أنور المعداوي (1920-1965)، للدكتور مصطفى ناصف

أنا مولع بقراءة الأستاذ المعداوي على الرغم مما يفصلني عن آرائه. أراه مشبوب العاطفة صريحا لا يداور ولا يناور واثقا من نفسه شاعرا ببعض البؤس الذي لم يستطع أن يخلص من وطأته. كان -رحمه الله!- يسير النفس واضحا، يضحك ملء قلبه إذا ضحك، ويخفي عن صديقه وحشته الغامضة القاتلة. كان محبا خجولا على الرغم من الجرأة التي يصطنعها إذا كتب وناقش وحاور. كان مولعا بهذا الشعر الذي كتب عنه منذ كان طالبا في كلية الآداب. كان يلقي عليّ بعض الأبيات التي يكلف بها فخورا. وما زلت أذكر يوم أنشدني هذا البيت:
عيناك أغنيتان حائرتان في وتر حزين
قال هذا وهو يضحك. والله يعلم أن المعداوي كان هذا الوتر الحزين، وربما بدا لي الآن أن إعجابه بالقصيدة التي رويتها لإيليا أبي ماضي (وطنَ النجوم أنا هنا حدِّق أتذكُر من أنا)، يصور ما كان يحتاج إليه من مرح حقيقي. كان يتطلع إلى الضوء الذي استوقفه في بعض قصائد علي محمود طه. نحن معا كنا عشاق أحزان. ولكن صديقي أصيب لأنه كان يحتاج إلى أن يفرق بين ممارسة الفن أو بعض الفن وممارسة الحياة.

Related posts

Leave a Comment