“الإلØاد سمة ظاهرة من سمات العصر، ولون بارز من ألوان المدنية الØديثة، وذلك نتيجة لأزمة الصراع بين العلم والدين والمادة ÙˆØ§Ù„Ø±ÙˆØ ÙˆÙ…Ø·Ø§Ù„Ø¨ الØياة العاجلة المسعÙØ© ووعود الآخرة المؤجلة إلى ما بعد الموت والبعث.
هذا هو واقع العصر الذي نعيش Ùيه، قد كش٠العلم Ùيه للناس عن كل مجهول كان يروعهم ويÙزعهم Øتى ليلجئهم ذلك إلى الÙرار من عالمهم هذا المخي٠إلى العالم الآخر الذي يدعوهم إليه الدين ويكش٠لهم معالم الطريق Ùيه. وإذا اطمأن الإنسان إلى وجوده ÙÙŠ العالم الأرضي، ووضع يده على مواطن السر منه- لم تعد به من Øاجة إلى عالم آخر يهرب إليه وينشد السلامة ÙÙŠ رØابه، بل إن ثقة الإنسان بنÙسه وبالقدرات التي بين يديه قد جعلته يتطلع إلى العالم العلوي، لا ليلجأ إليه ولا لينشد الØماية عنده، وإنما ليستولي عليه ويمسك زمامه ويØيي Ùيه استعمارا جديدا، بدلا من الاستعمار الذي غربت شمسه أو كادت على هذه الأرض!
ومن هنا بردت Øرارة الإيمان ÙÙŠ القلوب، وخمدت أو كادت جذوة الدين ÙÙŠ النÙوس؛ Ùلا دين إلا دين الواقع، ولا إيمان إلا بالمادة المØسوسة ومستخرجاتها.
ومع هذا Ùإني لا أذهب مذهب المتشائمين الذين Ùزعوا لهذه الموجات من الإلØاد التي أخذت تغزو شبابنا المثقÙØŒ وتزعزع إيمانه بالله وثقته ÙÙŠ Ø£Øكام دينه وتعاليمه. لا أقول ذلك استخÙاÙا بالخطر المØدق بالشباب، ولا تطمينا للقلوب التي كَرَبها هذا الأمر وأقامها على هم وخو٠من ذلك المستقبل المظلم الذي ÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù†Ø§Ø³ Ùيه وقد أَجْلَوÙا الدين عن مواطنه من –هي Ùيه “عن”ØŒ ولعل الصواب ما أثبت- عقولهم وقلوبهم. وعلى كل Ùإن الأمر جد خطير لأنه يمس الصميم من Øياة الأمة، إنه يمس الجانب الروØÙŠ والعقلي معا، وإنه لا بقاء لأمة أظلم روØها واضطرب تÙكيرها ولصقت بالأرض لصوق الهوامّ والØشرات.
ومع هذا Ùإني كما قلت لا أذهب مذهب المتشائمين لما نرى أو نسمع أو نقرأ عما يشيع ÙÙŠ شبابنا المثق٠من آراء جريئة ÙÙŠ الدين وشطØات بعيدة عن العقيدة وما يتصل بها؛ وذلك إذا نظرنا إلى الأمر من وجهه الآخر، وقسنا أبعاده بمقياس دقيق من النظر المتÙØص والرأي البعيد عن الهياج العاطÙÙŠØŒ وذلك الرأي الذي يدعو بالØسنى ويجادل بالتي هي Ø£Øسن- عندئذ تبدو لنا Øقيقة واضØØ©ØŒ وهي أن هذه الظاهرة يجب أن ننسبها إلى نتيجة لازمة لتلك الدراسات العلمية الØديثة التي اصطبغ بها العقل، والتي تقوم على الشك لتبلغ اليقين، وتجمع العلل لتصل إلى المعلولات. إن ذلك هو أسلوب البØØ« العلمي ÙÙŠ هذا العصر ÙÙŠ التعر٠على الØقائق والاطمئنان إليها.
ومن غير الطبيعي أن يلتمس العقل أسلوبا غير هذا الأسلوب ÙÙŠ البØØ« عن الØقيقة الكبرى (الله رب العالمين)ØŒ وإنه ليس ÙÙŠ مقدور أية قوة أن تصد العقل عن البØØ« عن الله بهذا الأسلوب، كما أنه ليس ÙÙŠ مستطاع أية قوة أن تلزم العقل نتيجة لا يجد عليها دليلا واقعا Ù…Øسوسا يكاد يشهد به الله عيانا.
وإذن Ùهذا الطور الذي يعيش Ùيه الشباب المثق٠هو طور طبيعي، وهذه الظاهرة من الشك والإلØاد التي تظهر أعراضها على بعض الشباب ليست ÙÙŠ ذاتها مصدر خطر، بل ربما كانت الطريق المأمون الذي يصلهم بالله، ويوثق صلتهم به، ويدÙئ صدورهم بالإيمان المستنير القائم على البØØ« والنظر والمعاناة.
وغاية ما هنالك هو أن نراقب شبابنا المثق٠بعين بصيرة ناÙذة، ترد الشارد، وترشد الØائر، وتقيم بين يديه منارات الهدى وهو ÙÙŠ هذا الطريق، وألا نرمي هؤلاء الشبان بالكÙر والإلØاد؛ Ùإن مثل هذه الرَّمَيات تباعد بينهم وبين الاستماع إلى كلمة الØÙ‚ØŒ وتغري الكثير منهم بالعناد والإصرار على الموق٠الذي هو عليه، بل ربما استبد به العناد؛ Ùخطا خطوات بعيدة Ùيما بين يديه من ظلام دامس يضل Ùيه ÙˆÙŠØµØ¨Ø Ù…Ù† العسير استنقاذه.
ثم مع هذا يجب أن نضع بين يدي شبابنا المثق٠بØوثا واضØØ© تجيب على كثير من الأسئلة المØيرة التي تثور ÙÙŠ أذهان الشبان خاصة: عن الله، وعن البعث، وعن الجزاء، وعن القضاء والقدر، وعن الجبر والاختيار، وعن الخير والشر، وغير ذلك مما يتصل بما وراء الØس. كل هذا بمنطق العقل وأسلوب العلم الذي يتشكك ثم يوقن ويÙترض ثم ÙŠØقق؛ Ùبمثل هذا يمكن أن نعالج Øيرة الشباب ونعينهم على اجتياز مرØلة الشك؛ Ùإننا إذا عرÙنا كي٠ننتÙع بهذه الØيرة لنØيلها يقينا، وبهذا الشك لنجعله إيمانا- Ùإذا استطعنا ذلك كنا قد أضÙنا إلى المجتمع الإسلامي جيلا من أكثر الناس إيمانا وأثبتهم عقيدة، لأن هذه التجربة التشككية أو الإلØادية التي مروا بها وهم ÙÙŠ طريقهم إلى الإيمان، قد أكسبتهم Øصانة ضد الشك والإلØاد، كما يكتسب المريض Øصانة ضد المرض الذي أصيب به”ØŒ 139-143.