مخطوطات العروض… ذخيرة شعرية تضىء المستقبل العربى، لصبري الموجي

بين الشعر والعَروض علاقةٌ أشبه ما تكون بعلاقة الطائر بجناحيه، فكما أن الطائر لا يقوى على أن يطير بلا أجنحة، فكذلك الشعر لا يستطيع أن يُحلق فى الآفاق بلا عروض يُحدد مساره. ولأهمية هذه القضية عقد معهدُ المخطوطات العربية ندوة، قبل أيام، بعنوان «مخطوطات العروض .. أسئلة الإرث والعصر وثنائية القاعدة والإبداع».

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/705849.aspx?fbclid=IwAR1QO8ucPt4Eyv1noy81n5HyjPWakgkJNe0ojlNZTHuEaB1qq2z1jGPxzJA

فى الندوة، التى استمرت يومين، أكد د. فيصل الحفيان مدير المعهد أن فكرتها وُلدت من رحم سؤال طرحه عليه د. عبدالله الوشمى مدير مركز الملك عبدالله الدولى لخدمة اللغة العربية يقول: ما حجمُ تراثنا فى علم العروض؟ وقد جرَّ هذا السؤال ـ كما يقول د. فيصل ـ أسئلة أخرى مثل:  ماذا وصل إلينا من هذا التراث؟ وكم نسبتُه؟ وكم فُقد منه؟ وكم نسبتُه أيضا؟ وماذا نشرنا، وكيف نشرنا، وكم نشرنا بالقياس إلى ما وصل ؟ وغيرها من الأسئلة التى أدلى المشاركون فى تلك الندوة بدلائهم للإجابة عنها.

الندوة شملت محاضرتين مُستقلتين مثلتا حُسن المُفتتح، ومسك الختام، إذ كان الافتتاحُ بكلمة حول «طبيعة العروض العربى» للشاعر الحسانى حسن عبدالله، أكد فيها أن الشعر عند كل الأمم هو وجدانُها المُعبر عن آمالها وآلامها، وقائدُها أو أحدُ قوَّادها إلى ما تبغيه من صلاح وفلاح، ومن ثم صار واجبا أن يُعتنى به من حيث هو فنٌ، ومن حيث كل ما يتعلق به من علوم وأولها ذلك العلمُ الذى يكون به الشعرُ شعرا، أو الذى يُفرَق به بين الشعر والنثر، وهو علم الوزن والقافية، أو ما يعرف بـ «العروض»،  الذى أنشأه العبقرى الخليل بن أحمد، إلا أن كتابيه فى العروض والموسيقى ضاعا؛ مما تسبب فى جعل العلم بطبيعة شعرنا وعروضنا عُرضة للظانين؛ لأن العلم لا يكونُ علما إلا باليقين، وبضياع هذين الكتابين للخليل بعُد اليقينُ، وفُتح بابُ الفوضى على مصراعيه، فهبت رياحُ الشك تريد أن تعصف بكل شىء، ونشأت لغةٌ غير مفهومة، كأنه غرضٌ مُراد، دُبر له بليل؛ مما تطلب، ولا يزال، جهدا من الباحثين للحفاظ على هوية ذلك العلم الجليل المسمى «العروض».

وجاءت محاضرة العلامة د. سعد مصلوح لتكون مسك الختام، إذ نظرت فى طبيعة ذلك العلم من خلال استبطان موسيقى الشعر العربى، ذلك الإبداع الذى يتسمُ بخصوصية تجمع فى تناسق فريد بين ثبات الإيقاع، وتحولات الواقع.

وأضاف د. مصلوح فى كلمته أن الإيقاع العروضى ظاهرةٌ كبيرة لا يؤثر فى وجودها تغيرُ مكوناتها الداخلية؛ لأنها مظاهرُ صغيرة من تحت تلك الظاهرة الكبيرة، وأن لكل تغير أثرَه ودلالته.

وبين المفتتح والختام جاءت صولاتُ المحاضرين وجولاتهم حول تلك القضية، إذ أكد  د. محمد جمال صقر أستاذ النحو والصرف والعروض بكلية دار العلوم فى محاضرته المعنونة بـ «نظرية النصية العروضية» أنه فى إطار علم لغة النص الشعرى، عجزت نظريات اللغويين العروضيين عن كشف طبيعة حدوث النص الشعرى، وطبيعة تلقيه، فظهرت الحاجةُ فى كشف ذلك إلى استحداث نظرية مزدوجة منهما بالتأليف بين تسعة قوانين :«المجال، والطول، والفصل، والفقرة، والجملة، والتعبير، والكلمة، والمقطع، والصوت» على مبدأ تفسيرى واحد، ينبغى أن يعود إليه كلُ من اشتغل بالموازنة بين النصوص الشعرية، أو بينها وبين النصوص غير الشعرية.

و خلال الندوة قدم العديدُ من الباحثين محاضرات أماطت اللثام عن ذلك العلم، وما يواجهه من صعوبات، وخلصت إلى بيان ختامى أوصى بضرورة نشر البحوث التى قُدمت للندوة فى كتاب، وعمل ببليوجرافيا شاملة للذخيرة العروضية: المخطوطِ منها والمفقود والمنشور، والدعوة إلى الاهتمام بالنص العروضى، وتوجيه الباحثين وطلاب الدراسات العليا لتحقيقه ونشره.

كما طالب البيانُ بإنشاء منصات عروضية لمخطوطات علم العروض وبحوثه ومشروعاته المستقبلية.

Related posts

Leave a Comment