على النبي العربي Øادثة ÙÙŠ تاريخ البشر، وقد نمت هذه الدÙّرْبة عند شيخنا بطول Ù…Ùدارَسته للقرآن الكريم الذي هو البيان الإلهي الملÙوظ، وقد Ø£Ùضى به ذلك إلى الإØساس العميق باللÙظ العربي ÙÙŠ ترجيعه ونغمته ÙÙŠ الدلالة والألÙاظ والتركيب والصور».
ثم يواصل Øديثه قائلًا: «وأسلوب الشيخ أسلوب أديب يمتع قارئه ولا يتعالى، ثم هو أيضًا أسلوب أديب ÙŠØترم عقل قارئه، Ùلا يبهظه باللغو من الكلام، ثم هو يريØÙ‡ بكثرة الإØالات إلى ما مضى من الكلام ليجعله على Ø°Ùكْر من القضية التي يعالجها، ولا يتركه Øتى يعينه بتلك Ø§Ù„Ø´Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù„ØºÙˆÙŠØ© التي تلتØÙ… بالكلام التØامًا).اهـ. [قصة قلم 62ØŒ 63].
ويقول الشاعر العظيم Ù…Øمود Øسن إسماعيل متØدثًا إلى الأستاذة عايدة الشريÙ: «لا أستطيع تØديد أبعاد ما Øزته من صداقتي لمØمود… لقد زَجَّ بي إلى الشعر الجاهلي، وأمالني مع الشعر الأÙمَوي، وطوَّØÙŽ بي مع الشعر العباسي، ÙØ£Øاطني بلÙØْمة الشعر العربي وسَداه جميعًا… وأستطيع القول: إن شعري قبل معرÙتي بمØمود كان نبعًا هادئًا، Ùجعله بØرًا متلاطمًا!).اهـ. [قصة قلم 87].
وأختم بأبيات من قصيدة باذخة مدØÙ‡ بها الشاعر الكبير Ù…Øمود Øسن إسماعيل؛ إذ يقول:
تعنو العقول، ووجه٠عقلÙÙƒ أَصْيَدٌ كالشمس مرصودٌ على أوصالها
Ø£Ùأنتَ ضي٠أديمها وهوائها؟ أم أنت عز٠سكونها وملالها
أم أنت رج٠جراØها ÙÙŠ غمرة Øَشَرَتْ بها النكبات٠كلَّ صÙلالÙها
أم أنت Øر٠الضاد ÙÙŠ لهواتها وعلى مرابضها، ÙˆÙوق تلالها
أوْغَلْتَ ÙÙŠ أعماقها وسَكَنْتَها: Ùَجْرًا ÙŠÙØÙŽÙˆÙّم دائما بخيالها
ووقَÙْتَ بالمرصاد، ÙƒÙÙ„ÙŽÙ‘ Ù…Ùجَهَّل٠يلغو ترد له الصدى بنبالها
ويقول ÙÙŠ موضع آخر Ùأبدع:
وأراك أنت بكل لجÙÙ‘ موجَهًا والهادرَ المشبوبَ من شلالها
وأراك أنت عليمَها وكليمَها والجازÙرَ الشبهات٠ÙÙŠ استدلالها
هذا ما استطعت الوقو٠عليه من خصائص أسلوبه ÙÙŠ تلك العجالة، معتمدًا على مقالات جمهرة مقالاته، وكتابه (أباطيل وأسمار)ØŒ وما يزال ÙÙŠ خصائص أسلوبه النثري ما ÙŠØتاج إلى مزيد كش٠وبØØ«ØŒ ÙˆØسبي أني ÙتØت الباب، Ùإن أصبت Ùهي التي أرجو، وإن تكن الأخرى Ùعذري أني اجتهدت، والمجتهد مأجور بكل Øال، والله يقول الØÙ‚ وهو يهدي السبيل.
رØÙ… الله شيخ العربية ÙˆØامل لوائها Øتى لقي ربه غير متهاون ولا متلجلج.
Ù…Øمد Øسن بركات،
أديب وشاعر مصري، وعضو اتØاد كتاب مصر، وباØØ« بقسم Ø¥Øياء التراث بمشيخة الأزهر الشريÙ.