تتفيه شهادة الدكتوراة، لعبد الستار قاسم

لم يعد من الصعب أن يحصل المرء على شهادة دكتوراة، وأن يصبح أستاذا مساعدا في جامعة، وذلك قبل أن يثبت قدرته العلمية والأكاديمية. هو أو هي بحاجة إلى بضعة أشهر وبعض المال النجس لكي يحصل على الشهادة ويعود إلى البلاد بالزغاريد والتهاني على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي.
https://www.raialyoum.com/index.php/تتفيه-شهادة-الكتوراة/

هناك قلة من الجامعات العربية التي ما زالت تعتمد نظاما جيدا في التدريس وكتابة الرسائل العلمية، لكن أغلبها تساقط ولم تعد إدارتها تهتم، ولم يعد المدرسون بحماس رفيع وانتماء ورغبة في رفع مستوى الأمة. أدت الإحباطات المتكررة إلى اليأس والقنوط، ما دعا الإدارات والأساتذة إلى الاستهتار بالقيم العلمية. وهذا يعني أن العرب سيعانون مزيدا من التخلف والاضمحلال.عندنا في فلسطين، تقاطر المتنفذون إلى بلدان عربية لا تكترث بالمستوى العلمي، وحصلوا على شهادات دكتوراة وهم بعد بحاجة إلى تلقين. هناك أساتذة جامعات الآن. في بلادنا يعانون من الأمية العلمية، وليس فيهم من الدكتوراة سوى ما دفعوه لبعض الإداريين في الجامعات لتمرير التزوير.كان للدكتوراة قيمة، وكان لحاملها قيمة أدبية وعلمية يحترمها الناس. الآن اختلف الوضع، فانهيار الجامعات، وانتشار الدراسة على مواقع الشبكة الإليكترونية جعل من الدكتوراة مثارا للضحك والاستهزاء. حتى أن شهادة الماجستير لا تسلم من السخرية. جامعاتنا لم تعد تهتم بالمستوى العلمي، وأغلب همها ينصب على تسجيل أكبر عدد من الطلاب من أجل الحصول على الأقساط. عندنا من حصل على ماجستير وهو لا يحمل شهادة بكالوريوس، ومنا من حصل عليها بدون دوام رسمي في الجامعة. ومنا من لم يكتب رسالته وكتبها له آخرون إما رغبة في النفاق له لأنه متنفذ مخرب، أو طمعا ببعض المال.عندنا الآن مقاولون لكتابة الأبحاث، وكتابة رسائل الماجستير، والطلاب يقبلون عليهم لأن رغبتهم في التقدم العلمي ضعيفة جدا. هو يدرس الماجستير لكي يحصل على الشهادة لا رغبة في رفع مستواه ورفع مستوى الشعب.جامعاتنا توظف أعدادا من هؤلاء العجزة لأنهم في الغالب أصحاب نفوذ أو يعرفون أناسا أصحاب  نفوذ. والوساطات تفعل فعلها في مؤسساتنا التعليمة لضمان الخراب والدمار. ما يهم أغلب الجامعات الآن هو المال. هي مستعدة لطرد المدرسين برتبة أستاذ دكتور ليحل محلهم مدرسون برتبة ماجستير فاشل لأن الماجستير الفاشل أقل تكلفة. المعنى أن التآمر على التعليم يشكل حلقة متكاملة يشارك فيها أغلب من يدعون أنهم يحملون الرسالة للنهوض بالأمة. هم يدفعون بالأمة إلى الخلف والضعف والاستسلام والخذلان.علينا ألا نقبل بهذا، والمفروض أن نثور دفاعا عن حقوقنا في النهوض العلمي. لكن تبقى المشكلة وهي أن الثأر للنفس وللذات يتطلب شعورا قويا للحفاظ على الكرامة.

September 2, 2018
كاتب فلسطيني

Related posts

Leave a Comment