يا فضيحتي

على رغم حسنات الإنترنت تشغب علينا منها سيئات تتبع تلك الحسنات تكاد تمحوها، مثل أن تمسك بذيل مادة حسنة أحيانا مادة سيئة؛ فأما إذا كنت خاليا فلن تعبأ بها والشهيد الرقيب الحسيب الحق –سبحانه، وتعالى!- وأما إذا كنت في ملأ فلن تستطيع ألا تعبأ؛ فإن السيئة عندئذ تتجاوزك، ولا تدري ما يفعل بها من تَلَقَّاها!
ومنذ أسبوع نفذت إليَّ في أثناء عملي الإنترنتيّ نافذةُ إعلاناتٍ متعددةٍ مختلفةٍ: إعلانات سيارات، فإعلانات عطور، فإعلانات حُليّ، ثم فجأة ظهرت إعلانات صَواحب الحُليّ والعطور والسيارات! نحيتها، ومضيت إلى عملي، ولكنني خطر لي أنْ ربما يحدث ذلك في إحدى محاضراتي الموصولة غالبا بالإنترنت؛ فسُقط في يدي، وعجلت أحتال لمنع نفوذ تلك النافذة أصلا، ثم اطمأننت.
وصباح اليوم الأربعاء (9/1/1440=19/9/2018)، فتحت جهازي لطلاب المستوى الأخير من علمي الصرف والنحو، أعرض عليهم مسائله، وأُفيءُ عليهم في أثنائها طَرَفًا مما أنعم الله به علي من كنوزٍ رقمية هائلة؛ فبرزَتْ لي ولهم فجأة تلك النافذةُ، تُغرينا بصورة سَاخِنَةٍ أَنْ نبحث من خلالها عن صور أَسْخَنَ؛ فأسرعت إلى سلك العارض، ففصلته من جهازي، وتحولت بإحدى خزائني المستقلة إلى جهاز المكان، صابرا على امتناع تلك الكنوز إلى حين!
وبعقب المحاضرة أسرعتُ إلى الفني المتخصص، أشكو إليه ذلك، فقال:
– هذا الذي يحدث إذا حملت بعض البرامج؛ إذ تتعلق بها مثل مُفَجِّرات النوافذ الإعلانية هذه!
قلت:
– فَلْنَمْنَعْها!
قال:
– هذا هو أصل نظام الجامعة، أَلَّا يُتاح لكم تحميل البرامج تحميلا حرا، حتى تراجعونا، ولكنكم كرهتم ذلك، واضْطَرَرْتُمونا إلى فتح باب التحميل؛ ثم ها أنت ذا تشكو؛ فماذا نفعل!
قلت:
– نعم، صدقت؛ فنحن لا نستغني عن تحميل ما ينفعنا تعلما وتعليما، ولكننا نريد من مُكافح الأضرار أن يمنعها.
قال:
– إنه يحذرك أنه لا يعرف البرنامج، وأنه ربما ضرك، ولكنك تأبى إلا تحميله!
قلت:
– نعم، ولكن تحذيره عام غير كاف! إننا نريد أن يعتني بنا أكثر من ذلك، فيقول للواحد منا إذا خاف أحد مفجرات النوافذ الإعلانية الخبيثة هذه: “ما بلاش! عشان خاطري بلاش! قلت لك بلاااااش”!
فابتسم الفني المتخصص الشاب العماني المؤدب، قائلا:
– أما هذه فَلْتُكَلِّمْ فيها الإدارة الفنية!

Related posts

Leave a Comment