كورونيات…. ( كورونا والقفص الذهبي)ØŒ لسمير رضوان

منذ أن بدأ وباء فيروس كورونا في الانتشار أخذت الدول والحكومات إجراءات احترازية، كانت توعوية في البداية وسرعان ما تحولت إلى وقائية. وقد فطنت الدول إلى أهمية التباعد الاجتماعي كإجراء وقائي فعال، فانتشرت جملة: (الزموا بيوتكم – خلك بالبيت – Stay home ) انتشار النار في الهشيم، وتصدرت محركات البحث على الإنترنت كأكثر الكلمات انتشارا. ووجد الناس أنهم مضطرين إلى تغيير نمط حياتهم، والاحتماء في بيوتهم، ومزاولة أعمالهم عن بعد..

وقد لاقى هذا الأمر ارتياحا شعوريا لدى فئة الموظفين ، فقد شعروا أنهم قد فروا من روتينهم اليومي ولجأوا إلى الدعة في بيوتهم؛ إلا أنهم لم يدركوا أنهم وقعوا في شراك القفص الذهبي، وصاروا فريسة لزوجاتهم وأولادهم. وقد مرت الأيام الأولى من البقاء في المنازل على جميع الأطراف بأمن وسلام وراحة؛ فالأولاد وجدوا أنفسهم في أحضان آبائهم وقتا كافيا، والزوجات وجدت تلهفا من أزوراجهم عليهن ، ونوعا من المغازلة والمعاونة في شئون المنزل، أما الأزواج فقد تبغددن ووجدن ما لذ وطاب من أصناف الطعام. لكن هذه الحالة المثالية سرعان ما تبدلت وكشف كورونا كل طرف على حقيقته، فالأطفال بدأوا في التذمر من كثرة الأوامر والنواهي، والصراع المستميت على الألعاب الإلكترونية، وصاروا مع والديهم في حالة تشبه حلقات (توم وجيري)، والزوجات وجدت أزواجهن يتدخلن في شئون المنزل، فهذا يدخل المطبخ ويبعثر الأواني ، وآخر ينام ولا يبالي، وذاك يدلع أطفالا كانوا لا يرون من أمهاتهم سوى العصا و(اللي بالي بالك).. وأخيرًا الأزواج الذين عاشوا بين سندان الزوجة ومطرقة الأولاد ، فلم يجدوا من يحنو عليهم، وكان كل ما حصلوا عليه في هذا القفص اللوم والتقريع من الأطفال والزوجات على حد سواء. وأصبح لسان حال الجميع يصيح : إن شبح كورونا أهون لديهم من نعيم ذلك القفص الذهبي. وصاروا يبتهلون إلى الله أن يزيل الوباء ، لا لشيء سوى الخروج من القفص وتنسم هواء الحياة اليومية حتى ولو كلفهم ذلك عدوى كورونية!

Related posts

Leave a Comment